Quantcast
Channel: Sudanese Online:سودانيز اون لاين :
Viewing all 1667 articles
Browse latest View live

وكان اهلي هم السبب/ وحدان حمدان احمد

$
0
0



          نعم هم الذين قتلوها,  واهلها الذين انكروها, لانها كانت داعره  تتلون بمختلف انواع الدعاره السياسيه. فما العيب في اخذها الثمن نظير فعلتها ؟.
     كانت البرافدا اي صحيفه الحقيقه الروسيه, تاخذ الثمن نظير الكذب ,وصحيفه الوطن المصريه, تاخذ المقابل نظير لا وطنيتها. فهذا هو عالم السياسه مبادئ يمكن تجاوزها من اجل المصلحه.
    ليتهم عرفوا المراوقه ولم يقتلوها.  ولكن هنالك من ينتظرون على اعتاب المبادئ  ليفنوا دون نيلها, فهي الخساره الكبرى. نعم الخساره الكبرى ,ان تموت بين الارض ومنسم  بعيرك وانت صاحبه.
   الخساره الكبرى بان تكون انت الراعي وليس لك الامر في الهش والنش .فلا البهائم طايعه لك. ولا صاحب الغنم يجد  فيك الثقه. نعم حتى الاغنام قد تهذاء بالراعي اذا وجدته ضعيفا عليها. وهذه هي الحفره التي وقعت عليها الكيانات التي اعنيها .  لانها  لم تتعظ  بشراء الديك منهم ,وبيع ريشه لهم مره اخرى بنفس الثمن.
قياترى ان اهلي احوج للريش لانه زينه رقصاتهم وخيلاء الديك؟ اذا فاين القضيه او قد لا توجد قضيه,  لان قضيتهم لم تدخل الحوار ,الا من باب الترتيبات الامنيه, وهذا الترتيب  لا يتجاوز وقف اطلاق النار. وهذا محور امني في مفهوم  الاتفاق وليس جزءا  من حدود القضيه.
     نعم لا اعتبار لهم في معني القضيه, حتى في منابر التهميش. بل يسخر منهم  بتسميتهم بالجنوب الجديد . ولكنهم  سكتوا عنها, لانهم عجم ,ولا يعلمون التلاعب بمصطلحات العروبه, ولم تكن لهم لغه غيرها للتخاطب مع البشر. يا الله اي ماذق هذا الذي اوقع العجمي للافتخار بعروبته؟ وما الفضيحه التي جعلت العربي انكار هويته؟  فانكرت عربيتها مصر الشقيقه, ولجات الى فرعنتها المنكوره.  وحتى الشامي ترك العربيه وصار سريانيا, واسيريا  يتبع اصول كلدونيا. هل هي نفس الاسباب من جعلت النوبه ينتسبون للعرب؟
      نعم لاننا لا نجيد غير العمل بالوكال, ولذلك اوكلنا امرنا  للجنوب في مفاوضات القضيه. اوكلنا الاخرون في البحث عن الهويه. فاخذوها بخلاصه حديثهم باننا ننتسب الى العرب. فظن السامري حقيقه الامر, وذهب الى مؤتمر العرب, ليقول لهم ان استهدافنا من اجل الاسلام والعروبه. ولكن ابتسامه العرب كانت  لوقاحه الحديث ,وليس للعجب. وهكذا ضاع النسب ,وانقطع الوصل بتوقف داعرتنا السياسيه عن الولاده, ومن ظل منا, ضاع بين النار وجمع الحطب, بل مات كل شئ ومات حتى الحديث عن الوطن وكان اهلي هم السبب .


(كلام عابر) وجدتهم.. ولكن/عبدالله علقم

$
0
0


قبل بضعة أسابيع نشرت مقالا على صفحات صحيفة "الخرطوم"وفي عدد من المواقع الإسفيرية أحكي فيها  حكاية  صديقي السوري المهندس الزراعي عياش الحمش وأسرته الكريمة، داعيا الله أن يحفظهم من كل شر وهم في جوف المحنة السورية. في البداية جمعني العمل قبل أكثر من عقدين من الزمان في مدينة الدمام، ثم عاد عياش لموطنه في حلب، وبقي التواصل الوجداني بيننا، وبقيت العلاقات الأسرية المتينة التي قادتني وأسرتي قبل سنوات مضت إلى حلب الشهباء، عندما سعدت بزيارة أرض الشام التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي أمامة رضي الله عنه،(صفوة الله من أرضه الشام ، وفيها صفوته من خلقه وعباده ، ولتدخلن الجنة من امتي ثلة لا حساب عليهم ولا عذاب.) رواه الطبراني. وعن سلمة بن نفيل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (عقر دار المؤمنين بالشام ) رواه الطبراني.
ثم شغلتنا هموم دنيانا التي لا تنتهي من ذلك التواصل الجميل حتى غاب تماما مثلما غابت اشياء كثيرة أخرى عن حياتنا. استجاب الله العلي القدير لدعائي من حيث لا أحتسب، فوجدت قبل أيام رسالة في بريدي الإلكتروني من ابنه المهندس عمر الحمش قال فيها أن أسرتهم الصغيرة بخير، (سالمين وتامين)، لكن والدهم عياش  قد رحل إلى دار البقاء قبل أن يري بعيني رأسه الخراب الذي لحق بمدينة حلب، والدماء في الحسكة مسقط رأسهم، والموت في دروب دمشق.كان الله سبحانه  وتعالى رفيقا به حتى في الموت.رحل في شهر رمضان إثر نوبة قلبية مفاجئة لم تسبقها علة ولا وعكة،وكان يوم وداعه يوم حزن كبير للدار والعشيرة.كان دعاؤه الأثير في أيامه الاخيرة أن ينعم عليه المولى عز وجل بحسن الخاتمة. أما الأسرة وإن كانت قد نجت من الموت إلا أنها تفرقت في ثلاثة بلدان عربية. تفرق إذن شمل الأسرة السعيدة التي أحببت.
قال لي عمر في رسالته الحزينة "المصاب السوري أبشع بكثير مما يعرض على التلفاز، بحيث لم يبق سوريا واحدا على الإطلاق لم يصب في أحد من عائلته". وتتواصل دفقات الحزن "أما المعارف بشكل مباشر،فهناك عشرات القصص.. لم يكن أحد يتخيل هذا المآل الرهيب، لكن لابد مما ليس منه بد".
ولكن يبقى الأمل وحلم الغد الأجمل وسط رائحة الموت ونكهة الدماء ودوي الرصاص، فيقول لي عمر "نشرفت وسعدت بالتواصل مرة جديدة بعد فترة طويلة من الانقطاع المباشر، ولكن يعلم الله أن ذكراكم كانت دائما قائمة  في قلوبنا. نتمنى الفرج العاجل للبلد لنتشرف بزيارتكم لنا مرة جديدة".
حمدت الله أنهم ما زالوا أحياء يرزقون وإن اختلفت بهم الدروب وباعدت بينهم الأسفار، وتفرقوا في بلاد الله الواسعة، بقدر ما حزنت  لرحيل أخي عياش الرجل الفخيم الجميل، الذي لو شاهد ما يجري في حلب لمات مرات عديدة قبل أن تحتضنه الأرض التي أحبها ورعى فيها الزرع والخير. ألف رحمة ونور عليه.وأسأل الله أن يجمع شملهم من جديد، وأن تعود حلب سيف الدولة وأبي فراس والمتنبي وعياش لأيامها الغابرة ومجدها القديم،وتطهر نفسها من رجس مصاصي الدماء أيا كانت راياتهم، فالقتل هو القتل، لا دين له ولا هوية.
قبل الختام:
بكي الشاعر أحمد محمد صالح  دمشق عندما اجتاح الفرنسيون عام 1945م، فقال:
(صبراً دمشقُ فكل ُّطَرْف باكٍ
لما اسـتبيح مع الظـلامِ حِـماكِ‏
جرح العروبةِ فيكِ جرح سائلٌ‏
بكـتِ العــروبةُ كلُّـها لبُــكاك‏).

ولكن صفوة الله من أرضه يستبيح حماها اليوم القريب قبل الغريب،والصديق قبل العدو،ولا بواكي لها.

(عبدالله علقم)
Khamma46@yahoo.com

سفارات السودان فى الخارج لايمكن إلا أن تكون إنعكاسا أو صورة طبق الأصل للنظام الذي تمثله

$
0
0


نشرت الراكوبة فى عدد اليوم الإثنين 24 ديسمبر 2013 خبرا أظنكم تتفقون معى على غرابته وإستكراديته الأخوانية وهو بعنوان:  الدبلوماسية السودانية منزعجة من فساد بعض السفارات  جاء فيه مايلى:  أفاد مصدر للراكوبة أن وزارة الخارجية منزعجة جداً من حالة الفساد الذي يضرب عدد من السفارات السودانية ، وقال المصدر أن سفارة السودان بنيجيريا أحرزت المركز الأول في الفساد... الإستهبال فى كل شيء وبحاصة فى التفاصيل... أنظر لصياغة الخبر... بعض السفارات وليست كلها... وسفارة نيجيريا بالذات... لعل  سفارة نيجيريا عطلت عمولة فاسد فى النظام.....لنذهب أبعد من ذلك.....
مالذى يدعو ياكافى البلا وزارة الخارجية أن تنزعج من فساد السفارات؟ الم يكن من المنطقى أن تنزعج من فساد عضمها هى فى ذات نفسها.....فهى وزارة الفساد والإفساد إذ لم يحدث أن تولى مسئوليتها وزيرا له صلة بالعلاقات الدولية أو الدبلوماسية. كلنا يعرف أنه  قد إحتل هذا المنصب لفترة طويلة طبيب للأسنان يتسم بالولاء الحزبى وبالإنتماء لجوقة الرئيس الفاسد....وتقلد هذه الوزارة المكلومة أيضا مالايمكن أن يصدقه عقل وزير كرته الوحيد أنه من شلة الرئيس المرتشي.....وعرف أنه من أغنى أغنياء السودان  يتمتع بالحسابات الخارجية الهلامية والقصور ذات الطابع الملكي  فى بلد أهله كلهم فقراء... والكل يعرف أن السدود التى بنيت تم تشييدها بالأسمنت الذى كان يستورده وزير الخارجية هذا والذى وصلت الجرأة  والسخرية بالبلاد وبأهلها أن  يقفل الإستيراد له  ليكون له وحده الحق الإحتكاري الذى يحعله يتحكم في سعر الأسمنت.... سعرا كان على الدوام فى إرتفاع مستمر..وشريكه فى هذا الرئيس وأخوانه وزوجته....

هذه الوزارة بمواصفات فسادها  الذى لايوجد فى اللغة مصطلحات يمكن أن تصفه.... هذه الوزارة منزعجة من فساد سفاراتها...ياللعجب...السفارات السودانية ليست  إلا صناديق متعفنة من الفساد... لأنها بتعريفها تمثل واحدا من أكثر الأنظمة فسادا على وجه الكرة الأرضية.....والتجارب والقصص التى عاشها ويعيشها السودانيون فى الخارج كثيرة بلاحدود...مالذى يبرر أن يعين فى كل سفارة ثلاثة مسئولين للأمن... ماهى مهمتهم ؟ وماهى الواجبات التى ينجزونها لبلادهم؟..وماهو الدور الذى يلعبونه فى إفساد وتعطيل الجاليات السودانية.؟....

وبما أن سفارات السودان فى الخارج تبلغ حوالى 160 سفارة فإن الأمنيين فيها يمتلون جيشا جرارا برواتبهم ومخصصاتهم وميزانياتهم الخاصة... هم بلاشك أحد الأسباب الرئيسية التى أدت بحكومة الفساد أن ترفع الدعم لو كان هنالك أصلا دعما عن السلع الضرورية لتوفر لأمنها وعملائها ومليشاتها فى الداخل والخارج الموارد.....فالسودانى المتواضع لايحتاج لأسعار معقولة ليأكل ويشرب ويتعالج ويتعلم لكنه يحتاج  لعملاء أمن يراقبونه حتى لو هاجر ليعيش فى أرض الله الواسعة وأسلحة يشتريها النظام ليقتله بها فى المظاهرات  وأغطية لعيونه كى لايبصر العمولات التى يتحصلون عليها من البيزنس الدائر فى الخارج بمعرفة وإشراف وتغطية السفارات.....السفارات التى تتعجب وزارة الخارجية اليوم من فسادها الذى زاد عن الحد.

باريس فى يوم الإثنين 23  ديسمبر 2013

د. حسين إسماعيل أمين نابرى

باريس  - فرنسا

sudandeforum@gmail.com

الكريسماس وفقهاء النكاح ..!! /زهير السراج

$
0
0

خاص للتغيير السبت 21 ديسمبر، 2013
زهير السراج
drzoheirali@yahoo.com
www.facebook.com/zoheir.alsaraj



* اصابت حمى الكريسماس مجموعة المتنطعين وفقهاء السلطان ومن لف لفهم من فقهاء النكاح، مبكرا هذا العام فبدأوا فى دق طبول الحرب ضد الاحتفال والاحتفاء بهذه المناسبة الدينية العظيمة التى تخلد ذكرى مولد رسول الله السيد المسيح عليه السلام الذى يأمرنا الله بالايمان به والا انضممنا لزمرة الكفار فانكار رسل الله، كما نعلم، هو انكار لوجود الله والكفر به، والعياذ بالله.

* وكما نحتفل ونحتفى بمرلد الرسول الكريم خاتم الانبياء والمرسلين ونقيم الموالد والاحتفالات طيلة شهر من الزمان تهل فيه علينا بركة الرسول الكريم، فمن حق غيرنا من اصحاب الديانات والملل السماوية الاخرى، ونحن معهم، ان نحتفل بمولد سيدنا عيسى عليه السلام ونسعد ونفرح بمولد هذا الرسول الكريم عليه السلام الذى ارسله الله تبيانا للحق ورحمة للعباد ..!!

* لذا نقول للمتنطعين وفقهاء السلطان وائمة النكاح .. غصبا عنكم سنحتفل بالكريمساس ونبتهج ونعبر عن فرحتنا، كلٌ بطريقته الخاصة بما لا يضير الاخرين، وستمتد احتفالاتنا ان شاء الله الكريم حتى مطلع العام الجديد الذى نتمنى ان يخلصنا فيه الكريم الغفور الرحيم الجبار المنتقم منكم ومن امثالكم الذين سيّدوكم ومنحوكم الفرصة لتتنطعوا ما شاء لكم التنطع يا فقهاء النكاح والختان الذين تنامون بالليل فى فراش الفساد وتخرجون الصبح لتنصحوا العباد .. لعنة الله عليكم ..!!

* تخيلوا بالله هذه التنطع هل سمعتم او  قرأتم مثله .. فلقد جاء فى احدى الصحف ان احدهم يدعى اسماعيل عثمان يعمل بمجمع الفقه الاسلامى كشف عن ــ لاحظوا ــ كشف عن مخطط تقوده جهات لم يسمها لتدمير الشباب من الجنسين اخلاقيا، محذرا من اقامة المناسبات الموسمية مثل اعياد الكريسماس ورأس السنة، لانها تقود لتفشى الدعارة وتزايد اعداد الاطفال اللقطاء، وانتشار مرض الايدز فى المجتمع السودانى بغرض تدميره ..!!

* تخيلوا هذا المتنطع المنافق الذى بدلا من ارجاع ازمة انحلال الاخلاق وتفشى الدعارة والامراض الى اسبابها الحقيقية المتعلقة بالفقر والبطالة وفساد الدولة وسياساتها المتعفنة التى تركز الثروة فى يد نسبة ضئيلة فى المجتمع على حساب الغالبية المقهورة، فانه لا يجد الا الاحتفاء بالكريسماس ورأس السنة فى ليلتين فقط فى العام كله ليجعلهما السبب فى انحراف المجتمع، ويخشى على نفسه من سادته ان يقول لهم ان السبب هو فساد الدولة وسياساتها الفاسدة المفسدة المضلة .. اختشى يا ايها الذى تزعم انك شيخ تفتى فى الدين وتتولى مسؤولية مؤسسة مرموقة مثل مؤسسة الفقه الاسلامى فى السودان ثم تخاف على نفسك من كلمة حق امام سلطان جائر .. والله انك والمتنطعين من امثالك سبب البلاء والفساد وانحراف الاخلاق الذى نعيشه.
 
* ثم استمعوا لخطيب مسجد (النور) بكافورى الوزير السابق عصام احمد البشير الذى يقول ان الاحتفال بالكريسماس ورأس السنة يخالف العقيدة والاخلاق ..!! كيف ذلك ايها الفقيه ولقد احل لنا  القرآن الزواج من اهل الكتاب واكل طعامهم ..إلخ، بل وربط ايماننا بالله واعتناقنا لدين الاسلام بالايمان برسله وكتبه ودياناته ومنها الدين المسيحى،  مما يعنى جوازا  بل فرضا ان نحترم عاداتهم وثقافتهم والا كنا ناقصى الايمان، فكيف تأتى انت ايها الفقيه وتلغى ذلك ؟ هل انت احرص من الله ورسوله الكريم على الدين، ام انك تتنطع لصالح من يدفع لك اجرك فتدّعى مثل هذه الادعاءات وتطلق مثل هذه الترهات حتى تزداد رغدا فى العيش وتتطاول اكثر فى البنيان ..؟ اما كان الاكرم والافضل لك ان تطالب سادتك ببسط العدل والتخفيف عن الشعب ومكافحة الفساد بدلا عن هذا الحديث الفج ؟!
* أقول لكما ولكل المتنطعين امثالكما نيابة عن نفسى واسرتى واهل بيتى، اننا سنحتفل بالكريسماس ورأس السنة ونخرج الى المنتزهات والميادين والشوارع لنعبر عن فرحتنا تماما كما نفعل عندما نحتفى ونحتفل بمولد رسول الرحمة عليه افضل الصلوات والتسليم .. واذا لم يعجبكم هذا فاشربوا من محاياتكم  الفاسدة التى تخدعون بها زباءنكم وزبانيتكم لعلها تفيدكم فى الشفاء من النفاق وممالئة الحكام، ولاخوتنا واشقائنا المسيحيين اقول مبروك عليكم وعلينا الكريسماس .. والمجد لله فى الاعالى وعلى الارض السلام وبالناس المسرة ..!!



(2) التعقيب على البيان الثاني/خالد الحاج عبدالمحمود

$
0
0

بسم الله الرحمن الرحيم
"الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ"

أ- فصل الدين عن الدولة:
    بدأ الإتجاه للسياسة يتضح، عندما قامت الأستاذة أسماء محمود، بإنشاء ما أسمته: "مركز الأستاذ محمود".. وهو عملٌ قد تمت مناقشته من قبل أسماء والنعيم وآخرين، في أمريكا قبل أن يسمع به الجمهوريون في السودان.. وفي أمريكا قُرِّرَ إنشاء المركز، وحضرت أسماء للتنفيذ.
    وقد قام المركز تحت شعار العمل على نشر الفكرة الجمهورية، رغم أنه منظمة مجتمع مدني!!.
    وبعد قيام المركز، ظهر أنه يتلقى تمويلاً مالياً أجنبياً، رغم موقف الأستاذ المتشدد ضد هذا الأمر.. وتلقي التمويل الأجنبي، أدى إلى نقاش شديد من قبل مؤيدي المركز، والرافضين له.. واستقال بعضُ أعضاء المركز بسبب هذا التمويل.. وأمر التمويل هو الآخر  مرتبط  بالنعيم!!.
    ثم اتجهت أسماء ومن معها، إلى إنشاء حزبٍ تحت مظلة نظام الإنقاذ وقوانينه وضوابطه.. وبذلك توكد الإتجاه إلى السياسة.. وتوكد ضعف الحركة كلها.. فعملياً، إقامة حزب، وفق شروط الإنقاذ، هو تأييد صريح لنظام الإنقاذ، وأي معارضة له بعد ذلك، هي مجرد جعجعة لا معنى لها، ولا قيمة لها.. قيام الحزب، يجعل معارضة النظام، في أحسن أحوالها، معارضة من داخل النظام لا يمكن لها العمل على إسقاطه.
    وبالبيان الأخير أصبحت الدعوة للعلمانية ـ فصل الدين عن الدولة ـ سافرة.. تم التحول الواضح عن الفكرة، كدعوة دينية، إلى السياسة ـ التي تعتمد على العقل وحده في مجال العمل العام ـ كما أصبح تأييد العلمانية أمر مؤكد.. وظهر الارتباط  بالنعيم، ودعوته.
    الغرض المعلن من البيان، هو إصلاح حال السودان، وجاء هذا في قول البيان: "ولكن هذا لا يمنعنا من الإسهام مع بقية أبناء الوطن في إصلاح شأنه الراهن، بالقدر الذي تسمح به المعطيات والظروف، ويمكن للشعب أن يتجاوب معه، في هذه المرحلة الهامة، من مراحل تطوره"!؟ ما هو هذا القدر الذي يمكن أن يعيه شعبنا، ويقدر عليه!؟ حسب البيان، هو النظام العلماني الذي يقوم على فصل الدين عن الدولة..  يقول البيان: "أكبر ما أدى الى الوضع السيئ الذي تمر به بلادنا، الفهم الإسلامي، الإقصائي، المتخلف، والتعالي العنصري البغيض. وليس هنالك من سبيل يراعي ويحترم هذا التنوع، ويتجاوز هذين المأزقين، إلا إقامة نظام حكم ديمقراطي، يقوم، الآن، على أساس فصل الدين عن الدولة، واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بمرجعية إنسانية، تحكمها المواثيق الدولية. فلا بديل عن الديمقراطية، التي تصاحبها التوعية، حتى يظهر للناس كيف ان الديمقراطية ضد الدكتاتورية، وضد التعصب، وضد العنصرية، وضد الطائفية".
    اذن تشخيص البيان لمشكلة السودان الأساسية هو أنها: الفهم الإسلامي المتخلف، والتعالي العنصري البغيض.
    هذا عن تشخيص المشكلة، أما الحل، حسب البيان، فيكمن في تجاوز هذين المأزقين، وهذا يكون بـ "إقامة نظام حكم ديمقراطي، يقوم، الآن، على أساس فصل الدين عن الدولة، واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بمرجعية إنسانية، تحكمها المواثيق الدولية". يلاحظ، أن هذا هو طرح النعيم بالضبط!!.
    هذا التشخيص ضعيف جداً، ومتهافت جداً.. فمشكلة السودان الأساسية، كما هي مشكلة جميع دول العالم، هي مشكلة أخلاق في المكان الأول، ثم هي مشكلة جهل.. والجهل  وأزمة الأخلاق  مرتبطان.. فلولا جهل الشعب، وخيانة  المثقفين، لما قام الحكم الإسلامي المتخلف، ولما استمر كل هذا الوقت.. وعلى كلٍ نحن لم نكن تحت حكم دائم، بواسطة الفهم الإسلامي المتخلف، وظلت مشكلتنا قائمة.. لقد ظل أثر الفهم الإسلامي المتخلف يظهر من خلال الطائفية، وبالتجربة الطويلة، أصبحت الطائفية، تكاد تكون في حكم الزوال.. كما أن تجربة حكم الإسلام المتخلف، أدت إلى تعليم الشعب، وتوعيته بفساد حكم الإسلام السياسي، ما لا يمكن أن تحققه ملايين الكتب.. فما يذكره البيان عن فساد النظام، وظلمه، وجوره، معروف الآن عند الشعب السوداني بصورة تقصر عنها معرفة أصحاب البيان، بأمد بعيد.. وذلك، لأن الأمر بالنسبة للشعب، ليس مجرد تنظير، وإنما هو تجربة عملية عاشوها في أنفسهم.. عاشوها في الفقر، غلاء الأسعار، والجوع، والإضطهاد، ومصادرة الحريات، والتقتيل.. فالشعب السوداني، لا يحتاج لمنظرين، لم يعيشوا تجربته ليحدثوه عنها.. هو قطعاً لا يحتاج لمترفين أمثال النعيم، ليحدوثه عن الفقر والجوع، الذي لم يجربوه، في حين هو جربه.. لا يحتاج لهم ليحدثوه عن بيوت الأشباح، والقتلى من الأهل، فقد جرب كل ذلك، في حين لم يجربوه هم.. يلاحظ أن أصحاب البيان كلهم عاشوا خارج السودان ـ في الغرب ـ لفترة طويلة، وليس منهم من هو بالسودان، الآن، سوى أسماء، التي عاشت سبعة عشر عاماً، من تجربة الإنقاذ، في الولايات المتحدة!!.
    هل مشكلة السودان، أو أي بلد في العالم، هي عدم فصل الدين عن الدولة!؟ لم يبين لنا البيان كيف أن هذه هي المشكلة،  ولا كيف يؤدي الفصل إلى حل المشكلة!! أكثر من ذلك، لم يوضح البيان ما هو مفهوم فصل الدين عن الدولة، وإنما هي مجرد عبارات إنشائية، وضعت بصورة تقريرية، ليس فيها أي مستوى من الفكر.. وهذا هو أسلوب النعيم!!.
    إن فصل الدين عن الدولة، قضية مرتبطة بالتاريخ الأوروبي، والفكر السياسي الأوروبي، الذي يقوم أساساً، على العلمانية.. فالسبب الأساسي للقضية، هو هيمنة الكنيسة على السلطة الزمنية في القرون الوسطى، وما أدت اليه من استغلال الناس لمصلحة رجال الكنيسة، ومن إرهاب بشع، تمثل في محاكم التفتيش، وما قامت به من أعمال.. وقد كان المقابل ، هو الاتجاه في عصر النهضة وما بعده، إلى التخلص التام، من تدخل الكنيسة في قضايا السلطة الزمنية، وإبعادها عن الحكم.. ولما كانت الكنيسة عنيفة في تسلطها، فمن الطبيعي أن يجيء رد الفعل موازياً للفعل.. وما زاد من توكيد، ضرورة إبعاد الكنيسة عن السلطة الزمنية، الحروب الدينية الطاحنة، التي دخلت فيها أوروبا، بعد ظهور المذاهب الدينية المختلفة، وبصورة خاصة حرب الثلاثين عاماً.
    ولقد أورد المفكرون، والساسة الغربيون أسباباً عديدة، لضرورة فصل الكنيسة عن الدولة، نورد هنا الأساسي منها:
يقول كوربت، تحت عنوان (الفصل بين الدولة والكنيسة)، مانصه: "يستند سحب التأييد والاعتراف بالكنيسة الرسمية الى مبدأين أساسيين: الأول، أن الدين هو أمر نابع من الضمير الشخصي، ولا يمكن فرضه بالإكراه، سواء من جانب الحكومة العلمانية أو من جانب أي جماعة دينية.. أما الثاني، فبالرغم من أن معتقدات الأشخاص الدينية قد تؤثر على سلوكهم السياسي، إلا أنه ليس هناك أي صلة رسمية قانونية بين الدين والسياسة.. بمعنى آخر، لا ينبغي أن يكون هناك تأييد غير مستحق من الدولة للكنيسة، كما لا ينبغي للكنيسة أن توثر على الدولة بشكل غير مستحق عن طريق الإكراه أو التأييد.. ففي مجال السياسة، لابد أن تتخذ القرارات على أساس الاعتبارات السياسية، والإنسانية، وليس على أساس تعاليم جماعة دينية معينة.. إن سحب التأييد أو الاعتراف بالكنيسة هو فصل قانوني بين مؤسسات الدين ومؤسسات الحكومة".
لابد من ملاحظة النقاط الهامة التالية:
1. إن الفصل المقصود، هو فصل بين مؤسسات: مؤسسات الدين (الكنيسة)، ومؤسسات الحكومة.. فالمعني بالفصل الكنيسة بالذات.. فحتى عندما لا يرد لفظ الكنيسة كمؤسسة ـ وهو في الغالب يرد ـ فهو المقصود، لأن الدين المسيحي في الغرب، قائم على الكنيسة كمؤسسة، ولأن التسلط الذي عانى منه الإنسان الغربي، السبب فيه، ليس المسيحية كدين، وإنما الكنيسة كمؤسسة وهي في تسلطها تخالف جوهر الدين الذي تتبناه، كما تخالف أهم وصايا المسيح.
2. الفصل يستهدف منع إكراه الكنيسة الناس على الإنتماء لمذهب واحد بعينه، من خلال تبني الدولة لدين رسمي، كما كان يجري بالفعل.. ومنع الاختيار للمناصب الحكومية الرسمية على أسس الانتماء الديني كما كان يجري بالفعل.
3. المسيحية، سواء أن كانت كما هي في الغرب ـ مسيحية بولس ـ أو كما هي في أصلها عند السيد المسيح، ليس فيها تشريع جماعي، يمكن أن تقوم عليه دولة، وإنما هي وصايا أخلاقية، يمكن أن يقوم عليها التزام ديني فردي، تكون فيه العلاقة بين العبد وربه وهذا هو معنى العبارة أعلاه (أن الدين هو أمر نابع من الضمير الشخصي، ولا يمكن فرضه بالإكراه..)
والمسيحية في هذا الجانب تختلف بصورة جذرية، عن الإسلام ـ ففي الإسلام، الدين أمر فردي وجماعي في آنٍ معاً.. وفيه الشريعة الفردية تقوم على الضمير المغيب في علاقة الفرد بربه.. أما الشريعة الجماعية، فتفرض بسلطة القانون.. وهذا في مرحلة أمة المؤمنين، يشمل حتى الطقوس التعبدية!! فالطقس لابد أن يؤدَى ويُكرَه الفرد على أدائه، ولكن الإيمان في الضمير المغيب، متروك لله، وحتى المنافق لو أدى أركان الإسلام، فهو مسلم، وحتى لو علم النبي صلى الله عليه وسلم بنفاقه ـ وهو قد كان يعلم ـ فليس من حقه، أن يسأله، أو يحاسبه على ما في ضميره ـ فالشريعة ظاهر ـ ولا من حقه أن يقول له أنه غير مسلم وهذا هو معنى الحديث: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله، وأن يقيموا الصلاة....فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأمرهم الى الله".. هذا الأمر ليس له مقابل في المسيحية.
    جذور فصل الدين عن الدولة، كما ذكرت، قديمة، ولكنها تبلورت لاحقاً.. بالنسبة للولايات المتحدة، كان روجر وليام، هو أول من أسس دولة علمانية، تفصل الدين عن الدولة، في مستوطنة رود آيلاند (فقد حصل روجر وليام على ميثاق ملكي يؤسس مستوطنة رود آيلاند، في عام 1644م التي كان لفترة بين عامي 1654-1656م رئيسها التنفيذي) أسس بداية دولة علمانية، بدون كنيسة رسمية، وبدون الإقرار بإيمان ديني محدد، وبدون ضرائب موجهة لتمويل الكهنة أو لتشجيع بناء المعابد الدينية.. وكان النظام الذي أسسه روجر وليام مفتوحاً لكل الطوائف، وكان أول شهادة أمريكية للدفاع المنظم عن نظام تسامح ذي وجهة عالمية.    
ولقد كان مؤسسو الجمهورية الأمريكية متأثرين بفلسفة التنوير، وبفكر الفيلسوف الإنجليزي جون لوك.
    وقد أقام لوك، فصلاً دقيقاً بين المجتمع السياسي والجماعة الدينية ومن أقواله: "أؤكد على أنه ينبغي التمييز قبل أي شيء آخر بين شئون المدينة، وشئون الدين، وأنه ينبغي تمييز الحدود الدقيقة بين الكنيسة والدولة".. وفي رأي لوك أن الكنيسة والدولة يتميزان عن بعضهما بطبيعتهما وبوظائفهما المختلفتين وهو ما يجعل الفصل بينهما ضرورياً..
    وكان دستور 1787م هو البداية العملية لمبدأ الفصل بين الكنيسة والدولة الذي كان في طريقه للتبلور عندما نشبت حرب الاستقلال.. ثم جاء ميثاق الحقوق وتعديلاته العشرة، والتي كانت أولاها عام 1791م، والميثاق يدعو إلى: (ألا يشرع الكونغرس أي قانون يتعلق بسيادة دين محدد في الدولة أو يمنع الممارسة الحرة له).. وفي تعديلات 1868م، أصبح دستورياً للسود المحررين حديثاً، حق المواطنة، وفي عام 1781م كان مجلس النواب قد أقر قانون جيفرسون المسمى (قانون ولاية فرجينيا للحرية الدينية) ، وهو أول قانون علماني، ينص على إلغاء أي تمويل رسمي للكنيسة، ويضمن لفرجينيا حرية دينية فعلية.. وحتى عام 1789م كانت لا تزال هناك ست ولايات محافظة على وجود كنيسة رسمية، وعلى سياسات دعم رسمي للدين، وكانت إحدى عشرة ولاية من أصل ثلاث عشرة لا تزال تشترط إعلاناً عن الإيمان الديني كشرط لتقلد الوظائف الأكثر أهمية.
    عندما انتخب توماس جيفرسون رئيساً لعام 1801م وفي رد على خطاب تهنئة وصله، جاءت عبارته: "الدين ينتمى لمجال الرأي الفردي ويخرج عن مجال صلاحيات القانون الفدرالي".
    ونحن إنما يعنينا، بصورة خاصة، التعديل الأول، والذي ينص على: "لا يسن الكونغرس أي قانون ينص على إضفاء صفة رسمية على دين ما، ولا يمنع حرية ممارسة دين". وكان هذا القانون ينطبق على الكونغرس (الفدرالي) فقط ولم ينطبق على الولايات، ولم يتم التعميم على كل الولايات، إلا بعد التعديل الرابع عشر.
    والتعديل، كما سبق أن عرضناه، ينص على أمرين، الأمر الأول: بند الكنيسة الرسمية، والأمر الثاني: بند حرية الممارسة الدينية.. والخلاف حول تفسير البندين لا يزال قائماً إلى اليوم، ولكن ما يهمنا هو المرجعية التي على أساسها يتم التفسير.
    وكذلك مفهوم حياد الدولة.. فهو مفهوم غربي مرتبط بالنظام الرأسمالي.. وهو في هذا المجال يعني ببساطة عدم تدخل الدولة في المجال الإقتصادي.
    قضية فصل الدين عن الدولة، قضية مرتبطة بملابسات التاريخ الغربي، والصراع بين الكنيسة كمؤسسة دينية لها سلطة زمنية، وبين الدولة.. فهو تعبير عن صراع بين مؤسسة  ومؤسسة.. وهذا الأمر ظاهرة تاريخية، انتهت الآن تماماً، بانتهاء السلطة الزمنية للكنيسة.
    بالنسبة للإسلام، أساساً، وبصورة مبدئية، لا توجد مؤسسة دينية، يمكن أن تدعي أنها صاحبة سلطة زمنية.. هذا، والإسلام ليس كالمسيحية، يقوم فقط على شريعة العبادات، التي تنظم علاقة الفرد بربه.. وإنما إلى جانب هذه، هنالك التشريع الجماعي.
    فالظاهرة تتعلق بظروف تاريخية معينة، وقد انتهت هذه الظروف.. كما أنها بصورة مبدئية لا علاقة لها بالإسلام.
    وأهم من هذا كله، أين هو الدين الذي يراد فصله عن الدولة!؟ أساساً الدين، بمعنى الأديان الكتابية، غائب اليوم عن حياة الناس.. نحن لا نعيش في عهد بعثة، وإنما في عهد فترة، وقد نَصَلَ الدين عن حياة الناس، وهذا أمر معلوم.
    الدين الوحيد الذي له أثر على حياة الناس، هو دين العلمانية، أو الدين المدني، كما يسمى في أمريكا.. فكيف نفصل الدين عن الدولة، وهو أساساً غير موجود!؟ قد يتبادر إلى أذهان البعض، أن دولة الأخوان المسلمين أو جماعات الإسلام السياسي، تقوم على الدين، وهذا خطأ شنيع، يعطي للأخوان المسلمين فضيلة، ليست لهم.. حكم جماعة الأخوان المسلمين في السودان أو غيره، لا يقوم على الدين، وإنما يقوم على إستغلال الدين لأغراض السياسة.. هو حكمٌ علمانيٌ كله.. مرتبط بالحياة الدنيا، وبالعقل المجرد، وليس له نصيب من الدين.. هم لا يعيشون الدين، لا فكراً، ولا سلوكاً.. وقوانينهم كلها قوانين مدنية، وحتى عندما يضعوا قوانين يزعمون أنها من الإسلام، هي ليست كذلك.. فهم مثلاً، يقننون لما أسموه الزكاة.. وعملهم هذا، ليس له علاقة بالزكاة الشرعية، وإنما هي ضريبة اقتصادية، ضمن ضرائب أخرى، ليس لها علاقة بالزكاة الشرعية، إلا الاسم.. وكذلك عندما يسنون قوانين يسمونها الحدود، فهي قوانين تقع خارج إطارها الديني، وبعيدة كل البعد عن غايات الدين، وحكمته.. وهي لا تُسَنّ إلا لإرهاب الناس.
    فالتعبير الدقيق، والمنضبط هو استغلال الدين لأغراض السياسة، وليس فصل الدين عن الدولة.. وحتى استغلال الدين لأغراض السياسة، لا يمكن محاربته، محاربة فعّالة، إلا بالتوعية، بتوضيح مفارقته للدين، وتقديم الدين الصحيح.. فهو لا يمكن محاربته المحاربة الفعّالة، إلا من خلال الدين نفسه، وهذا ما تقوم به الفكرة، وهو ما انصرف عنه أصحاب البيان.
    الدول التي تطبق فصل الدين عن الدولة، حسب تصور أصحاب البيان، مثل الدول الغربية، هل قام هذا الفصل بحل مشاكلها!؟ من المؤكد لا!!.
    الفهم المتخلف للإسلام، ليس هو الخطر الأساسي، لا على السودان، ولا على بقية دول العالم.. هو خطر على الدول الإسلامية، التي تُحكم بالأخوان المسلمين، وجماعات الإسلام السياسي، ولكنه خطر أخذ فرصته الكافية في التجربة، خصوصاً في السودان، وهو الآن في مرحلة لفظ أنفاسه الأخيرة، دون حاجة لبيان أصحاب البيان.. أين كان أصحاب البيان، في فترة الربع قرن، الذي ظل فيها الفهم الإسلامي المتخلف يحكم!؟ ليأتوا الآن ويركبوا الموجة، ويحدثوننا عن الخلاص، حديثاً، لا قيمة له ولا وزن.
    ثم هل العنصرية في السودان، هي بالحجم الذي يصورها بها البيان!؟ وهل العلمانية وفصل الدين عن الدولة، هما العلاج لمشكلة العنصرية!؟.
    إن أي إنسان ينظر إلى التاريخ القريب، بأمانة وصدق، يعلم دون أدنى شك، أن العنصرية التي سادت في إطار العلمانية وفصل الدين عن الدولة، ليس لها أي نظير، في تاريخ الحضارة البشرية.. إن أسوأ صور العنصرية، هو ما قامت عليه السياسات القومية، تلك القومية التي طبقها موسيليني وهتلر، خصوصاً الأخير.. هي عنصرية، عند هتلر، اتجهت إلى إبادة أو استعباد جميع القوميات، والعناصر، سوى العنصر الآري، لا لأي سبب سوى أن عنصرهم منحط، بصورة تجعلهم عبئاً على الحضارة البشرية.. ولا يوجد شبيه للعنصرية التي قام عليها الاستعمار الغربي وتم فيها استعباد معظم دول العالم الثالث، لزمن طويل.. ولا يوجد شبيه في مجال العنصرية، لما يسمى بتجارة الرقيق عبر الأطلنطي، التي أشعلت الحروب الدامية في أفريقيا، وحوَّلت ملايين البشر، إلى الولايات المتحدة كرقيق.. وهنالك ظلوا مستغَلين كرقيق، لوقت طويل.. والأبرتهايد!! هل هي أمر مارسه السودانيون، أو قام في ظل نظام إسلامي فاسد!! رحم الله مانديلا، خاتم السياسيين العظام، فهو ممن يعيدون الثقة في الإنسان، لمن فقدوا هذه الثقة!!
    ولقد فلسف الغرب للعنصرية، بصورة ليس لها شبيه في تاريخ الحضارة البشرية.. وأوضح ما يكون هذا في "الداروينية الاجتماعية".. واليوجينيا.
     وحتى الآن العنصرية قائمة في الغرب، وتطالعنا الأخبار بصورة تكاد تكون يومية بأخبار الصيحات العنصرية ضد لاعبي كرة القدم السود.
    كل هذا، جرى، ويجري، في ظل العلمانية والنظام الديمقراطي الغربي.. وفصل الدين عن الدولة.. وإذا، بعد كل هذا، حدثنا أصحاب البيان عن معالجة الديمقراطية وفصل الدين عن الدولة، لمشكلة العنصرية، فإما أنهم يجهلون أو يعتبروننا جهلة.. والمجالات المذكورة، من ممارسات العنصرية في الغرب، تحتاج تفاصيلها إلى كتب عديدة.
    والحديث عن حقوق الإنسان، الذي تبناه أصحاب البيان وجعلوه مرجعية، أخذاً بفلسفة أستاذهم النعيم، هو أكثر تهافتاً، من الحديث عن العنصرية.. فالذين يتحدثون عن حقوق الإنسان هم أكثر الناس إهداراً لحقوق الإنسان، وذلك لأنهم يفتقرون إلى القيم الإنسانية، بصورة أساسية.. فهم صنّاع أسلحة الدمار الشامل، ومستخدموها، والمتاجرون بها، على أسس رأسمالية، لا يتوانون عن إشعال الحروب المهلكة والمدمرة، لمجرد تنشيط سوق السلاح.. ويكفي أن نشير إلى حرب فيتنام، وحربي العراق الأخيرتين.. حقوق الإنسان، عند الغرب، هي حقوق الإنسان الغربي، وليست حقوق الإنسان من حيث هو.. وحقوق الإنسان، والنظام الرأسمالي الحديث، يتناقضان، ولا توجد أي إمكانية ليلتقيا.
    وديمقراطية الغرب، التي يتحدث عنها البيان، ليست ديمقراطية حقيقية، وإنما هي ديمقراطية شكلية، ومن المستحيل قيام نظام ديمقراطي حقيقي، في ظل الرأسمالية ـ راجع كتاب الإسلام ديمقراطي إشتراكي.. والرأسمالية كرست الظلم، والتفاوت الطبقي في العالم كله.. وعلى كلٍ، هي فلسفة، ونظام إقتصادي، ليس فيه للإنسان كرامة، ولا أمن، فقد خلقت نظاماً مشكلاته الطاحنة، تتفاقم كل يوم، الأمر الذي يستوجب البديل له، الآن وليس غداً.
الفصل  والوصل:
    العلمانية، بطبيعتها المادية، تقوم على الفصل.. والفصل بين كل الأشياء، والفصل بين البشر.. والنعيم، في منظوره النسبوي، ينكر المجتمع نفسه، ويفصل بين الأفراد، وكأن كل واحد منهم جزيرة قائمة بذاتها.. وفي الإسلام، الوصل، هو الذي تقوم عليه طبيعة الوجود، وما ينبغي أن تقوم عليه علائق البشر.. وهذا ما يعمل الإسلام على تحقيقه.. فجوهر الإسلام يقوم على الصلة.. ومنهاجه، موظفٌ لتحقيق هذه الصلة.. فالدين كله يقوم على الصلة بالله، ورد الأشياء إليه تعالى.. فالدعوة لفصل الدين عن الدولة، هي دعوة لفصل ما أمر الله به أن يوصل، وفي كل مجالات الحياة العامة!!.
    وفصل الدين عن الدولة، بمعايير الدين، يعني إبعاد معايير الدين وقيمه، من المجالات التي يتم فيها الفصل.. يعني قطع الصلة بالله في هذه المجالات، وعن قصد.. وهذا في الإسلام، حسب الفكرة، أمر بعيد، كل البعد.. فالإسلام يستوجب أن يكون كل شئ لله، وبالله "قل، إن صلاتي، ونسكي، ومحياي، ومماتي، لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين".. فكل عمل لا يراد به وجه الله هو باطل.. والحرام، في الإسلام، في الحقيقة هو ما يؤخذ من غير يد الله، والحلال هو ما يؤخذ من يده تعالى، وهذا يجعل الحرمة هي عدم الوصل بالله، بسبب رؤية الأغيار ـ نحن لنا عودة إلى موضوع الفصل والوصل، نتناوله فيها بصورة أصولية.
    وصاحبكم، الذي تتبعونه ـ النعيم ـ يعرف ما يريد، في هذا الأمر، أو يعرف ما يراد له أن يريد ـ فهو يدعو إلى الفصل ـ حتى في مجال الحلال والحرام!! هو يبعد الله تعالى من أن يكون مصدر التحليل والتحريم، ويدعو غيره لفعل ذلك.. أسمعه يقول: "لذلك فإن نقطتي هي أن أي مسألة تتعلق بسياسة الدولة، سواء كانت تشريعا أو سياسة، يجب أن تتم عبر المنطق المدني، وليس من أي منظور ديني أو مرجعية دينية. مثلا، موضوع الحدود، وأنا أعارض أيضا فرض الحدود من قبل الدولة، فسواء كان الموضوع يتعلق بالحدود أو العلاقات الجنسية، أو أي موضوع آخر، يجب علينا أن نناقش الموضوع ونضع أسباب تكون قابلة للنقاش أو القبول دون أي مرجعية للدين أو العقيدة الدينية". (الحلقة الثانية من توثيق أقوال)
    يقول الأستاذ محمود: "في الحق، أن الدين، سواء كان مسيحية أو إسلاماً، إن لم يستوعب كل نشاط المجتمع، ونشاط الأفراد، ويتولى تنظيم كل طاقات الحياة الفردية والجماعية، على رشد، وعلى هدى، فأنه ينصل من حياة الناس، ويقل أثره، ويخلي مكانه لأي فلسفة أخرى، مهما كان مداها من الضلال، ما دامت هذه الفلسفة قادرة على تقديم الحلول العملية لمشاكل الناس اليومية، أو حتى ما دامت قادرة على تضليل الناس، إلى حين، بإسم خدمة مصالحهم المعيشية..".. فأنتم ، بدعوتكم لفصل الدين عن الدولة، تدعون إلى أن ينصل الدين عن حياة الناس جميعها، ولمصلحة العلمانية، التي تضلل الناس، وأنتم تساعدونها في هذا التضليل.. بل إنكم لتدعون لأكثر صور العلمانية ضلالاً ـ علمانية النعيم ـ .
    والنعيم يزعم أنه لا توجد دولة دينية، ولا يمكن أن توجد، لا في الحاضر ولا في المستقبل.. ودولة المدينة عنده سياسة وليست دين.. فوفق هذا التصور، الحديث عن فصل الدين عن الدولة، حديث لا معنى له، طالما أنهما لا يمكن أن يجتمعا.
    فالنعيم يزعم أن الفكرة الجمهورية، لا تدعو إلى دولة ولا إلى تشريع جماعي.. وعنده الشريعة، أساساً وضعها الفقهاء.. بل الدين كله، علماني وصناعة بشرية، مثله في ذلك، مثل الثقافة.    
النعيم له مصلحته ـ حسب وهمه ـ في كل ذلك، فما هو دافعكم أنتم، في تبني هذا الضلال، ودعوة شعبكم لتضليله به!؟ إن الأمر كله، يدعو للحيرة.. ولا يمكن أن يقال فيه إلا: أقام العباد فيما أراد!!.    
خالد الحاج عبدالمحمود
رفاعة في 24ـ12ـ2013م

(بهنس) .. أجمل غريق في العالم عبد المنعم سليمان

$
0
0


مدخل :
( يا رب أنت أعطيتهم مكانا جميلا
فخانوا المكان وباعوا الجمالا
رب صححتهم في المرايا
فشافوا وجوها وليس الكمالا
رب أكرمتهم في الطبيعة
نثرا شجيرا عقدت الجبالا
ليس لي ظل نفسي .. هو الصفر صفر هنا عن يميني .. وصفراً شمالا...(
(محمد حسين بهنس - من قبل أن ينطق الطير : مارس 2006م).

في قصة الكاتب الكولومبي العالمي غابريال غارسيا ماركيز( أجمل غريق في العالم) أتت المياه بجثة رجل غريق إلى شاطئ القرية، جاء الرجال وحملوا جثمان الغريق إلى أول بيتٍ في القرية وعندما وضعوا الجثةَ على الأرضِ وجدوا أنها أطول من قامة كل الرجال . قال بعض من حمل الجثمان بعد ذلك  أنهم أحسّوا وكأنهم يحملون جثةَ حصان ، كان أثقل وزناً من كل الموتى الذين عرفوهم قبل ذلك . تساءل أحد الرجال عمّا لو كان ذلك بسبب أن بعض الغرقى تطول قاماتُهم بعد الموت؟.
بعض نساء القرية تخلين عن وقارهن أمام جسدِ الغريق الجميل الهائل،  أخذت كل واحدة منهن تقارنه بزوجها، كانت تلك فرصة للشكوى والقول إن أزواجهن من أكبر المساكين. كان جثمان الغريب ممدداً هناك لا يسمع ولا يهتم بهذا الخيال الواسع الذي أصاب نساء ورجال القرية فجأة، إذ لم يفكروا أبداً في تاريخ هذا الغريق : كيف عاش ؟ ولماذا مات؟  فقط قرروا أنهم أهله ، تقاسم سكان القرية دور الأقارب ، كل منهم اختار علاقة قربى بالغريق ، حيث أعلن كبارهم أنهم أعمامه بينما اختارت بعض النساء ما تيسر لهن من القرابات، عماته، أخواته وخالاته، أما الشباب فقالوا أنهم أخوته، فأصبح للغريق الغريب أقارب فجأة !
ولكن وبينما كان الناس يتنافسون في نقل الجثمان فوق أكتافهم عبر المنحدر العسير المؤدي إلى الجرف لاحظ سكان القرية ضيق شوارعهم وجفاف أرضهم ودناءة أفكارهم وخراب حياتهم مقارنة بجمال هذا الغريق.
 (1)
في صبيحة الثلاثاء 17 ديسمبر الجاري، نعى الناعي القاهرة الفنان الشفيف متعدد المواهب محمد حسين بهنس، حيث اختارته موجة البرد الصاعقة التي ضربت مصر . امتلأت كل المواقع الالكترونية بالمرثيات، ذُرفت الدموع، وسكب الرجال والنساء آخر مخزون دموعهم في السرادق الاسفيرية التي نصبوها لتقبل العزاء في الراحل ، تصفحت كل تلك المآتم فصعقني العدد المهول من معارفه وأصدقاءه . في مأتم أسفيري نُصب على موقع سوداني شهير عددت أكثر من (50) ناعياً من مختلف بقاع الأرض عرفوا أنفسهم بأنهم أصدقاء مقربين من الفقيد الراحل ! تساءلت أين كان هؤلاء القوم ؟ كيف يموت بالعزلة والجوع والبرد من له كل هذا الكم من الأصدقاء ؟  فهالتني المقاربة، بأن هذ العدد الكبير من أصدقاء (بهنس) اللذين ظهروا فجأة ، يشبهون أقارب غريق ماركيز.
 (2)
أزعم أنني أعرف الراحل (بهنس) حق المعرفة - رحمه الله رحمة واسعة ووسع مرقده- وأعرف أنه لم يمت صبيحة 17 ديسمبر كما أخبرنا الناعي ، ولا حتى قبل أسبوع من ذلك – فترة مكوثه بمشرحة (زينهم) . لقد كان  يمشي في طريق الموت منذ عامين ، ويشهد على ذلك كل من زار القاهرة من المثقفين والكتاب والفنانيين ، اللذين لا بد أن بعضهم  قد رأى ذلك الشاب بشعره (الممشط) على طريقة (الراستا)، ذلك الشاب الذي رغم المحن والمرض كانت تشع منه علامات الذكاء والنبوغ ظاهرة على وجهه، لا بد أنهم شاهدوه وهو يحمل حقيبته الباهتة على ظهره ، يتحدث إلى نفسه في غدوه ورواحه ، لم يكن قصياً ولا بعيدا عنهم، كان يتحرك داخل دوائرهم ، بين ميدان التحرير وشارع محمد محمود مروراً بباب اللوق وحتى ميدان ابراهيم باشا بالعتبة ووصولاً إلى شارع طلعت حرب حيث المنطقة التي يرتادها زوار القاهرة من السودانيين ( مكتبتا مدبولي والشرق، ومقهى البستان الشهير) . لم تكن هذه المنطقة مضماراً لحركته اليومية فحسب ، بل كانت (غرفة نومة ومعيشته)، عاش بين أهل بلده حتى وهو في أشد لحظات مرضه وهذيانه، فلم يكن يطيق العيش بعيداً عنهم.
 (3) 
ظل بهنس كل تلك الفترة يموت ببطء أمام جموع السودانيين الغفيرة التي لم تحرك ساكناً ، بل ان أحدهم وأنا شاهداً على ذلك كان يهرب من مجرد السلام عليه تأففاً وتكبراً ، هذا (الأحدهم) وجدته محشوراً في زمرة أصدقاء الراحل ينوح عليه ويتلقى فيه العزاء في أحد ( المآتم الهوائية) المنتشرة ، وكان وبلا أدنى خجل يكتب عن علاقته بالفقيد الراحل ، معدداً مناقبه مبدياً مشاعر أنسانية كذوبة ، ويا للهول..
يا للهول ، لأن قلب بهنس لم يتوقف بفعل موجة البرد اللعينة تلك ، لقد تعرض قبلها لموجات من الحر والبرد والجوع والمرض إذ ظل طوال عامين يمشي هائماً ، مكباً على وجهه بين أزقة وحواري القاهرة . لم يكن رحمة الله وهو في أشد لحظات مرضه يتسول الطعام ، كان يمر على تجمعات السودانيين دون أن يمد يده إلى طعامهم أو يرسل نظره إليه ، كان شفيفاً عفيفاً طاهراً ، كان يسجد إلى الله تعالى بعد كل جملة ينطقها ، لم يكن بحاجة إلى مال أو تذكرة سفر كما ألمح البعض ، كان في أمس الحاجة إلى من يأخذه إلى مستشفى الأمراض النفسية ، كان في حاجة إلى الأصدقاء أيام محنته ، إلى من يحس بآلامه وأحزانه ، كان بحاجة إلى من يحبه بذات قدر الحب الذي عاش به ومن أجله ، بل ونظمه أغنيات على شفاه الآخرين ، كان في في حاجه للحب واهتمام الأصدقاء الذين برزوا ( فجأة) في مآتم الهواء الكذوبة ، هؤلاء الذين لم لم يجد حين حاجته تلك إلا قلة منهم ، وبهنس الذي لم تقتله موجة البرد وانما قتلته الضمائر الميتة، مات بسبب موت الحس الإنساني فينا ، بسبب طغيان المشاعر الكاذبة وصلات القربى الخيالية ، إذن ليس غريباً أن تعقد كل هذه المآتم الهوائية ، فهي مآتم على قدر علاقاتنا الحقيقية، مآتم هوائية لعلاقات هوائية تذهب مع أول هبة ريح وفي أول امتحان للعلاقات الانسانية .
 (4)
الآن هو في ذمة الغفور الرحيم الذي لا يظلم عنده أحد، اللهم أغفر لعبدك محمد حسين بهنس ، فقد أتاك بقلب رحيم وروحاً طاهرة ، كان عفيفاً ، رحيمأ   سمحاً ، لم يقتل أو يسرق أو يظلم أويغتاب أحداً ، فاغفر له يا الله وتغمده بعطفك ورحمتك ، وأسكنه فسيح جناتك مع الصديقين والأنبياء والشهداء ، وحسن أولئك رفيقاً . آمين .
مات بهنس ، هذه هي الحقيقة ، ولأن مجلس العزاء ليست للوم والتنابذ ، و إنما للعبر، فدعونا نقر أن بهنس أجملنا شكلاً ومضموناً، وأعذبنا صوتاً وأرفعنا قامة ، فلنعتبر من وفاته كما فعل أهل القرية في رواية ماركيز إذ انتابهم شعورعارم  بسبب ذاك الغريق الجميل بأنهم أقزام قل قامة منه ، عرفوا أن بيوتهم تحتاج إلى أبواب عالية ، وانهم في حاحة إلى أسقف أكثر متانة وقوة لتحمل المصائب، قرر سكان القرية طلاء منازلهم بألوان زاهية احتراماً لذكرى ذلك الغريق، قرروا حفر الآبار في الصخور وزرع الأزهار كي يستنشق بحارة السفن القادمة عند  الفجر رائحة الزهور، وكي يضطر القبطان إلى النزول من أعلى السفينة و هو يشير ناحية القرية، متحدثاً بكل لغاتِ العالم : (أنظروا هناك حيث هدوء الريح ينقل شذى الزهور، وحيث ضوء الشمس والحياة ).
تعلم سكان تلك القرية معنى الحب ، وهذه هي المسؤولية التي تركها لنا (بهنس)، خاصة وأن بلادنا يتهتك نسيجها الاجتماعي يومياً بفعل السياسات الشيطانية لعصابة حكام الخرطوم ، نحن بحاجة إلى ذلك الترابط الذي سكن قلوب أهل تلك القرية ، بحاجة إلى نثر الحب في ربوعنا ، في جبال النوبة ، دارفور ، النيل الأزرق الشرق ، وفي الشمال ، وبحاجة إلى إظهار حبنا الحقيقي لا الهوائي لكافة أهل بلادنا ، محتاجين إلى إشاعة روح التضامن الحقيقية بيننا لنتجاوز ظلمة ليالينا الحالكة ، وهذا ما تركه بهنس فينا لأن أمثاله يشعون في العتمة.

الجنوبيين لا تقتلوا بعضكم ... بل أقتلوا الفقر الجهل والمرض/سليم عبد الرحمن دكين

$
0
0

الجنوبيين لا تقتلوا بعضكم ... بل أقتلوا الفقر الجهل والمرض 


الاستاذ. سليم عبد الرحمن دكين                  لندن                        بريطانيا  

 


الذى حدث يوم الاحد الخامس عشر من ديسمبر العام الجارى كان بمثابة صدمة كبيرة للعالم كله. خمسمائه قتيل فى اقل من ساعة عندما شاهد العالم باسره جثث الرجال والنساء والاطفال مترامية فوق الطرقات العامة والمبانى والازاقة. لن يخطر ببال العالم ان يشاهد مثل هذه المناظر فى دولة وليدة لن يتجاوز عمرها العامين. ما هذا أختلافات أيدولوجية ام عرقية؟ لايهم الان انما المهم هو ان الجنوبيين لن يتعلموا من دروس الماضى وتجاربه السابقة. هذا ما ذهبت اليه فى مقالى السابق عشية ولادة دولتهم الذى قلت فيه عندما قرر شعب الجنوب مصيره ومستقبله ومستقبل أجياله من خلال صناديق الاقتراع. حتما ان شعب الجنوب قد قال كلمته التى لا رجوع عنها ولا العدول عنها. لان وحدة السودان لم تعد ممكناً فى ظل حزب المؤتمر الحاكم نتيجة للحروب التى لا غنى له عنها. كان انفصال الجنوب حقاً شيئاً مؤلماً لان جنوب السودان جزءاً عزيزاً من الوطن الكبير ينشطر بعيداً عنه. فكان من الصعب فعل شى او منع حدوث ذلك الانفصال. لان شعب الجنوب قد قرر ذلك من خلال الاستفتاء التاريخى الذى لاسابقة له فى تاريخ كله.ولكن اهم ما فى ذلك كله هو قيام بناء دولة القانون التى تحترم حقوق أنسانها الاساسية وهذا يكون نابع من خلال أدراك لكل منهم لشئوؤن الاخر. بعدها سيتمكنوا من العمل معاً كشعب واحد متلاحم فى معالجة المشاكل التى تواجههم والمعضلات التى تؤرقهم بحيث ينعموا خيراً بمستقبل زاهر وامن لهم جميعاً. كما يجب ايضا التعلم من درس الماضى وتجاربه التى ربما تساعدهم فى بناء دولتهم والوليدة حيث ان ذلك سيساعد على توطيد دولة القانون الراسخة والقوية فانه من الافضل عدم جعل مذهب الحركة الشعبية مسار كل شى فى دولتهم. على ان لا يكون مذهب الحركة الشعبية ذريعة من اجل السيطرة وتهميش الاخرين وايضا كمدخل لتحقيق أجندة قد لا تكون فى مصلحة الدولة والشعب. فان بقاء دولة الجنوب الوليدة يتوقف على السياسيين الجنوبيين القياديين على راس الدولة على ان لا يعيشوا فى الماضى انما يتعلموا من دروسه.لان فرض أيدولوجية معينة ومحددة لربما يؤدى هو الاخر الى خلق صراع سياسى اجتماعى . بعد ذلك تولد القبلية والمحسوبية والفساد والافساد وغيرها من فتن جمة لايحمد عقبها فى المستقبل. لاينسوا الجنوبيين ايضا ان بناء الدولة من لاشى ليس أمراً سهلاً ولابسيطاً ايضا. انما يتتطلب تكاتف وتعاذر وتكافل وتضامن  شديد حتى يقوى عودهم وعزيمتهم. وكما لاينسوا ايضا اى الجنوبيين ان دولتهم الجديدة متعددة الاعراق واللغات والثقافات والاديان  والمعتقدات. فلذا يستوجب الاعتراف بها لان هذا التنوع سيساعد فى قوة وحدتهم بعيداً عن الهيمنة وسيطرة مجموعة على السلطة. فاذا تم ذلك سيكون أقصاء سياسى واجتماعى ربما توقع الحرب بينهم وتقضى على دولتهم الوليدة فى مهدها. لذلك سوف يكون من الصعب بناء دولة الجنوب الوليدة اذا حاولت مجموعة أستعمار المجموعات العرقية الاخرى كما فى دولة شمال السودان الحالية التى أنفصلوا عنها. كما ذكرت فى ذلك المقال تجارب عديدة كتجربة الهوتو والتوتسى فى دولة رواندا وايضا تجربة الصرب والكروات والبوسنيا وألبان كاسوفو فى يوغسلافيا. فلذا يجب التعلم  من تجارب واخطاء الاخرين . لان للأخر حق الوجود وان للبسطاء حق الحياة والكرامة. فان الذى حدث فى جوبا عاصمة دولة جنوب السودان يؤكد مما لاشك فيه ان الجنوبيين لايمكن ان يحكموا أنفسهم والدليل على ذلك الاقتتال الجارى الان فى كل مدن الجنوب. وهذا واحد من السناريوهات الثلاثة التى ذكرتها فى مقالى الذى نشر فى سودانيز ان لاين فى 17 11 201 تحت عنوان ستتمزق دولة الجنوب ولكن من الصعب ان تتمزق جبال النوبة. فكان المقال يتعلق بفك الارتباط بين دولة الجنوب والحركة الشعبية قطاع الشمال بشمال السودان و جبال النوبة تحديداً.ولكن الاكثر ألماً هو شعارات الحركة الشعبية لتحرير السودان التى أطلقتها خلال الايام الاولى من نضالها تحرير السودان وبناء السودان الجديد. فها هم غير قادرين على بناء دولتهم الصغيرة ناهيك عن السودان الكبير كانت شعارات جوفاء ومفرغة لا اساس لها ولا معنى لها ايضا. النوبة اول ضحايا هذه الشعارات التى ساقت النوبة الى اعماق الجحيم والهلاك الذى يريد ان يغبر بهم كل ذلك باسم تحرير السودان وبنائه.سحقت الحرب الانسان والحيوان والجماد فى جبال النوبة. كما سحقت السلام والامن والاستقرار والصحة والتعليم والتنمية. سحقت الحرب كل ما يخطر ببال الانسان ولاتزال تسحق ولا احد يدرى متى سيتم كبح جماح هذه الحرب المجنونة المدمرة التى فرضت ضد أرادة النوبة وجنوب كردفان بأسره. ولاتزال رقعة الحرب تتسع نتيجةً لتدخل الخارجى فى جبال النوبة من جهات لن تكن معروفة او مالوفة لدى النوبة ولا سيما أمراء الحرب الثلاثة عبد العزيز الحلو وياسر عرمان ووليد حامد رموز معاناة النوبة  الذين أباحوا دماء النوبة وأطفالهم وكما أستباحوا ايضا أعراض نساءهم وكما جردوا النوبة ايضا حقوقهم الاساسية كالحق فى الحياة والحرية والكرامة. لن يوجد اى مبرراً لبقاء الحرب واستمرارها للاكثر من عشرون عاماً تقتل وتدمرت وتحطمت كل ما فى طريقها بلا هوادة. المطلوب اليوم واكثر من اى وقت مضى توحيد الجهود والرؤى من منسوبى الحركة الشعبية من ابناء النوبة لكى يتثنى لهم وقف الحرب لأجل حماية أهليهم ومجتمع جبال النوبة جنوب كردفان بأسره.ان أمراء الحرب الثلاثة او بالاحرى رموز معاناة النوبة عبد العزيز الحلو وياسر عرمان ووليد حامد غير مباليين بما يحدث للنوبة واطفالهم ونسائهم انما السلطة همهم الاكبر. لا يريدون اى أمراء الحرب الثلاثة العزوف عن جرائمهم ضد النوبة ودمار وخراب مجتمع النوبة بأسره. انها حالة تغريبية لشعب النوبة للانفراد به والرجوع به الى العصور الاولى بل الى عالم لايرقص النور فيه ولا الظلال. ان تمادى أمراء الحرب فى غيهم واجترارهم للاستسباق للمواقف ظناً منهم ستوصلهم الى مقاليد السلطة ما هى الا أدغاث احلام لا غير. ان استراتيجياتهم وتكتكاتهم هو ابقاء النوبة فى عمق الجهل والفقر و المرض والعوز والفاقة. أنظروا اليوم الى جبال النوبة لا تعليم ولا صحة للاطفال النوبة ثمة ضربة قاضية للنوبة. فها هو ياسر عرمان احد رموز معاناة النوبة يصرح فى احد كتاباته النظام الحاكم فى الخرطوم اضاع اموال طائلة فى التسليح والحرب فقط نسبة 2 فى المائة للصحة والتعليم. فهل سال ياسر عرمان نفسه ماذا قدم ياسر عرمان لأطفال النوبة من صحة وتعليم ولاشى على الاطلاق. ولكن بالاحرى اطفال الجعليين والشياقية والمساليت هم الذين تتوفر لهم الصحة والتعليم وكل وسائل الحياة فاما أطفال النوبة فلهم الفقر والجهل والمرض والعوز. امراء الحرب الثلاثة هم الذين اشعلوا الحرب الثانية فى يونيو عام 2011 رفعوا ابناء النوبة الحادبين على مصالح أهليهم أصواتهم عالية من خلال أفواهم او من خلال أقلامهم التى سطرت الحقائق والوقائع المذرية والماساى والدمار والخراب الذى حطم مجتمع النوبة كله.فلذا نريد ان يسال كل منا نفسه لماذا نحارب بالوكالة ؟ ماذا كسبنا من هذه الحرب لاشى الا الدمار والخراب. منسوبى الحركة الشعبية من ابناء النوية ليسوا قادة الحركة الشعبية قطاع الشمال انما مجرد وقود للحرب رغم غاليبتهم  المطلقة فى صفوف هذه الاجسام او الهياكل لقد وجدنا أنفسنا كالنوبة بلا شى عندما تم توقيع اتفاقية نفاشا لانريد ان تتكرر هذه التجربة البشعة والفظيعة مرة اخرى. ان الاوان لكسر جدار الصمت والخوف من أجل التخلص من شعارات تحرير السودان او بناء السودان الجديد هى تلك الشعارات التى قتلت النوبة وجوعت النوبة وشردت النوبة من ديارهم. لابد من التخلى عن عقلية الماضى. المطلوب منا جميعا رفع شعار وحدة جبال النوبة عالياً خفاقاً من خلال رؤية مشتركة. أخيراً اقول للاخوة الجنوبيين لا تقتلوا بعضكم بل أقتلوا الفقر الجهل والمرض.  
 
 

المرضى : حسرتهم من الصدور الى القبور/ حيدر احمد خيرالله

$
0
0

سلام يا .. وطن

حيدر احمد خيرالله

المرضى : حسرتهم من الصدور الى القبور

ماظللنا نحذر منه وقع .. تفكيك القطاع الصحي .. تدمير مستشفى الخرطوم والان اوشك الدور ان ينتهي .. وتصبح المستشفى التى ظلت تخدم أهل السودان منذالعام 1909أثراً بعد عين .. وبالأمس يطوف مدير عام وزارة الصحة على مركز غسيل الكلى موجهاً لهم بعدم التردد على المركز قائلاً : ( دي آخرغسلة ليكم بالمركز) فغر المرضى افواههم من الدهشة إذ أنهم ظنوا  أنهم يغسلون كلاهم المعتلة فى ( حواشة ) دكتور صلاح عبدالرازق وليس مستشفى الخرطوم ، يغلق ابوابها وقتما يشاء ويخاطبهم وهو الطبيب كأنهم دخلاء وليسوا مواطنين اعطوا عمرهم لهذا البلد وأهلكت اجسادهم المياه الملوثة والمستوردات المسرطنة وإنعدام الرعاية الصحية .. ولمّا تخاذلت اجسادهم ومرضوا هاهى الحكومة تواصل تنصلها من علاجهم .. ومجانيته , وحتى مرضى الكلى تحديداً يستصدر الديناصورات قراراً بإهدار المركز القومى للكلى ليهدر دمه بين القبائل تحت اسم الولايات والقائمين على الأمر يعلمون يقيناً ان معظم ان لم نقل كل الولايات غير مؤهلة لإستيعاب هذه الأعداد من مرضى الفشل الكلوي ، لكن جشع  المستثمرين فى صحة المواطن السودانى المنكوب لايرون الا الأرباح التى تنتج عن هذا التفكيك للمرافق الصحية التى كانت تؤدى دورها .. والدولة تجبي جباياتها ولا تقدم خدمة .. وبروف حميدة يأتى وزيراً ليخدم مصالحه ومصالح الآخرين ليقول لنا ( بنقل الخدمة الى الأطراف ) وهو يعلم انها كلمة حق اريد بها باطل .. فيهدم حوادث النساء والتوليد ويغلق حوادث اطفال مستشفى جعفر بن عوف ويزيل المشرحة ويموت الاطفال امام مستشفى جعفر بن عوف .. وكنا نعلم انها المؤامرة على الصحة .. ونعلم ان الوزير مهما حدث من فضائح فى مستشفاه ( إجراء العملية فى الركبة السليمة بدل المعطوبة ) فهذا ليس دافعاً لإقالته او استقالته .. وتموت امنا الزينة وتدان المستشفى والطبيب والوزير لايرى حرجاً فى ان يظل على راس عمله .. وحتى فى اجتماع المكتب القيادي الاخير الذى أعاد د. حميدة وزيراً كان الشرط ان يعين لمدة شهرين ، فماذا فى جُعبته من كفاوي خلال هذين الشهرين ؟ هل تتوقعون شيئاً غير التفكيك ؟ ومعاكسات الترخيص للمؤسسات العلاجية على طول شارع السيد عبدالرحمن ؟ ألا نتوقع ان يكون هناك عهداً من الوزير لمن لاتظهر اسماؤهم بأنه سيسلمهم مستشفى الخرطوم ( صقيعة) ؟! ود. صلاح عبدالرازق الذى تمر من تحت يديه 3مليار جنيه لصيانة مستشفى جعفر بن عوف التى تمت صيانتها قبل عام ولم يحرك ساكناً ..ولكنه لا يتورع من ان يصيح فى مرضى متعبة اجساهم من المرض فبدلاً عن ان يطيب خواطرهم ويحضر لهم مزيداً من الماكينات ويتصرف كطبيب يقدس مهنته يتجاهل كل هذا ويتعامل كمقاول انفار( دي آخر غسلة ليكم فى المركز ) والمرضى فى معاناتهم يحبسون حسرتهم فى الصدور فدكتور عبدالرازق ووزيره يقودونهم الى القبور .. وسلااااااام ياوطن

سلام يا

 

(16) طفلا من ضمن (70) استقدمتهم  هيئة نظافة ولاية الخرطوم من ولاية النيل الأزرق بعد ان ضاق بهم المنزل اعطاهم المعتمد مدرسة على عبداللطيف .. حاجة تجنن ياعمر نمر هل الاتراك عادوا ؟ وسلام يا..

الجريدة الأربعاء25/12/2013


نداء ورجاء للسادة القراء الأعزاء ولكافة الأصدقاء! /عثمان الطاهر المجمر طه

$
0
0

بسم الله الرحمن الرحيم
نداء ورجاء للسادة القراء الأعزاء ولكافة الأصدقاء!
بقلم الكاتب الصحفى والباحث الأكاديمى
عثمان الطاهر المجمر طه / باريس
{ ربى أشرح لى صدرى ويسر لى أمرى وأحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولى } .
{ ربى زدنى علما } .
نحن فى هذا الزمان وبصفة خاصة فى السودان نتفرج على المبدعين الذين يحترقون كالشموع ويموتون ببطء بينما البعض يتلهفون وهم ينتظرون على أحر من الجمر شهادة الوفاة حتى يقيموا مأتما وعويلا ومن ثم يتبارى الجميع فى كتابة المراثى من الذى يكتب أجمل مرثية تعدد محاسن المرحوم وإبداعاته أو من هو الذى يكتب أفضل نعى أليم للراحل المقيم هذا هو حالنا وهذه هى ثقافتنا نسأل الله أن يهدينا سواء السبيل لتكريم المبدع فى حيانه لا بعد مماته وقديما قيل :
لا كرامة لنبى بين قومه ! بالرغم من  أن الشاعر الفذ بين الناس رحمن .
ماعلينا المهم أردت أن أقول حتى الآن لا أملك ولا نسخة واحدة من الكتابين الذين أصدرتهما ولهذا لم أجد حلا غير أن أتوسل بهذا النداء وهذا الرجاء للسادة القراء الأعزاء ثم الأصدقاء الأحباء بالذات فى المملكة العربية السعودية فى جدة وفى مكة ثم فى جمهورية مصر العربية من كان يملك نسخة أكون شاكرا ومقدرا لو أرسلها لى على العنوان أدناه والكتاب الأول تحت عنوان :
مشاوير فى عقول المشاهير -- فى أول مشوار أخطر حوار مع زعيم الأنصار - الكتاب الذى
يتناول حياة السيد رئيس وزراء السودان السابق الأمام الصادق المهدى فكريا وسياسيا وعقديا وإجتماعيا ورياضيا صدر من دار الأيام للطباعة والنشر عام 1987م .
والثانى تحت عنوان { صدام عدو الإسلام والسلام}
صدر من دار المدينة المنورة عام 1990م فى جدة عندما غزا صدام حسين الكويت وكتبت عنه صحيفة السياسة الكويتية .
الثناء كل الثناء لمن يتعاون فى إرسال أى نسخة من الكتابين ولكم أجزل الشكر وموفور الثناء وجزاكم الله عنى خير الجزاء ودمتم فى رعاية الله وحفظه وهذا هو عنوانى :
                                                    Osman Elmugamar
134 Olinda Road
N166TP
London
 

الصادق المهدي آخر زعماء المهدية خالد موسي دفع الله

$
0
0



ظل السودان يشهد علي نحو دارج في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر  من كل عام إحتفالية خاصة بعيد ميلاد الإمام الصادق المهدي أطال الله بقاءه ،وتطور ذلك المشهد من إحتفالية خاصة بأسرته  الي حدث عام أصبح يشهده الضيوف ويتوافد الي ساحاته المهنئون من الساسة والدبلوماسيين ووجهاء المجتمع والثقافة. وقد تميزت سلسلة الإحتفالات الخاصة ببلوغه سن السبعين في عام 2006 بألق خاص. وذلك تقليد استنه محبو الاديب الكبير  الراحل الطيب صالح، حيث اصدروا سفرا بمناسبة سبعينيته وضمنوه بحوثا ومقالات، اشرف عليها الدكتور الراحل حسن ابشر الطيب وتباري فيها النقاد  والمحبون و أقرباء الأديب الكبير لتقريظ موهبته وانسانيته وقلبه الكبير.كما إحتفي من قبلهما شاعرنا الكبير محمد سعيد العباسي ببلوغه سن السبعين في قصيدته الشهيرة:
سبعون قصرت الخطي وتركنني امشي الهويني ظالعا متعثرا
من بعد ما كنت الذي يطأ الثري زهوا ويهوي الحسان تبخترا
وهذه مناسبة للإحتفاء بهذه السيرة السياسية الزاخرة، وإجالة النظر  و التفكر  في الكسب السياسي والفكري الذي خلفه السيد الصادق المهدي. حيث أزعم ان السيد الإمام هو آخر زعماء اسرة المهدي الذي يجمع بين السلطتين الزمنية والروحية.وهو نهج خالف فيه سلفه من لدن المهدية. فالإمام المهدي إكتفي بالسلطة الروحية وترك إدارة السلطة الزمنية لساعده الأيمن وخليفته عبد الله ود تورشين.. كما إحتفظ من بعده السيد عبدالرحمن المهدي بالسلطة الروحية، وترك تدبير شئون السلطة الزمنية والإدارية لمساعديه مثل البك عبدالله خليل والمحجوب وأبنه الإمام الصديق.وعلي ذات النهج أسس السيد الصادق المهدي إنشقاقه الشهير عن عمه الامام الهادي الذي طالبه برعاية السلطة الروحية والتخلي عن السلطة الزمنية، بدافع تجديد الحياة السياسية وتحديث حزب الأمة. هذا الإنقلاب الفكري في نهج أسرة المهدي، أدي الي تكريس سلطة أبوية قابضة تجمع بين السلطتين الزمنية والروحية مما أغلق باب التجديد في الكيان وسد الرافد الحيوي الذي كان يمده بالمبدعين المستقلين الذين جاءوا للحزب من خارج دوائر ولاءاته التقليدية من أمثال البك عبد الله خليل ومحمد احمد المحجوب. أعتبر أن الصادق المهدي هو آخر زعماء المهدية حيث جمع بين السلطة الروحية والزمنية ، والطاقة الفكرية للتجديد المعرفي مما وفر له فرصة سانحة لإجتراح تجديد وتغيير جذري في فكر المهدية وتوجهاتها الكلية، لكنه إكتفي بتخريجات منطقية مست الشكل وتركت الجوهر..ونزعم ان الإمام الصادق المهدي اذا لم ينهض بمهمة البعث والتجديد الفكري المطلوب فستستحيل علي من يخلفه للمزايا والخصائص وروح الزعامة التي يتمتع بها وسط محبيه ومؤيديه. فهل يستجيب للنداء التاريخي ام يكتفي بتخريجاته التفسيرية التي طلق فيها المهدية العقدية واكتفي بالمهدية الوظيفية. وهي ذات السانحة التي لاحت للإمام الخميني حيث كان هو الوحيد المؤهل الذي يملك سلطة الغاء فكرة الامام الغائب، فبدلا من رميها في غيابت الجب تمحل بنظرية إمامة الفقيه . ولم يجرؤ أحد من بعده علي الإجتراح الموضوعي.
شخصية الصادق المهدي يميزها فاعلان: فاعل سياسي يعبر عن كسبه الذاتي في الفكر والثقافة والممارسة والإنتاج المعرفي وخصائص القيادة والزعامة. وفاعل روحي يستمده من ينبوع المهدية التاريخي وهو الذي يمنحه الشرعية والولاء الشعبي .ولا تكاد تستقيم للدارس شخصية الصادق المهدي دون إعتبار جدي لهذين الجانبين. وقد مازج بفرادة مدهشة بين ثلاث مفردات هي موروث الثقافة الدارفورية، التي يغتني منها بمخزون كبير ،و ثقافة الوسط النيلية، وتراث المهدية الزاخر بالأقوال والقصص والأشعار والأمثال. فقد قال معبرا بلسان اهل دارفور عن رفض حزب الامة للمشاركة الديكورية حسب وصفه في حكومة الوحدة الوطنية سابقا "انحنا يا جماعة أبينا دوت كي". وعندما أراد تبخيس إستخراج البترول في ذروة معارضته للإنقاذ قال انها "احلام ظلوط"وعندما عارض التوسيع في الجامعات من غير روية ودراسة كافية قال "إنها كمن يحاول ان يطعم برميل موية بملعقة سكر" . وقال عن إنشقاق مبارك الفاضل وانضمامه للحكومة قبل أن تعود المياه الي مجاريها بينهما انه "كمن استبق أكل الفطيس قبل الذبيح " . وقال مستشهدا بمقولة الامام عبدالرحمن عندما طالبه البعض بالقصاص السياسي ضد الانقاذ "الفشي غبينته خرب مدينته". هذه المزواجة بين التراث والتقليد من جانب، والحداثة والمعاصرة من جانب آخر، هي إحدي دوافع الإفتتان الشديد به من قبل المثقفاتية من شيعته الذين يغالبون نزعات الولاء الطائفي علي الولاء الفكري. وفي هذا الصدد فقد وصفه الصديق الدكتور علي حمد القيادي في حزب الأمة في مقال نشره قبل سنوات خلت، بأنه فكي خواجة حيث يلبس جناح ام جكو ويتحدث بلسان أهل الغرب ويجادلهم في آخر نظريات الفكر الانساني بثقة عالية وثقافة موسوعية وافرة.و تكشف مقالات بعض المثقفين في السودان عن الخلل الجسيم الذي يصطنعه المثقف الملتزم سياسيا فقد يتنازل عن سلطته المعرفية في الجدل والنقاش بحثا عن الحقيقة ليصبح حوارا يتلقي البركات من شيخه بعد ان شحبت روحه طارت شفقا ولم تشع غيما وسنا كما أرادها الفيتوري. فيلغي بذلك أعز ما يملك المثقف وهو عقله و سلطته المعرفية. وشبيه بذلك المقولة الشهيرة التي رددها أحد انصاره وهو أستاذ في جامعة الخرطوم أثناء فترة الديمقراطية الثالثة أن الصادق المهدي لو امره بالتصويت لحمار لفعل دون تردد. وفاق هذا ما نسب مؤخرا لإحدي ناشطات المؤتمر الشعبي التي قالت في مقابلة صحفية شهيرة أن الترابي لو أمرها أن تكفر لكفرت.والسودان للأسف لا يعرف سقفا للمكاجرة السياسية بين النخب المتناحرة لأنها مبنية علي الذاتي لا الموضوعي.
وحسب وصف أحد الساسة فإن الظل الفكري الثقيل للدكتور الترابي الذي فرضه قسرا علي الآخرين قد حجب ضوء الشمس عن النباتات الفكرية الواعدة فماتت سهوا وترصدا. هذا الظل الفكري الثقيل أيضا فرضه الصادق المهدي علي حزبه، حيث لم تنبت قامة فكرية مستقلة من الحديقة النباتية لفعاليات هذا الحزب .و أنتج هذا المناخ كوادر فكرية متميزة إرتضت لنفسها أن تكون صورة مستنسخة من الصادق المهدي . ورغم البروز الفكري للشيخ عبدالمحمود ابوه إلا أنه  يبدو مقلدا لا أصيلا .ولكن تتراءي أمامه مؤشرات القيادة الفكرية لهذا الكيان في المستقبل القريب.هذا التكلس المعرفي والضمور الفكري الذي أصاب جميع الأحزاب ، بما فيها حزب الأمة يتحمل مسئوليته قادة الأحزاب وكذلك الامام الصادق لأنه سد الرافد المبدع الذي كان يرفد حزب الأمة بالأفكار والشخصيات الخلاقة وهو تيار المستقلين من غير الانصار. وهو قد إرتد بذلك عن السياسة التي رسمها وإختطها الامام عبدالرحمن الذي كان يفتح أبواب الحزب للشخصيات المستقلة ذات العطاء المبدع، بل ويقلدها المسئوليات والمناصب القيادية. في ظل قيادة الصادق المهدي إنحسر هذا الرافد وعمد الي ترفيع الكوادر ذات النفوذ الطائفي والقبلي لحفظ التوازنات الجهوية وكان طبيعيا ان تفرز تلك السياسة نظاما ابويا قابضا . وإنتقل بالحزب من بوتقة ينصهر فيه دعاة التيار الإستقلالي الي كيان طائفي مترهل يقوم علي التحالفات العشائرية والجهوية مع الرأسمالية المحلية.وهو بذلك قد أفرغ العملية السياسية داخل الحزب من فعاليتها التاريخية وأستبدلها بنظام أبوي ترتفع فيه قيمة الولاء الطائفي والسياسي للقيادة ويقل فيه الحراك الفاعل المبدع. وبالطبع فان مثل هذه القيادات ليست حريصة علي الإصلاح والتغيير، لأن ذلك يناقض مصالحها في التمثيل الجهوي في السلطة السياسية للحزب. والحق فإن هذا أبرز أمراض السياسة السودانية. وربما يكون حزب الأمة أفضل تعافيا من غيره في هذا المجال. ولكن النقد يتجه الي أن سياسة تجفيف الحزب من المثقفين الحقيقيين والإستعاضة عن ذلك بعناصر تستنسخ شخصية زعيم الحزب الفكرية، وتستهلك مقولاته وأفكاره أدي الي حالة من الضمور الفكري والتكلس المعرفي، وخمود ملكة التجديد والإبتكار للإعتماد علي مصدر واحد للإلهام الفكري الذي مهما تدفق عطاؤه فانه لا يفي بتطلعات الظامئين . بتحليل كثير من النماذج المماثلة في الساحة السياسية السودانية يزعم البعض بأن الصادق المهدي صمم هذا النموذج بوعي كامل ليظل هو علامة العرفان والفذ الملهم في خضم الجهل السائد لتظل مقاليد سلطته الروحية والفكرية والسياسية في غير محل نزاع من العامة و الخاصة.
يمتاز الإمام الصادق المهدي بخصيصة نادرة وسط السياسيين في السودان وهي موهبته الثرة في إجترار الأمثال الشعبية وتشقيق التشبيهات الساخرة . ففي موقف المفارقات الكاريكاتورية كثيرا ما يستشهد بديك المسلمية الذي يصيح ويعوعي في الوقت الذي يحمر فيه أهل البيت بصلته إستعدادا لأكله. ويستفيض في شرح أنواع الديوك الأخري ذات الشهرة والصيت مثل ديك العدة. وللأستاذ نقد السكرتير السياسي للحزب الشيوعي الراحل ذات النزعة في إستخدام الأمثال الشعبية اما للسخرية أو لتقريب المعني وشرح المواقف لجمهور المستمعين. فقد سبق للأستاذ نقد ان شبه موقف الجبهة الاسلامية في مناداتها بتطبيق الشريعة الاسلامية مثل "المرأة الغلفاء التي تمسك بالموسي لتطهر النساء"اي ان فاقد الشئ لا يعطيه، ورغم طرافة المثل وغلظة عباراته إلا أنه قوبل بحملة شرسة حيث رماه البعض بالسوقية وكساد بضاعته وعجز بيانه عن التعبير الحاذق والمعني الأدق في إجترار التشبيهات . ورغم ميل الزعيمان لإستخدام الأمثال الشعبية الا أن الامام الصادق المهدي قد سجل تفوقا واضحا وبلغ فيها شأوا بعيدا وصارت تشبيهاته مثار تندر وتداول بين النخبة المثقفة والجمهرة العامة لطرافتها.
إن نزعته للمزاوجة بين التراث والمعاصرة في شخصيته الفكرية تكاد تصبغ طبيعة تصرفاته السياسية التي تفضل كذلك المزاوجة بين المتناقضات والجمع بين المتوازيات. لا شك أن بيئة التنافس السياسي تفرز كثير من الأوصاف علي القادة والزعماء.والصادق المهدي ليس بدعا من ذلك، فقد وصفه الدكتور منصور خالد، وهو من أبرز مناوئيه بانه رجل وقواقة مرتبك في نفسه مربك لغيره..يتوهم في نفسه القدرة علي حل مشاكل العالم وهو لا يستطيع حل أبسط خلافات اسرة المهدي . ووصفه الدكتور حسن الترابي بانه كان يحلم بلعب دور شبيه وموازي للدور الذي لعبه تروتسكي في تصحيح وإصلاح الفكر الماركسي ..هذا التصريح أدلي به الترابي عندما كان علي سدة حكم الإنقاذ، ولكن بعد الخلع السياسي  تغيرت اللهجة والتصريحات..ويقول الترابي إن به يقينا ثابتا بانه ولد سيدا وفي فمه ملعقة من ذهب، لذا فعلي الناس أن يقدموا التضحيات من أجل أن تكتب البطولات بإسمه.وكان يصفه رفيق دربه المرحوم عمر نورالدائم لخاصته بأنه رجل مشغول بالفكر أكثر من السياسة و كان يتمني أن يتفرغ السيد الإمام كلية للعمل السياسي. ووصفه الدكتور الراحل جون قرنق زعيم الحركة الشعبية بأنه رجل توفرت له كل أسباب النجاح من أرومة أصل، وعراقة نسب وفرصة لحكم السودان مرتين إلا أنه أفشل حاكم في تاريخ السودان الحديث، كما أنه ساهم في صنع الكارثة التي يعاني منها الجميع، أولا بإبتداره مع حسن الترابي لمشروع الدستور الإسلامي وثانيا، لأنه دعا في منشوراته الفكرية الي أسلمة وتعريب جنوب السودان بالقوة كما أنه غذي الصراعات القبلية بتسليحه للقبائل العربية أثناء فترة حكمه الأخيرة.وفي المراسلات المشتركة بين الصادق المهدي والراحل قرنق مندوحة لمن أراد التوسع. وفي ذات السياق وصفه الدكتور علي الحاج القيادي في المؤتمر الشعبي أثناء فترة الديمقراطية الأخيرة قائلا: إن الصادق المهدي مثل الطفل الصغير الذي يبكي بحرقة لإمتلاك اي لعبة أطفال تقع علي عينه ، وعندما تعطي له ليكف عن البكاء يقوم بتكسيرها علي الفور..وهو وصف كما يبدو للقارئ موغل في ظلال الغيرة السياسية. لذا فأن أقوال وشهادات الساسة في بعضهم  لا تستوفي معايير الأحكام الصحيحة، لإنطوائها علي أغراض سياسية عابرة.
ويصفه أستاذ جامعي مرموق عكف علي دراسة بعض فترات المهدية بأنه يدعي تقمص روح الإمام المهدي وإلهاماته الغيبية أكثر من الإمام عبدالرحمن الذي تميز بالواقعية وحسن المناورة السياسية. ووصفه الرئيس الأسبق جعفر نميري بأنه لا يصلح لحكم السودان، اذ تتحكم فيه ذهنية أهلية لا تتناسب ورجل الدولة المسئول.وصفه أستاذ جامعي متخصص في العلوم السياسية بأنه شخصية إختزالية اذ تميزت فترات حكمه بإختزال الحزب في رئيسه وإختزال الحكومة في رئيس الوزراء، كما أنه عمل علي إنتاج ديمقراطية عشائرية تقوم علي تحالفات قبلية وعشائرية مع الرأسمالية الإنتهازية فأبعدها عن حركة الحداثة. وصفه السفير الامريكي الأسبق في السودان دونالد بترسون بأنه شخصية مترددة في إتخاذ القرارات الحاسمة، وقد فشل في قراءة الأسباب الحقيقة لمشكلة الجنوب لأنه كان يعتقد أن الحركة الشعبية هي الذراع العسكري لحكومة مانغستو في أثيوبيا متناسيا أن لمشكلة الجنوب جذورا تاريخية معلومة. يصفه سياسي مخضرم بأنه أفضل نموذج للسياسي الذي يستسلم لغريزة حب البقاء، ويؤثر علي الدوام السلامة الشخصية علي التضحية، وشبهه بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي عرف بقدراته المتميزة في إستشعار مكامن الخطر. وساق الأمثال علي ذلك اذ قطع دراسته بكلية غردون وسافر للدارسة بالإسكندرية خوفا علي نفسه عقب الأحداث التي صاحبت زيارة الرئيس المصري محمد نجيب للسودان.كما أنه خرج من الجزيرة أبا قبل أيام قلائل من قصفها، حيث ترك الإمام الهادي لمصيره المحتوم.ضمن لنفسه الخروج بعد فشل الحركة الوطنية في عام 1976 لأنه كان آخر الداخلين وأول الخارجين اذ آثر السلامة الشخصية علي تضحيات القيادة . قال عنه سياسي مخضرم أيضا أن الصادق المهدي رغم تسامحه الظاهري، إلا أنه رجل لا ينسي ثاراته ولديه إستعداد فطري لسحق كل من ينازعه سلطانه الحزبي والسياسي ويميل الي التشفي وإقصاء خصومه بالضربة القاضية. وقال وليم باتي سفير بريطانيا السابق في السودان "كنت عندما أطلب مقابلته يحرص علي أن يكون بجانبه عدد كبير من أنصاره وكانوا جميعهم يتحدثون معقبين علي كلامه. لهذا كثيرا ما يختلط علي حقيقة موقفه وموقف المتداخلين من أنصاره".يقول عنه السياسي د. غازي صلاح الدين أنه يحاول دائما تربيع الدائرة. يصفه الكاتب الصحفي عثمان ميرغني بأن الصادق المهدي رجل يحتاج الي من ينقذه من نفسه، اذ إرتضي أن يعلق من المدرجات علي مباراة كان يمكن أن يكون لاعبها الأول. قال عنه محمد أحمد المحجوب الذي أجبر علي التنحي لإنتخاب الصادق المهدي رئيسا للوزراء، أنه حاول إقناعه بالتروي والتدبر وإكتساب مزيد من التجربة، لأن إسماعيل الأزهري سياسي محنك يستطيع أن يلوي ذراع أقوي سياسي، إلا أنه رفض نصيحته فقال عنه: إن الغرور الذي أعتلي به المنصب الرفيع سيكون هو ذاته من يهوي به الي أسفل سافلين. ومن ثم إرتجل مقولته الشهيرة في البرلمان: إن من حاول الدفاع عنهم طيلة حياته كسروا سيفه الفولاذي وأستبدلوه بسيف من خشب وقال: "لا أريد أن أفسد علي رئيس الوزراء بهجة يومه هذا ولكن أتنحى لمقعد المعارضة لأعلمه كيف تكون المعارضة". وقال معرضا به وبصهره الدكتور حسن الترابي الذي ناصره علي المحجوب، أن بينهما وصال. فرد عليه الدكتور حسن الترابي الذي كان يكنيه المحجوب بالشاب الملتحي قائلا "من أول رئيس علا الي آخر صنم هوي- مشيرا للمحجوب- فهذا أول رئيس للوزراء ليس له رئيس خارج قبة هذا البرلمان"
سئل مسئول ليبي كبير زار السودان في نظام القذافي البائد في بداية عقد التسعينات، في ندوة عامة عن مناصرة الجماهيرية الليبية للعقيد جون قرنق فرد قائلا: لا تسألوا القيادة الليبية بل أسألوا الصادق المهدي، الذي قدم قرنق للعقيد القذافي عام 1983 وطالب بدعمه وتسليحه لإسقاط نظام نميري ووصفه بأنه رجل وطني مخلص. وأضاف قائلا: لولا الصادق المهدي ماعرفنا قرنق ولولا توصيته لما دعمناه. و أوضح بأن الصادق المهدي عاد إليهم بعد الانتفاضة مطالبا بأيقاف الدعم العسكري لقرنق.
يقول كثير من المراقبين أن اميز سلبيات الرجل، أنه متردد في إتخاذ القرار، يلجا الي الحلول الوسطية والتوفيقية التي تجمع المتناقضات وذلك لمنهجه الذي يحاول التوفيق بين الأشتات ويجمع بين المتوازيات. يقول عنه الدكتور قطبي المهدي وقوله مرجوح بحكم الإعتبارات السياسية ، إن الامام المهدي لو بعث اليوم لما إختار الصادق لخلافته لأنه أضاع أهم ما يميز الأنصار وهو روحهم الجهادية وإعتزازهم بالعقيدة وموتهم في سبيل إعلاء رايتها.يري الإنجليزي المخضرم توماس غراهام صاحب كتاب "موت حلم"الذي خصصه لذكرياته مع الإمام عبدالرحمن المهدي ولمناصرته للسيد الصادق المهدي أثناء فترة نضاله ضد جعفر نميري، أن الصادق المهدي يدرك دائما حقيقة وضعه كزعيم لذا فإن سقف المساومة السياسية دائما بالنسبة له محدود، لأنه لا يستطيع أن يذهب أبعد من الأفق الذي يتوقعه الأنصار.
عقب انتفاضة ابريل 1985 دعا الباحث التراثي الطيب محمد الطيب ثلة من الشعراء والمثقفين للقاء الصادق المهدي في منزله للتعرف علي رؤيته وآرائه في الساحة الثقافية والفكرية، وقد إندهش الحضور من دقة متابعته للتطورات الحادثة في الفضاء الثقافي والفني خلال فترة غيابه المتطاولة في الخارج. فقام عبدالقادر الكتيابي أحد فحول الشعراء وهو مطرز  بكل ألق الشعر ونفحة البنفسج وكبرياء الشعراء وارتجل  قصيدة "علي الطلاق":
علي الطلاق...
مكاء صلاة اليمين عليك.. وحج اليسار اليك نفاق..
واقطع حد ذراعي رهانا
ستصبح ثم تراهم سمانا ..
وثم يشد عليك الوثاق
لتعرف ان المنابر سوق ..
وان البضاعة انت
وليس هناك امام .. وليس هناك رفاق
ستعرف اني صدقتك نصحي ..
واني احبك ،
علي الطلاق
فما أن أكملها حتي تسلل الصادق المهدي الي داخل منزله، ولم يعد بعدها الي مجلس الشعراء، وليته جلس لأن نبوءة الشاعر قد صدقت، ولم يحنث بطلاقه..
يقول الصادق المهدي عن نفسه إن ميلاده إرتبط ببشريات عظيمة لأنه صادف يوم ميلاد المسيح عليه السلام في الخامس والعشرين من ديسمبر، وكذلك بالرؤية الصالحة اذ رأي أحد أطفال الأسرة في المنام أن مهاجرا سياتي من كبكابية يوم الخميس.ثم ما لبث ان ولد يوم الخميس، مما فسر الرؤية بالبشريات العظيمة. قال عنه الناشط السياسي غازي سليمان في مهرجان عودته من الخارج أنه لولا مانديلا لأطلقنا عليك لقب أبو الديمقراطية في أفريقيا.
يقول عنه أكاديمي بارز أن أميز إجتهادات الصادق المهدي الفكرية هي كتابه "سيألونك عن المهدية"الذي إستطاع ان يقدم فيه أجابات ذكية عن فكرة المهدية وأصولها بإستشهادات موثقة من الكتاب والسنة والتاريخ الإسلامي. كما أنه فرق في أطروحته تلك بين المهدية التاريخية والمهدية الوظيفية. ودعا الي التركيز علي المهدية الوظيفية وهي المعنية بأمر الاصلاح والتجديد الديني . يقول الطيب صالح في ذكرياته مع طلحة جبريل في سفره القيم "معا علي الدرب مع الطيب صالح"انه فكر في عقد الستينات أن ينضم الي حزب الأمة بعد أن جذبه الطرح الفكري والعقلاني للسيد الصادق المهدي الذي كان يمثل رمز الحداثة والإستنارة في القيادات السياسية آنذاك، وشبهه بالرئيس الأمريكي كيندي. وأشار الي أنه سبق وان تسلل للإستماع الي أحاديثه ومحاضراته. وحتي وفاته كان يكن للرجل إحترام وتقدير كبيرين.يقول عن نفسه أن أهم إنجازاته هي أنه حول الحزب من مساره التقليدي وإنتقل به الي آفاق التحديث حيث كادت الفكرة المهدية أن تتلاشي ويقل كسب المنتمين إليها، ولم يبق منها إلا التراث والطاقة الجهادية الكامنة. فجدد بعث الفكرة المهدية وإستطاع أن يعيد للحزب جماهيرته حيث ظل الرقم الإنتخابي الأول خلال عهد طويل لا سيما فترة الديمقراطية الثالثة. 
الصادق المهدي شخصية مثيرة للجدل. يحبه أقوام ويتدلهون به، ويكرهه آخرون ويغتاظون منه ولعل ذلك الجدل هو من سمت الشخصيات ذات الأثر في التاريخ. فرغم الشهادات الواردة في هذا المقال، وهي مزيج من النقد الموضوعي والنقد الجزافي جراء الغيرة السياسية ، إلا أن الصادق المهدي لا يختلف شخصان في إيمانه المطلق بالديمقراطية كنظام سياسي ناجع لحكم السودان.كما لا يختلف الناس علي طهارة يده، وعفة لسانه وديناميكيته الفكرية، وقدرته علي المبادرة السياسية . وتبقي صفته الأكبر هي شخصيته الأبوية و سودانيته الأصيلة ، ونزعته الدائمة للتجديد، لأنه ظل يخاف علي السودان من أي فعل أحمق يجر عليه الفوضي والدماء..إن الإتهام للصادق المهدي بأنه متردد في إتخاذ القرار ، ربما يكون إتهام ظالم لأن تردده ينطوي علي حكمة..إذا يمكن للصادق المهدي بكاريزميته وسط حزبه ومجموعته الأنصارية أن يعبئ طاقاتهم الجهادية لنشر الفوضي، والمواجهات الدموية.ولكن أكثر الناس لا يدركون حكمته السياسية. وهو يدرك قدر الزعامة في نفسه كما قال عنه الإنجليزي غراهام توماس لأنه  لا ينزلق الي الصغائر. عندما يترجل السيد الصادق المهدي عن الساحة  بعد عمر مديد سيدرك أهل السياسة في السودان أي بحر طمي، وأي نور خبا ، واي ركن إنهد وأي فراغ ترك، وأي سماحة تلاشت. يكفيه أنه ممن يؤدبون السياسة ، ولم يسجل له التاريخ أنه حكم بغير صناديق الإقتراع. ويطرز خطابه السياسي بالحكم الشعبية، والإستشهادات الشعرية التي تتكامل مع محفوظاته من القرآن والحديث الشريف.
ربما كان في مقدوره أن يحقق إنجازات أكثر وتحولات أعمق ، ولكنها أقدار زمانه ، وتحديات جيله .بيد أننا نعارض زعامة هذا الجيل للحياة السياسية طيلة أربعة عقود ، مما أقعدها عن التجدد، ولعل الذين يضيقون بزعامته من أهله ومناكفيه ، سيدركون ولو بعد حين أي نجم أفل، وسيبكون ممن كانوا يشكون منه ، ولعل قدر الزعماء أن تظل أفعالهم وتصرفاتهم محل جدل وإختلاف، ولكن سيبقي تأريخهم محفورا في ذاكرة الأجيال.
وتنتهي بنا المقاربة في الإستشهادات الي أن الصادق المهدي زاد من حصيلة الكسب الذاتي السياسي والمعرفي أكثر من أي زعيم آخر مر علي كيان الأنصار وحزب الأمة، حيث لم يعتمد فقط علي أرومة أصله وتاريخ أسرته ومنبع وجدانها الروحي، بل زاد عليها من كسبه الذاتي و أطروحاته الفكرية وموسوعيته الثقافية .يواجه الصادق المهدي ذات النفق التاريخي الذي واجهه الأمام الخميني الذي أخرج الفقه الشيعي من طلاسم الإمام الغائب الي نظرية ولاية الفقيه، وكان بأمكان سلطته الروحية أن تسقط فصل الإمام الغائب من مقررات كتاب الفقه الشيعي الي الأبد، ولكنه آثر ان يحتفظ بسلطة الفقيه فأضاع فرصة ما زال يتحسر عليها قادة الإصلاح في المذهب الشيعي لأنه من النادر الآن ان تتوفر لأي آحد كارزما السلطة الروحية التي تمتع بها الخميني من قبل.أما الإمام الصادق المهدي فعليه أن يتعظ من تجربة الخميني، وأن يواصل مسيرة الإصلاح السياسي والفكري وألا يقف علي أعتاب التعليل السهل للظاهرة المهدوية وتجديدها تحت مبررات المهدية الوظيفية.لأن الصادق سيكون آخر مجدد يمتلك الجرأة الفكرية والكارزمة الروحية في أسرة المهدي وما لم يفعله الآن سيستحيل حتما علي من يخلفه.

كاتب آخر للإيجار.. محمد وقيع الله!! (2)/شوقى عثمان ابراهيم

$
0
0


(ما الذي يجمع فهمي هويدي ومحمد وقيع الله؟ الجواب: الفهلوة والتأليب!!  نصح محمد وقيع الله دكتور غازي صلاح الدين ألا ينشئ حزبا كما ذكرنا في المقالة الأولى، هذه المقالة النصيحة كانت بعنوان: "هل ينسق حزب غازي صلاح الدين مع الجبهة الثورية؟!". بينما فهمي هويدي يستفسر إيران بمقالة يدعي الناصح والشفقة بمقالة عنوانها: هل يفاجئنا تفاهم "إيران"وإسرائيل"في العام الجديد؟"في هذا الضرب أو النسق من المقالات "المصنوعة"يعتبر "العنوان"هو العنصر الأهم، بينما جسم المقالة حشو لا معنى له ملحقا بالعنوان).

في هذا الجزء الثاني من مقالنا نشير إلى قضية التفسير التوحيدي، وبالأصح التفسير الموضوعي للقرآن الكريم، كما حبذه صاحب المنهج الشهيد محمد باقر الصدر.. والشهيد هو من أسس منهج التفسير الموضوعي (التوحيدي) للقرآن الكريم عام 1979م، بسلسلة من المحاضرات جُمعت بعد استشهاده في كتاب تحت مسمى: المدرسة القرآنية. الدكتور حسن الترابي، نسب لنفسه منهج التفسير التوحيدي دون ذكر اسم الشهيد الصدر!! فهاذ الكتاب القنبلة، المدرسة القرآنية، وغيره من كتب الشهيد، هي التي فرشت الأرضية للجمهورية الإيرانية الإسلامية لكي تقوم بنهضتها العلمية الحالية. وهذا يفسر اهتمام الدكتور حسن الترابي بهذا المنهج بعد فشل تجربته الإسلامية في السودان. فالتفسير الموضوعي (التوحيدي) يقابله التفسير التجزيئي. ويفسر الشهيد العلاقة بينهما، ويقرر ليس أن يلغي الأول الثاني.

وبما أننا لن نستطيع سرد محتويات الكتاب الثري من كافة زواياه ولكننا نحاول أن نلقي قليل من الضوء على بعض آراء الشهيد في هذا الكتاب الهام. 

ولتقريب أفكار الشهيد، نشرح أولا لفظة "الصالحات"، ونسأل القارئ الكريم ماذا تعني "الصالحات"أي ماذا يعني "العمل الصالح". إذ لا يذكر الله تعالى "المؤمنين"وإلا قرن إلى الإيمان العمل الصالح (الذين آمنوا وعملوا الصالحات). فهل الصالحات محصورة في الصدقة للفقراء، وكأن يتكفل أحدهم بتكلفة عملية جراحية لفقير، أو إعالة يتيم الخ؟ هذا هو غالب التصور الذي قبع في أّذهاننا جميع المسلمين لقرون!! وهو تصور محدود!! بل قاصر. ولكن الشهيد الصدر فسر "العمل الصالح"تفسيرا علميا، تفسيرا عقلانيا وتاريخانيا، حين فسر القوانين المحركة للتاريخ تفسيرا قرآنيا لم يسبقه إليه أحد، إذ وسع من مفهوم "عمل الصالحات"، وقرن سنن الله كيف تعمل على الكل المؤمن والكافر، المسلم والمسيحي – لا فرق، ولهذا تفوق الغربيون المسيحيون على المسلمين. لقد شمل تفسيره المنهجي التوحيدي فهم سنن الله وكيفية التعامل معها، والاستفادة منها لتطوير المسلمين والإنسانية سواء على كافة الأوجه. فالإنتاج الفكري والعملي البشري والتصاعدي من اختراعات – هو في سياق واحد لسنن الله- وذخيرة صالحة لمعرفة الله. ويدخل في ذلك فريدريك هيجل وكارل ماركس!!

يقول الشهيد الصدر في كتابه المدرسة القرآنية في شرح نظريته التفسيرية في تطبيق التفسير التوحيدي:

(هذه الآية الكريمة «يا أيّها الإنسان إنّك كادِحٌ إلى‏ََ رَبّكَ كدحاً فملاقيه» تتحدّث عن حقيقة قائمة، عن واقع موضوعي ثابت، فهي ليست بصدد أن تدعو الناس إلى‏ََ أن يسيروا في طريق اللََّه سبحانه وتعالى، ليست بصدد الطلب والتحريك كما هو الحال في آيات أخرى‏ََ في مقامات وسياقات قرآنية أخرى‏ََ.

الآية الكريمة لا تقول: يا أيها الناس تعالوا إلى‏ََ سبيل اللََّه، توبوا إلى‏ََ اللََّه، بل تقول: «يا أيّها الإنسان إنّك كادِحٌ إلى‏ََ ربّك كدحاً فملاقيه». لغةُ الآيةِ لغةُ التحدّث عن واقع ثابت وحقيقة قائمة، وهي أنّ كل سير وكل تقدّم للإنسان في مسيرته التاريخية الطويلة الأمد فهو تقدّم نحو اللََّه سبحانه وتعالى‏ََ وسير نحو اللََّه سبحانه وتعالى‏ََ، حتى‏ََ تلك الجماعات التي تمسّكت بالمثل المنخفضة وبالآلهة المصطنعة واستطاعت أن تحقّق لها سيراً ضمن خطوة على‏ََ هذا الطريق الطويل، حتى‏ََ هذه الجماعات التي يسمّيها القرآن بالمشركين حتى‏ََ هؤلاء هم يسيرون هذه الخطوة نحو اللََّه، هذا التقدّم بقدر فاعليته وبقدر زخمه هو اقتراب نحو اللََّه سبحانه وتعالى‏ََ، لكن فرق بين تقدّم مسؤول وتقدّم غير مسؤول على‏ََ ما يأتي شرحه إن شاء اللََّه).
ونقول نحن، وبالمقابل نسبة إلى قول الشهيد أعلاه، ارتأى الذين يفسرون القرآن تفسيرا تجزيئيا، آية آية، بل أيضا تفسيرا سطحيا، وسلبيا passively أي حين يكتفي هؤلاء المفسرون باستقبال دلالة الآية الواحدة اللفظية دون سؤال القرآن كله في موضوع من الموضوعات الحياتية أو المعيشية، يعتقد هؤلاء أن الله قد يغير حالهم من فقر إلى غنى ومن ضعف إلى قوة، بكثرة الركوع والتلاوة، وبشعارات الله أكبر، ورزقكم في السماء (نعم الله هو الرازق ولكن طبقا لسننه!)، وهكذا حول هؤلاء موضوع الدين وغاياته إلى هلوسة وشعارات وطقوس ومظاهر شكلية الخ طبقا لفهمهم الخاطئ التجزيئي لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) الرعد:11.

فظاهر المعنى لهذه الآية الشرطية قد يشير إلى أن الله قد "يتدخل"لكي "يغير"الحال (كما يظن كمال رزق وعبد الحي يوسف) طبقا لكثرة الركوع والصلاة.

ولكن طبقا للتفسير التوحيدي (الموضوعي) للشهيد الصدر، فإن واقع قوم ما لن يتغير إلا بشرطين، عبر سنن الله المعنوية وسنن الله المادية التي لا تتغير قط، وتنطبق هذه السنن على المسلم، والمسيحي واليهودي والكافر. وهذان الشرطان:

(1) بتغير (المحتوى المعنوي الداخلي للإنسان)،
(1) وأخذ الإنسان بسنن الله المادية (فك طلاسم قوانين الطبيعة، من كيمياء وفيزياء وطب، وإدارة واقتصاد وذرة...الخ).

فمثلا قبول الإنسان للظلم الممتد من الحكم السياسي وخنوعه وخضوعه له (المحتوى الداخلي)، وقبوله بما يترتب على الظلم من فساد وإفساد، كفيل بتدمير وإفقار أي مجتمع أو حضارة، لأنه مع الفساد لا تقوم قائمة لعلم فيزيائي أو اقتصاد (الاستفادة من السنن الطبيعية). فقوله تعالى الشرطي "إن الله لا يغير حتى"أو "أن يغير إذا"  تعني أن السنن (القوانين المعنوية والمادية) التي أوجدها الله هي التي ستتحكم في النتيجة مسبقا، دون تدخله، فإذا طبقها الإنسان (المسلم والمسيحي والكافر) إيجابيا سيتغير حاله في الدنيا إلى الأفضل، وإن لم يطبقها إيجابيا فهو في الحضيض. فالإنسان حر تماما في مشيئته!! لا يغيب عن ذهن القارئ الكريم إن "العدل"مثلا هو أحد سنن الله المعنوية، أي هو قانون إلهي،  فطرنا الله تعالى على حب العدل – وحذرنا من الظلم أو قبوله!! حتى عقل الإنسان الذي يميز ما بين القبح والجمال، يعتبر العدل جميلا والظلم قبيحا، والكرم جميلا والبخل قبيحا الخ.

بالرجوع إلى محمد وقيع الله الذي ينصح الدكتور غازي ألا ينشئ حزبا.. وبالرجوع إلى (الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، طبقا لأطروحة لشهيد محمد باقر الصدر (ومنهجه التوحيدي في التفسير)، "عمل الصالحات"تعني أي عمل صالح للمجتمع المسلم والإنساني، مثل عمل مخترع بارع، أو اقتصادي مجتهد مبدع مثل مهاتير محمد - هذا من الناحية المادية، أما السنن المعنوية فهي مثل العدل، والتمسك بالإنسانية، والتراحم، وعدم التهتك الأخلاقي، ورفض العنصرية، وعدم إشعال الحروب وسفك دماء المسلمين وغير المسلمين بشعارات إسلامية زائفة، وإشعال الفتن. وإدانة قتل الإنسان لأخيه الإنسان مطلقا إلا بالحق لأنه نظيرك في الخلق الخ.

إذن الحزب الجديد الذي أسسه الدكتور غازي، وأخوته الكرام، وطبقا للنظام الأساسي للحزب الجديد الذي قرأته بتمعن، بالمجموع هو عمل صالح يدخل في نطاق "عمل الصالحات". بينما الذي يفسد بإشعال الحروب بين أبناء البشر (أمريكا، اليهود!!)، ويؤجج النيران لكي يقتل السودانيون بعضهم البعض (بعض قيادات المؤتمر الوطني)، ومن يقتل المسيحيين (كما يفعل السلفيون الوهابيون)، ويقتل حتى الكافرين المسالمين باسم الدين، هم جميعا في نظر الله تعالى من المفسدين.

لذا نرى استنتاجا، أن سؤال وقيع الله للدكتور غازي: "هل ينسق حزب غازي صلاح الدين مع الجبهة الثورية؟"فضلا عن التأليب الضمني، يشير إلى أن صاحب السؤال لديه هوى كأن يظل واقع السودان السياسي الاجتماعي الممزق كما هو، آيلا نحو المزيد من التمزق، وكأن قدر السودانيين أن يحكمهم قلة منفردة، غير موهوبة تختبئ خلف لافتة أسمها المؤتمر الوطني، تتاجر بالدين، وتعمل على تمزيق السودان.

صراحة الذي يجلس من خلف الستار هو حسن الترابي!! هو الذي يحكم السودان!! هو الملقن المسرحي!! هو الذي يقبل بهذا الواقع المرير المنحط على أنه ضرورة، لكي يثبت لنفسه أن نظريته في الدولة هي الأصح. فالترابي يهمه قبض الدولة في يده لا الدين، ويهمه إعادة هيكلتها، ولا يهمه الفساد في المرحلة الأولى ولا الثانية ولا الثالثة، يمكنه أن يضحي بجيل، جيلين أو ثلاثة. هكذا خيل له جنونه!! فهذا هو التفكير الإخواني في تحقيق الأهداف بالقوة، وكان أفراد المجتمع جزئيات في معادلة رياضية، فالمخلوع محمد مرسي يحمل نفس تفكير حسن الترابي حين يقول: "مفيش مانع أن احنا نضحى بشوية (ناس) علشان الباقى يعيش"!! وإذا بحثت تجد جذر هذه العبارة لدى حسن البنا، وسيد قطب ومصطفى مشهور!! والمخلوع مرسي ومرشده والذين حكموا مصر مؤخرا قطبيين. لذا في تقديري أن حسن الترابي، والذين يحكمون باسمه بالوكالة علنا أو خفية، يحتقرون الشعب السوداني!!

لذا لا نجد تفسيرا التشبث بالسلطة من قبل هذه الوجوه المعلومة للجميع، والمعدودة، منذ أربعة وعشرين عاما سوى أنها تعقلن أو تشرعن بقائها عبر ضوء أخضر من حسن الترابي، بل كثيرا ما تتعامى هذه الوجوه عن حقيقة مرة أن لا وجود لدولة مؤسسية سوى دولة افتراضية، ينخرها سوس الفساد حتى النخاع، ولا يلحظ وجودها إلا عند المواقف القمعية لجماهير الشعب السوداني الذي يصفونه بالحشرات تارة، وأخرى شذاذ الآفاق، والعبيد تارة أخرى، ويمتنون عليه أكلة الهوتدوق. فـ "الجماعة"أو "التنظيم"بقيادة الترابي هو الذي يقرر بقاء هذه الوجوه من عدمه. ونقصد بالتنظيم "التنظيم الخاص"، وربما نفس هذا "التنظيم الخاص"يتنكر تحت قناع المؤتمر الشعبي ويعمل في العلن بهذا الاسم!!  هذه فرضية جائزة.

ونذكر رجل السعودية، أعضاء الجبهة الثورية هم سودانيون أولا وأخيرا، يجب جذبهم نحو الحوار السياسي، فالحرب لن تؤدي إلى شيء، ولن تبررها مصطلحات زائفة مثل العلمانية، أو لن يحل الإشكال السياسي السوداني بتعبيرات ممجوجة مثل "القوى السياسية الكاسرة"أو وصفهم بـ "محور خطير من محاور الشر الباغي"الخ، خاصة أن محمد وقيع الله الباحث (!) معجب بأسلوب "الحوار"، ولكن في مكان آخر، ولقد أدهشني فيما كتبه عن الداعية الوهابي محمد عبد الوهاب ووصفه بالمحاور!! وكتب في الداعية النجدي ما لم يكتب مالك في الخمر!! كله إطناب منحول من قبل وقيع الله ولم نجد شيئا يشير إلى بحث. هل كان ابن عبد الوهاب محاورا؟ أجزم أنه لا يعرف سوى السيف!! لعل البروفيسورة مضاوي الرشيد تجيب على هذا السؤال. حسب علمي وقراءتي أن الداعية محمد بن عبد الوهاب وسنده السياسي بن سعود ذبحا شعب الجزيرة وأهل الحرمين بخدعة التكفير!!

لقد وضح لي أن محمد وقيع الله يكتب مقالات مطولة (تتمسح بأهداب البحوث) لنظام آل سعود وحشمه بنغمة معينة تروق لهم، وتمجد رموزهم، لكي تُفتح له أبواب الرزق والشهرة. ولم يتحصل محمد وقيع الله على جائزة نايف بن عبد العزيز للدراسات الإسلامية صدفة، فهو قد تصعد للماجستير والدكتوراه في جامعة المسيسبي بالولايات المتحدة الأمريكية على نفقة الحكومة السعودية. وربما يعمل بوظيفة داعية إسلامي لحكومة المملكة السعودية.

لهذا السبب –الارتباط بجهة أجنبية- عبرت وثيقة التأسيس للحزب الجديد "حركة الإصلاح الآن"عن هذه النقطة والكثير المهم، مثل قولها:

(..وأزمات السودان قد تعدت إلى علاقاته الخارجية، حتى أصبح دولة تلقٍ لا دولة مبادرة، بينما موقعه وتاريخه، كلاهما، يؤهلانه ليقود المبادرات الإقليمية التي تشكل علاقات المنطقة ونظمها لتخدم المصالح المشتركة للشعوب والدول).

لو كانت المملكة السعودية تدعم شعب السودان وشعوب المنطقة تتقوى وتحافظ على استقلالها الوطني لغفرنا لبعض السودانيين إعجابهم بهذا النظام، ولكن الإشكالية في النظام السعودي، إنه نظام متخلف، قمعي دموي، يضطهد شعب الحرمين ويسرق ماله، ويصدر الإرهاب، ويستهدف العقيدة الأشعرية لتحل محلها عقيدة بن تيمية الحشوية، ولا يتورع من تكفير وتقتيل علماء أهل السنة والجماعة -الذي يفهمون الوهابية الخبيثة في العمق-  مثل الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي. كتب الكاتب الأردني اسلام الرواشدة، التالي:

لا نقاش في حقيقة أن النظام السعودي هو الداعم والممول للأعمال الإرهابية الدموية التي تقوم بها عصابات إجرامية في ساحات بالمنطقة، كسوريا والعراق ولبنان [واليمن]، فالنظام السعودي الذي ارتهن منذ نشأته للاستعمار والصهيونية يشن عدوانا حاقدا على شعوب هذه الدول، متباهيا برسو عطاء تدمير الأمة وإشغالها وتفكيك جيوشها عليه. وللعلاقات المتقدمة بين هذا النظام وإسرائيل دلالاتها وخطورتها، تؤكد الدور الإرهابي التخريبي الذي تضطلع به القيادة السعودي.

وكلما اشتد حصار الفشل على هذه القيادة، سارعت مدفوعة بأحقادها وأوهامها إلى تصعيد عدوانها البربري الإرهابي الذي كان يحصد المئات يوميا في ساحات التفجير الذي تعيث فيها عصابات الإرهاب الممولة سعوديا فسادا وتقتيلا وتخريبا.

ما تقوم به السعودية وتنفذه من مخططات إجرامية لصالح أمريكا وإسرائيل هي حرب تدميرية بالنيابة تقوم به العائلة الحاكمة ضد شعوب الأمة وجيوشها ومقدراتها، دون أن تحسب حسابا للأمة وغضبها، وللتاريخ الذي يحتضن صفحات سوداء مقيتة لهذه العائلة، التي بلغت في عنادها حد الكفر، بعد أن تحولت إلى أداة في يد الصهيونية.

إن دعم العصابات الإرهابية وتجنيد المرتزقة ومدها بالسلاح من جانب السعودية، إعلان حرب على شعوب الأمة، حرب لن يحصد حكام السعودية منها إلا الفشل والخزي، وسترتد عليها مخططاتها الشيطانية الخبيثة التي لم تعد تحتمل، بل ستفتح الباب أمام ردات فعل ومواقف عنيفة وعملية ضد النظام السعودي الذي يتوهم بأنه سيقود الأمة ويقرر بشأنها، دون أن يدرك بأن جرائمه هذه، وما يسفكه من دماء في سوريا والعراق ولبنان ستزيد من حدة مأزقه وفشله، وسيجد نفسه يوما وليس ببعيد ضحية هذه السياسة الإرهابية الدموية التي تمارسها في عدوانية وحقد ويأس.

والمتنفذون في الرياض، الذين يقودون بلدهم إلى الهاوية، ونبذتهم الأمة، هم يحفرون بأيديهم قبر هذا النظام الدموي المعادي للعروبة والإسلام، رغم ادعاءاته وأباطيله، وتشدقه بحرصه على شوب الأمة والمتباكي على حقوق أبنائها والمنادي بالديمقراطية، وهو الذي يمارس أبشع السياسات القمعية التي فاقت كل تصور ضد أبناء نجد والحجاز.

هذا الوضع الصعب الذي تعيشه الأمة وانشغالها بما يدور في ساحاتها وما تتعرض له شعوبها من إرهاب دموي، دفع بالقضايا المصيرية والمركزية إلى خارج سلم الأولويات، وضع خطير نجم عن الدور الذي يقوم به حكام السعودية لصالح أعداء الأمة، والأحقاد التي تعتمل في صدورهم ضد الأمة والعروبة وسماحة دينها، والسعودية التي تشن حربا إرهابية في سوريا والعراق ولبنان [واليمن]، فقدت وزنها وتأثيرها وهيبتها، وباتت خارجة على إرادة الأمة، وهذا الخروج يستدعي القصاص السريع قبل أن تستفحل شرور هذه العائلة التي لم تعد مقبولة في الشارع العربي. انتهى هنا!!

نقول جازمين، في الوقت الذي لم تعد هذه العائلة مقبولة في الشارع العربي، تكسب الجمهورية الإسلامية الإيرانية المزيد من تعاطف الشارع العربي. لا شك أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم الاستقلال الوطني للشعوب العربية عامة والتي في خط المواجهة خاصة حين تدعم خط المقاومة المشهور - الدولة السورية، وحزب الله، والجبهة الشعبية، والقيادة العامة، والجبهة الديمقراطية الخ، كذلك دعمت حماس. فمثلا عرضت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسليح الجيش اللبناني مجانا ورفض الطابور الخامس السعودي (سعدو الحريري وشركاه السنيورة وفتفت الخ) حرصا على سلامة إسرائيل!! كلا من باريس وواشنطون ترفضان تسليح الجيش اللبناني وتمنعه!! وبالرغم أن دعم إيران لحزب الله مفتوح، بل ومشهور، لم نسمع شكوى في لبنان أن إيران تتدخل في تفاصيل السياسة اللبنانية مثلما تفعل السعودية في لبنان لصالح الأمريكي والإسرائيلي!! فالمقاومة الإسلامية اللبنانية التي هزمت إسرائيل في 2006م لا تحتاج لوصي خارجي، لأن العقل الذي يهزم إسرائيل لا يمكن أن يكون بعقلية العميل!! فعلاقة حزب الله بسورية وبإيران هي ندية تجمعهم علاقة شراكة إستراتيجية.

كتب الكاتب أحمد فاخر، اليساري عضو الأمانة العامة لحركة اليسار الاجتماعي الأردني مقالة جيدة نأخذ منها التالي، قال:

(إن تبسيط الصراع الإقليمي بتصويره صراعاً بين السُّنّة والشيعة، يهدف، على رغم مظاهره الإجرامية البشعة، إلى طمس أساس الصراع الحقيقي والقائم على البحث عن حق هذه الشعوب في الاستقلال الوطني، وإبراز دورها السياسي وحل مشاكلها الاقتصادية المتفاقمة نتيجة للسيطرة الاستعمارية وتحالف البترودولار الخليجي مع الإمبريالية العالمية. وأي خوض لهذا الصراع خارج هذا الإطار، سيغذي الكثير من المشاكل الأخرى المتفرعة.

إن الإسلام السياسي السنّي رجعي في أساسه، وإذ يؤجج الصراع الطائفي فإنه يدفع عن نفسه تهمة الارتباط بأعداء شعوب المنطقة والتي لم يعد يخجل من إظهار التحامه العميق بهم، وبالتالي يعرف أنه يخوض صراعه الأخير. ومن هنا يمكن معرفة سبب وحشيته وانعدام عقلانيته).

ولقد أصاب الكاتب الهدف!!

وهذا ما كنت أشير إليه دائما. إذ لا حاجة إلى التذكير أن الكاتب أحمد فاخر يساري سني المذهب، ولكنه فهم في العمق ماذا تعني الشيعة تاريخيا. كررت كثيرا، من يرغب من السودانيين أن يخوض في السياسة لابد أن يفهم الظاهرة الشيعية قديما وحديثا، وإلا لن يفهم ما يدور في السودان أو في الإقليم. وأخص التحذير من ترهات البعثيين الصداميين والسلفيين.

وبتتبع سيرة الكاتب المناضل اليساري أحمد فاخر، نلاحظ أن هنالك أفقا سياسيا يساريا جديدا أخذ يتبلور في الشام (العراق، سوريا، لبنان، الأردن، فلسطين) تحت عناوين هي لشيء واحد: الدول المشرقية، المشرقية، التحالف المشرقي، شعوب الدول المشرقية، النضال المشرقي، اليسار المشرقي، الخيار المشرقي الخ. وأكثر المساهمين في هذا التوجه عصبة اليسار الأردني، ومن ضمنهم اليساري الكاتب الأردني المميز ناهض حتر.

لقد تبلورت هذه الرؤية "الشامية"أثر الصدمة البربرية التي فعلتها دولة قطر والسعودية وتركيا في تمزيق سورية، وفي بادئ الأمر أعتقد يساريو الشام أن القضية السورية قضية داخلية، لكنهم سرعان ما لاحظوا تلك الاهتزازات التي أصابت كل من فلسطين، والأردن، ولبنان، والعراق على أثر الهزة السورية!! مما أسقط الحدود الجغرافية المحفورة في وعي اليساري الشامي. لذا أكتشف اليسار الماركسي ليس فقط عروبته بعد غربة، بل أيضا وحدته الوجودية متجاوزا الحدود التي رسمتها سايكس بيكو، فكان مصطلح "المشرقي، المشرقية"عنوانا جامعا لهذه الرؤية الجديدة المولودة من رحم المعاناة السورية. هنالك معركة شرسة تدور حول مفهوم "المشرقية"يعمل ضدها اليساري سابقا حازم صاغية بصحيفة الحياة اللندنية، الذي أشترته قطعا وتدفع له السعودية، بينما أجمع اليساريون المشرقيون أن قضيتهم الأولى الأساسية محاربة الوهابية والفكر الوهابي وإسقاط النظام السعودي وتحرير مكة والمدينة، وقد وصفوه كونه أبشع من النازية والفاشستية!! ودخلت في هذه المعركة قضية حب فيروز للسيد حسن نصر الله، وأبنها الشيوعي الموسيقي العبقري زياد الرحباني، ولمتابعة هذه المعركة:
التحالف المشرقي: معاً ضد الوهابيّة
http://www.al-akhbar.com/node/195519
المشرقية العربية والتغيير في السعودية
http://www.al-akhbar.com/node/195178

بالعودة إلى وقيع الله!! لا نفهم "تحفظات"محمد وقيع الله على الحزب الجديد (الإصلاح الآن!)، وإدعاؤه الكاذب ممارسة "مسؤلياته"تجاه هذا الحدث الكبير، وإبداء "نصائحه"العرجاء إلا من منظور دفاعه اللاواعي عن عقيدته السلفية الوهابية، ولكونه أحد خدم الخط السلفي الوهابي الصحراوي النجدي الذي يفترس الجميع!! وما انزعاجه إلا لكون الساحة السودانية تتوقع من الحزب الجديد أن "يسودن الفكر الإسلامي"، أي إسلام ينطلق من تربة السودان وليس من التربة النجدية، سودان فاعل وليس مفعولا به، وكأن يصبح السودان دولة مبادرة وليس دولة متلقية. ومن المتوقع من الحزب الجديد أن ينشئ مركزا للدراسات الإسلامية والسياسية يعمل من أجل البحوث الحقيقية، يؤسس لمراجعة حقيقية شاملة خلافا للمعهود، حين حولت المملكة السعودية لعقود طويلة الشريحة العربية المتعلمة بفضل أسلوب الإجارة والإكرامية والمقطوعية إلى عرضحالجية. من الشخصيات النشطة إسلاميا والتي تأطرت أو وطنت نفسها في الدائرة الوهابية السعودية حسن البنا، الأخوان سيد ومحمد قطب، حسن الهضيبي، عباس محمود العقاد، وأحمد أمين، وخالد محمد خالد، ومصطفى محمود، ومحمد حامد الفقي، ومحمد رشيد رضا، ومحمد عمارة، وأمين الريحاني، وحافظ وهبة، ومحمد التميمي، وعبد الجليل التميمي الخ.

أما قول محمد وقيع الله أن الحزب الجديد يسعى للسلطة، فلم لا.. فأي حزب سياسي يسعى للسلطة، ولكن طبقا لمشيئة الشعب السوداني، فالشعب السوداني هو الذي يمتلك الشرعية يمنحها لمن يشاء وينزعها ممن يشاء عبر صناديق الانتخاب بدون تزييف من قبل الدكتور نافع كما هو متوقع في المرحلة القادمة، أما أن يدعي هذه الشرعية بضعة من الناس، حكرا لهم، وقد تمترسوا بالدين أو الموروث الطائفي، يجب أن يرفضه الشعب السوداني. فأي مشروع يعمد إلى الالتفاف على شرعية الشعب السوداني مصيره الفشل.. وهنا نخاطب ونحذر "بالذات"شخص الدكتور حسن الترابي!!

الدكتور غازي صلاح الدين ورفاقه حريصون على أن تتبلور موجهات الحزب الجديد تبعا لمساهمة كافة مؤسسيه بشكل جماعي وبأسلوب ديمقراطي حر، لذا فالحزب الجديد ليس حزب دكتور غازي بالمعنى الذي يحاول أن يروج له محمد وقيع الله، فالحزب الجديد مفتوح لكل السودانيين، دون استثناء، حتى إنه لم يرفع الراية الإسلامية الجوفاء التي أصبحت عنوانا للمتاجرة بالدين. في إطار هذا الحزب الجديد سيكون للفكر السياسي والاقتصادي والاجتماعي وللفكر الديني الحقيقي حظا كبيرا، ستكون هنالك تجربة سودانية وطنية خالصة، وقد تتم مراجعات كثيرة للعديد من المصطلحات السياسية والدينية.

هذه أهم ما نتوقعه من هذا الحزب الجديد – إذ لا للشعارات الجوفاء!! ولا لتوظيف الدين لمآرب ومكاسب شخصية!! ويدرك أصحاب الحزب الجديد ذلك، لا معنى لحزب جديد إذا كان الحزب الجديد استنساخا لتجربة الدكتور حسن الترابي أو الأخوان المسلمين – أو المؤتمر الوطني!!

شوقي إبراهيم عثمان

ملحوظة: لو لديك وقتا لتضيعه قليلا مع ترهات محمد وقيع الله فأدخل هنا:
الشيخ محمد عبد الوهاب محاورا
http://albayan.co.uk/article.aspx?id=2361
أفق آخر للشيخ محمد رضا
http://albayan.co.uk/MGZarticle.aspx?ID=3057

الفهم المغلوط لحوادث الجنوب/شوقي بدرى

$
0
0

الفهم المغلوط لحوادث الجنوب
اليوم قرأت موضوعا في الراكوبة للدكتور عبد المنعم احمد محمد  يرد فيه علي الاخ دندرة علي دندرة . وما يهمني كسوداني له ولاء للجنوب موطنه الاول والشمال موطنه الثاني وموطن جدوده اقول . ان الدكتور يردد نفس الغلطات التي رددت كل الوقت .
الشماليون هم من بدا القتل  . والشماليون هم من اخطأ في الاول .
 والشماليون هم من اسقط هيبة السلطة . فلقد كان المفتشون الشماليون بعد السودنة يجلسون امام دكاكين الجلابة ويلعبون الورق ويحتسون الشاي ويثرثرون . وهذا موجود في تقرير لجنة التحقيق برئاسة القاضي قطران وعضوية الاداري لادو لوليك والاداري خليفة محجوب . وقديما كانت للمفتش هيبة تجعل الناس تحترمه وتثق بحياده وامانته .
 القتل حدث بواسطة الجيش والبوليس في انزارا وفي يوليو . وعندما صدرت الاوامر الخاطئة في سبتمبر الي فرقة توريت بالتحرك الي الشمال تمرد الجنود وقتلوا الظابط عصمت بحيري وآخرين . وقتلوا المدنيين بفظاعة مؤلمة .  وكثير منهم كانوا من اسرة الفزاري الرحمة للجميع . نحن فجعنا في ابن اختي عصمت بحيري الذي كان فخر  آل بدري وبحيري . ولم توجد جثته الي الآن وكانت اختي السهوة رحمها الله تنتظر رجوعه لاكثر من 40 سنة .  وتوريت بلد  اللاتوكا. فما ذنب كل الجنوبيين ؟ فاهل راجا من الفرتيت في الجانب الآخر لم يسمعوا بتوريت . ولماذا طرد الوزيرين الوحيدين من الحكومة ؟ ولقد حذر الوزير العم بولين الير من سياسة الحكومة الخاطئة ، وترحيل الجنود الجوبيين الي الشمال  . فاللاتوكا مدفوعين بالخوف بعد مذبحة انزارا  ، كانوا يحسبون ان الشمال يرسلهم للشمال لكي يستعبد نسائهم واطفالهم . ولهم الحق في ان يخافوا .
 الدكتور يتحدث عن دمائة العربية المخلوطة بالدم الافريقي . وهنا الخطأ . الدماء العربية اذا وجدت في شمال السودان فهي ضئيلة لا تستحق الذكر . ولقد اثبت هذا دكتور سوداني عن طريق الحمض النووي . وحصل علي الدكتوراة من جامعة كوبنهاجن .  الموجودون في وسط السودان هم بجة او نوبيون .والدكتور يذكر الاخ دندرة بأن للشمال الفضل في تعليمه اللغة العربية التي يتحدث ويكتب  بها . وهذا ما نسمعة عادة عندما يخاطب الجنوبي . ليس هنالك شئ يؤلمني مثل حرماني من ان اتكلم لغة امي النوبية . ولاكن لم يقل لي ابدا اي انسان ان الشمال قد علمني اللغة العربية ولم يمتن علي اي من مدعي العروبة بهذا الفضل . لماذا ؟ وانا لست بالعربي ولا اريد ان اكون اي شئ سوي سوداني فقط .
 اقتباس من موضوع قديم
 
 
المسكوت عنه ... الهوية
شوقي بدري
shawgibadri@hotmail.com
بعد حوادث الجنوب فى 1955 عدنا الى مدرسه ملكال الوسطى وسمعنا الفظائع . وكنت اسمع حكاوى وقصص الجلابه المبالغ فيها والكاذبه . بطلها كان الكشيف المصوراتى الوحيد فى ملكال ومراسل الرأى العام ودكانه يواجه دكان خالى اسماعيل خليل ونتناول الفطور يومياً فى الدكان سوياً .
وبعد ان كبرت وراجعت تقرير لجنه التحقيق الادارى فى حوادث الجنوب اكتشفت ان اغلب ما سمعت كان من حكم الخيال . ولكن الحقيقه الباقيه هى اننا نحن الشماليون قد اخطأنا وعاملنا الجنوبيين وكأنهم كما قال ابن المقفع عن الزنج بهائم هامله .
بعد الحرب العالميه الثانيه استلم السودان اثنين مليون جنيه كتعويضات حرب استخدم مليوناً فى مشروع الزاندى لزراعه القطن ونسجه . وفى سنه 1955 قبل الانتفاضه الجنوبيه , قامت ادارة المشروع التى صارت شماليه بطرد ثلاثمائه عامل واستبدلوهم بشماليين وعندما تظاهرت النقابه وطالبوا بنفس الاجور . رفض طلبهم وكانوا يقولون كيف نبيع رطل القطن بقرش ونصف ونشترى متر الدموريه ب13 قرش .
واستدعى مدير المشروع الشمالى الجيش من يامبيو على بعد 16 ميل والبوليس . وطلب ضابط البوليس المقبول من احد عساكر البوليس ان يقتل قائد المظاهره وتم ذلك برصاصه واحده ثم فتح الجيش النار على المتظاهرين مستخدمين البنادق ومدفع برين .
الغريب فى العمليه ان اثنين من التجار احدهم محمد على والآخر عباس حسون . (وهذه الاسماء اذكرها انا من الذاكره لاننى لا يمكن ان انساها ) . بفتح النار على المتظاهرين من بندقيه صيد وبندقيه فيل . وكأنما الجنوبيين فرس بحر . الغريبه ان صيد الفيل كان يحتاج لرخصه ولكن صيد الجنوبيين لم يكن يحتاج لاى رخصه ولم يحقق او يعتقل الجلابه . وبالرغم من اننى قد قرأت كل التقارير عشرات المرات الا انه ليس هنالك اشاره للتحقيق معهم حتى .  ولقد قتل في تلك الحوادث 500 شمالي والف جنوبي .
عندما ذهب العم بوث ديو وهو من فنقاق  مركز الزراف غرب النوير الى توريت مصحوباً باحمد عبد الرحمن المهدى لتسويق حزب الامه . شتم احمد المهدى الجنوبيين وقال لهم سنحكمكم لاننا نحن اللذين اخرجنا الانجليز وبدوننا كان الانجليز سيحكمونكم لمده اربعمائه سنه .
وهذا من اهم الاسباب التى هيأت للانتفاضه الجنوبيه فى 1955 خاصه عندما اتت الاوامر الخاطئه بترحيل القوات الجنوبيه للشمال . ولقد قال السيد عبد الرحمن المهدى لابنه احمد عند رجوعه بأنه قد أخطاء واذا قدم لمحاكمه فيجب ان يتحمل خطاءه كرجل ولكن لم يجرؤ احد على مقاضاة ابن الساده .
المشكله اننا كل الوقت نحسب نفسنا كشماليين مختلفين عن الآخرين والاغلبيه منا يحسبون ان ولائهم لخارج السودان . يجب ان نقتنع بأننا سودانيون سودانيون فقط .
 
الهويه = سودانى
لم يحدث في التاريخ البشري الطويل ان تعرضت امه لعمليه غسيل مخ مثل شمال السودان . هنالك مثل انجليزي يقول اذا كانت تمشي كالبطه و شكلها كالبطه و تصدر اصواتا كالبطه فهي بطه . و اذا كان الشخص اسود اللون ملامحه زنجيه فهو زنجي. و لكن انسان شمال السودان يصر علي انه عربي و يستميت في الدفاع عن هذه الغلطه و يثور و يذبد و يفقد عقله عندما يوصف بانه زنجي او افريقي او عبد .
اللغه لا تعني الانتماء العرقي . لان كل لاتين اميركا تتحدث اللغه الاسبانيه فيما عدا البرازيل التي تتحدث البرتغاليه. و من الممكن ان كثير من اهل لاتين اميركا يتحدثون اللغه الاسبانيه او البرتغاليه خيرا من اهل اسبانيا . لان الاطراف عادة لا تتأثر بالتغييرات مثل الوسط او الاصل . فاللغه الاسبانيه في اسبانيا قد تغيرت و دخلتها شوائب و مؤثرات من لغات او ثقافات اخري .
السودانيون يهللون عندما يقول بعض اخصائي اللغه العربيه ان لهجتهم اقرب الي اللغه العربيه الفصحي . و كأنما هذا يجعلهم اكثر عربا من العرب . و العرب يخجلون و يحسون بالاحراج عندما يذكر السودانيون انهم عرب و بعضهم لا يخفي استخفافه و استهجانه بل و غضبه لان العبيد السودانيون يتجرؤون و يدعون شرف الانتساب الي العرب
 ع  س . شوقي

برلين أبهت بك يا بهاء........وداعا سعادة السفير.د.بهاء الدين حنفى...جعفر سعد.برلين

$
0
0

برلين أبهت بك يا بهاء........وداعا سعادة السفير.د.بهاء الدين حنفى...جعفر سعد.برلين

أبدأ مقتبسا لمقالى هذا عنوانا يعود ,للأديب والشاعر والدبلوماسى الراحل المقيم الأستاذ صلاح أحمد ابراهيم , اعتاد ان يخاطب به كل من كان اهلآ للثناء والمدح  ,تحية واجلالا .
جديرون بالاحترام
قبل التوقيع على اتفاقية ( نيفاشا) فى عام 2005 كان هناك توتر واضح فى العلاقات السودانية الاوربية عامة والالمانية خاصة  وخصوصيتها عند الحكومة الالمانية تجلت من خلال الندوة التى نظمتها المجموعات الدارفورييه  المقيمة فى المانيا , على رأسهم أبناء الزغاوة بدعم من بعض المؤاسسات الاهليه الالمانية المدعومة مباشرة من الحكومات الولائية  وأيضا  من قبل  الحكومة الاتحادية عن طريق وزارة الخارجية بمدينة ( فلوتو) ولذا اطلقوا عليها اسم ( ندوة فلوتو ) فى صيف عام 2003.بدات الجلسة الاولى   بتقديم المرحوم الدكتور خليل ابراهيم  ( مانفيستو) حركة العدل والمساواة  , عمليا من هناك اعلن الحرب ضد حكومة الخرطوم من هناك انطلقت الطلقة الاولى ,كان شخصى الضعيف  بين الحضور المدعوون للندوة , رأيت بأم عينى وسمعت باذنى كل ما دار فى الندوة    , وما زاد الطين بله,هو  التصعيد الاعلامى المكثق واسع النطاق,  الغير عادى الذى بادرت به (دير شبيقل) اعرق واكثر المجلات الاسبوعية الالمانية توزيعا ولها تاثير كبير على الطبقة القيادية فى المجالين السياسى  والاقتصادى  , تتمتع بمصداقية وتهتم  بخلفيات الاحداث  وبالتحليلات والتحقيقات  وتتمتع بسمعة جيدة وتكشف دوما عن خبايا الامور والفضائح وكل ما هو مستور عنه فى اروقة السلطة  والمجتمع ولها أيضا تاثير على الرأى العام , وصاحبتها صحف يومية  مثل ( الفرانكفورتا القماين) و( السود دويتشا صايتونق) و(لفرانكفورتا روندشاو). الصحف الثلاثة  هذه لها أيضا تاثير كبير على الرأى العام.الحملة هذه  ساندها ودعمها و  وجهها  كل من, وزير  الخارجية الالمانى انذاك  (يوشكا فشر) شخصيا وهو   من أقطاب حزب الخضر, كانت له اليد الطولى ولعب دور البطل بجدارة فى استعجال ابراز و فتح ( الملف)  الدارفورى للراى العام الالمانى والاوربى, وأيضا  وزيرة الدولة بوزارة الخارجية ( كريستينا مولر) وهى ايضا من حزب الخضر و وزير الداخلية اللبرالى السابق ( قيرهارد باوم)  وكان يومها مكلف مباشرة من الامين للامم المتحدة بملف حقوق الانسان فى السودان, بالتنسيق مع  مجموعة من أبناء دارفور, معظمهم  ينتمون الى قبيلة ( الزغاوة) كما ورد سابقا ,  لعبوا دور هام  واجادوا( اللعبة) فى ادارة وتنسيق الحملة الاعلامية المدعومة من قبل وزير الخارجية و وزيرة الدولة بوزارة الخارجية  وسرعان ما انفتحت لهم الابواب على مصرعيها  لعرض قضيتهم ومعاناة اهلهم عبر  منابر الحوار و الندوات والمتنديات ,ايضا وجدوا الدعم والمساندة من  (اللوبى) وسط الاحزاب السياسية الممثلة فى البرلمان الاتحادى الالمانى ونقابات العمال ومعظم منظمات المجمتع المدنى والكنائس, كل هذه المجموعات  ابلت بلاءا حسنا واستنفرت كل ما لديها  من نفوذ وعلاقات على الساحة الاعلامية الالمانية لتجسيد ونشر اخبار وصور لضحايا المجازر  ومشاهد فظيعة  وصور ومناظر بشعة لبقايا القرى المحروقة  والخراب من قبل مليشيات( الجنجويد) ومعاناة النازحيين,كل هذه المناظر والمشاهد  تركت اثار سلبية فى عقول وضمائر الكثيرين من الالمان وصلت  لكل مواطن المانى فى عقر دارة عبر شاشة التلفزيون والمذياع والصحف اليومية وأطلقوا نداءت الاستغاثة وتم لهم ما أرادوا , . فجاة اضحت مشكلة دارفور والابادة الجماعية وهجمات( الجنجويد) و بقايا القرى المحروقة  حديث كافة شرائح المجتمع الالمانى والموضوع الشاغل الأول لغالبية منظمات المجتمع المدنى والكنيسة . فجاءة وصلت المشكلة الدارفوريه  بسرعة الصوت الى نيويورك وأصبحت هى القضية الاولى على اجندة الجمعية العامة للامم المتحدة  ومجلس الامن  ومنظمات حقوق الانسان الامريكية و (اللوبى) الامريكى من ذوى الجزور الافريقيه فى الادارة الامريكية والكونقرس ومنظمات المجتمع المدنى والى هووليود.
  جاء  رد الفعل السريع من قبل  صقور المؤتمر الوطنى والانقاذ الذين سارعوا   يقرعون طبول الحرب و  التصعيد والتصريحات الغير مسؤولة مصحوبه بالسب واقبح الشتائم  وادانة  الحكومة الالمانية بشدة  متناسين أو غير مدركين بأن ألمانيا دولة قوية ومؤثرة وكانت لها علاقات حميمة مع جمهورية السودان منذ  ان نال السودان استقلاله وخاصة أبان  حكم طيب الذكر الفريق ابراهيم عبود من 1958 الى 1964  و استمرت على مدى  ثلاثة عقود ونيف الى ان جاءت الانقاذ فى عام 1989 وطيلة المدة الزمنية هذه قبل انقلاب الانقاذ الذى حل على بلاد السودان( بالساحق والماحق)  وتنكروا   للجميل وفات عليهم ان السودان من اوائل دول العالم الثالث التى استفادت من برامج التعاون الاقتصادى و الانمائى الالمانى ومشاريعه ذات الطابع الايجابى فى مختلف المجالات منها على سبيل المثال, دخل السودان عالم الصناعة  والتصنيع الحديث  وخاصة  فى مجال صناعة السكر حيث  شيدوا مصنعى الجنيد وخشم القربة فى بداية الستينيات من القرن الماضى والتلفزيون القومى قدموه ( هدية) فى بداية الستينيات من القرن الماضى  مع تدريب الكوادر الفنية والاعلامية له, ودعم التعليم الفنى والتدريب المهنى  فى مختلف المدن السودانية و شيدوا مصنع العملة والذخيرة بالخرطوم والشجرة و نفذوا الاعمال الهندسية المدنيه من شق الترع الرئيسية وتشيد القناطر فى امتداد مشروع المناقل وأيضا لا ننسى  كهرباء خزان الروصيرص ومن هناك مدوا خط نقل الكهرباء  الشهير الى الخرطوم    ومنحوا  سككك حديد السودان  أول قاطرات ديزل مع تدريب السائقين والمهندسين والكوادر المهنية الفنية , يومها امتدت خطوط السكة حديد  الى مدينة واو, بالخرطوم كانت ثلاثة من  المؤسسات الالمانية ذات الطابع الحزبى لها مكاتب وموظفيين محليين بجانب الالمان يعملون فى مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة ولها دور ارشادى هام وسط نقابات العمال ومنظمات المجتمع المدنى وتقدم منح دراسية لللالتحاق بالجامعات الالمانية وايضا معهد ( قوته )ودوره فى تلعيم اللغة الالمانية والعمل الثقافى والامسيات التى تعرض فيها مختلف الافلام الاجنبية اقامة المعارض الفنية للفنانين السودانيين ليرزوا اعمالهم والمسرحيات وفرق الموسيقى الكلاسكية    والاهم من ذلك قامت الحكومة الالمانية  بالعمل على تأهيل وتدريب الكوادر المهنية والاكاديمية فى الجامعات والمعاهد الالمانية وتدفق المبعوثين على منح ( الداد) من جامعة الخرطوم و  (المعهد الفنى) انذاك و وحاليا (جامعة السودان)  ومراكز الابحاث الزراعية ومختلف الوزارات والمصالح الحكومية وأيضا أعداد من  ضباط القوات المسلحة تدربوا و تأهلوا  فى  الاكاديميات العسكرية بمدينتى  هامبورج وميونخ  , كذلك الجنود الفنيين من مصنع الذخيرة وسلاح الطيران كانوا يتوافدون باستمرار لدورات تدريبية ,ايضا  جاءت أول دفعة  من ضباط البوليس خريجى كلية العلوم, جامعة الخرطوم  تم اختيارهم للتدريب و التخصص فى مجال المعامل الجنائية والمباحث و رافقتهم للتدريب ايضا مجموعة من رجال البوليس الفنيين ,   اضافة للطلاب الذين التحقوا بالدراسة فى الجامعات الالمانية على نفقتهم الخاصة وشجعهم على ذلك مجانية الدراسة فى الجامعات والمعاهد الاكاديمية العليا وسهولة الحصول على منحة دراسية تكفل لهم نفقات السكن والمعيشة  من منظمات ومؤأسسات المانية عديدة تعنى بشئؤن الطلاب الاجانب, تشترط فقط الاستمرارية والنجاح فى نهاية كل( سمستر) دراسى . أنا شخصيا استفدت من هذه المنح كطالب و أقيم فى المانيا منذ بداية سبعينيات القرن الماضى وأعنى ما أقول و متأكد جدا اذا كانت هناك احصائيات دقيقة تحصر اعداد كل من تأهل فى المانيا لفاق الالاف.
  تجاهل صقور الانقاذ كل ما سردته  وعددته من انجازات ,ضربوا بها  عرض الحائط وبدوا يهدمون وبشراسة مسيرة تطور  العلاقات الثنائية الوطيدة بين البلدين وما حققته من عائد للسودان على كل المستويات,الثقافية والاقتصادية والفنية والانسانية , كل هذا لم يمنع قارعى  طبول الحرب و التصعيد والتصريحات النارية الملتهبة  الغير مسؤوله التى ادت الى   تصعيب مهمة عمل كل سفير  أو دبلوماسى فى القيام بمهامه التى من أجلها ابتعثوه, وعرضوهم الى انعزاليه وسدوا امامهم  كل الطرق وقنوات الاتصال بتصريحاتهم الغير مسؤولة التى ساعدت فى  بروز المعيقات والعراقيل التى اجهضت مساعى كل سفير ودبلوماسى  , شلت   حرفيتهم  ومهنينهم  فى القيام بالمهاهم التى ابتعثوا من اجلها الا وهى التفاعل الدائم وبشكل اسرع مع الاحداث وهم العين التى تراى والاذن التى تسمع لتحقيق المصالح وايضا ضيق ذات اليد يحول دون القيام بأعمال الدعاية والتسويق فى المحافل العامة, هنا نرجع لما قامت به الصحافة الالمانية وحملتها الاعلامية المكثفة الشرسة ضد النظام وتعريته أمام  الرأى العام الالمانى بخصوص حرب الابادة الجماعية الدائرة بدارفور بعد ندوة ( فلوتو) فى عام 2003 ولم نراى انذاك اى رد او حملة اعلامية مضاده من قبل السفارة على الحملة المكثفة
   ا   صقور المؤتمر الوطنى والانقاذ راهنوا على الفشل  ولم يعو الدرس  وكسبوا  رد فعل الحكومة الالمانية الصارم, الا وهو تجميد المنح المالية والقروض المتاحة منها مباشرة عن طريق بنك التعمير الالمانى وتجميد عمل الوكالة الالمانية للتعاون الدولى( قيز) ولغت   كل الاتفاقيات الفنية والثقافية وخفضت من عدد المنح الدراسية واستثنت المساعدات الانسانية و فقط فى حالة الكوارث الطبعية  وأصبح الحصول على تاشيرة الدخول  الى المانيا  من الخرطوم  مشكلة عويصة ,انكوى  من نارها المرضى القادمين للعلاج ورجال الاعمال والطلاب  وحتى المستطيعين للسياحة والمعاملات البنكية وال.......الخ , ظللنا نراقب كل هذا عن قرب ونحن هنا فى برلين حيث انتقلت السفارة من بون الى برلين فى عام 2000 ويومها كان سعادة السفيرالسيد. أحمد جعفر عبدالكريم الرجل ( الحبوب المحبوب) ,الذى  درس القانون الدولى فى جامعات ألمانيا الديمقراطية فى بداية السبعينيات من القرن الماضى , فى عام 1978 بدأ  عمله كسكرتير ثالث فى سفارة السودان ببون وهذا يعنى بان  الرجل دبلوماسى محترف ,بدأ الشغلانة من  اول عتبات السلم الوظيفى كما كانوا يطلقون عليه أيام الزمن( الجميل) فى ديوان الخدمة المدنية عتبه,عتبه, والى ان  ترقى لدرجة سفير    ,هو الرجل الذى اتقن لغة الالمان وفهم عقلية الالمان وكيفية العمل والتعامل معهم.كل هذه المزايا المكتبسة اهلته ليكون الرجل المناسب فى المكان المناسب للعمل على اعادة المياه الى مجاريها,و تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين على المستوى الرسمى والقطاعات العريضة من شرائح المجتمع المدنى الالمانى ولكن للأسف الشديد كانت أنفاسه محبوسة وحركته مشلولة من قبل حكومة الخرطوم التى دائما ما تلجا الى وسائل الدجل والتضليل , تفوقت  فى صناعة خلق الاوهام وفقه المؤامرة مع التصريحات الاستفزازية, الغير ودوده الحاقده ضد معظم دول غرب اوربا وخاصة المانيا مقر عمله وتحركاته                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ,
 ,سعادة السفير.أحمد جعفر مؤكدا عانى الكثير الكثير من هذا الوضع الحرج واصبح رهينة لسياسة حكومته  ورهينة لتقارير ضابط الامن بالسفارة الذى يبدا عادة  تدوين تقاريره الشهرية اولا بالسفيرالذى صار كالبطة العرجاء  كما يقول  (الامريكان), وأنا أتخيل بأنه تنفس الصعداء بعد الرحيل ومغادرة المحطة البرلنيه وتحسر الجميع  لفراقه لانه نجح فى كسر الحواجز  فى علاقته الطيبة مع كل أفراد الجالية السودانية فى برلين وخلفه السفير الرجل( الكلس) عمر الصديق  وهو أكيد عانى من نفس المشاكل  ومدة اقامته لم تستمر طويلآ وغادر المحطة البرلنيه منقولآ الى المحطة اللندنيه  بعد سنتين وقبل أن يتم الاربعه سنوات المعتاد عليها, كلنا يعرف بأن  العمل كسفير فى لندن أو  واشنطون وباريس   هى قمة العمل الدبلوماسى لكل سفير ولذا سعدنا لسعادة السفير عمر الصديق  الصديق  بالحج الى ( مكة المكرمة) أى لندن, كما يحلوللدبلوماسيين السودايين تسميتها, وتألمنا حقا لفراقه لان الرجل ترك بصمة أولاد البلد لكل  من عرفه وتعرف عليه خلال فترة اقامته القصيرة فى برلين
     فى الربع الاخير من عام 2006 وصل الى برلين سعادة السفير د. بهاء الدين حنفى خلفا للسفير عمر الصديق ومن هنا اعود لبداية المقال والى بيت القصيد والى العنوان الذى اخترته واعتزر للقارى الكريم لهذه البداية الطويلة التى لا بد منها ليعرف ما أصبو اليه, وكل ما ورد  من معلومات وسرد لفترة زمنية يجب ان تقال. السفير بهاء الدين حنفى  شخصية اسلامية قياديه نابغة بحق وحقيقة يتحلى بأرفع الصفات الفكرية والثقافية وخلوق فى تعامله  ونموذجا شاهدا على سمو الاخلاق, وعفة اللسان انسان متواضع ومستمع جيد , يحترم الرأى والرأى الآخر , يؤمن بلغة الحوار الهادف , الرجل يستحق المدح لانه ينتمى لتراب هذا الوطن الغالى , تولى منصب السفير ببرلين فى مرحلة زمنية كانت فيها  المهمة صعبة بسبب الظروف والتحديات التى كانت محيطة بالسودان وهى كثيرة , أولها الرهان عل الفشل الذى داومت حكومة الانقاذ عليه وفرضته على كل من يعمل لديها ولكن الرجل يتمتع باستقلاليه لا تخفى على احد ولا يخفيها هو شخصيا ,واضح فى حديثه رغم صعوبة المهمة وكل الاشواك والعراقيل التى كانت تزرع من قبل الذين يديرون كل شئ من الباطن وهى فئة تؤمن بالحكم الشمولى وحكم الفرد وماهرين فى السب والشتم والتكريس لهيمنة المؤتمر الوطنى على حساب العلاقات الثنائية بين السودان والمانيا  ولا يهمهم تدهورها , لكن الاصرار والارادة مكنت الرجل واكسبته مهارة الراقص على الحبل مع صعوبة المحافظة على التوازن بالزانة والا هوى فاقدا توازنه, تحرك فى جميع الاتجاهات و انتظر الارتطام وعلى ما اعتقد كان يعرف نتيجة هول السقوط والكارثة المروعة التى سوف يواجهها قبل الوصول الى الارض بدون اذى ,و كما قال الرئيس اليمنى السابق على صالح مشبها مثل هذه الحالة ( بالرقص على رؤوس الافاعى).هذه البهلوانية المدهشة سهلت المهمة  فى العمل  لتوطير العلاقات الثنائية بين البلدين وازدهارها الملموس وترك بصمات واضحة , ابتعد كل البعد عن المحسوبية والشللية وغيرها, شرفنا كمواطنين سودانين فى المهجر كان مثالا للاخ العزيز الخلوق فى تعامله مترفعا عن الدخول فى مهاترات وعصبيات عمياء يتقنها الكثير من اهل الانقاذ و استطاع ان يحقق التوازن  أقول كل هذا رغم ابتعاد المسافات بيننا فكرا ومعتقدا ولربما اتعرض لنيران صديقة وأنا أمتدح احد مهندسى مذكرة العشرة الشهيرة والتى أدت فى عام 1999 الى الانقسام والتمرد والاطاحة بالشيخ حسن الترابى
 فى مثل هذه الايام الحرجة فى تاريخ السودان و بعد ربع قرن من تسلط وحكم الانقاذ يصعب على أى كائن كان أن يثنى أو يمدح   أى شخص ارتبط و ما زال مرتبطا بهذا النظام ولكن هذا الرجل  منذ اعتماده سفيرا لدولة السودان بألمانيا وضح لى بأنه من ( عيار) اخر,لانه عمل جاهدا على تغيير أثار السياسة السيئة التى سلكها ( صقور الانقذ) طوال كل السنوات الماضية, وهنا حقائق يجب أن تذكر وتستحق الاشارة والاشادة وهنا أعدد بعضا من ما قام به خلال السبعة سنوات التى قضاها الرجل بيننا , عودنا أولا كجالية سودانية فى الشتات بافطار فى منتصف كل شهر رمضانى خلال السبعة سنوات التى قضاها بيننا فى برلين, وحفل الافطار يقام فى ( الريزدنس)  هكذا يطلقون على بيت السفير هنا فى برلين,   الحضور مبالغ فيه وهنا تتجسد القييم والاخلاق السودانية بالنأئ عن السياسة والخصومات والحرب والاحتراب فى مثل هذه المناسبات, ويتدافع السودانيين المغتربيين ببرلين وضيوفهم للحضور, وأعدادهم تتراوح دائما بين 150 الى 200  فرد من نساء ورجال واطفال وهنا تجد نفسك فى سودان مصغر يجمع ويتسع لكل العرقيات وكل ألوان  الطيف السياسى فى ( الشتات) وحتى مجموعات  الللاجييين السياسين الهاربين من نظام الانقاذ الى المانيا يسجلون حضورا كبيرا , أما الدكتور بهاء الدين حنفى شخصيا تجده( لافى) بصحن الفول والطعمية ويتبادل الحديث فى ركن من  اركان الحديقة  العامرة مع مجموعات الشباب الطلابيه والعاملين والسودانيين عابرى السبيل وشيوخ من الجيل والرعيل الأول,  و يحلو له أن يطلق عليهم ( المحاربين القداما).بينهم المعاشيين ياتون برفقة احفادهم    ومنهم من مازالوا يعملون فى مختلف الحرف والوظائف,  الرجل متواضع فى طعامة وملبسه وحديثه  وتتكرر( الشغلانة) للاحتفال بالعيد وعادة ثانى أيام العيد وكذلك فى عيد الاضحى وفى مناسبات اخرى كثيرة, تنصب الخيام فى أيام الصيف وتراى المصلين فى حديقة الدار مصتفين وتتخيل نفسك فى ميدان عام فى أى مدينة سودانية والدار ما شاء الله عامرة تذكرنى بسرايا مديرى مشروع الجزيرة فى بركات. فى دار الدكتور بهاء التقيت الامام الصادق المهدى أكثر من مرتين ,والسيدة الدكتورة مريم الصادق المهدى وكذلك الدكتور الشفيع خضر  من الحزب الشيوعى تربطه صداقه خاصة بالرجل والصحفى الاستاذ الحاج وراق  والاستاذه عشة الكارب والاستاذة نعمات كوكو, كانت مرشحة لتخلف المرحوم الاستاذ محمد ابراهيم نقد والبروف حسن مكى والبروف الطيب زين العابدين والبروف محمد محجوب هارون والبروف عبد الباسط وكل هذه اللقاءت كنت دأئما عبارة عن ندوات مفتوحة لتبادل الاراى فى مختلف  مشاكل السودان الكثيرة  ومن يتابع الاسماء قد يتصور ويتخيل  تباين الاراء فى الحوار فى قضايا البلد بكل حرية واريحية ولم اسمع صوتا ارتفع ولم أشهد مشاحنة أو استفزاز او ضرب تحت الحزام , كنا نتوادع  على لقاء اخر و لسان الحال يردد ( خلاف الرأى لا يفسد فى الود قضية) كل هذه  فى صالون د. بهاء  وخارج الدار يرفف علم السودان , عودنا على دعوة  كل الذين  يسجلون حضورا دائم فى برلين وخاصة المشاركين والمشاركات فى  ندوات مؤسسة ( فريدرش ايبرت). السياسية والاجتماعية  المتنوعة التى تنعقد سنويا فى برلين ومعظم ضيوفها المشاركين ياتون من دول العالم الثالث, من بينهم  نساء سودانيات يعملن فى مجالات الدفاع عن حقوق الانسان و ( الجندر) وصحفيات و وبرلمانيين وبرلمانيات لا ينتمون للمؤتر الوطنى وصحفيين  وكتاب لا علاقة لهم بالمؤتمر الوطنى أو الانقاذ , واللقاءت مع هذه المجموعات فى دار السفير كانت لنا نحن هنا فى( الشتات) بمثابة المنتدايات لتبادل الاراء والحوار والتعرف على كل جديد من اخبار البلد عبر قنوات ومصادر غير انقاذية .
أعود للعلاقات الثنائية بين ألمانيا والسودان وكيف تحسنت ونحن شهود على زيارات وزرين للخارجية أولهما ألور قبل الانفصال وبعدة على كرتى أكثر من مرة ورئيس البرلمان أكثر من مرة و وزراء عدديين ومسؤولين كبارومديرى معاهد وجامعات ومديرى بنوك ورجال اعمال  و حكام  اقاليم وما يؤشر  وما يؤكد بأن الرجل قام بواجباته( المدرسية) بجد واجتهاد هى اجتياز الصدمة والفاجعة عندما اعتدى بعض من الغوغائين الهمج  وقاموا بحرق السفارة الالمانية بقلب  بالخرطوم ويوم جمعة وبعد الصلاة مباشرة ,هذا الفعل القبيح الذى اضر بسمعة السودان وتناقلته كل وكالات الاعلام , كانت هذه الهجمة والاعتداء بالنسبة لنا أبناء الجيل الاول من المهاجريين السودانيين والمقميين فى مختلف المدن الالمانية  و نحن نتمتع بالجنسية الالمانية مع الاحتفاظ بجنسيتنا السودانية   كارثة لا بعدها كارثة ودخلنا فى( أظافرنا)  كما تعودنا أن نقول فى بلاد السودان عندما نشعر بالخجل والحرج والانكساف وبكل صراحه لا أدرى كيف كان حال الرجل وتمنيت يومها ان لا اكون فى مكانه!!! هذا الرجل الذى بدأ فى ( تلتيق) الثوب الممزق تقوم حكومته بصفعه مثل هذه الصفعة والقيام  بمثل هذه الافعال وتعريضه للاستدعاء فى وزارة الخارجية والنهزرة وهذه هى واحده من العوائق التى ذكرتها فى بداية المقال وقلت ( حكام الخرطوم  يهدمون وبشراسة مسيرة وتطور العلاقات الثنائية ويصعبون مهمة كل سفير ويعرضونه للانعزالية  ويغلقون بقبيح اعمالهم كل الطرق وقنوات الاتصال  ويصنعون المعيقات ويضعون العراقيل امام اى خطوة للتقدم الى الامام, لكن الرجل بحنكته وصبرة اجتاز الامتحان العسير  وأجابهم  بقيام المؤتمر الاقتصادى الالمانى السودانى الكبيرفى بداية العام الحالى ببرلين وبحضور وزير الخاجية الالمانى والسودانى وايضا بمشاركة السودان بوفد كبير ولى اول مرة فى الاسبوع الاخضر الشهير ( المعرض الزراعى) والمعرف عالميا والذى يقام سنويا ومنذ اكثر من سبعين عام فى مدينة برلين وتشارك فيه اكثر من 180 دولة ولم يشارك السودان بصفة رسمية خلال كل تلك الحقب الزمنية الماضية وتزايد عدد المبعوثين للتحضيرللدراسات العليا وصادق البرلمان قبل اسابيع على تمديد فترة اقامة الوحدات  المختلفه من قوات الجيش والشرطة الالمانية المشاركة فى العملية المختلطة للاتحاد الافريقى والامم المتحدة فى دارفور 
تاكيدأ لتحسن العلاقات  الثنائية بين البلدين كانت مأدبة الغداء التى  دعت اليها وزيرة الدولة  بوزارة  الخارجية الالمانية فى ارقى الفنادق البرلنية وشرفها عدد  من كبار المسؤولين من وزارة التعاون الدولى و وزارة الداخلية ومؤسسة فريدرش ايبرت ومدير المتحف المصرى  وسفراء سابقين عملوا فى السودان وشخصى الضعيف, لوداع  سعادة السفير د. بهاء الدين حنفى والتى امدت الى اكثر مكن ساعتين وقفت وزيرة الدولة وارتجلت كلمة باللغة الانجليزية,   تحدثت قرابه النصف ساعة  معددة الجهود المضنية والصبر وطول البال مع صعوبة المهمة والاداء الممتاز المميز الذى قام به السفير د. بهاء الدين حنفى من اجل تطور العلاقات الثنائية بالرغم من الهزات الكثيرة التى صاحبت فترة اقامته  وجهده اللحوح المتواصل خلال السبع سنوات وقالت بالحرف الواحد ( ما نراه اليوم من زيارات شخصيات دستورية كبيرة و وأشارت الى زيارة النائب الأول و وزير الخارجية وأخيرا وقبل اقل من اسبوع من هذا الحفل  زيارة  وزير الداخلية السودانى بدعوة رسمية من الحكومة الالمانية, من كان يصدق هذا؟ وعوده منظمة ( القي زد) للمساعدات الفنية وعددت الكثير واشادت بشخصية الرجل ومدحته كثيرا وهنا أحب ان انوه بأن  المسؤولين الألمان لا يعرفون( اللف والدوران) وصريحين منتهى الصراحة ولا يجاملون قط , ويقصدون ما يعنون وكلمة الوزيرة كانت تقييم و شهادة عمل بدرجة ممتاز للسفير حنفى وهو قام بدوره وارتجل كلمة باللغة الانجليزية ولمدة نصف ساعة تقريبا  معددا النقاط المحورية فى مسار العلاقات الثنائية  ,ورده اتاح لنا الحضور الفرصة لنتعرف على خبرته وممارسته العمل الدبلوماسي  وسعة وعمق فى النظر والتحليل ودقة فى العبارة  فى رده المباشر على الكثير من القضايا و الاحداث ,عبر رؤاه وأفكاره فى العديد من القضايا المهمة والعالقة بين البلدين, وملاحظاته الدقيقة عن قرب للسياسة والمجتمع الالمانى    وتبين لى جليا مدى حبه وعشقه للمفكرين والفلاسفة الالمان (ماكس فيبر) و ( هبرماس) (ونيتشا)
  دراسته للعلوم السياسية فى انجلترا حيث اكمل درجة الماجستير  والولايات المتحدة الامريكية حيث اكمل درجة الدكتوراه  وعمل هناك لسنوات طويلة اكسبته مشاركاته  الواسعة والمهام التى اوكلت اليه  فى عدد من المنظمات الدولية وتعامله فى السياسة الدولية و العلاقات بين الدول خبرة سهلت مهمام  عمله فى برلين  و عندما انتهى من كلمته سألته الوزيرة عن موعد سفره لبلاد السودان ورد عليها الرجل ردا ذكيا قائلا(  يوم 28 ديسمبر, و (باللوفتهانزا) ولمعلوميتك شركة طيران( اللوفتهانزا) أعلنت عن ايقاف رحلاتها للخرطوم ابتدأ من بداية العام القادم, وسألت مستغربه لماذا؟ فرد عليها,,على ما أعتقد لى أسباب ماليه, ولا أدرى!!!وأنتى الآن  وقبل تشكيل الحكومة الجديدة وزيرة للخارجية وباستطاعتك عمل الكثير بخصوص هذا الموضوع) ضحك الحضور كثيرا الى هذه الاشارة الذكية ومدير مكتبها كان يجلس على شمالى وقال لى بامكانها عمل الكثير فى هذا الموضوع  وسعادة السفير برهن على شطارته
 ومرة اخرى, برلين أبهت بك يا بهاء و وداعا ونتمنى لك التوفيق ودوام الصحة والعافية وأختم مقالى مقتبسا ايضا بسؤال تعود الاستاذ الفاتح جبرا طرحه فى نهاية عموده
 أخبار ملف بتنا شنو............؟
وبالله عليك ما تنسى تسلم  ( المفاتيح)..........( مارشال) المديرية البرلينى منتظر على أحر من الجمر


جعفر قسم الله سعد
مشرف اجتماعى مقيم فى برلين.
 ا


 

إنفجار العنف في جنوب السودان يضاعف ماسأة اللأجئين السودانين من النيل الازرق وجبال النوبة

$
0
0

مــــركز النيل الأزرق للعــدالة وحقوق الانسان

( المركز الاستراتيجي للدراسات الثقافية والاجتماعية بالنيل الازرق )

                  



الاثنين/ 23/ديسمبر/2013



      لقد تسبب انفجار العنف فى جنوب السودان  فى منتصف دسمبر 2013 فى زيادة معاناة اكثر من 200 الف من اللاجئين السودانين  الفارين من جحيم المعارك فى ولايتى النيل الازرق وجنوب كردفان، وويقع معسكر ييدا فى ولاية الوحدة التى اصبحت بالفعل خارج سيطرة الحكومة بينما تقع معسكرات دورو ويوسف باتيل وجندراسا وكايا فى ولاية اعالى النيل التى تشهد توترات عسكرية كبيرة واستقطاب واسع للمليشيات القبلية واشتباكات حول ملكال عاصمة الاقليم ، وتشير كثيرا من التقارير الواردة من ولاية اعالى النيل ان المناطق التى تقع بها معسكرات اللاجئنين او التى حولها مرشحة لتكون ارضا لمعارك ضارية اذا لم يوجد حلا سريعا للنزاع الدموى فى جنوب السودان.

   سيكون امتداد المعارك الى ولاية اعالى النيل كارثة حقيقية للاجئين ستعرض حياتهم للخطر وستربك معسكراتهم الهشة حديثة التكوين كما ستزيد من تدفقات النازحين الذين سيطلبون الحماية بمعسكرات اللاجئين المكتظة والفقيرة الخدمات .

   ان تصاعد المعارك العشوائية وتدهور الوضع الامنى وإستهداف مقرات الامم المتحدة أجبر كثيرا من الدول على إجلاء رعاياها بما فيهم العاملين فى وكالات الامم المتحدة والمنظمات العاملة فى تقديم الخدمات الانسانية فى ذات الوقت الذى يتطلب جهدا اضافيا للتصدى للتدهور المريع فى الوضع الانسانى خاصة مع تدفقات الجديدة للنازحين الذين احتموا بمقرات الامم المتحدة، وقد زاد الوضع سوءا توقف العمليات الدم الوجستى لمعسكرات اللاجئين والتى تم تخصيصها بالكامل  لعمليات الاخلاء، مما يعنى التخلى نهائيا عن اللاجئين ليواجهوا لوحدهم مصيرا مظلماً .

    ويعتمد اللاجئون القادمون من السودان بشكل كامل على المعونات الانسانية التى تقدمها الامم المتحدة والمنظمات الانسانية والتى تكافح من أجل إنقاذ حياة اللاجئين السودانين وتوفر الماء والطعام وتعمل فى ظروف قاسية ومعلومة للقضاء على امراض سوء التغذية والاسهالات و الحمى الصفراء والتى تسببت بالفعل فى مقتل الالاف اغلبهم من الاطفال، ويتعبر انسحاب المنظمات الانسانية فى هذا الوقت كارثة جديدة تضاف الى معانات اللاجئين الكبيرة .              

   اننا اذ نأمل فى إيقاف نزيف الدم فى جنوب السودان، ندعوا كافة أطراف النزاع للعمل باخلاص على إيجاد حل سريع يجنب البلاد ويلات الانزلاق الى حرب اهلية شاملة، كما ندعوهم الى الحرص على حياة اللاجئين وتامين معسكراتهم والحفاظ على ممتلكاتهم والسماح للمنظمات الانسانية للقيام بدورها فى الحماية وتقديم الخدمات كما نرجوا من المجتمع الانسانى العمل على مضاعفة الجهود لتوفير الخدمات الانسانية والمواد الاساسية والعمل على حماية كافة المدنيين وعدم التخلى عن اللاجئين فى هذا الوقت العصيب .

                 

فى خطوة اولى الاستاذ حيدر خيرالله يتقدم بشكوى ضد فاطمة الصادق

$
0
0



الخرطوم / سعاد الخضر

تقدم صباح  الإثنين 23/12/2013الاستاذ حيدر احمد خيرالله بأول  بلاغ جنائى لدى /نيابة الصحافة والمطبوعات ضد الاستاذة/ فاطمة الصادق على خلفية مقالها يوم السبت بجريدة الاهرام اليوم على زاويتها (خط التماس)والذى جاء فيه ( فى كل بيت سودانى مدمن وصايع وزاني ) وقد فتح البلاغ تحت مواد القذف والسباب واشانة السمعة ، وفى رده على سؤالنا للاستاذ / حيدر لماذا لم يرد على الكاتبة : أجاب  على ماذا ارد ؟ وماهو الموضوع الجدير بالرد؟ ان هذا البلاغ هو البداية لحملة مليون عريضة ضد الكاتبة لتكون عبرة لكل قلم وكل منبر لايرى عظمة الشعب السودانى ونبله وعفافه ، ولنعرف من يقف خلف الكاتبة ويريد تشويه شبابنا.. ولبراءة الاقلام والاعلام ممن لايرون للكلمة والشعب قداسة ، هذا ومن المتوقع القاء القبض على المتهمة فى غضون اليومين القادمين ..


ذكري الشهيد الدكتور / خليل ابرهيم بقلم أبو القاسم عبد الرحمن بشير - كندا

$
0
0

                                                         بسم الله الرحمن الرحيم
        (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله علية فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)
                                                         صدق الله العظيم
 عامان مضت علي روح الشهيد الطاهر ابن السودان البار زعيم المهمشين مؤسس حركة العدل والمساواة الدكتور الشاب /خليل إبراهيم محمد فضيل . نعم لقد فاض روحك الطاهر روت الأرض التي أحببته ومن اجله قدمت روحك رخيصة فداء ونضال من اجل المقهورين والمشردين  الضعفاء ، العجزة  المساكين والمسنين وكفالة الأيتام ، ليست هذه صدفة بل هو ديدنك منذ كنت طالباً في كلية الطب بجامعة الجزيرة ، كم شهدوا إليك زملائك في أثناء غيابك عنهم حتي اللذين كنت تخالفهم في الرأي سياسياً ،فكرياً وتنظيما شهدوا إليك بطاهرة اليد ونظافته وسلامة اللسان وجوهر الأخلاق السامية  و متانة  السيرة  و فوق كل ذلك رب للخصال تعظيماً . لك الرحمة والمغفرة يا (أبا إيثار) بقدر ما قدمته للثكالي  ، الارام والبؤساء .

الشهيد الصادق أبو خليل تاريخه عندما كان مسؤلاً بدار فور ( الفاشر)
      كان مستشاراً في الولاية مع بداية التسعينات وتعرفنا اليه عن قرب  فكان واحد من اصدق أبناء الإقليم في ذاك الوقت ومعه صديقه ورفيق عمره الشهيد المحامي الشاب اللبق / جمالي حسن جلال الدين بطل ملحمة الذراع الطويل الذي إ ٌستشهدَ في قلب الخرطوم  ومعهم الاخ /المناضل مؤسس الحركة منذ بديتها وأمين سرها وحميم الدكتور خليل الذي  حضر  معه كل المعارك الضاربة ضد النظام  الفاسد و أوكارها ، حيث فقد عينه الايسر في معارك جبل مون وانكسرت يده في معركة الذراع الطويل  ورغم ذلك لا يلين ولا يمل بل ظل أسداً يزمجر يميناً وشمالاً أينما دارت معركة فكان هناك واقفاًَ شامخاً ينتظر بداية مضمون الآية الكريمة .  علي هو البطل /احمد ادم بخيت دخري/ نائب رئيس الحركة و ألباشمهندس :- ابوبكر حامد نور صاحب الحكمة والدهاء دينمو الحركة  امين الادارة والتنظيم ، الذي اكتسب محل حب واحترام لكل أبناء الحركة داخلياَ وخارجياَ وخاصا الأخوة الضاغطين علي الذناد والقابطين علي جمرة القضية في مساراح العمليات  ومازال ابوبكر صديقا بالميدان مع إخوانه أبطال الذراع الطويل.
      نرجع الي سيرة الدكتور أثناء كان واحد من أصحاب القرار بولاية دارفور ، كان مستشاراً ثم   وزيراً للصحة ، أخيراً وزيراً التربية والتعليم ، إنجازاته في الصحة ، الدواء الدائري ،أسس  شركة الدواء لتوفير النقص من العقاقير الطبية بأي صورة ، والأمر كان موكل الي أركان حربه الشهيد/ جمالي ، عبدالقادر عزالدين ، ادم ادريس . فمنهم علي قيد الحياة يمكن الرجوع اليهم .
       وعندما كان وزيراً للتربية أسس مستشفي خاصة للمعلم وسمي بنفس  الاسم (مستشفي المعلم  )وهي مدرسة الأهلية     المتوسطة سابقاً  . شعوراً منه بقدسية التعليم  والتعلم  ومكانة المعلم في المجتمع وتشجيع الشباب في مهنة التعليم وتحفيزهم  ولكن من المؤسف لم يستمر  هذا السرح الطبي طويلاً  بعدما  نُقل الشهيد من الولاية  تأسفياً بسبب مؤمرات الأستاذ / جبريل عبد الله وآخرين .
 ذهب الشهيد الي مسقط راسه في الطينة وبعد الاستقبال ُطلبوا منه أهله أن يبني لهم مدرسة فرفض وقال لهم انتم محلية غنية عندكم بهائم (جمال ،ضأن  ، ماعز ) فممكن أن تبنوا  مدرسة وأنا بدوري نميدكم بمعلمين أكفاء   ، لأنو في محليات أفقر  منكم مثل الطويشة  ، أم كدادة  أَولي  بذلك فغضب الأهل منه . ولكن هذا هو خليل يطبق العدل حتي علي نفسه وأهله والكل أبناء إقليم واحد لا فرق عنده بين الطينة والطويشة .
         شعر النظام بخطورة هذا الرجل ومكانته المميزة وسط أهله بدارفور ُنقل الدكتور الي جوبا مستشاراً للحكومة ومنها الي الدمازين وزيراً  ومديراً  للمنظمة مكافحة الفقر بالخرطوم  ، قدم الشهيد إستقالته وغادر السودان الي هولندا وكانت ميلاد  حركة العدل والمساواة السودانية ، انظروا الي التضحيات الجسام ونكران الذات ترك المناصب طوعاً وإختياراً وزهداً بينما الذين فقدوا مناصبهم  في حكومة المؤتمر الوطني الأيام القليلة الماضية كيف كانت أحوالهم  ، وزير المعادن السابق  يبكي وينوح ويتشبس بالحكم ، وصلاح قوش من دون خجل قال (عمر البشير أبوه ) اين انتم يا هؤلاء من العفة والصدق والأخلاق النادرة .

الشهيد الدكتور وآخر لقائي معه عبر الهاتف أثناء كان محتجز في ليبيا .
 اتصلت بالدكتور في التاسع من رمضان فقابلني إبنه المناضل  ابن الشهيد المهندس / ابوبكر  ، علي هو محمد ابوبكر فقال لي الدكتور  بيصلي وبيرجع إليك بعد الصلاة وفعلاً اتصل بي فسلام علي وقال ( ازيك يا نچور ) فتباد لنا السلام فقلت له بعدما تحدثنا في  امور كثيرة ما يقارب النصف ساعة يا دكتور انت جالس في يأتوا ظروف فقال لي لدنيا والزمان ( أنا محتجز في فندق من ِقبل الحكومة الليبية  بأمر من القذافي وغير مسموح لي بالخروج إلا فقط كل أسبوع لصلاة الجمعة ) فقلت له يا الدكتور انتم ما شافين الحاصل في الخارج وطرابلس راح تسقط فلازم تخرجوا في خلال اليومين الجاية ،فقال لي ( يا ولدي في بعض الجهات النافذة قالوا لي نخارجكم من هناء ولكن  الدوحة مباشرا بشرط توقع علي الوثيقة الكرتونية، فقلت لهم اقطعوا يدي هذا اذهبوا بة الي هناك فانا لانبيع القضية من اجل أن نعيش فإذا قدر الله أن نموت هناء فاهلاً بذلك وانتم واصلوا المشوار والرجل بموت كم مرة يا ابني  ؟ وإذا رجعنا الي بلادنا سوف نلتقي في الميدان بإذن الله ،  الدكتور يعيش في أصعب إلا حوال سألني عن أبنائي وبعض الأخوة هم الأن بالسودان يجمعنا معه علاقات قوية منذ ١٩٩٢ . هذا هو الدكتور خليل  ، فعلاً لقد فارقتنا بجسدك ولكن روحك الطاهر بيننا الي آخر مهمش داخل  و خارج السودان والكل  يحبك ويترحم عليك حتي بعض المشاركين مع النظام ( جيوبهم مع المؤتمر الوطني وقلوبهم معاك يا ( أبو إيثار )

                   




                بقلم :-   أبو القاسم عبد الرحمن بشير - كندا
                                                                                              gasimgolo@yahoo.com

وح) أوباما بالتهاني بالأعياد من البيت الابيض أم من توريت ؟/محبوب حبيب راضي

$
0
0

 
تحل علينا هذه الايام إحتفالات الانسانية بأعياد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية، وسط تساقط كثيف للثلوج بمنظقة الشرق الاوسط لم تشهد المنطقة له مثيل، إلا قبل ما يذيد عن المئة عام كما جاءات التقاير. والتي على إثرها فقدت الانسانية، أحد المبدعين تجمدا في صقيع القاهرة.
وتزامن مع هذه العواصف حريق كبيرهائل في غابات زيت أفريقيا الاستوائية الاسود، بالقرب من كينيا وأوغندا وأفريقيا الوسطى. وشهدت المنطقة هرجا ومرجا مفاجئ للكثيرين الذين عقدت الدهشة أفواههم وغيمت على رؤاهم ضبابية الثلوج القادة من سهول سيبريا المتجمد منذ آلاف السنين.
وفي هذا المشهد المرتبك الشديد التباين، إذا بيد من حافة الكرة الارضية ترتفع وسط هذا الحطام المتشظي شمالا وجنوبا وينادي منادٍ في أرجاء المعمورة صائحا:
هنالك من ( يلــوح ).
وسنعود لهذه المفردة بشئ من التفصيل الدقيق والاسهاب اللغوي والمدلولات السياسية لها، ربما في مقام آخر فيه مقال.
كنا قد أسلفنا الكثير والاسلاف يعني ما هو مدرك ( سلفا )، فلا يعاد ذكره، بأن أعياد الميلاد من المناسبات التي يتبادل فيها شعوب الارض التهاني والامنيات الطيبة، و يأتي فيها بابا نويل بالمفاجأت ويحقق الامنيات.
ولكل إنسان أن (يتمني أمنية) أو بالانجليزية  ( Make a Wish ). تري ما هيه الامنية التي يتمناها كل فرد من الشعب السوداني في شمال الوادي وجنوبه والتي يتفقون عليها، بخلاف الاماني الشخصية، في هذا الميلاد.

محبوب حبيب راضي

كلمة الحزب الاتحادي الديمقراطي/الجبهة الثورية في حفل تأبين الدكتور خليل ابراهيم

$
0
0


بسم الله الرحمن الرحيم
الحضور الكريم                    تأبين الدكتور خليل ابراهيم             
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال قال رسول الله (ص): "لما أصيب إخوانكم- يوم أحد- جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، و تأكل من ثمارها، و تأوي إلى قناديل من ذهب مدلاةً في ظل العرش، فلما وجدوا مأكلهم و مشربهم و مقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا أنا أحياء في الجنة نرزق، لئلا ينكلوا عن الحرب و لا يزهدوا في الجهاد، فقال الله عز وجلّ : أنا أبلغهم عنكم .فانزل الله تعالى: "و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم من فضله..."صدق الله العظيم
وروى ابن ماجة و الترمذي عن المقدام بن عبد يكرب انه قال قال رسول الله (ص): "للشهيد عند الله ستة خصال : 
يغفر له في أول دفعة من دمه و يرى مقعده من الجنة
و يجار من عذاب القبر... و يأمن من الفزع الأكبر
ويوضع على رأسه تاج الوقار ، الياقوتة منه خير من الدنيا و ما فيها
ويزوج باثنتين و سبعين زوجة من الحور العين
و يشفع في سبعين من أقاربه ."صدق رسول الله (ص).
لقد اصطفى الله  الدكتور خليل و ميزه فاختاره إلى قربه شهيدا، فهنيئاً له بما وعد الله عز وجل به الشهداء و الحمد لله الذي كرمنا بمعرفته و هدانا بفكره و اسعدنا بصحبته.
الحضور الكريم
لن أتحدث عن ملابسات استشهاد القائد البطل و لا عن تداعياته السياسية، لكني أود أن احدثكم  عن معرفتي بالشهيد كما أود ان احكي لكم قصة حكاها لي لها دلالتها و معانيها العميقة
عرفت الشهيد عام 2005 في ألمانيا خلال انعقاد مؤتمر تحت شعار السودان ما بين الحرب و السلام، فعرفت رجلا شهما صادقا امينا و سياسيا بارعا ذكيا ملما بقضايا مواطنيه ، مؤمنا بوحدة وطنه. عرفت فيه قائدا محنكا  فذا و مناضلا شجاعا جسورا . حادثته فحدثني حديث العلماء و الابتسامة الطيبه الودودة تعلو و جهه الصبوح .. و كان ذلك في غرفتي فيي الفندق إثر اجتماع ضمه و الاستاذ علي محمود و د. محمد و شخصي قال لي عقب الاجنماع:  لقد تخطت حركتنا الاحزاب لأنها لم ترقى يوما الى تطلعات الشعب  تم حكي لي قصه و سألني أن أفكر في مضمونها..قال : "في أول انتخابات في السودان –عام 1953 – فاز عبد الله خليل بك بدائرة أم كداده و كان فوزه بالتزكية فذهب اليه أعيان المدينة مهنئين و طالبوه بطلبات بسيطة من ضمنها طاحونه و مدرسة. فقال لهم أنا مرشح السيد عبد الرحمن فاذا اردتم شيئا فاذهبوا اليه فرجعوا ادراجهم بخفي حنين ".
تبدو القصة بسيطة لكن اذا ما حاولنا فهمها من وجهة نظر شهيدنا واذا ما تأملناها نجدها عميقة المعنى كثيرة الدلائل فهي تفضح الاحزاب و تكشف لنا أن الاحزاب السودانية لا ترتبط و لا تهتم بسندها الجماهيري إلا عند الانتخابات و التصويت . و نادرا ما ترى ممثل الدائرة قبل قرب موعد الانتخابات .
ومن دلالاتها  انها توضح ا لنا  عجز الاحزاب عن استيعاب الواقع السياسي والاجتماعي و هي دائما عاجزة و غير مؤهلة لطرح حلول و معالجات لقضايا الوطن ووضع أسس و ثوابت للحكم. . بل نجدها قد ساهمت و بعضها يساهم الان  في ظهور الواقع المتدني في وطننا و يشارك نظام الانقاذ الدموي جرائمه و ينحاز اليه ضد ارادة الشعب رعاية لمصالح شخصية و أسرية.
إن ممارسات الاحزاب أدت لتخلف وطننا و وأد الديمقراطية فيه و ذلك لفشلها  في تطوير آلياتها و برامجها بالشكل المناسب و لضعف هيكلها التنظيمي و لعدم ممارستها الديمقراطية داخلها  و للاسف نجد ان الحزب باكمله ينحصر في افراد أو مجموعة صغيرة . و نحن كاتحاديين ديمقراطيين نسعي مع كل الأطياف الثورية داخل الحزب و خارجه لتغيير هذا الواقع المرير .
من هذا المنبر نعاهدك أخي الشهيد القائد على أن نسترد حرية و ديمقراطية وطننا و نعض عليهما بالنواجذ  و نقبض على جمر مبادئك بالاصابع لا يغرينا وعد و لا يرهبنا و عيد و لا نخشى عدوا و لن يلهينا صديق عن تحقيق ما نريد . الاخ القائد  تركت بيننا مناضلينا شجعانا محبيين لوطنهم أوفياء لك ولمبادئك السامية هم تلاميذك و خريجي مدرستك بقيادة رفيق دراستي  الاخ المناضل د جبريل و هو نعم القائد و خير الرفيق.
نعاهدك بأن نعود قريبا منتصرين لا نريق دماء المدنيين و لا ننتهك حرمة و لا نسطوا على مال أحد و أن نسترد مال الشعب و ثرواة وطننا المنهوبة و نقدم كل من أجرم في حقه للمحاكمة العادلة لا يدفعنا حقد و لا انتقام .. لكنها العدالة "و لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب "ونعاهدك أن نبني السودان الجديد ، السودان الذي كنت تحلم به و تريد أن تبنيه .. السودان الذي يتساوى فيه الجميع دون تمييز لعرق أو لون أو دين ..السودان الذي يأمن فيه المواطن على نفسه و ماله و عرضه و حريته نعاهدك أن نرسي دعائم العدل و المساواة في كل أرجائه .
الاخوة المناضلين في حركة العدل و المساواة أحيي نضالكم و كفاحكم المستمر و تضحياتكم العظام من أجل الحق و العدل و جهودكم البناءة من أجل لمّ شمل المعارضة  كما أنقل اليكم و للحضور الكريم تعازي الاخ نائب رئيس الجبهة الثورية الاستاذ المناضل  التوم هجو  الذي يشارككم عواطفكم النبيلة و كذالك اعضاء الحزب في الميدان و خارجه.
للجميع الشكر و التقدير على الحضور و حسن الاستماع..  المجد و الخلود لشهداء و طننا و عاشت مبادئ و اهداف د.خليل خالدة تنير طريق المناضلين في كل مكان تقودهم في طريق الحرية و الديمقراطية.
لا حول و لا قوة إلا بالله  العلي العظيم .و إنا لله و إنا اليه راجعون .
الامين جميل
ممثل الحزب الاتحادي الديمقراطي بأروبـا/  الجبهة الثورية .


المنتدى الثقافي بالرياض يحتفي بخبير سوداني حقق انجازا تقنيا فريدا

$
0
0

        
صنف كتابه ضمن أفضل عشرة كتب في العالم في مجال أمن الشبكات
المنتدى الثقافي بالرياض يحتفي بخبير سوداني حقق انجازا تقنيا فريدا
الرياض: اسامـة الوديـع
 
 احتفت السفارة السودانية بالرياض بالخبير التقني السوداني الدكتور محسن محمد زين العابدين الاستاذ في كلية علوم الحاسب والمعلومات بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض لتأليفه كتابا صنف ضمن افضل عشرة كتب في العالم في مجال أمن المعلومات والشبكات.
 
وجاء هذا الاحتفاء الذي  خاطبه سعادة  سفير السودان لدى المملكة الاستاذ عبد الحافظ ابراهيم خلال الامسية الثقافية التي  اقامها المنتدى الثقافي السوداني بمقر السفارة بالعاصمة السعودية الرياض بحضور نخبة من المهتمين  والشخصيات القيادية والاجتماعية وجمع من ابناء الجالية السودانية.
 واكد السفيرعبد الحافظ ابراهيم في كلمة ان مثل هذه النماذج المشرقة والمبدعة من ابناء السودان جديرة بالاحتفاء والتكريم على مختلف الاصعدة الرسمية والشعبية لما في هذا التقدير من رمزية تدفع اصحابها للمزيد من التميز والابتكار وتحفز الاخرين لتحقيق نجاحات يشاراليها بالبنان.
 
 وأعلن السفير عبد الحافظ عن توجه السفارة لرفع مثل هذه الانجازات المضيئة لابناء السودان في المملكة الى رئاسة الجمهورية حتى تحظى بالرعاية والاهتمام والاستفادة من قدراتها العلمية والبحثية  للإسهام في مسيرة التنمية والاعمار.
 
 وأوضح ان فكرة اقامة منتدى ثقافي اسبوعي تحت رعاية السفارة ياتي انطلاقا من ايمانها باهمية ايجاد منبر  يسلط الضوء على قضايا الفكر والثقافة ويستوعب انتاج المبدعين السودانيين في شتى ضروب المعرفة.
وقال  السفير عبد الحافظ ان"هذا المنتدى ولد باسنانه"اذ استطاع خلال مدة وجيزة من انطلاقته تنظيم ثلاثة ملتقيات فكرية تميزت بالحضور الفاعل والحوار الايجابي بمشاركة شخصيات سودانية عرفت بإسهاماتها العلمية والفكرية.
 
 وكان المنتدى نظم خلال الفترة الماضية ثلاث فعاليات الاولى محاضرة قدمها البروفيسور    الهادي عبد الصمد بعنوان قضايا التعليم العالي في السودان والثانية قدمتها الاستاذة نفيسة احمد الامين بعنوان الحركة النسائية السودانية مقاربة ثقافية وشكل حفل تكريم الدكتور محسن زين العابدين  الفعالية الثالثة للمنتدى فيما  يعتزم المنتدى بحسب ما اعلن امين عام المنتدى الاستاذ محمد التجاني عمر قش تنظيم العديد من الفعاليات خلال الفترة المقبلة.
 
 من جانبه اكد نائب رئيس البعثة السودانية بالرياض الدكتور خالد فتح الرحمن استمرار السفارة في احتضان  فعاليات المنتدى الثقافي السوداني وتقديم كل الدعم له ليصبح منارة اشعاع  تبرز ابداعات السودانيين في مختلف المجالات.
 وامتدح الدكتور خالد الجهود التي يبذلها القائمون على امر المنتدى  بمناقشة موضوعات تلامس قضايا الوطن وتشجع ابناء السودان على تقديم ما  لديهم من مبادرات خلاقة لافتا الى ان المنتدى  يسهم في بلورة افكار بناءة ووضع مقترحات وتصورات ترفد الساحة الثقافية السودانية  بمعالجات لكثير من القضايا.
 وأعرب نائب رئيس البعثة السودانية الدكتور خالد فتح الرحمن  عن التقدير والاشادة لما وصفه "بالانجاز الاشبه بالإعجاز "الذي حققه الدكتور محسن زين العابدين  بإحداث اختراق في مجال حديث ونادر وهو   المجال التقني بما يتطلبه من قدرات عقلية عالية وإمكانات تقنية متقدمة.
 وقال"يحق لنا نحن ابناء السودان ان نفخر بمثل هذا الشاب الذي شق طريقه نحو الريادة العلمية والعالمية بارادة وعزيمة قوية تجاوزت التحديات والصعاب"مؤكدا ان السفارة ستواصل رصد مثل هذه  الاشراقات للمبدعين السودانيين والاحتفاء بها  وتقديم التقدير والتكريم اللائق.
  وكان الخبير التقني الدكتور محسن محمد زين العابدين، وهو من مواليد فداسي الحليماب بولاية الجزيرة ويبلغ من العمر 34 عاما قدم شرحا موجزا لاهم الموضوعات التي يتناولها كتابه الذي صنف ضمن أفضل عشرة كتب في العالم في مجال أمن الشبكات من قبل معهد الإلكترونيات والكهربيات والمهندسين  بأمريكا.
  واستعرض الباحث والخبير التقني الدكتور محسن زين العابدين   المراحل التي مر بها  تأليف هذا الكتاب  باللغة  الانجليزية في الولايات المتحدة الامريكية  وما يتميز به عن الاصدارات المماثلة مشيرا إلى أن الكتاب يتناول أمن الشبكات والجرائم المعلوماتية وكيفية الحد منها.
 ودعا المشاركون في المنتدى الى  ترجمة هذا الكتاب الى اللغة العربية واتاحته في المكتبات والمؤسسات العلمية والتعليمية حتى  تتم الاستفادة منه كما اقترحوا إدراج هذا المؤلف النادر ضمن المناهج الدراسية في الجامعات المعاهد والكليات المتخصصة في مجال الحاسب الآلي والتقنيات الحديثة.
يذكر أن السيرة الذاتية للدكتور محسن محمد زين العابدين تشير إلى أنه من مواليد فداسي الحليماب بولاية الجزيرة عام 1979 وتخرج في كلية كمبيوتر مان بالخرطوم _ بدرجة البكلاريوس – مرتبة الشرف – في علوم الحاسب الآلي،  2003 و نال درجة الماجستير من كلية العلوم الرياضية والحاسوب – جامعة الخرطوم – 2006 ثم حصل على  درجة الدكتوراه من جامعة كيب تاون – جنوب إفريقيا – 2012.
وتضمن مسيرته العملية  مساعد تدريس ثم محاضراً بجامعة المستقبل بالخرطوم وجامعة بحري وهو يعمل حاليا أستاذ مساعد في كلية علوم  الحاسوب والمعلومات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وبجانب ذلك يتمتع بعضوية  كثير من اللجان على مستوى العالم.
    وللدكتور محسن زين العابدين  اسهامات كثيرة في المجال التقني من خلال عدد من البحوث وأوراق العمل والمقالات منشورة في المجلات والدوريات  المحكمة في مجال الحاسب الآلي، فضلا عن حصوله  على جوائز كثيرة في مجال الحاسب الآلي وتأليف كتاب في مجال الحاسب الآلي واستخداماته صنف من أفضل عشرة كتب في العالم في مجال أمن الشبكات من قبل معهد الإلكترونيات والكهربيات والمهندسين  بأمريكا.ت ع
 
 
                                                                  

بكرى الرطانى والنوبة ومعاهدة البقط بقلم هلال زاهر الساداتى

$
0
0


اطلعت على مقال لكاتبه السنارى اتهم فيه الفريق بكرى حسن صالح والذى عينه البشير نائبا"اول رئيس الجمهورية بعد الأطاحة بعلى عثمان واورد الكاتب ما بدر منه فى المدينة المنورة عند حجته الأخيرة مع رئيسه من رده على سؤال لأحد الحجاج السودانيين بقوله انت باين عليك من الشمال مما يعنى ضمنا"انه يتحدث العربية بطلاقة ، وذكر السنارى بكرى بانه نوبى رطانى من الشمال وليس عربيا"وان السودانيين فى الشرق والغرب وبالطبع فى الجنوب والذى تسببوا فى انفصاله لايتحدثون اللغة العربية وكما يقول الفرنجة ليست لغة امهاتهم ، ولهم لغاتهم الخاصة اى الرطانة ، ما عدا فى مثلث حمدى والذين ينسبون انفسهم الى العرب ويتبرأون من الأفريقيين أو الزنوج أو العبيد كما ينعتونهم ، كما ان العرب الأقحاح يقولون نفس القول عن السودانيين المسلمين مدعى العروبة ، ولا يعترفون بهم كعرب ، وتحضرنى هنا حادثة وقعت فى السعودية ، فقد كان هناك أخ جنوبى يعمل هناك من زمن طويل ولم يرجع الى السودان ، ولما سألوه عن السبب أجاب بقوله : ( أنا فى السودان تقولوا على عبد ، انحنا هنا كلنا عبيد ) ويقصد من يقولون انهم ابنآء العباس وغيرهم .
وذكر الكاتب بكرى بتاريخ السودان وحضارة النوبة التى امتدت لالاف السنين قبل دخول العرب الى السودان ومعاهدة البقط بين النوبة والعرب المسلمين وقائد جيشهم عبد الله بن سعد بن أبى السرح ، واشار الكاتب الى ما كتبه المفكر الكاتب الدكتور حيدر ابراهيم عن هذه المعاهدة وانها معيبة فى حق النوبة ، وانا هنا اود ان اشرك القارئ الكريم بتعريف هذه المعاهدة بنقل نصها من كتاب تاريخ السودان لنعوم شقير وتحقيق الكتور محمد ابراهيم ابو سليم ، والتعريف ايضا"بعبد الله بن سعد بن أبى السرح قائد جيش العرب المسلمين ، ومصدرى نقلا"عن كتاب محمد (صلعم ) للدكتور محمد حسين هيكل
قال المؤرخ : ان جل ما نعلمه عن دخول النصرانية الى بلاد النوبة ان جآءها رسل من الاسكندرية سنة 545 م  فبشروا اهلها بالنصرانية فاعتنقوها وتركوا عبادة الاوثان ، ثم لا نعلم شيءا"من اخبارهم حتى كان الاسلام وفتح المسلمون مصر سنة 18 ه  640 م . قال ابن الأثير ( فغزا المسلمون النوبة فرجعوا بالجراحات وذهاب الحدق لجودة رميهم فسموهم رماة الحدق ) وقال المقريزى ( وفى سنه ه 21 بعث عمرو بن العاص عبد الله بن سعد بن أبى السرح فى عشرين الف الى النوبة فمكث بها عبدالله زمانا"وصالحهم وقرر عليهم شيئأ"معلوما"من المال ، ثم ان عمرو بن العاص كتب الى عبدالله بن سعد بن أبى السرح بالرجوع اليه ، وفى سنة 23 ه 644 م قتل الامام عمر بن الخطاب وتولى بعده عثمان وكان عبد الله بن سعد بن أبى السرح من اقاربه فعزل عمرو بن العاص بن ولاية مصر وولى عليها عبدالله بن سعد . وفى اول ولايته نقض النوبة الصلح الذى جرى بينه وبينهم وارسلوا سراياهما لى صعيد مصر فأخربوا وافسدوا فغزاهم مرة ثانية عبد الله بن سعد بن أبى السرح المذكور وهو على امارة مصر فى خلافة عثمان فى سنة 31 ه 652م وحاصرهم بمدينة دنقلة حصارا"شديدا"ورماهم بالمنجنيق ولم تكن النوبة تعرفه وخسف به كنيستهم بحجر فبهرهم ذلك وطلب مليكهم قليدرون الصلح وخرج الى عبد الله وأبدى ضعفا"ومسكنة وتواضعا"فتلقاه عبد الله ورفعه وقربه ثم قرر الصلح معه على ثلثمائة  وستين رأسا"من الرقيق فى كل سنة ووعده عبد الله بحبوب يهديها اليه لما شكا له قلة الطعام ببلده وكتب لهم كتابا"نسخته بعد البسلمة :
  معاهدة البقط
( ( عهد من الامير عبد الله بن سعد بن أبى السرح لعظيم النوبة ولجميع اهل مملكته ، عهد عقده على الكبير والصغير من
النوبة من حد ارض اسوان الى حد أهل علوة . أن عبد الله جعل لهم امانا"ممن جاورهم وصدقة جارية بينهم وبين المسلمين ممن جاورهم من اهل صعيد مصر وغيرهم من المسلمين واهل الذمة انكم معاشر النوبة آمنون بامان الله وامان رسوله صلى الله عليه وسلم ان لا نحاربكم ولا ننصب لكم حربا"ولا نغزوكم ما اقمتم على الشرائط التى بيننا وبينكم على ان تدخلوا بلدنا مجتازين غير مقيمين فيه وندخل بلدكم مجتازين غير مقيمين فيه ، وعليكم حفظ من نزل بلدكم أو بطرفه من مسلم أو معاهد حتى يخرج عنكم وان عليكم رد كل آبق اليكم من عبيد المسلمين حتى تردوه الى ارض الاسلام ولا تستولوا عليه ولا تمنعوا منه ولا تتعرضوا لمسلم قصده وجاوره الى أن ينصرف عنه ، وعليكم حفظ المسجد الذى ابتناه المسلمون بفنآء مدينتكم ولا تمنعوا منه مصليا"، وعليكم كنسه واسراجه وتكريمه ، وعليكم فى كل سنة ثلثمائة وستون رأسا"تدفعونها الى أمام المسلمين من اوسط رقيق بلدكم غير المعيب يكون فيها ذكران وانآث ليس فيها شيخ هرم ولا عجوز ولا طفل لم يبلغ الحلم تدفعون ذلك الى والى اسوان وليس على مسلم دفع عدو  عرض لكم ولا دفعه عنكم من حد ارض علوة الى ارض اسوان . فان انتم أويتم عبد المسلم أو قتلتم مسلما"أو معاهدا"أو تعرضتم للمسجد الذى ابتنآه المسلمون بفنآء مدينتكم بهدمه أو منعتم شيئأ"من الثلثمائة رأس والستين رأسا"فقد برئت منكم هذه الهدنة والأمان وعدنا نحن وانتم على سواء حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين .
بذلك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولنا عليكم بذلك أعظم ما تدينون به من ذمة المسيح وذمة الحواريين وذمة من تعظمونهم من اهل دينكم وملتكم .
الله الشاهد بيننا وبينكم على ذلك
   كتبه عمرو بن شرحبيل فى رمضان سنة 31ه وهذه الجزية التى تدفعها النوبة تسمى بقط .
          من هو عبدالله بن سعد بن أبى السرح ؟ 
كان يكتب الوحى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فارتد مشركا"الى قريش زاعما"انه كان يزيف الوحى حين يكتبه ، وهو أحد ال17 الذين امر النبى بقتلهم عند دخوله مكة ولو وجدوا متعلقين باستار الكعبة ، ثم عفا النبى عن معظمهم عدا اربعة منهم قتلوا ، فلما هدأت الحال واستقر الأمر ورأى الناس من فسحة صدر الرسول ومنة عفوه الشامل ما رأوا طمع بعض اصحابه فى ان يعفو حتى عن هؤلآء الذين أمر أن يقتلوا ، فقام عثمان بن عفان وكان اخا عبدالله بن أبى السرح من الرضاعة حتى أتى  به النبى فاستأمن له ، فصمت محمد ( صلعم ) طويلا"ثم قال : نعم وامته .
وكما تنص هذه الجزية فان على النوبة  ان يدفعوا ثلاثمائة وستون رأسا"من الرقيق الذكور والأنآث الشابات فى كل عام ، ولما كان يتعذر الحصول على هذا العدد فى كل مرة فانهم كانوا يكملون العدد من ابنآئهم وبناتهم ، وهؤلآء الاناث يعتبرن من ملك اليمين ويحق لمن يتملكهن معاشرتهن جنسيا"بدون زواج ، ويكون ما يلدن رقيقا"ايضا"، ويتمتع المتملك واولاده بمعاشرتهن ، فربما يعاشر الرجل بناته والابن اخته من ابيه ـ لا يفرق ما دمن أمآء !
هذه هى الحقيقة مجردة ، فالعاقل لا يتعصب لقبيلة أو شعب من عنصر بشرى وقبل هذا وذاك نحن ابنآء ادم وحواء . ( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا"وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ) الحجرات / 13
            هلال زاهر الساداتى



Viewing all 1667 articles
Browse latest View live