Quantcast
Channel: Sudanese Online:سودانيز اون لاين :
Viewing all 1667 articles
Browse latest View live

بعد الكُرَب جاء الجرب/صلاح يوسف

$
0
0

على المحك 
صلاح يوسف
salahyousif65@yahoo.com
بعد الكُرَب جاء الجرب
في زمان مضى من عمرنا كانت تنتشر في بلادنا بعض الأمراض والظواهر الوبائية التي لم نعد نسمع عنها كثيراً مثل السعال الديكي المسمى شعبياً بـ (الكتكوتة) وأورام فروة الرأس التي نرمز اليها بـ (القُوبة) والجذام والطاعون والجدري والجرب والحمى الصفراء وحتى تكاثر القمل في شعر الرأس أو بين ثنايا الملابس والأفرشة، لا لأننا بذلنا لها العناية الطبية اللازمة لدرجة الاستئصال الذي أفلحت فيه الأمم المتقدمة، وإنما لأن هناك مستجدات مرضية قاتلة - تقشعر لذكرها الأبدان - جعلتنا نصرف النظر عنها، فصار الناس يتحدثون عن الفشل الكلوي والسرطان وانسداد الشرايين والحصوة وأمراض القلب والايدز والجلطات الدماغية والضغط والسكري حمانا الله جميعاً. ولعل هذه الأمراض قديمة وكانت تسعى بيننا دون دراية لأن الوعي الثقافي في ذلك الوقت لم يكن بالقدر الذي يجعلها متداولة على ألسنة العامة كما يحدث اليوم. فما أكثر الذين توفاهم الله بهذه الأمراض دون أن يكونوا على علم بمسمياتها أو بلسمها الشافي.
ولعلنا نكاد أن نكون أسقطنا من قاموسنا مرضاً اسمه الجرب، بيد أنه أطل علينا هذه الأيام وقيل أن أعراضه ظهرت على أعداد كبيرة من الناس في ولاية غرب دارفور بالجنينة وما حولها وولاية سنار تحديداً في أبو حجار وود النيل والدالي والمزموم، وهو مرض ناقل للعدوى وسريع الانتشار إن لم تتم السيطرة عليه بعزل المصابين وعلاجهم عاجلاً خاصة وأنه ظهر بين الطلاب، أي أن ظروف تكدس الطلاب في فصول تستوعب أكثر من طاقتها ربما يكون فد ساعد على الانتشار بسبب الاحتشاد والتلاحم والاختلاط، أو العيش في بيئة تفتقر للعناية بالنظافة إذ ينتقل الداء عادة بمجرد الملامسة. فإذا كنا سابقاً بإمكاناتنا الشحيحة وبمحدودية أصناف العقاقير استطعنا جعل هذا المرض نسياً منسياً لا أعتقد أن هناك ما يجعلنا نعجز حالياً عن مكافحته مع تطور الطب وتنوع العقاقير الشافية. لذلك بقليل من العناية الفورية يمكننا القضاء عليه قبل أن يعم خبره القرى والحضر، غير أن المهم أن نتساءل عن الظروف التي جعلت هذا المرض يتذكرنا ويعود مجدداً. هل لأن المناطق التي ظهر فيها غير صالحة صحياً أم لأنها لا تعطي اهتماماً للنظافة حقاً، أم أنه وباء عارض نقلته عوامل الطبيعة فوجد مبتغاه في بيئة يبحث عنها؟ 
والجرب مرض جلدي يعود سببه إلى حشرات صغيرة غير مرئية تخترق الطبقة الجلدية وتستقر وتتوالد فتجعل المرء يكافحها تلقائياً بالحك الذي قد يعطي شعوراً بالراحة لكنه يوسع رقعة المنطقة المصابة علماً بأن كثرة الحك – ونحن نحتفي بالمقولة الشعبية (ما حك جلدك غير ظفرك) - قد تتسبب في تقرح وإدماء الطبقة الجلدية مع ترك بعض الآثار والتشوهات لفترة زمنية. هذا ما استحضره من معلومات عن الجرب، ولا شك أن ذوي الاختصاص الطبي قادرون على التعمق في تفاصيله والحماية منه ووسائل علاجه الناجعة. أما كلمة الكُرًب التي احتلت موقعها في عنوان المقال، فكما تقول القواميس إنها ترمز إلى حالات البؤس والحزن والعنت والمشقة التي صارت ملازمة للكثيرين في سعيهم اليومي مما يجعل حياتهم تسعد لو نجحت في الحصول على حد الكفاف الأدنى للبقاء دون طموح في الرفاهية أو التطلع لمظاهر الرقي والتحضر، ولذلك يرى البعض أن البيئة الصالحة لانتشار مرض الجرب دائماً ما تكون هي المناطق الفقيرة التي لا تملك ولا تواكب متطلبات العصر الوقائية. ولأن (الوقاية خير من العلاج) يتوجب الالتفات إلى إصحاح البيئة وتنقيتها من عوامل الإغراء التي تجذب الناقل المرضي. وإلى أن تلتفت الجهات المكافحة للمرض دعونا نطالب بانتظام عربات النفايات التي تسير بمزاج السائق وطاقم عماله الذين ينتقون ما يصلح للتدوير تاركين البقايا مهملة ومنتشرة مع إن مُحَصِلة رسوم النفايات – وهي دائما بنت لكي نخجل وندفع - تعاين هذا الخلل ويتم إبلاغها بأيام الغياب لكنها لا تتركنا وربما تقاضينا عند الرفض.      
         
        


نبض الحروف مقاصد الشريعة الإسلامية/الطيب النقر

$
0
0


بسم الله الرحمن الرحيم


إن جمهور المسلمين متفقون على أن أحكام الشارع لم تشرع إتفاقاً، "أي لغير أسباب إقتضتها، ومصالح قصدت إليها، ولم تشرع تحكماً أي لمجرد اخضاع المكلفين لسلطان القوانين، وانما شرعت لأسباب إقتضت تشريعها، ومقاصد قصد الشارع إلى تحقيقها"، فنحن إذا استقرينا موارد الشريعة الإسلامية الدالة على مقاصدها من التشريع، استبان لنا من كليات دلائلها، ومن جزئياتها المستقرأة أنّ المقصد العام من التشريع فيها هو حفظ نظام الأمة، واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه، وهو نوع الإنسان، ويشمل صلاحه صلاح عقله، وصلاح عمله، وصلاح ما بين يديه من موجودات العالم الذى يعيش فيه"،

فنحن اذا نظرنا إلي المجتمعات الإنسانية سنجد أن تصرفاتهم فيما بينهم تشغل حيزاً كبيراً من حياتهم، بل تشغل معظمها، ولعل ما لا يلتوى على ذهن، أو يند على خاطر، أن الإنسان في حياته لا يستغنى عن التعامل مع غيره؛ فهو محتاج إلي غيره، وغيره بالمقابل محتاج إليه أيضاً، "وتعامل الناس فيما بينهم مبنى على المصالح، وهذه المصالح يشوبها تعارض وتناقض، بسبب اختلاف مصالح الأفراد وتعارضها،ولكي تحفظ المصالح كانت المجتمعات الإنسانية بحاجة إلي شرائع، وقوانين تنظم أمور المعاملات بين الناس، وتضبط تصرفاتهم حتى لا يطغى بعضهم على بعض، ومن ثم، فقد اقتضت حكمة الله أن يُنزل لعباده شرائع يكون في الإلتزام بها حفظاً للمصالح، ودفع لأىّ ضرر أو ضرار، فكانت تشريعات الإسلام المتعلقة بالعقوبات تندرج ضمن دفع الضرر حفظاً لمقاصد الشريعة من أن تنتقص من أطرافها أو يتطرق إليها ضرر"

والملاحظ أن هذه الأصول أو المقاصد التي جاء بها ديننا الحنيف وحثّ على المحافظة عليها، وحدد لها العقوبات لحمايتها وصونها،"لم تختلف الشرائع السماوية عنها، إذ أنها مقاصد الفطرة السليمة، وهى في مجملها مصالح حقيقية وليست مرادفة للهوى والشهوة، لأن الأهواء والشهوات أمور شخصية ووقتية وكثيراً ما تكون إنحرافاً، والهوى في كثير من الأحيان ما يدفع إلي الفساد لأنه فى حقيقته إنحراف في النفس، يتبعه إنحراف في التفكير وعندما تتحكم الأهواء والشهوات يسود الفساد".

وقد قال الإمام الغزالى رحمه الله:(( أن جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق، وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم، لكنا نعنى بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع، ومقصود الشرع من الخلق خمسة:أن يحفظ عليهم دينهم، وأنفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة"والحفظ لها يكون بأمرين:"أحدهما ما يقيم أركانها، ويثبت قواعدها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود، والثانى ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم"ولذا، فيمكن القول أن العقوبات التي سنتها الشريعة الإسلامية، ورتبتها على اقتراف بعض الجرائم باعتبارها جزاءاً عادلاً لجملة من الجرائم لها أثر فعال في حفظ الضروريات، "وذلك يدفع ما يمكن أن يتطرق إليها من فساد وضرر، وحمايتها من ذلك كلّه، وإيضاحاً لذلك أقول إن الجرائم التى سنت لها الشريعة الإسلامية عقوبة دنيويّة تعد من الجرائم الكبرى التى يجب دفع أذاها عن المجتمع، ولا تندفع إلا بوضع عقوبة رادعة زاجرة، وسبب ذلك أنّ كلّ جريمة نص عليها الشارع الحكيم، وحدد لها عقوبة عادلة لما تدخله من ضرر عظيم،وفساد كبير على المصالح الضرورية الخمسة".

الطيب النقر



كاركاتير اليوم الموافق 12 ينائر 2014 للفنان عمر دفع الله

في ذكرى استقلال السودان/فيصل عبدالرحمن علي طه

$
0
0

في ذكرى استقلال السودان
   

في يناير 1968 احتفل اصدقاء المغفور له بإذن الله الامام عبدالرحمن المهدي بذكرى الاستقلال بدار حزب الأمة بحي الأمراء بأم درمان. كان بضمن المتحدثين المرحوم عبدالرحمن علي طه الذي إرتجل كلمة طويلة تناول فيها كيف بدأت صلته بالإمام عبدالرحمن وبعض الجوانب من تار يخ الحركة الاستقلالية. سنقتطف في هذا المقال بعض ما جاء في تلك الكلمة. وكان قد سبق ذلك إذاعة تسجيل لحديث بصوت الإمام عبدالرحمن.
قال عبدالرحمن علي طه: «كنت أود أن أبدأ حديثي هذا بقول المتنبئ - عيد بأية حال عدت يا عيد- ولكن شعر المتنبئ هذا متشائم ومسرف في التشاؤم. لذا عدلت عن ذلك خاصة بعد أن سمعت الكلمة القيمة التي سمعتموها معي بصوت السيد عبدالرحمن المهدي. عدلت لأنني تخيلت أن روحه الطاهرة ترفرف على هذ الجمع تحييكم وتسأل أسئلة كثيرة. تقول وتسأل «ما هو الحال بعدي؟ إنني أحببت الشعب السوداني بكافة طبقاته لا فرق عندي بين اتجاه واتجاه... لأنني عرفته شعباً قوياً متماسكاً يعمل جميع أفراده على استقلال السودان ويعملون بعد ذلك على صيانة هذا الاستقلال.. فماذا حدث بعدي؟» إن هذا السؤال سيظل حائراً لأنني لا استطيع الإجابة عليه.
تذكرون جميعاً إنه القائل «لا شيع ولا طوائف ولا أحزاب ديننا الاسلام ووطننا السودان». كأني بروحه الطاهرة تسألنا: «ماذا فعلتم بهذا الشعار وأين أنتم منه؟» فالإسلام إذا تحدثنا عنه - المرمى والمقصد - الذي كان يرمي إليه السيد العظيم لطال بنا الحديث... لذلك سأنصرف عن هذه النقطة وستظل الإجابة حائرة إلى أن تجد الجواب.

بداية العلاقة بالإمام
وعن بداية صلته بالإمام عبدالرحمن المهدي قال عبدالرحمن علي طه: «آسف أن أسرد هذا التاريخ لأنني أعتقد أن القليلين فقط يدركون هذا الأمر. كنت في معهد التربية ببخت الرضا في عام 1943 حين جاءني رسول يقول إن الامام عبدالرحمن بالدويم وسيحضر بعد ساعة لتناول وجبة الفطور معك. ولم يكن لي في ذلك الوقت أي معرفة بالإمام. أكبرت وعظمت الإمام الذي يسعى بدلاً أن يقول للرسول مره ليحضر إني أريد أن اتحدث معه - بل حضر بنفسه - ألا ما أعظمه. جاء إلى منزلي وتناولنا وجبة الفطور ثم قال لي: يا عبدالرحمن إن الشعب السوداني ناصر الإمام المهدي حتى انتصر وحتى انتزع استقلال السودان من الغاصبين. وهذا الشعب أنا مدين له بأشياء كثيرة أهمها نصرته للإمام المهدي ولا أدري مكافأة للشعب السوداني غير أن أعمل لاسترداد استقلاله، ولكني أريد رجالاً أعول عليهم فهل أعول عليك؟».
فكانت إجابتي كالآتي: «يا مولاي لولا أن المسألة تخرج  بي عن حدود الأدب واللباقة لقلت لسيادتك: إن استقلال السودان هو أملي الوحيد في هذا الحياة ولكنني أريد رجالاً أعول عليهم فهل أعول عليك؟ فضحك رحمه الله ولم يزد بكلمة واحدة. ومن ذلك الحين تبايعنا إلى أن أخذه الله إلى رحمته. إنني على عهده باقٍ مع إخوته الذين شرفوا هذا الحفل».
تكوين حزب الأمة
وعن وقائع تشكيل حزب الأمة ذكر عبدالرحمن علي طه في كلمته «حضرنا إلى الخرطوم وشرعنا في وضع دستور حزب الأمة. وهنا نقطة عابرة لا بد من ذكرها بأنني دفعت رسم الدخول للامام عبدالرحمن في حزب الأمة. فأنا عريق في هذا الحزب إلى أن القي الله... عندما انتهينا من وضع الدستور سأل السيد سرور رملي السيد عبدالرحمن قائلاً: نريد يا مولاي الإمام أن نعرف موقفك من هذا الحزب؟ هل أنت رئيس هذا الحزب أم سكرتيره قبل أن نمضي في العمل ولا بد من أن نتبين الموقف. فأجاب السيد عبدالرحمن إجابة الرجل الذي يعرف رسالته في هذه الحياة. فرد قائلاً «إني جندي في الصف ولكن الله سبحانه وتعالى وهبني بعض الإمكانيات المادية ما لم يتيسر للكثيرين منكم فسأهب هذه الإمكانيات وسأهب صحتي وولدي وكل ما أملك لقضية السودان».
   
بروتوكول صدقي - بيفن
ومضى عبدالرحمن علي طه للقول: «إلى أن جاءت سنة 1946 وبروتوكول صدقي - بيفن وقصته معروفة ولا أريد أن أكررها. ولكن لا بد من وقفة قصيرة لأنني أقرأ في الصحف وأسمع في الاذاعة هذه الأيام الحملات التي لا يمكن أن توصف بالدقة. وليس من عادتي وليس من عادات رجال حزب الأمة أن يهاتروا لأننا نؤمن بما آمن به السيد الإمام... ونؤمن بالمدرسة التي تلقينا الدراسة فيها على يد السيد الإمام وأن المهاترة لا تخدم أي غرض وأن السودانيين كلهم إخوة. ففي ذلك الحين عندما طرحت مسألة سيادة السودان... جاءت تلغرافات إلى السودان تطلب من بعض السودانيين أن يبتهجوا بالمناسبة السعيدة... وهي فرض السيادة المصرية على السودان. ولا ندري ماذا كان سيحصل لو أن حزب الأمة تباطأ وتكاسل وقال ليس بالأمر حيلة. لكن رجال حزب الأمة بقيادة السيد الإمام نجل الإمام المهدي الذي حمل السيف لينتزع الاستقلال فعل ما فعل مما لا أريد أن اتطرق له خوفاً من التطويل».
ولفائدة القارئ نذكر بإيجاز أنه تم في 25 أكتوبر 1946 التوقيع بالأحرف الأولى على مشروع معاهدة مساعدة متبادلة وعلى مشروع بروتوكول خاص بالسودان ومشروع بروتوكول خاص بالجلاء. وقد وقَّع من الجانبين إسماعيل صدقي وايرنست بيفن وإبراهيم عبدالهادي ولورد استانسجيت ورونالد كامبل السفير البريطاني في القاهرة. واتفق على أنه إذا لم تدخل الحكومة المصرية أي تعديل على هذه الوثائق بعد عرضها عليها رسمياً، فإن بيفن سيوصي الحكومة البريطانية بقبولها.
نص مشروع بروتوكول السودان على «أن السياسة التي يتعهد الطرفان الساميان المتعاقدان باتباعها في السودان في نطاق وحدة مصر والسودان تحت تاج مصر المشترك ستكون أهدافها الأساسية تحقيق رفاهية السودانيين وتنمية مصالحهم وإعدادهم إعداداً فعلياً للحكم الذاتي وتبعاً لذلك ممارسة حق اختيار النظام المستقبل للسودان. وإلى أن يتسنى للطرفين الساميين المتعاقدين بالاتفاق التام المشترك بينهما، تحقيق هذا الهدف الأخير بعد التشاور مع السودانيين، تظل اتفاقية سنة 1899 سارية وكذلك المادة 11 من معاهدة سنة 1936 مع ملحقها والفقرات من 14 إلى 16 من المحضر المتفق عليه المرافق للمعاهدة المذكورة نافذة، وذلك استثناء من حكم المادة الأولى من المعاهدة الحالية».
اعتبر صدقي مشروع البروتوكول المرة الأولى التي تعترف فيها بريطانيا بشكل قاطع وصريح في وثيقة دولية بسيادة مصر على السودان. وقال صدقي إن من شأن هذا الاعتراف القضاء نهائياً على السياسة البريطانية التي تفترض وجود سيادة مصرية - بريطانية مشتركة على السودان، وكذلك إزالة الفكرة الخاطئة التي كانت سائدة بين ممثلي الحكومات ورجال الفقه عن حقوق مصر في السودان.
وأشار صدقي إلى ميزة كبرى لمشروع البروتوكول وهي «أنه سيجعل سيادة مصر وحدها على السودان في نظر جميع الدول أمراً لا جدال فيه. وقد يكون لذلك في المستقبل أهمية كبرى فيما لو طرحت يوماً أمام هيئة الأمم المتحدة، مسألة تتعلق بالسودان».
كما قال صدقي إن سروره بمشروع البروتوكول دفعه «للاتصال ليلاً بالقصر الملكي بالإسكندرية لإبلاغه بأن تاج مصر قد ازدان بدرّةٍ جديدة، وأن ملك مصر قد عاد إلى الحدود التي رسمتها الطبيعة وسجلها التاريخ».
ومع انَّ الوثائق التي وقَّعت بالأحرف الأولى في لندن في 25 أكتوبر 1946 ويضمنها مشروع بروتوكول السودان لم تنشر إلا بعد عدة أسابيع من تاريخ توقيعها، إلا أن إسماعيل صدقي قال للصحفيين المرافقين له عند مغادرته لندن في 26 أكتوبر 1946: «لقد وعدتكم في مصر أنني سأجيء لكم بالسودان وقد بررت بوعدي». وفي نفس التاريخ أذاعت وكالة رويترز تصريحاً أدلى به صدقي إثر وصوله إلى القاهرة وقال فيه: «لقد صرحت في الشهر الماضي أنني سأجيء بالسودان لمصر. واليوم أُقرر أنني نجحت في مهمتي، ذلك أن الوحدة بين مصر والسودان تحت التاج المصري قد تقررت بصفة نهائية».
أثار تصريح صدقي أزمة سياسية كبرى في لندن والقاهرة والخرطوم وهذا بالرغم من محاولة رئيس وزراء بريطانيا كلمنت اتلي تطويقها. فقد أعلن اتلي في مجلس العموم في 28 أكتوبر 1946 أنه مع ان المحادثات المصرية - البريطانية تناولت علاقة السودان مع كل من مصر وبريطانيا، إلا أنه لا يتجه النظر إلى إدخال تغيير على ما يجري العمل به اليوم من حيث نظام السودان وإدارته أو إلى المساس بحق السودانيين في تقرير مستقبلهم. وقال اتلي إن التصريحات التي نسبت إلى صدقي مضللة إذا قصد منها الإعلان عن الوصول إلى اتفاق. ووصف اتلي ما جرى بين صدقي وبيفن بأنه محادثات تمهيدية، ولذلك لم يتم التفاوض على أي شيء بصفة نهائية.
ابتهج دعاة وحدة وادي النيل بتصريح إسماعيل صدقي بشأن قيام الوحدة بين مصر والسودان تحت التاج المصري. فقد أبدى إسماعيل الأزهري الذي كان آنذاك في لندن ارتياحه لتصريح صدقي وقال: «إن مصر ستقدم للسودان مساعداتها في سبيل نهضته الاقتصادية. وإن من شأن هذه الحركة وضع أساس متين لمستقبل السودان». كما قال يحيى الفضلي «إننا لم نستغرب أن يجيب الإنجليز هذا المطلب العادل لأننا نعلم أن من مصلحة بريطانيا اكتساب صداقة شعب الوادي العظيمة القيمة». وقال أيضاً إن السودانيين يتوقون إلى اليوم الذي تقوم فيه حكومة سودانية لحماً ودماً تدير شؤون السودان الداخلية في ظل وحدة وادي النيل تحت التاج المصري.
ولكن بيان رئيس وزراء بريطانيا كلمنت اتلي في مجلس العموم في 28 أكتوبر 1946 بأنه ليس هناك اتجاه لإجراء تغيير في النظام الإداري القائم في السودان خفف من فرحة دعاة وحدة وادي النيل بتصريح إسماعيل صدقي وأوجد في نفوسهم حالة من الشك بشأن طبيعة ما اتفق عليه صدقي وبيفن. فبينما كان طلاب كلية غردون يتأهبون في 30 أكتوبر 1946 للتظاهر ابتهاجاً بقيام وحدة وادي النيل ناشدهم رئيس اتحاد الطلاب عبدالقادر مشعال وبعض أعضاء اللجنة بالهدوء لعدم وضوح الموقف. وأبلغهم يحيى الفضلي بأنه تلقى برقية من إسماعيل الأزهري يطلب فيها التريث. كما أبلغهم يحيى الفضلي أن أزهري قال في برقيته إن بيان اتلي جعلهم يقابلون تصريح صدقي بتحفظ.
استنكر حزب الأمة تصريح إسماعيل صدقي واتهم البريطانيين بالخيانة. وقرر مجلس إدارة حزب الأمة مقاطعة المجلس الاستشاري ومجالس المديريات والبلديات ومؤتمر إدارة السودان الذي كان قد بدأ أعماله في 24 أبريل 1946. كما أعلن حزب الأمة الجهاد العام وبعث ببرقيتين إلى كل من إسماعيل صدقي وكلمنت اتلي احتج فيهما على التسليم بسيادة مصر على السودان ووضع السودان تحت التاج المصري. وقال فيهما أيضاً «إن السودانيين لن يرضوا بأن تكون حريتهم ثمناً لمصالح بريطانيا. وسيعمل الحزب لتحقيق استقلال البلاد وتحريرها من الاستعمار المصري والبريطاني بكل وسيلة مهما تكن وعليكم وحدكم تقع التبعات».
لا ينفسح المجال هنا لبسط القول حول بروتوكول صدقي - بيفن. غير أني أدعو من يرغب في الاستزادة ان يطالع كتابي الموسوم «الحركة السياسية السودانية والصراع المصري - البريطاني بشأن السودان 1936 - 1953» ليقف على تفاصيل أوفى عن البروتوكول وما انتهى إليه.

إلغاء المعاهدة والاتفاقيتين
ورد في كلمة عبدالرحمن علي طه أيضاً قوله «انتقل بعد ذلك دفعة واحدة إلى عام 1951. تعلمون أنه عندما أعلن النحاس إلغاء معاهدة سنة 1936 واتفاقيتي 1899 بشأن السودان واصدار مرسوم بأن يلقب الملك فاروق بملك مصر والسودان، تبع ذلك دعاية واسعة في السودان. ولعل بعضكم سمع الخطب في المساجد التي أصبحت تدعو إلى فاروق ملك مصر والسودان. ولكن هذا ما كان يمكن أن يستمر، ذلك والسيد الإمام وسنده من الرجال على قيد الحياة. أذكر أننا كنا آنذاك في المجلس التنفيذي للجمعية التشريعية فقال أحدنا للحاكم العام: إذا استمرت هذه السياسة على هذا النمط فإن حزب الأمة صمم على إنزال العلمين بالقوة... وإن حزب الأمة لن يرضى بهذا العبث بمقدرات الشعب وتطلعاته والدعوة لفاروق في مساجد السودان. فكان رد الحاكم العام: لا تستطيعوا أن تفعلوا ذلك لأنني سأتدخل بالقوة بوصفي الممثل لدولتي الحكم الثنائي. وانتهت المناداة في المساجد للملك فاروق ملكاً على مصر والسودان».
لفائدة القارئ أيضاً نفصل فيما يلي ما أجمله عبدالرحمن علي طه بشأن الغاء النحاس للمعاهدة ولاتفاقيتي السودان ومرسوم تلقيب الملك فاروق بملك مصر والسودان.
ففي 8 أكتوبر 1951 أعلن رئيس وزراء مصر مصطفى النحاس أمام مجلسي البرلمان أنه قد أصبح من المستحيل على مصر أن تصبر أكثر مما صبرت، وأنه ما دام السعي المتواصل لتحقيق مطالب البلاد عن طريق الاتفاق قد ثبت فشله، فقد آن الآوان للحكومة المصرية لأن تفي بالوعد الذي قطعته في خطاب العرش في 16 نوفمبر 1950 وتتخذ على الفور الإجراءات اللازمة لإلغاء معاهدة سنة 1936 واتفاقيتي سنة 1899 بشأن إدارة السودان.
وفي سياق تبريره لإلغاء اتفاقيتي 1899 قال النحاس إن الاتفاقيتين «عقدتا في وقت لم تكن مصر تملك فيه عقد المعاهدات السياسية. وكان الإكراه والإملاء واضحين فيهما وفي الملابسات التي سبقت عقدهما أشد الوضوح. فقد وقعهما وكيل نظارة الخارجية والمعتمد البريطاني. وهما خاصتان بإدارة السودان. ولم ينصا على أجل لانتهاء الوضع الذي فرضتاه. فهو وضع مؤقت أملته السيطرة البريطانية على أمور مصر في ذلك الحين فلا بدّ أن يزول بزوالها».
وقال النحاس كذلك إنه بإلغاء المعاهدة واتفاقيتي الحكم الثنائي «يعود الوضع في السودان من تلقاء نفسه إلى ما كان عليه قبل الاحتلال، فتستبعد كل علاقة للإنجليز بالسودان ولا تبقي إلا الوحدة الطبيعية التي تربطه مع مصر على مر الزمان. ويتعين بعد ذلك استكمال جميع أركان الوضع الشريعي بتعديل المادتين 159 و160 من الدستور المصري وتدارك ما كان الضغط البريطاني قد أكره الحكومة المصرية عليه عند وضع الدستور من حذف النص على وحدة الوطن وعلى تلقيب الملك بملك مصر والسودان. وهذا ما يتكفل به المرسوم المقدم إليكم باقتراح تعديل المادتين 159 و160 من الدستور ومشروع القانون المتضمن لهذا التعديل. كما يتعين إصدار قانون بشأن النظام الذي يجب أن يحل في السودان محل النظام القائم الآن».
وقد نص مشروع قانون نظام الحكم في السودان الذي قدمه النحاس إلى مجلسي البرلمان على أن يكون للسودان دستور خاص تعده جمعية تأسيسية تمثل أهالي السودان، وأن يكفل الدستور النظام الديمقراطي النيابي وإنشاء مجلس وزراء من أهل السودان واشتراك الهيئة النيابية مع الملك في ممارسة السلطة التشريعية مع الاحتفاظ بالشؤون الخارجية وشؤون الدفاع والجيش والنقد لكي يتولاها الملك في جميع أنحاء البلاد.
ويلاحظ أن مشروعات القوانين التي قدمها النحاس إلى البرلمان المصري تنسجم إلى حد كبير مع برنامج «وفد السودان في نضاله من أجل قضية الوادي» الذي أعلنه رئيس الوفد إسماعيل الأزهري في بيان أصدره في أبريل 1947. وقد اشتمل برنامج الوفد على العناصر التالية:
أولاً: إنهاء الحكم الثنائي وجلاء الإنجليز عن السودان.
ثانياً: إعلان قيام دولة وادي النيل الشاملة لحدود مصر والسودان المعروفة تحت التاج المصري مع وحدة السياسة الخارجية والدفاع تحت قائد الجيش الأعلى جلالة ملك وادي النيل.
ثالثاً: إصدار مرسوم بقيام حكومة من السودانيين لإدارة سائر شؤون السودان الداخلية على أساس ديمقراطي صحيح. ويعين جلالة الملك هذه الحكومة مباشرة ويخرج من اختصاصها شؤون الدفاع والسياسة الخارجية.
رابعاً: تشكيل لجنة مشتركة من المصريين والسودانيين لدراسة وتنسيق الشؤون المشتركة.
خامساً: قيام مجلس تمثيلي في السودان للتشريع والنظر في شؤون السودان الداخلية على أن تؤلف هيئة سياسية لتتسلم الأعمال من الحكومة القائمة وتقوم بإجراء انتخابات المجلس التمثيلي، ثم يجري تأليف الحكومة السودانية بالطرق الدستورية.
وغني عن القول فقد كان «وفد السودان» يقتصر آنذاك على الأحزاب الاتحادية.
أيد حزب الأشقاء (جناح أزهري) إلغاء معاهدة سنة 1936 واتفاقيتي سنة 1899. كما أيد نظام الحكم الذاتي الذي قررته مصر للسودان. وكان إسماعيل الأزهري قد حضر إلقاء بيان 8 أكتوبر 1951 من شرفة الزوار بالبرلمان المصري. وقال عقب ذلك إن البيان جاء معبراً عن الأماني والأهداف الوطنية التي أجمع عليها الشعب في وادي النيل في الشمال والجنوب. وأبدى أزهري إعجابه بتأييد السودانيين الشامل الكامل لحكومة الشعب بعد أن قامت الشواهد على إخلاصها وتفانيها في استمساكها بالأهداف العليا للوادي. واستطرد أزهري يقول: «إن من واجبنا ألا ندّخر جهداً ولا طاقة في كفاحنا للمستعمرين الغاصبين للشطر الجنوبي لوادي النيل، ولن نقيم لأرواحنا ولا لدمائنا وزناً في سبيل تحرير بلادنا وتحقيق أهدافها بجلاء الإنجليز من وادي النيل وتحقيق وحدته تحت تاج مليك مصر والسودان فاروق المفدى».
كما أيد حزب الأشقاء (جناح نور الدين) بيان 8 أكتوبر 1951 تأييداً مطلقاً، إذ قرر المجلس الأعلى لهذا الجناح في اجتماع عقده في 17 أكتوبر 1951 أن المرسوم الملكي الخاص بنظام الحكم في السودان جاء محققاً لمبادئ الحزب بالجملة والتفصيل.
وأعرب حزب وحدة وادي النيل أيضاً عن تأييده لإلغاء الحكم الثنائي. وقال رئيسه الدرديري أحمد إسماعيل «إن إعطاء السودان الحكم الذاتي تحت التاج المصري بالطريقة التي أعلن عنها يتفق مع وجهة نظرنا السياسية ومبادئنا التي ارتبطنا بها. بل إن ذلك هو نفس ما اتفق عليه وفد السودان بعد انسحاب الاستقلاليين منه. ولم يكن هناك اعتراض عليه إلا من حزب الاتحاديين الذي رفض وحدة الجيش وقبل وحدة الدفاع».
ورحب حزب الاتحاديين بإلغاء المعاهدة واتفاقيتي الحكم الثنائي باعتبارهما خطوة عملية لتحقيق مطالب وادي النيل المتمثلة في الخلاص من براثن الاستعمار البريطاني. وقال حزب الاتحاديين إنه يقف على أهبة الاستعداد للقيام بدوره الوطني بجانب الشعب المصري في الكفاح المشترك وسيعمل حتى تتحقق مطالب السودانيين التي رسمتها مبادئ الاتحاديين بقيام الحكومة السودانية الديمقراطية الحرة في اتحاد مع مصر تحت التاج المصري. وقد اعترض رئيس الحزب حماد توفيق على ما جا ء في المرسوم الخاص بنظام الحكم في السودان بشأن وحدة الجيش لأن الحكم الذاتي لا يتحقق في رأيه إلا إذا كان للسودان جيشه الخاص. ولاحقاً أصدر حزب الاتحاديين بياناً أبدى فيه اعتراضه على نظام الحكم الذي قررته مصر للسودان، ودعا إلى أن يقرر السودانيون بأنفسهم بواسطة جمعية تأسيسية نوع الحكم الذي يريدونه. كما دعا الحزب إلى ضم الصفوف على أساس حق تقرير المصير بواسطة الجمعية التأسيسية بعد خروج الإنجليز.
وأيدت الجبهة الوطنية إلغاء معاهدة سنة 1936 واتفاقيتي سنة 1899 واعتبرتها خطوة جريئة وحاسمة من قبل مصر. وأكدت تمسكها بأهدافها التي بينتها لدولتي الحكم الثنائي كتابة في مناسبة سابقة. ولكن الجبهة الوطنية رفضت المرسوم المصري الخاص بنظام الحكم في السودان، وقالت إنه جاء منافياً لروح الديمقراطية والعدالة ومجحفاً بحقوق السودانيين لأنه سلبهم حقوقهم الشرعية. ووصفت الجبهة الوطنية الوضع الذي قررته مصر للسودان بأنه عبودية سافرة لأنه يربط السودان بها إلى الأبد ويحرم السودانيين من تقرير مصيرهم.
وعبّرت الجبهة الوطنية عن خيبة أملها في الحكومة التي نص المرسوم على قيامها في السودان لأنها حكومة لا جيش لها ولا سلطان لها على شؤونها الخارجية.
واتهمت الجبهة الوطنية الحكومة المصرية بتجاهل رأي السودانيين وإسقاطهم من حسابها، وبأنها دأبت على ألا تقبل من آراء السودانيين إلا ما يتفق مع أهدافها مما أفسد العلاقة بين السودانيين أنفسهم وجعلهم شيعاً تقاتل بعضها البعض.
وبشأن الخطوات التي يمكن للسوادنيين أن يتخذوها بعد إلغاء مصر لمعاهدة سنة 1936 واتفاقيتي سنة 1899 الذي أنهى الحكم الثنائي، فقد دعت الجبهة الوطنية السودانيين إلى أن يتقدموا بقضيتهم إلى هيئة الأمم المتحدة أو غيرها من الهيئات الدولية للمطالبة بقيام هيئة شرعية في الحال لتراقب سير البلاد نحو هدفها.
وقد انتقد مبارك زروق موقف الجبهة الوطنية من الدستور المصري الخاص بالسودان. وذهب زروق إلى أنه خلافاً لما ترى الجهبة الوطنية فإن الدستور الذي أقرته الحكومة المصرية للسودان لا يرمي إلى دمج السودان في مصر لأنه أتاح للسودان حكومة سودانية خالصة. وقال زروق إنه إذا كان سبب موقف الجبهة هو النص على وحدة السياسة الخارجية والجيش والدفاع والنقد، فإن كل هذه المسائل قد خرجت تماماً من اختصاص الحكومة المصرية واحتفظ بها الملك الذي يتولى سلطاته بواسطة وزرائه السودانيين في السودان وبواسطة وزرائه المصريين في مصر. ومن ثم فإن الحكومة السودانية الخالصة ستشترك اشتراكاً عملياً في رسم سياسة الشؤون الموحدة، وأما الاندماج فإنه يترك جميع السلطات في يد حكومة مصر.
وأعلن حزب الأمة في 10 أكتوبر 1951 عن ترحيبه بإلغاء اتفاقيتي الحكم الثنائي لأن ذلك يعيد للسودانيين سيادتهم على بلادهم. ولكن حزب الأمة رفض «الحكم الذاتي المصري المشوه المبتور» واعتبره استعماراً سافراً لأنه يقيد السودانيين بفرض تاج مصر الدائم على بلادهم ويحرمهم حق تقرير المصير.
وذهب حزب الأمة إلى أن مشروع الحكم الذاتي المصري وضع على كاهل السودانيين التزامات جعلته أقل بكثير من الحكم الذاتي الذي حدده حزب الأمة من قبل «وهو عبارة عن حكومة سودانية خالصة تستمد سلطاتها من برلمان سوداني كامل السلطات كخطوة أولى تسبق تقرير المصير بواسطة الشعب بمحض اختياره وكامل حريته».
ورفض حزب الأمة قول النحَّاس بأن مصر والسودان وطن واحد لأن السودان «بلد قائم بذاته وبحدوده الجغرافية المعترف بها دولياً، والشعب السوداني شعب له مميزاته الخاصة وتتوفر لديه كل مقومات الاستقلال. وليس من حق مصر أن تضع أي تشريع يفرض على السودانيين نوعاً خاصاً من الحكم».
بعث حزب الأمة برقيات إلى رئيس مجلس الأمن ورئيس وزراء مصر ووزير خارجية بريطانيا جاء فيها انه بإلغاء معاهدة سنة 1936 واتفاقيتي سنة 1899، فإن السودان قد استرد سيادته، وأن حزب الأمة لا يرضى بغير حكومة سودانية مستقلة. وجاء فيها كذلك أن محاولة مصر فرض التاج المصري على السودان ومنحه دستوراً حسب رغبتها وبغير استشارة السودانيين «أكبر إهانة موجهة من مصر للسودانيين الذين سيقاومون ذلك بكل الوسائل ويعتبرون مثل هذا الإجراء مما يهدد الأمن في بلادهم».
وبعد أن صدر في 15 أكتوبر 1951 قانون إنهاء العمل بأحكام معاهدة سنة 1936 وأحكام اتفاقيتي سنة 1899 أعلن حزب الأمة للشعب السوداني وللعالم بأسره أنه يعتبر أنَّ إدارة السودان الحالية التي نتجت عن معاهدة سنة 1936 واتفاقيتي الحكم الثنائي قد أصبحت بدون سند قانوني منذ مساء 15 أكتوبر 1951، وأن سيادة السودان التي سلبتها هذه المعاهدات ظلماً وقهراً قد عادت إليهم، وأن الفترة القادمة لهذه الإدارة ستكون بمثابة فترة انتقال لتقرير المصير. وأعلن حزب الأمة كذلك أنه قد أعد مشروعاً عملياً يمكّن السودانيين في أقرب فرصة من إعلان سيادتهم رسمياً بواسطة هيئة شعبية منتخبة انتخاباً حراً ومن تقرير مصير السودان بالطرق الديمقراطية وتحديد نوع الحكم فيه.

مفاوضات الهلالي
انتقل عبدالرحمن علي طه بعد ذلك للحديث عن المفاوضات التي تمت بين رئيس وزراء مصر احمد نجيب الهلالي والاستقلاليين في العام 1952. وكان ذلك بحق حدثاً فريداً. فباستثناء حكومة الهلالي التي تولت الحكم في مارس 1952 وحكومة حسين سري التي خلفتها في أول يوليو 1952 كانت كل حكومات العهد الملكي الأخرى ترفض التعامل مع حزب الأمة أو حتى الاستماع لوجهة نظره بشأن مصير السودان وذلك من منطلق أنه داعية انفصال.
فبعد حريق القاهرة في 26 يناير 1952 وتصاعد العمل الفدائي في منطقة قناة السويس، كثفت الحكومة الأمريكية عبر وزير خارجيتها أشيسون وسفيرها في القاهرة كافري من الضغط على الحكومة البريطانية للاتفاق مع الحكومة المصرية على صيغة تمكن من الاعتراف بسيادة مصر الرمزية على السودان وتترك دون تغيير وضع السودانيين وحقهم في تقرير المصير. فقد كانت الحكومة الأمريكية ترى أن الاعتراف بالتاج المصري الرمزي على السودان هو السبيل الوحيد المتاح لإقناع مصر بقبول الترتيبات الغربية للدفاع عن الشرق الأوسط واحتواء الشيوعية حتى لا تتمدد في أي فراغ قد يحدث إذا انسحبت القوات البريطانية من قناة السويس.
ومن جانبها كانت حكومة السودان تذكر الحكومة البريطانية بتعهداتها للسودانيين وتحذرها من أن أي تغيير في مركز السودان دون استشارة أهله ستترتب عليه اضطرابات أسوأ من تلك التي حدتث بعد التصريح الذي أدلى به اسماعيل صدقي في اكتوبر 1946 عن الاتفاق الذي تم بينه وبين إيرنست بيفن بشأن السودان.
وفي فبراير - مارس 1952 طرحت الحكومة الامريكية اقتراحاً لتسوية مسألة السودان. تضمن هذا الاقتراح تعيين حاكم عام محايد ولجنة دولية للإشراف على الحكم الذاتي. ويقضي الأقتراح كذلك بأن يسند إلى الملك فاروق لقب «صاحب» أو «لورد» النوبه ودارفور وكردفان وسنار. ومن الواضح أن هذا الاقتراح قد قصد به إحياء فرمان الباب العالي الصادر في 13 فبراير 1841 ونقلت بموجبه إلى محمد علي ولاية مقاطعات النوبة ودارفور وكردفان وسنار وجميع توابعها ولكن حكومة السودان نبهت إلى ضرورة استشارة السودانيين. وحذرت من أن إحياء هذا اللقب ربما يفسر في السودان على أنه إحياء للحكم التركي القديم.
وخلال مباحثات أجراها السفير البريطاني مع الهلال في 15 ابريل 1952 بشأن صيغة تقترحها بريطانيا بشأن مسألة الدفاع، أوضح الهلالي أن الاتفاق على هذه الصيغة يتوقف على الاتفاق على صيغة بشأن مسألة السودان. وأكد الهلالي للسفير أنه لن يقبل أي صيغة بشأن السودان ما لم تعترف تلك الصيغة بإسناد لقب «ملك مصر والسودان» لفاروق.
تبودلت بين الطرفين البريطاني والمصري دون جدوى عدة صيغ لاستئناف المباحثات. على أية حال يبدو أن الهلالي أيقن في نهاية الأمر أنه لا سبيل لتجاوز عقبة السودان إلا بالحوار المباشر مع الحركة الاستقلالية ومحاولة إقناعها بقبول التاج الرمزي المؤقت خلال الفترة الانتقالية التي تسبق تقرير المصير والقضاء على الحجج البريطانية بشأن استشارة السودانيين. ففي النصف الأول من مايو 1952 طلب الهلالي من يحيى نور الخبير الاقتصادي لمصر في السودان توجيه الدعو للسيد عبدالرحمن المهدي أو من ينوب عنه لزيارة القاهرة للتباحث حول مستقبل السودان السياسي وعلاقته بمصر.
لايجاد علاقة قانونية بين مصر والسودان تحل محل الاتفاقيتين والمعاهدة التي ألغيت، اقترح الهلالي أن يوافق الوفد الاستقلالي على التاج الرمزي المؤقت خلال فترة الانتقال. وقال إن التاج الذي تتمسك به مصر لا يغير الأوضاع الحاضرة في السودان ولكنه يحمي حقوق مصر لأن مصر إذا تخلت عن التاج بعد الغاء الاتفاقيتين والمعاهدة فكأنما محت إسمها بنفسها من السودان وسلمته للانجليز لينفردوا به لأنها لا تملك حتى الحق في تعيين الحاكم العام.
رفض الوفد الاستقلالي اقتراح الهلالي بشأن التاج الرمزي لأن التاج معناه السيادة في نظر الناس ولا يمكن أن يفسروه بغير ذلك. وذكر الوفد أنه طالما أن الناس قد نفروا في الماضي من السيادة التي جاء بها صدقي في عام 1946، فليس بإمكان الوفد أن يعود الآن ليقول للناس جئناكم بسيادة مصر على السودان. ورفض الوفد كل العروض التي قدمها الهلالي. وعن هذه العروض ذكر عبدالرحمن على طه في كلمته إن الهلالي قال لهم «حلوا لنا هذه العقدة ولنا عندكم ما تشاءون إذا رغبتم ماء ... مدارس ... مساجد... مستشفيات. كل ذلك يمكن تحقيقه في لمح البصر. فقط اقبلو التاج المؤقت وحلوا لنا هذه العقدة القانونية». وكان ردهم: «نستطيع أن نعطيك ورقة نكتب فيها عاش السودان حراً مستقلاً وأكتب أنت فيها ما تشاء. وإذا كنتم تريدون مدارس ومستشفيات في مصر نستطيع نحن من رزقنا المحدود تحقيق ذلك».

لقاء إيدن
عرض عبدالرحمن علي طه في كلمته كذلك للقاء السيد عبدالرحمن المهدي بانتوني ايدن وزير خارجية بريطانيا في 11 اكتوبر 1952 الذي شارك هو فيه وتولى مهمة الترجمة للسيد عبدالرحمن حيث قال إن ايدن أبلغهم بأن الحكومة البريطانية تنوي التصديق على قانون الحكم الذاتي في المستقبل القريب. وحري بالذكر أن إيدن التقى في نفس التاريخ بممثلي ما كان يعرف بأحزاب الجبهة الوطنية وقد كانوا مبارك زروق ويحيى الفضلي وعلي أورو وميرغني حمزة والدرديري احمد اسماعيل وخضر عمر ومحمد أمين حسين. في مستهل هذا الاجتماع قال مبارك زروق إن الجبهة الوطنية غير مقتنعة بمسودة الدستور لأنها لا تعبر عن رغبات أغلبية السودانيين. في رده على ذلك قال إيدن إنه يشعر أنه من الانصاف أن يخبر الوفد من البداية أن الحكومة البريطانية تنوي التصديق على مسودة قانون الحكم الذاتي في المستقبل القريب. وذكر ايدن للوفد بأن الحكومة البريطانية سبق أن عبّرت علناً عن رضائها عن احتمال سريان الدستور بنهاية العام.
وقد يسألنا القارئ وما هو قانون الحكم الذاتي وما هي الجهة التي قامت بوضعه؟

قانون الحكم الذاتي
في 29 مارس 1951 شكل الحاكم العام لجنة لتعديل الدستور استجابة لقراري الجمعية التشريعية في 6 و9 ديسمبر 1950 وذلك للنظر في المسائل المشار إليها في القرارين ولترفع إليه توصيات حول الخطوات القادمة التي تتخذ للتقدم إلى الحكم الذاتي الكامل. عُين القاضي استانلي بيكر رئيساً للجنة وضمت عضوية اللجنة عبدالله خليل وعبدالرحمن علي طه (حزب الأمة) والدرديري محمد عثمان وميرغني حمزه (الجبهة الوطنية) وعبدالله ميرغني وحسن عثمان اسحق (حزب الاتحاديين) ومحمد أحمد محجوب وعبدالفتاح المغربي، ومحمد أحمد أبو سن، وبوث ديو، وعبدالماجد أحمد، وابراهيم قاسم مخير. ونص أمر تشكيل اللجنة على أن ينضم إلى عضويتها عند النظر في قواعد الانتخابات يوسف إدريس هباني، ويوسف العجب، وبنجامين لوكي، واستانسلاوس بياساما.
عقدت لجنة الدستور أول اجتماع لها في 22 ابريل 1951 حيث استقر رأي الأغلبية على أن تنظر اللجنة في سمات الدستور قبل المسائل المتعلقة بالانتخابات. وفي الاجتماع الثاني الذي عقد في 9 مايو قبلت اللجنة مسودة تقدم بها بعض الأعضاء كأساس للنقاش. وبحلول 18 يونيو 1951 كانت اللجنة قد غطت كل سمات الدستور المقترح وكان هناك اتفاق على معظمها. ولكن ثمة مسائل أثارت بعض الصعوبات ولذلك خولت اللجنة رئيسها استانلي بيكر أن يستشير بشأنها أحد الخبراء في الشؤون الدستورية أثناء قضاء عطلته الصيفية في انجلترا.
ولكن إلغاء الحكومة المصرية في اكتوبر 1951 لاتفاقيتي 1899 ومعاهدة سنة 1936 تسبب في اضطراب أعمال لجنة الدستور وأدى إلى حلها في 26 نوفمبر 1951. فقد أخفق اعضاء اللجنة في تجاوز الخلاف الذي نشب بينهم حول مسألة ايلولة السيادة على السودان بعد إلغاء مصر للاتفاقيتين والمعاهدة. على أية حال كانت لجنة الدستور في تاريخ حلها قد أجازت السمات الرئيسية للدستور ولكنها لم تبحث المسائل المتعلقة بالانتخابات. وضُمن جزء كبير من توصيات اللجنة في مشروع قانون الحكم الذاتي الذي قدم للجمعية التشريعية في 2 ابريل 1952 وبعد أن أجازته رُفع في 8 مايو 1952 إلى دولتي الحكم الثنائي ويعتبر مشروع هذا القانون الحلقة الأخيرة في سياسة التطور الدستوري التي تعهدت إدارة السودان بأن تصل بالسودانيين عبر مؤسساتها إلى مرحلة الحكم الذاتي وتقرير المصير. وقد قبل حزب الامة هذه السياسة ورفضتها الاحزاب الاتحادية.
ولعله من المهم أن نذكر أن مشروع قانون الحكم الذاتي كان الأساس للمفاوضات التي جرت في القاهرة في اكتوبر 1952 بين حكومة ثورة 23 يوليو والأحزاب السياسية السودانية الاستقلالية منها والاتحادية.
ففي اجتماع ممثلي الأحزاب الاتحادية المنضوية تحت لواء الجبهة الوطنية بأنتوني إيدن في 11 أكتوبر 1952 وفي المذكرة التي قدموها له باسم جبهة الكفاح الوطني، أعلن هؤلاء رفضهم لمشروع دستور الحكم الذاتي وعزمهم على مقاطعة أية انتخابات تجري بموجبه في ظل النظام القائم في السودان مهما كانت إجراءات الإشراف المتخذة سواء كانت مشتركة أو خارجية.
وفي 21 أكتوبر 1952 عقدت الأحزاب الاتحادية اجتماعاً بفندق سميراميس بالقاهرة حضره إسماعيل الأزهري، ومحمد نور الدين، والدرديري محمد عثمان. وحماد توفيق والدرديري أحمد إسماعيل، والطيب محمد خير، وفي أعقاب هذا الاجتماع أصدرت الأحزاب الاتحادية بياناً قالت فيه إنها عندما نادت في الجبهة الوطنية المتحدة لتحرير السودان بمبدأ الجلاء وتقرير المصير، فإنما فعلت ذلك إيماناً منها بأن هذا هو المبدأ الحق الذي يتمشى مع حقوق الشعب الطبيعية. وفي نفس البيان أكدت الأحزاب الاتحادية أنه لن يصدها شيء عن السير في ما رسمته من مقاطعة الدستور والاشتراك في انتخاباته تحت ظل النظام القائم في السودان.
ويبدو أن الأحزاب الاتحادية تراجعت في الأسابيع التالية عن هذا الموقف. فقد أورد خضر حمد في مذكراته نص المشروع الأول الذي قدمته الأحزاب الاتحادية للحكومة المصرية بشأن الحكم الذاتي وتقرير المصير. وبمطالعة هذا المشروع نلاحظ أنه قبل في الأساس بمشروع دستور الحكم الذاتي الذي أقرته الجمعية التشريعية. ولكن المشروع اقترح أن تتمثل السلطة الدستورية العليا أثناء فترة الانتقال في هيئة تسمى «اللجنة المفوضة» وتتكون من رئيس للجنة ترشحه الحكومة البريطانية وتعينه الحكومة المصرية ومن ثلاثة أعضاء اثنان منهم سودانيان يعينان بالاتفاق بين حكومتي مصر وبريطانيا وثالثهما مصري تعينه حكومة مصر. كما اقترح المشروع الاتحادي أن تقوم في السودان خلال فترة الانتقال حكومة ائتلافية توزع مقاعدها بنسبة مقاعد الأحزاب الممثلة في البرلمان.
ولكن في 1 نوفمبر 1952 وقَّع قادة الأحزاب الاتحادية وهم إسماعيل الأزهري، ومحمد نور الدين، وحماد توفيق، ودرديري محمد عثمان، وعلي البرير مع محمد نجيب، وحسين ذو الفقار، وصلاح سالم، وثيقة ذكروا فيها أنهم أُحيطوا علماً بالاسس التي تم الاتفاق عليها بين الحكومة المصرية والاستقلاليين في 29 أكتوبر 1952، وأنهم اعتبروا تلك الأسس «حداً أدنى لما يمكن أن تقبله الحكومة المصرية في مباحثاتها مع الحكومة البريطانية بشرط أن تعمل الحكومة المصرية بكل السبل للوصول إلى المشروع المعدل الذي تقدمنا به». كما أعلن قادة الأحزاب الاتحادية في نفس الوثيقة أنه مع احتفاظهم بمبادئهم التي تقوم أساساً على الجلاء والاتحاد مع مصر عن طريق تقرير المصير «فإننا لغرض تنظيم الجلاء، وإيجاد الجو الحر الملائم لممارسة تقرير المصير، قد ارتضينا أن تكون هناك فترة انتقال لا تزيد عن ثلاث سنوات لتصفية الإدارة الحالية على أن نشترك أثناءها في انتخابات البرلمان بعد وضع الضمانات التي رأيناها كافية لحرية وسلامة تلك الانتخابات».
وعندما سئل إسماعيل الأزهري في 6 نوفمبر 1952 عن وعده الأول بمقاطعة المؤسسات الدستورية، أجاب بأنه وعد بذلك «عندما كانت المؤسسات تقوم على الوحي البريطاني، أما الآن ومصر الرشيدة تقود المعركة، فنحن مطمئنون كل الاطمئنان إلى الهدف القريب والبعيد».
في 2 نوفمبر 1952 سلم محمد نجيب السفير البريطاني في القاهرة رالف استيفنسن مذكرة ضمنت وجهة نظر الحكومة المصرية بشأن الحكم الذاتي وتقرير المصير. إشتملت المذكرة على 16 بنداً وارفق بها ملحقان أحدهما يتعلق بسلطات الحاكم العام التقديرية التي يباشرها بموافقة لجنة الحاكم العام ويتعلق الثاني بالتعديلات التي ترى الحكومة المصرية إدخالها على مسودة قانون الحكم الذاتي. وقد أُسست المذكرة المصرية إلى حد كبير على الاتفاق الذي أبرمه الاستقلاليون مع الحكومة المصرية في 29 اكتوبر 1952.
وحري بالذكر أن قانون الحكم الذاتي الذي اتفقت عليه الحكومتان البريطانية والمصرية في 12 فبراير 1953 قد اصبح بموافقة البرلمان في يوم السبت 31 ديسمبر 1955 دستور السودان المؤقت. وقال مبارك زروق زعيم الأغلبية وهو يقدمة للبرلمان إنه عُدل ليتفق مع قيام جمهورية ديمقراطية ذات سيادة. فحلت لجنة السيادة محل الحاكم العام واجريت بعض التعديلات الطفيفة التي يستلزمها الحكم الديمقراطي.

إتفاق الاستقلاليين مع الحكومة المصرية
تم التوقيع على الاتفاق بين الوفد الاستقلالي والحكومة المصرية في 29 اكتوبر 1952. رحبت مصر في ديباجة الاتفاق بممارسة أهالي السودان الحكم الذاتي التام، وصرحت بأنها تحتفظ للسودانيين بحقوقهم في السيادة على بلادهم إلى أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم، وإذا ما قرروا مصيرهم في حرية تامة أن تحترم قرارهم. واتفق الطرفان في البند الأول من الاتفاق على أن يقرر السودانيون مصيرهم في حرية تامة إما باعلان استقلال السودان عن كل من مصر وبريطانيا وأي دولة أخرى، او الارتباط مع مصر.
اثناء المفاوضات رفض الجانب الاستقلالي هذا البند وانسحب من المفاوضات على نحو ما روى عبدالرحمن علي طه في كلمته في الحفل. فقد قال: «عدنا إلى مصر وانتهينا من وضع الحكم الذاتي الفوري. وكان الاتفاق ينص على جلاء القوات الاجنبية... سودنة الادارة... وتقرير المصير على وجهين اما الاستقلال أو الاتحاد مع مصر. فهنا وقف الجانب الاستقلالي وقطع المفاوضات نهائياً لأن الحرية لا تعرف إلا وجهاً واحداً وهو الحرية. وكان رأي الجانب السوداني هو أنه لن يرجع للسودان بحرية ذات وجهين. ورجعنا للسيد الإمام وكان الأمر صدمة عنيفة عليه. فقال: اسمعوا لو لم تقطعوا هذه المفاوضات ما كنت أظن أنكم سودانيون إطلاقاً. فعلاً وجه جميع الحاضرين بالثقة. وأضاف السيد الامام: قطعتم المفاوضات وهذا حسن. ولكن تقولون أن ظنكم في السودانيين حسن. هل استشرتموه في الأمر فقالوا إننا نريد القيد ولا نريد الحرية المطلقة؟ أما أنا فمن رأيي إذا وافقتم عليه أن توقعوا الاتفاقية ونعود إلى أهلنا وظننا فيهم حسن ولا بد من أن السودان سيستقل. فما كان من جانبنا إلا أن نقبل هذا الرأي فوقعنا الاتفاقية وعدنا إلى أهلنا وحدث الاستقلال فعلاً».
في ختام كلمته قال عبدالرحمن علي طه: «إنني أحس أن روح الإمام تطل على هذا الجمع وتسأل متفقدة عن أصدقاء الإمام وعن أعوان الإمام الذين آزروه مؤازرة صادقة والذين بادلوه ثقة بثقة وحباً بحب واحتراماً باحترام... تسأل هذه الروح أين أحبابي أولئك؟ والإجابة على ذلك... إنهم في هذه الدار باقون ما بقيت الحياة».

حلايب ... ما أشبه الليلة بالبارحة جمال عنقرة

$
0
0

؟..!

 الأزمة التي أطلت برأسها في سماء البلدين الشقيقين ــ السودان ومصر ـــ الأيام الماضية بما أثير حول قضية منطقة حلايب المتنازع حولها، تشبه إلى حد كبير الأزمة التي حدثت في عام 1958م، حول ذات موضوع حلايب بين السودان ومصر، على الأقل في التوقيت. فالأزمة الأولى تزامنت مع الانتخابات المصرية، وهذه تأتي متزامنة مع الاستفتاء على الدستور المصري الجديد، ولمزيد من تقريب الفكرة، دعونا نقرأ معاً قصة الأزمة القديمة.
وفي مطلع العام 1958م بدأت تلوح في الأفق بوادر أزمة بين السودان ومصر حينما طلبت الحكومة المصرية من السودان تسليمها منطقة حلايب وما حولها، والمنطقة الواقعة شمال خط عرض 22 لتضمينها في الدوائر الانتخابية لمشاركتها في الانتخابات المصرية المزمعة، فأجابهم رئيس الوزراء السوداني السيد عبدالله خليل، بأن الحدود الحالية المبينة في الخرطوم والمعروفة للجميع هي الحدود التي أخذنا استقلالنا بموجبها، وأن تلك الحدود قائمة منذ ستين عاماً دون أن ينازعنا بشأنها أحد. وقد جرت الانتخابات المصرية حتى الأخيرة منها، والاستفتاء حول شخص رئيس الجمهورية على أساس استثناء تلك المناطق باعتبارها أراضٍ سودانية، كما أُجريت انتخابات السودان الماضية بما في ذلك انتخابات الحكم الذاتي التي تمت بموجب الاتفاقية المصرية البريطانية المبرمة في فبراير 1953م، وتحت إشراف لجنة دولية كانت مصر ممثلة فيها على أساس أن المناطق المذكورة سودانية أيضاً، واشترك أهلها في انتخاب نواب البرلمان السوداني.. ثم أنه عندما نال السودان استقلاله، كانت أولى التحفظات التي أبداها لدولتي الحكم الثنائي أنه لن يكون ملزماً بأية معاهدات أو اتفاقات أُبرمت نيابة عنه قبل الاستقلال ما لم تعرض عليه تلك المعاهدات والاتفاقات ويقرها، وذلك في بيان السيد رئيس الوزراء السابق الذي ألقاه بالبرلمان السوداني أول يناير 1956م. فلو كان لحكومة جمهورية مصر وجهة نظر خاصة بالحدود، لسارعت بتقديمها،أما قبل الاستقلال أو عند تسلمها الكتاب الذي بعث به السيد رئيس الوزراء السابق في الثالث من يناير 1956م إلى الرئيس جمال عبدالناصر.
وذكر عبدالله خليل في رده أن الوقت المتبقي لإقامة الانتخابات المصرية غير كافٍ لحسم موضوع مثل هذا، واقترح إرجاء مناقشته إلى ما بعد الانتخابات حرصاً على العلاقة الوديّة بين البلدين. وبعد ثلاثة أيام فقط، وتحديداً في16/2/ 1958م، أبلغت الخارجية المصرية السفير السوداني في القاهرة أن الحكومة المصرية قد أرسلت لجان انتخابات ومعها حرس من سلاح الحدود إلى تلك المناطق لإجراء الاستفتاء. وفي اليوم التالي الموافق 17/2/1958م، عقد مجلس الوزراء السوداني اجتماعاً لمناقشة هذا الموضوع، وخلص إلى بعض الحقائق:
1- إن مطالبة مصر بهذه المناطق وفي هذا الوقت، تأتي بعد أن تأكدت أن السودان سيطالب بتعويض عن غمر منطقة شمال حلفا بمياه السد العالي.
2- إن المذكرة المصرية وضعت السودان أمام الأمر الواقع، ولم تمنحه الوقت الكافي للمشاورة أو المفاوضة.
3- إن التبليغ الشفوي بإرسال لجان الانتخابات وبرفقتها حرس الحدود إلى هذه المناطق، يؤكد الإصرار المصري على فرض الأمر الواقع.
4- وإزاء ذلك الموقف، رأى مجلس الوزراء أن يتخذ الإجراءات التي تصون سيادة السودان على أراضيه، والمحافظة على استقلاله، ولكنه في نفس الوقت يترك مجالاً للتفاهم الودي بين القطرين العربيين، ويقرر اتخاذ الخطوات التالية:
أ- أن يتصل رئيس الوزراء السوداني بالرئيس المصري جمال عبدالناصر هاتفياً، ويرجوه أن توقف مصر الإجراءات التي اتخذتها في المنطقة، مع التأكيد على استعداد السودان للدخول في مفاوضات مع مصر بشأن هذه المناطق.
ب- أن تتصل الحكومة بالمعارضة وتبلغها الموقف.
ج- إبلاغ الجامعة العربية بالموقف، وكذلك ممثلي الدول العربية بالسودان والرأي العام السوداني.
تجاوب الحزب الوطني الاتحادي المعارض بزعامة السيد (إسماعيل الأزهري) مع الموقف، وأصدر بياناً أعلن فيه أنه لن يسمح بالتخلي عن شبر واحد من أرض الوطن، ولا يطمع في التغوُّل في شبر واحد من أرض الغير، مع حرصه أن تحل هذه المشكلات عن طريق التفاوض، مع التأكيد على أن الوقت لم يكن مناسباً لإثارة هذا الموضوع من جانب مصر. وأعلن تأييده للخطوات التي اتخذتها الحكومة السودانية في طلبها بإرجاء هذا الموضوع إلى ما بعد الانتخابات؛ ليحل بالطرق السلمية. وناشد الحزب الوطني الاتحادي الرئيس المصري جمال عبدالناصر لسحب الجنود المصريين فوراً حفاظاً على وحدة الشعور والروابط المقدسة العديدة التي تربط بين الشعبين، وأصدر حزب الشعب الديمقراطي الذي يرعاه مولانا السيد علي الميرغني مرشد الختمية بياناً أيضاً أعلن فيه تمسكه بالأراضي السودانية وعدم تفريطه في أية بقعة منها، وجاء في بيان حزب الشعب الديمقراطي، إذا كانت لمصر دعوى في هذا الجزء الذي ظلّت حكومة السودان تُديره أكثر من نصف قرن من الزمان، فالمنطق السليم يقضي بأن تطلب مصر من جمهورية السودان الدخول في مفاوضات؛ ليكون القانون والعُرف الدولي هو الفصل.
وأصدر حزب الأمة بياناً أعلن فيه تأييده لموقف الحكومة واقترح تضامن الأحزاب ودعوتها لاجتماع من أجل بحث الموقف والخروج بموقف وطني واحد.
أرسلت الحكومة وزير الخارجية«محمد أحمد محجوب» للقاهرة في محاولة لامتصاص التوتر، والوصول إلى حل مرضٍ مع الرئيس«جمال عبدالناصر»، وكانت مصر قد أرسلت قواتها إلى المناطق المتنازع عليها، فتمسكت بموقفها، وفشلت مساعي المحجوب في القاهرة، فتقدم السودان بشكوى لمجلس الأمن.
بعث السيد (علي الميرغني) مرشد الختمية وراعي حزب الشعب الديمقراطي، والسيد(إسماعيل الأزهري) رئيس الحزب الوطني الاتحادي كلاً على حده، برسائل إلى الرئيس المصري جمال عبدالناصر يدعوانه فيها إلى قفل الطريق أمام المغرضين وأصحاب النزعات الاستعمارية الذين يريدون الوقيعة بين البلدين، وطالباه بالسعي لإيجاد حل سلمي ودّي للمشكلة.
تعامل الرئيس «جمال عبدالناصر» بحكمة شديدة مع الموضوع، ولم يستجب للذين كانوا يريدون جر مصر إلى صدام مع السودان، ومما رُوى عنه في تلك الأزمة، أن أحد هؤلاء جاء يؤلِّبه ضد السودان بالقول:«بأن السودانيين يحتلون أراضٍ مصرية شمال خط عرض22 شمال»، فردَّ عليه:«إن شاء الله يحتلوا قصر عابدين، مش حنحارب السودان»!.
وأرجأت مصر تسوية موضوع الحدود بين البلدين إلى ما بعد الانتخابات السودانية، لتبدأ المفاوضات بعد اختيار الوزارة الجديدة، وجاء في البيان المصري«أن مصر التي تضامنت مع السودان في سبيل الحرية والاستقلال، إذ تتخذ هذا القرار إنما تهدف إلى قطع خط الرجعة على المغرضين الذين استغلوا الفرصة لإفساد العلاقات الخالدة بين الشعبين الشقيقين، كما أن مصر لن تستجيب للاستفزازات التي حاولت أن تصوِّر الوضع بشكل تدخُّل مسلح، أو بشكل غزو للأراضي السودانية، في الوقت الذي لا توجد لها على الحدود الجنوبية إلا دوريّات الحدود المعروفة.. وأن الحكومة المصرية لتعلن مرة أخرى أن القوات المسلحة المصرية لم تُنشأ لغزو السودان، ولكنها دائماً سند للسودان ضد العدو».
فكما تابعنا القصة القديمة، فإن الزعماء والقادة في السودان ومصر كان لهم دور كبير، في امتصاص الأزمة الأولى، ونزع فتيل القنبلة قبل أن يشتعل، وكان للزعماء والقادة في ذاك الزمان كلمتهم، وكانت رؤيتهم واضحة، وبرغم اختلاف المواقف بين الحزبين السودانيين، بين وحدويين واستقلاليين، لكنهم كانوا جميعاً فوق الصغائر، وكانوا يعلون من شأن القضايا الوطنية والقومية، على المسائل الحزبية. لذلك توحَّد الموقف السوداني، وخلا من أية مزايدات، وكانت رؤية الرئيس المصري الزعيم جمال عبد الناصر، واسعة وبعيدة، وكان له القدح المعلى في إطفاء نار الأزمة.
لا أود أن أقلل من قامات قادة اليوم هنا وهناك، ولكن الوضع مختلف تماماً. فالإعلام لم يعد هو ذات الإعلام، وصار الجميع مكبلاً بقيود وأغلال شتى، وتأتي الأزمة هذه المرة والأجواء متوترة بين القاهرة والخرطوم، وإن لم يصرِّح مسؤول بذلك، فالموقف من سد النهضة الإثيوبي يُثير بعض الظلال والأتربة والغيوم في سماء العلاقات السودانية المصرية، وكذلك الموقف من حكومة الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي، فعلى الرغم من إعلان الحكومة السودانية، أن ما جرى في مصر شأن داخلي، إلا أن موقف بعض الجهات الشعبية المحسوبة على الحكومة السودانية، صنع أيضاً بعض الظلال، وكان للإعلام ــ لا سيما الإلكتروني ـــ دور كبير في تأجيج نيران الخلاف.
وعلى المستوى الشخصي، أراه طبيعياً ألا يقول أي سوداني بمصرية حلايب، وألا يقول مصري بسودانية حلايب، وبالتالي لم أنزعج من قول بعض المصريين بمصرية حلايب، ولا ينبغي للمصريين الانزعاج من قول السودانيين بسودانية حلايب. فالقضية معلقة، وتحتاج إلى حسم، وكل المطلوب أن تكون التسوية في إطار الإخاء التاريخي والمصالح المشتركة بين البلدين والشعبين الشقيقين، وبدون تشنج أو انفعال، وهذا ما يجب أن نسعى له، كما فعل السابقون، وليتهم واصلوا بحث الأزمة بعد أن تجاوزت إطارها الزماني، ولو فعلنا ذلك بعد الفراغ من الاستفتاء على الدستور المصري، وقبل الانتخابات السودانية القادمة في العام 2015م يكون ذلك أفضل.

وُلدَ الحبيبُ ومثلُه لا يُولدُ! استخلصها من ابن هشام: محمد وقيع الله (1 من 3)

$
0
0



طلع نجم أحمد!
قال ابن إسحاق: عن حسان بن ثابت.
قال: إني لغلام يَفْعَةٌ، ابن سبع سنين أو ثمان سنين، أعقل ما رأيت وسمعت، إذا بيهودي في يثرب، يصرخ ذات غداة: يا معشر يهود.
فاجتمعوا إليه وأنا أسمع.
فقالوا: ويلك مالك؟
قال: قد طلع نجم أحمد الذي يولد به في هذه الليلة!
جاء بالمعجزة وهو في المهد صبيا!
قال ابن إسحاق:‏ كانت حليمة تحدث: أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها صغير ترضعه في نسوة، من بني سعد بن بكر، تلتمس الرضعاء‏.
فخرجت على أتان لى قمراء، ومعنا شارف لنا [الشارف: المسن من الدواب]، والله ما تَبِضُّ بقطرة، وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا، من بكائه من الجوع، ما في ثديى ما يغنيه، وما في شارفنا ما يغذيه.
ولكن كنا نرجو الغيث والفرج، فلما أخذته، رجعت به إلى رحلى، فلما وضعته في حجرى، أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن، فشرب حتى روى، وشرب معه أخوه حتى روى، ثم ناما وما كنا ننام معه قبل ذلك!
‏قال ابن إسحاق: وقالت حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية: ثم قدمنا منازلنا، من بلاد بني سعد، وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها، فكانت غنمي تروح علي، حين قدمنا به معنا، شباعا لبنا، فنحلب ونشرب، وما يحلب إنسان قطرة لبن، ولا يجدها في ضرع.
حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم: ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب.
فتروح أغنامهم جياعا، ما تَبِضُّ بقطرة لبن، وتروح غنمي شباعا لبَّنا.
فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير، حتى مضت سنتاه، وفصلته، [أي: فطمته] وكان يشب شبابا، لا يشبه الغلمان، فلم يبلغ سنتيه، حتى كان غلاما جفرا [أي: متين البِنية).
فقدمنا به على أمه، ونحن أحرص شيء على مكثه فينا، لما كنا نرى من بركته، فلم نزل بها حتى ردته معنا!
همّوا بأخذ الرسول إلى الحبشة!
قال ابن إسحاق:‏ حدثني بعض أهل العلم، ‏‏‏‏أن مما هاج أمه السعدية على ردِّه إلى أمه، مع ما ذكرت لأمه مما أخبرتها عنه.
أن نفرا من الحبشة نصارى، رأوه معها حين رجعت به بعد فطامه، فنظروا إليه وسألوها عنه وقلَّبوه.
ثم قالوا لها:‏‏‏ لنأخذن هذا الغلام، فلنذهبن به إلى ملكنا وبلدنا، فإن هذا غلام كائن له شأن نحن نعرف أمره.
فزعم الذي حدثني أنها لم تكد تنفلت به منهم!
[أي: انفلتت منهم بصعوبة بالغة]
احذر عليه يهود!
قال ابن إسحاق‏:‏‏‏  فلما نزل الركب بُصرى، وبها راهب يقال له بَحيرَى، وكان إليه علم أهل النصرانية، فلما نزلوا به قريبا من صومعته صنع لهم طعاما كثيرا، وذلك فيما يزعمون عن شيء رآه وهو في صومعته.
ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه‏‏‏.‏‏‏
فنظر إلى الغمامة، حين أظلت الشجرة، وتهصَّرت أغصان الشجرة، على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى استظل تحتها.
فلما رأى ذلك بَحيرَى نزل من صومعته، وقد أمر بذلك الطعام، فصنع ثم أرسل إليهم، فقال: إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش.
وتخلف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من بين القوم، لحداثة سنه، في رحال القوم تحت الشجرة.
فلما نظر بَحيرَى في القوم، لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده، فقال‏‏‏:‏‏‏ يا معشر قريش، لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي.
قالوا له: ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك إلا غلام، وهو أحدث القوم سنا، فتخلف في رحالهم.
فقال: لا تفعلوا، ادعوه فليحضر.
فلما رآه بَحيرَى جعل يلحظه لحظا شديدا، وينظر إلى أشياء من جسده، قد كان يجدها عنده من صفته.
حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا، قام إليه بَحيرَى، فجعل يسأله عن أشياء من حاله، في نومه، وهيئته، وأموره.
فجعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يخبره، فيوافق ذلك ما عند بَحيرَى من صفته.
ثم نظر إلى ظهره، فرأى خاتم النبوة، بين كتفيه على موضعه، من صفته، التي عنده.‏‏‏
قال ابن إسحاق: فلما فرغ،  أقبل على عمه أبي طالب، فقال له‏:‏‏‏ ما هذا الغلام منك؟ ‏ قال‏‏‏:‏‏‏ ابني. ‏‏
قال:‏‏‏ ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا.
قال: فإنه ابن أخي.
قال: فما فعل أبوه‏‏‏؟‏‏‏
قال: مات وأمه حبلى به.
قال: صدقت. فارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه يهود، فوالله لئن رأوه، وعرَفوا منه ما عرفت، ليَبغُنَّه شرا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم!


وُلدَ الحبيبُ ومثلُه لا يُولدُ!
استخلصها من ابن هشام: محمد وقيع الله
(2 من 3)

ما نزل تحت الشجرة إلا نبي!
قال ابن إسحاق: ‏وكانت خديجة، بنت خويلد، امرأة تاجرة، ذات شرف، ومال، تستأجر الرجال، في مالها، وتضاربهم إياه، بشيء تجعله لهم.
وكانت قريش قوما تُجَّارا، فلما بلغها عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه، فعرضت عليه أن يخرج في مال لها، إلى الشام تاجرا، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره، من التُّجَار، مع غلام لها يقال له ميسرة.
فقبله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، منها، وخرج في مالها ذلك، وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام‏‏.‏‏
فنزل رسول الله، صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة، قريبا من صومعة راهب، من الرهبان.
فاطلع الراهب إلى ميسرة، فقال له: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟‏‏
قال له ميسرة: ‏‏هذا رجل من قريش من أهل الحرم.
فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي!
[وقد ذكر الشيخ طه عبد الرؤوف سعد: أن الراهب أراد ما نزل تحتها هذه الساعة إلا نبي، ولم يرد ما نزل تحتها قط إلا نبي. لبعد العهد بالأنبياء. والشجرة لا تعمر في العادة هذا العمر الطويل، حتى يدري أنه لم ينزل تحتها إلا عيسى، أو غيره من الأنبياء عليهم السلام.
وهذا الراهب ذكروا أن اسمه نسطورا وليس هو بَحيرَى المتقدم ذكره].
 مَلَكَان يظلانه!
قال ابن إسحاق: ثم باع رسول الله، صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة.‏‏
فكان ميسرة، إذا كانت الهاجرة، واشتد الحر، يرى ملكين يظلَّانه من الشمس، وهو يسير على بعيره.
فلما قدم مكة، على خديجة بمالها، باعت ما جاء به، فأضعف أو قريبا‏‏.‏‏
وحدثها ميسرة عن قول الراهب، وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه.
قال ابن إسحاق: ‏‏وكانت خديجة بنت خويلد، قد ذكرت لورقة بن نوفل، وكان ابن عمها، وكان نصرانيا، قد تتبع الكتب، وعلم من علم الناس، ما ذكر لها غلامها ميسرة، من قول الراهب، وما كان يرى منه، إذ كان الملكان يظلانه.
 فقال ورقة: لئن كان هذا حقا يا خديجة، إن محمدا لنبي هذه الأمة.
 وقد عرفت أنه كائن لهذه الأمة نبي ينتظر، هذا زمانه.
 أو كما قال!
شُدَّ عليك إزارك!
قال ابن إسحاق: وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم،  فيما ذُكر لي، يحدث عما كان الله يحفظه به، في صغره، وأمر جاهليته.
فقال، صلى الله عليه وسلم: لقد رأيتني في غلمان قريش، ننقل حجارة، لبعض ما يلعب به الغلمان، كلنا قد تعرى، وأخذ إزاره، فجعله على رقبته، يحمل عليه الحجارة.
فإني لأقبل معهم كذلك، وأدبر، إذ لكمني لاكمٌ، ما أراه، لكمةً وجيعة.
ثم قال: ‏‏شدَّ عليك إزارك.
 قال:  فأخذته، وشددته علي، ثم جعلت أحمل الحجارة، على رقبتي، وإزاري علي، من بين أصحابي!
جاء الأمين واستفاض النور المبين!
قال ابن إسحاق: ثم إن قريشا جزأت الكعبة.
ثم إن الناس هابوا هدمها، وفَرَقوا منه.
فقال الوليد بن المغيرة:‏‏ أنا أبدؤكم في هدمها، فأخذ المِعْول، ثم قام عليها.
وهو يقول: اللهم إنا لا نريد إلا الخير.
ثم هدم من ناحية الركنين، فتربص الناس تلك الليلة.
وقالوا: ‏‏ننظر، فإن أصيب، لم نهدم منها شيئا، ورددناها كما كانت. وإن لم يصبه شيء، فقد رضي الله صنعنا فهدمنا.
فأصبح الوليد من ليلته، غاديا على عمله، فهدم، وهدم الناس معه.
حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس - أساس إبراهيم، عليه السلام - أفضوا إلى حجارة، خُضر، كالأسنمة، آخذٌ بعضها بعضا‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق: ‏‏ فحدثني بعض من يروي الحديث: أن رجلا من قريش ممن كان يهدمها، أدخل عَتَلةً بين حجرين، منها ليقلع بها أحدهما، فلما تحرك الحجر، تنقَّضت مكة بأسرها، فانتهوا عن ذلك الأساس.
قال ابن إسحاق: ثم إن القبائل من قريش، جمعت الحجارة لبنائها، كل قبيلة تجمع‏ على حدة، ثم بنوها، حتى بلغ البنيان، موضع الركن.
فاختصموا فيه، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه، دون الأخرى، حتى تحاوزوا، وتحالفوا، وأعدوا للقتال‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق: فمكث قريش أربع ليال، أو خمسا، ثم إنهم اجتمعوا في المسجد، وتشاوروا وتناصفوا‏‏.‏‏
فزعم بعض أهل الرواية ‏‏أن أبا أمية بن المغيرة، وكان عامئذ أسنَّ قريش كلها،  قال: ‏‏يا معشر قريش، اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه، أول من يدخل من باب هذا المسجد، يقضي بينكم فيه، ففعلوا.
قال ابن إسحاق: فكان أول داخل عليهم، رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
فلما رأوه قالوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمد.
فلما انتهى إليهم، وأخبروه الخبر، قال صلى الله عليه وسلم:‏‏ هلمَّ إلي ثوبا، فأُتي به، فأخذ الركن فوضعه فيه بيده.
ثم قال: ‏لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوه جميعا، ففعلوا، ‏حتى إذا بلغوا به موضعه، وضعه هو بيده، ثم بني عليه. ‏‏
وكانت قريش تسمي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبل أن ينزل عليه الوحي: ‏الأمين!


وُلدَ الحبيبُ ومثلُه لا يُولدُ!
استخلصها من ابن هشام: محمد وقيع الله
(3 من 3)

الدَّفعُ بعرفات!
قال ابن إسحاق: ‏‏وقد كانت قريش، لا أدري أقبل الفيل، أم بعده، ابتدعت رأي الحُمْس.
[والحُمْس: هم أهل الحرم].
 فقالوا: نحن بنو إبراهيم وأهل الحرمة، وولاة البيت، وقُطَّان مكة، وساكِنُها، فليس لأحد من العرب مثل حقنا، ولا مثل منزلتنا، ولا تعرف له العرب، مثل ما تعرِف لنا.
فلا تعظموا شيئا من الحِلِّ، كما تعظمون الحرم.
 فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمتكم، وقالوا قد عظَّموا من الحِلِّ مثل ما عظموا من الحرم.
فتركوا الوقوف على عرفة، والإفاضة منها، وهم يعرفون ويقرُّون أنها من المشاعر والحج، ودين إبراهيم، صلى الله عليه وسلم، ويرون لسائر العرب أن يقفوا عليها، وأن يفيضوا منها.
إلا أنهم قالوا: نحن أهل الحرم، فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحرمة، ولا نعظم غيرها، كما نعظمها نحن الحُمْس.
قال ابن إسحاق: حدثني عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم، عن عمه نافع بن جبير، عن أبيه جبير بن مطعم،
قال:‏‏ لقد رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبل أن ينزل عليه الوحي، وإنه لواقف على بعير له، بعرفات، مع الناس، من بين قومه، حتى يدفع معهم منها، توفيقا من الله له!
‏‏حُجبت الشياطين عن السمع!
قال ابن إسحاق: فلما تقارب أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وحضر مبعثُه، حجبت الشياطين عن السمع.
وحيل بينها وبين المقاعد التي كانت تقعد لاستراق السمع فيها، فرموا بالنجوم.
فعرفت الجن أن ذلك لأمر حدث من أمر الله في العباد.
فلما سمعت الجن القرآن، عرفت أنها إنما منعت من السمع، قبل ذلك، لئلا يشكل الوحي، بشيء من خبر السماء، فيلتبس على أهل الأرض ما جاءهم من الله فيه، لوقوع الحجة، وقطع الشبهة. ‏‏
فآمنوا وصدقوا.
ثم:"وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ. قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُستَقِيمٍ ". الأحقاف:29- 30.
ما مؤمنو الجن كأنجاسها!
قال ابن إسحاق: وحدثني علي بن نافع الجرشي: ‏ أن جَنبا [قوم من قبائل مَذْحَج وسموا جَنبا لأنهم جانبوا بني عمهم صُداء، ويزيد بن مذحج] كان لهم كاهن في الجاهلية.
فلما ذُكر أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وانتشر في العرب، قالت له جَنب: انظر لنا في أمر هذا الرجل.
واجتمعوا له في أسفل جبله، فنزل عليهم حين طلعت الشمس، فوقف لهم قائما، متكئا على قوس له، فرفع رأسه إلى السماء طويلا، ثم جعل ينـزو.
ثم قال:  أيها الناس، إن الله أكرم محمدا، واصطفاه، وطهر قلبه، وحشاه، ومكثه فيكم أيها الناس قليل، ثم أسند في جبله، راجعا من حيث جاء! ‏‏
قال ابن إسحاق: قال عبدالله بن كعب: قال عمر بن الخطاب يحدث الناس: والله إني لعِندَ وثنٍ، من أوثان الجاهلية، في نفر من قريش، قد ذبح له رجل من العرب عجلا، فنحن ننتظر قسمه، ليقسم لنا منه، إذ سمعت من جوف العجل صوتا، ما سمعت صوتا قط أنفذ منه، وذلك قبيل الإسلام بشهر أو شيعه [أي دونه بقليل].
يقول: يا ذَرِيح، أمرٌ نَجِيح، رجلٌ يصيح، يقول‏‏:‏‏ لا إله إلا الله!
‏ويقال:‏‏ رجل يصيح، بلسان فصيح، يقول: لا إله إلا الله‏‏.‏‏
وأنشدني بعض أهل العلم بالشعر: ‏‏‏‏
عجبتُ للجنِّ وإبلاسِها            وشَدِّها العِيس بأحْلاسها
تهوِي إلى مكة تَبغي الهدى     ما مؤمنو الجن كأنجاسها!
قال ابن إسحاق: ‏‏‏فهذا ما بلغنا من الكهان من العرب!
تقارب زمان نبي!
قل ابن إسحاق: ‏‏وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن رجال من قومه، قالوا: ‏‏إن مما دعانا إلى الإسلام، مع رحمة الله تعالى وهداه لنا، لما كنا نسمع من رجال يهود، وكنا أهل شرك أصحاب أوثان.
وكانوا أهل كتاب، عندهم علم ليس لنا.
وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور.
فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون، قالوا لنا: ‏‏إنه قد تقارب زمانُ نبيٍّ، يبعث الآن، نقتلكم معه قتل عاد وإرم.
فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم. ‏‏‏
فلما بعث الله رسوله، صلى الله عليه وسلم، أجَبناه، حين دعانا إلى الله تعالى.
وعَرَفنا ما كانوا يتوعدوننا به، فبادرناهم إليه، فآمنا به، وكفروا به.
ففينا، وفيهم، نزل هؤلاء الآيات من البقرة‏‏:‏‏
"وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ". البقرة: 89.

‏‏

ملوك انجلترا احتكروا تجارة الرقيق سليمان صالح ضرار ـ لندن

$
0
0


Bejawino1@hotmail.com

قبل أيام تم في لندن عرض فيلم بعنوان (اثنا عشر عاما من العبودية)، وقد لاقى الفيلم الذي أُعتبر من أفضل وأشهر أفلام العام الماضي رواجاً كبيراً وقصته تدور عن أمير أفريقي تم استرقاقه في أمريكا، وستجدون القصة الأصلية في هذا المقال الذي قمنا بنشره باللغة العربية في مجلة سنار ثم قمنا بترجمته للغة الانجليزية لتعميم الفائدة وتبرئة السودانيين والعرب والمسلمين من تهمة تجارة الرق. وننشر هذا المقال الآن لأن تهمة تجارة الرق كانت واحدة من مزاعم الاستعمار لغزو السودان باسم التدخل لحماية حقوق الإنسان. كما ننشره ثانية أيضاً لأنه لا زال هناك من السودانيين من يردد هذه المقولة الاستعمارية باتهام السودان بتجارة الرق. وقد حدث في لندن أن أقام منتدى نوافذ الثقافي في لندن أمسية ثقافية تحدث فيها في مداخلة أحد الناشطين عن مذكرة كرام المواطنين التي وقعت عليها شخصيات تاريخية رفضت قرار إلغاء الرق حسب قوله، والمفارقة هنا هي أن من طالب بإلغاء الرق هو بريطاني كانت دولته تحتكر تجارة الرق حتى اكتفت منه فقامت بحظره. إن الرقيق في ذلك الوقت كان عددهم في السودان لا يتعدى الألفين بينما قامت الثورة المهدية بانقاذ مئات الألاف من السودانيين من الرق عندما حررت السودان من الاستعمار المصري التركي الذي كان طوال ستين عاماً يُفرض على السودان، أن يورد له كل عام ثمانية ألاف عبد يرسلون كمرتزقة للقتال في البلقان والمكسيك، وتتلقى الحكومة المصرية مقابل تأجيرهم أموالاً طائلة من الدول التي يقاتلون من أجلها مثل فرنسا وغيرها، وهؤلاء المرتزقة هم الذين شكّلوا الصف الأمامي لجيش كتشنر حيث قتلوا أبناء وطنهم في مذبحة كرري التي اُستشهد فيها ستة وعشرون ألف شهيد، بالاضافة لاستباحتهم لأمدرمان لمدة ثلاثة أيام ثم قتلهم بدم بارد لمجموعة من الأنصار في الشكابة وهم في طريقهم للحاق بجيش أحمد فضيل القادم من القضارف لينضموا لجيش الخليفة في كردفان ومن شهداء الشكابة الخليفة شريف وابنا الإمام المهدي بشرى والفاضل ونجا الإمام عبدالرحمن المهدي بعد أن أصيب بطلق ناري في ساقه، كما قام هؤلاء المرتزقة بالقبض على البطل ود حبوبه وأعدموه كما أعدموا الكثيرين غيرهم. إن هدفنا هنا هو عدم الركون لما يكتبه المستعمرون عن تاريخ بلدنا وعدم ترديد مزاعمه التي تهدف لزعزعة الثقة في نفوس السودانيين.
الأمير الأفريقي المختطف
سليمان صالح ضرار
في شهر يناير 2012  أثار خبر عرض لوحة فنية نادرة للبيع جدلاً واسعاً في بريطانيا. واللوحة هي لأمير أفريقي اسمه أيوبَّ سليمان ديالو تم اختطافه في العام 1730م من بلده سينغامبيا في غرب أفريقيا وبيع لتجار الرقيق الذين صدروه إلى أمريكا ومنها إلى انجلترا. وقد اعترضت جهات رسمية وشعبية بريطانية على عرض اللوحة للبيع وعلى تصديرها لخارج بريطانيا، خاصة وأن اللوحة من رسم الفنان ويليام هور ـ من باث ـ التي تعتبر أعماله ذات أهمية تاريخية عظيمة للمملكة المتحدة. ويظهر في اللوحة التي رسمها ويليام هور وجه الأمير أيوبَّ سليمان ديالو. وقد كتب مافي كينيدي عنها قائلاً: إن اللوحة الفنية التي يظهر فيها الوجه المهيب الوسيم للأمير أيوبَّ سليمان ديالو تُعد أقدم لوحة بريطانية لرقيق تم تحريره. وتظهراللوحة الأمير أيوبَّ ديالو مسلماً ورعاً، ممسكاً بمصحفه، الذي كتبه بخط يده من الذاكرة عندما كان في لندن، وقد وافق على أن ترسم له صورة نزولاً على رغبة أحد أصدقائه الإنجليز رغم تحفظه عن ذلك لأسباب دينية كما يعتقد. 
وقد نشرت صحيفة الغارديان البريطانية  حينها خبراً تحت عنوان (الأمير الأفريقي) مفاده أن الحكومة البريطانية قررت الحظر مؤقتاً على تصدير لوحة الأمير الأفريقي المحرر وكانت الصفقة قد تمت بين معرض اللوحات الوطني البريطاني ودولة خليجية مقابل 530  ألف جنيه استرليني.

قبل أن نخوض في سيرة هذا الأمير الأفريقي الذي بهر الأمريكان والإنجليز بهيبته ومواهبه وأثار الإهتمام حياً وميتاً، دعونا نتعرف على المنطقة التي عاش فيها والتي بالرغم من بعدها عن العالم العربي والإسلامي عاش فيها في ذلك الوقت أناس مسلمون يجيدون كتابة اللغة العربية ويخطّون القرآن الكريم من ذاكرتهم فكيف وصلت إليهم وهم في هذا الجزء النائي اللغة العربية والإسلام رغم البعد الجغرافي وصعوبة المواصلات والاتصالات آنذاك.

العرب والمسلمون في غرب أفريقيا

تقول بعض الروايات أن لغرب أفريقيا علاقة قبل الإسلام بالعرب واللغة العربية. ومن تلك الرويات العربية ما ذكر من أن اسم أفريقيا مشتق من اسم الملك أفريقيس اليمني الفحطاني، أحد ملوك تتابعة اليمن والذي غزا المغرب وشيّد فيها مدينة سماها أفريقيا على اسمه. كذلك شهد غرب أفريقيا هجرات عربية قديمة قبل الإسلام لقبائل يمنية ومنهم من انتسب إلى الملك سيف بن ذي يزن، كما هاجرت إليه أيضاً قبائل عربية من مصر وليبيا والمغرب هرباً من اليونانيين والرومانيين الذين احتلوا تلك البلاد، خاصة بعد ظهور المسيحية فقد هربت جماعات من اليهود العرب إلى غرب أفريقيا خوفاً من الاضطهاد الديني. ومن القبائل التي هاجرت إلى غرب أفريقيا قبيلة فوتا التي ينتمي إليها أيوبَّ ديالو وقد جاءت من مصر وواضح هذا في بشرة الفوتيين الفاتحة اللون. والجدير بالذكر أن العرب الفينيقيين كانوا قد مشّطوا كل الساحل الأفريقي وأقاموا فيه محميات وربما اختلط بعض رجالها بالسكان المحليين في غرب أفريقيا كما حدث في مناطق أخرى. ويستطيع المرء بكل سهولة ملاحظة الدماء والملامح العربية في بعض سكان غرب أفريقيا في مالي والسنغال وغامبيا وغيرها وكذلك في عرب الشوا (البقارة) الذين يتحدثون اللغة العربية هذا إضافة إلى الطوارق بملامحهم الدقيقة. وبالنسبة للغة العربية في السنغال، فهناك صلة قديمة بين الحرف الحميري وبين نقوش وجدت في الصحراء الكبرى في غرب أفريقيا.

دخل الإسلام السنغال وغرب أفريقيا في القرن الأول للهجرة الموافق السابع للميلادي وذلك على يدي عقبة بن نافع الفهري بعد فتوحاته في جنوب ليبيا والتي تابعها إلى منطقة كوار في شمال شرق جمهورية النيجر. وظل الإسلام ينمو ويتطور على أيدي التجار والدعاة حتى القرن الخامس الهجري عندما أسقط المرابطون دولة غانا الوثنية وأقاموا محلها مملكة غانا الإسلامية والتي هي أول مملكة إسلامية في غرب أفريقيا (من 800 إلى 1240م). وبعد ذلك قامت على أنقاضها ممالك إسلامية عديدة في غرب أفريقيا مثل إمبراطوية مالي التي تلتها حتى العام 1550م، ومملكة سنغهاي (1460ـ 1600م)، ومملكة كانم ـ برنو بفتراتها الثلاث والتي انتهت العام 1800م، كذلك قامت ممالك إسلامية في مدن غرب أفريقيا مثل مدن تادمكه واردغست وكوكو وقاوو وملي وجنين وتمبكتو وبرنو وفي مدن الهوسا مثل كتسنا وغوبرودورا وكتو وغيرها. وبعد دخول الإسلام لغرب أفريقيا ازدهرت اللغة العربية وانتشرت المدارس القرآنية وتعلم المسلمون اللغة العربية لأداء شعائرهم الدينية كما مارسوا بها كتابة الخطابات والتدوين لدولاب الدولة. 


ملوك انجلترا وتجارة الرقيق
 أما بالنسبة لتجارة الرقيق التي وقع أيوبَّ ديالو ضحية لها فهي تُعد واحدة من أقدم أنواع التجارة في العالم، فقد كان العبد يسترّق نتيجة لدين عجز عن سداده، كما كانت القبائل المنتصرة في الماضي تسترّق الأسرى من القبائل المهزومة أو تقوم ببيعهم أو اهدائهم كرقيق وأصبح هذا عرفاً حتى العصر الحديث، والعبودية سخرة قسرية مدى الحياة. وقد نمت هذه التجارة نتيجة للحاجة للأيدي العاملة في الرعي ثم زادت الحاجة إليها مع تطور الزراعة. وبما أن الحروب القبلية كانت محدودة والأسلحة آنذاك لم تكن شديدة الفتك فإن عدد العبيد الأسرى لم يكن كبيراً. ولكن مع ظهور الأسلحة النارية وتطور وسائل المواصلات زاد عدد العبيد المسترّقين بدرجة كبيرة ووصل تجار الرقيق لمناطق أبعد. إن بريطانيا التي أرسلت صمويل بيكر والجنرال غردون لمحاربة الرق في السودان  ثم غزت السودان في القرن التاسع عشر بزعم محاربة الرقيق ونصّبت نفسها راعية لحقوق الإنسان كانت هي وعلى أعلى مستوياتها الملكية محتكرة لتجارة الرقيق من غرب أفريقيا إلى الأمريكيتين وبالرغم من هذا الصقت تجارة الرقيق بالعرب والمسلمين، ولا ننسى ما قاله الإنجليز عن أن الزبير باشا كان تاجراً للرقيق في الوقت الذي لم يبع فيه عبداً واحداً. إن سرد تاريخ هذه الشركة هي وثيقة براءة للعرب والمسلمين من ممارسة تجارة الرقيق التي تزعمتها انجلترا. وقد سبق انجلترا في تجارة الرقيق من الدول الأوربية كل من البرتغال وأسبانيا والدينمارك وهولندا والأخيرة هي من صدر أول دفعة من الرقيق إلى أمريكا في العام 1619م.
وعندما وطأت أقدام الإنجليز وغيرهم من الأوربيين أمريكا قاموا بإبادة الهنود الحمر بالسلاح الناري والخمور المغشوشة ورصدت حكوماتهم جوائز لكل من يقتل هندياً أحمر حتى بلغ عدد القتلى من الهنود الحمر في الأمريكتين أكثر من خمسين مليون نسمة. ولكن عندما بدأ الإنجليز والأوربيون الآخرين مشاريعهم الزراعية في أمريكا لم يجدوا عمالاً للعمل في مزارعهم، فكان أقرب مكان لاستجلاب العبيد إلى الأمريكتين هو الساحل الغربي لأفريقيا. هنا سال لعاب المتنفذين الإنجليز، فقامت أسرة ستيوارت الملكية وتجار لندن بإنشاء شركة رويال أفريكان المتخصصة في تجارة الرقيق، وعندما تولى مؤسس الشركة العرش الإنجليزي العام 1660م، تولى أعمال الشركة جيمس دوق يورك، شقيق الملك شارلس الثاني.
وقد حصلت الشركة على امتياز احتكار تجارة الرقيق في العام 1660م. وبمساعدة من الجيش الإنجليزي وأسطوله قامت الشركة بعمل محطات على طول ساحل أفريقيا الغربي لتجميع العبيد وتصديرهم للأمريكتين وغيرهما. وقد كانت الشركة في البداية بمسمى المغامرون الملكيون المتاجرون مع أفريقيا، وقامت باحتكار تجارة الرقيق الإنجليزية، وبعد فترة اندمجت الشركة مع شركات رقيق أخرى تحت مسمى شركة نيو رويال أفريكان.
وفي العام 1680م كانت الشركة تقوم بتصدير خمسة ألآف عبد كل عام. وكان معظمهم يوسمون كالسوام بالحرفين الإنجليزيين دي وواي، وهما اختصار للقب رئيس الشركة دوق يورك الذي خلف شقيقه في العرش العام 1685م وأصبح اسمه جيمس الثاني. أمّا العبيد الآخرين فكانوا يوسمون على صدورهم بالحروف الأولى لاسم الشركة. 
وبين الأعوام 1672 و1689م صدّرت الشركة من غرب أفريقيا حوالى مائة ألف عبد. وساهمت أرباحها في القوة المالية لأصحاب الشركة في انجلترا. وفي العام 1698م فقدت الشركة امتياز احتكار تجارة العبيد، وأدى هذا إلى دخول تجار انجليز جدد في هذه التجارة اللا إنسانية وهكذا ونتيجة للمنافسة، تضاعف بصورة هائلة عدد العبيد الذين كان يتم تصديرهم من أفريقيا وتنقلهم السفن الإنجليزية.
وواصلت شركة رويال أفريكان تجارة العبيد حتى العام 1731م عند إلغاء تجارة الرقيق. وبلغ عدد العبيد الذين صدرتهم الشركات والسفن الإنجليزية من غرب أفريقيا أحد عشر مليون عبد ذهب معظمهم لأمريكا الشمالية وأسهموا في بناء نهضتها ولم يجدوا منها إلا الاضطهاد حتى حررهم ابراهام لنكلن محرر العبيد، ومنع هذه التجارة اللا إنسانية، ولكن استمر اضطهاد السود حتى فترة الستينات من القرن الماضي، وقد يكون في تولى باراك اوباما الأفريقي الأصل للرئاسة الأمريكية دور في رد الاعتبار للعبيد الأفارقة.
بعد أن تعرفنا على الخلفية التي نشأ فيها أيوبَّ وملابسات تجارة الرقيق نعود لقصة اختطافه وتعرضه للاسترقاق.
ولد أيوبَّ سليمان ديالو الذي عُرف في أمريكا وانجلترا باسم جوب بن سولمون، حوالى العام 1701م في أسرة مسلمة متدينة وثرية ومتعلمة في سينغامبيا (السنغال وغامبيا قبل فصلهما عن بعض) في غرب أفريقيا. وقد نال أيوبَّ ديالو حظاً وافراً من التعليم وكان يتحدث عدة لغات. وحسب الرواية المنشورة أنه تم أسره من قبيلة معادية أساءت معاملته وقامت بحلق شعر رأسه ولحيته حتى يبدو كأسير حرب يحق لهم استرقاقه وبيعه، ثم قامت تلك القبيلة بعد ذلك ببيعه لتاجر رقيق باعه هو الآخر لينتهي في أمريكا عند صاحب مزرعة للتبغ. ولكن تم إنقاذه من صاحب مزرعة التبغ في ماريلاند بواسطة توماس بلوت وهو محامي انجليزي ومنصّر، ومن ثمَّ أحضره إلى انجلترا حيث أصبح من المشاهير وقابل الملك جورج الثاني وزوجته الملكة ومثقفي الثلاثينيات من القرن الثامن عشر، وقد قام ديالو بترجمة مستندات ومخطوطات باللغة العربية للسير هانز سلون، الذي تعتبر مجموعة مقتنياته الثمينة نواة المتحف البريطاني.
جاء في موسوعة ويكبيدا عن أيوبَّ ديالو ما يلي: ينتمي أيوبَّ ديالو إلى أسرة فولبي (فوتا ـ فولاني) المرموقة وهي أسرة الزعامة الدينية للمسلمين في منطقة غرب أفريقيا. وقد أسس جده مدينة بوندو، وقد نشأ أيوبَّ ديالو مع سامبا جيلديو ديجوي ولي عهد مملكة فوتا ـ تورو آنذاك في منطقة ماندينجا، وفي العام 1730م وقع أيوبَّ ضحية لتجارة الرقيق المزدهرة في ذلك الزمان في منطقة سينغامبيا. وقد كان أيوبَّ ومترجمه بقرب نهر غامبيا للمقايضة التجارية مع احدى السفن الإنجليزية التي كانت راسية في النهر. وعند زيارتهما لبعض الأصدقاء في طريق عودتهما لبلدهما، تم أسر أيوبَّ ديالو ومترجمه من قبل غزاة من قبيلة الماندينجا المعادية لقبيلتهما.
وقد قام الغزاة بحلق شعر رأسي ديالو ورفيقه ليبدوا كأسيري حرب، حتى يبرروا استرقاقهما وبيعهما. وتم بيع الشابين لشركة رويال أفريكان. واستطاع أيوبَّ أن يقنع كابتن بايك الانجليزي بأنه (أي ايوبا) من طبقة اجتماعية راقية واوضح أيوبَّ للكابتن أن والده يستطيع دفع فدية مقابل اطلاق سراحه. وقام كابتن بايك بمنح أيوبَّ مهلة ليبحث عن شخص ليرسل معه رسالة لوالده. ولما لم يرجع الشخص الذي أرسله أيوبَّ في الوقت المحدد لعودته قبل مغادرة السفينة، تم ارسال أيوبَّ ورفيقه فيها إلى انابوليس في ماريلاند بأمريكا، حيث تم تحويل أيوبَّ إلى سيد آخر هو فاشيل دينتون.
وبعد ذلك اشترى المستر تولسي أيوبَّ من كينت ايلاند في ميريلاند. وتم وضع أيوبَّ في البداية في مزرعة التبغ، ولكن بعد أن وجدوه غير مناسب لهذا العمل جعلوه مسؤولاً عن قطيع الأبقار. وبينما كان أيوبَّ في الأسر كان يذهب إلى الغابة، بعيداً عن أنظار مخدميه وغيرهم، لأداء الصلاة. ولكن عندما قام أحد الصبية بالإساءة له عندما كان يصلي، هرب أيوبَّ من مالكه ولكن تم القاء القبض عليه ووضع في السجن في قاعة محكمة مقاطعة كنت. وهناك اكتشفه المحامي توماس بلوت الذي كان مسافراً إلى هناك في رحلة عمل. وقد أُعجب المحامي بقدرة أيوبَّ على الكتابة باللغة العربية، وكتب بلوت عن أيوبَّ في سرده الآتي:
عندما كنا نتحدث معه ونقوم بعمل إشارات له لتوضيح ما نقول، كتب سطراً أو سطرين أمامنا، وعندما قرأهما ونطق كلمة الله ومحمد (ص)، بهذا وبرفضه كأساً من النبيذ قدمناه له، أدركنا أنه مسلم، ولكننا لم نستطع أن نخمن من أي بلد جاء، أو كيف وصل إلى هنا، ولكننا أدركنا من شجاعته وحسن معشره ورباطة جأشه أنه ليس عبداً عادياً.
وعندما قام أفريقي آخر يتحدث لغة الولوف، وهي لغة لمجموعة تسكن جوار قبيلة ايوبا، قام بالترجمة بيننا وبين ايوبا، اكتشفنا أن دماءً ارستقراطيةًً تجري في عروقه. وشجعت هذه الملابسات المستر توليسي ليسمح لايوبا بكتابة خطاب باللغة العربية ليرسله إلى والده في أفريقيا. وفي النهاية وصل الخطاب إلى مكتب جيمس أوجلثورب، مدير شركة رويال أفريكان وهي شركة انجليزية تأسست العام 1660م وبمساعدة الجيش الانجليزي واسطوله قامت باحتكار تجارة الرقيق من غرب أفريقيا وأنشأت لذلك مراكزاً لتجميع الرقيق وتصديرهم. وبعد توثيق الخطاب من قبل جون جاجنير، أستاذ كرسي اللغة العربية في جامعة اكسفورد، اشترى أوجلثورب أيوبَّ بمبلغ 45 جنيهاً استرلينياً.
ووفقاً لما صرح به أوجلثورب، فقد حركته عواطفه عندما سمع المعاناة الشديدة التي تعرض لها ايوبا. فقام أوجلثورب بشراء أيوبَّ وأرسله إلى مكتب شركة رويال أفريكان في لندن. وسافر بلوت وايوبا إلى انجلترا في العام 1733م. وبدافع من حسّه لم يترك أوجلثورب مصير أيوبَّ في يد مكتب شركة رويال أفريكان في لندن عند وصوله في نهاية شهر أبريل العام 1733م.
ومع مرور الأيام سمع أيوبَّ اشاعة بأن الكابتن هنت يخطط لبيعه لتجار ادّعوا أنهم سيعيدونه إلى بلده. وخشي أيوبَّ من أن تكون هذه خدعة أخرى لاسترقاقه، فاتصل ببلوت والرجال الآخرين الّذين التقاهم في طريقه إلى لندن. واثر ذلك رتب بلوت إقامة لايوبا في شيسهنت في انجلترا.
وبناءً على أوامر أوجلثورب قامت شركة رويال افريكان بجمع تبرعات من أشخاص في لندن مهتمين بقضية أيوبَّ لتسديد كل المصاريف المطلوبة لترحيل أيوبَّ إلى بلده. ولكن أيوبَّ لم يكن مطمئناً لما يدور حوله وأخبر أوجلثورب بأن كل هذه الاجراءات ليست كافية لضمان عدم إعادة استرقاقه. ووفقاً للمستر بلوت، فإن كل الرجال الشرفاء المشاركين في هذا العمل قد وعدوا بأنهم لن يبيعوا أيوبَّ ليعود رقيقاً ثانية، وبالتالي فلن تكون هناك أي مخاطر مفترضة ستلحق بايوبا، وقد قام بلوت والمتعاطفين مع أيوبَّ بدفع المبلغ المطلوب لتحرير أيوبَّ وترحيله إلى بلده. وقد قام الانجليز المقيمين في لندن الذين التقوا أيوبَّ بجمع مبلغ من المال لدفع مصاريف الإجراءات القانونية لتحريره حتى تكون حريته رسمية وذلك باصدار صك مختوم من شركة رويال افريكان يثبت أن أيوبَّ قد تم عتقه. وهكذا أصبح أيوبَّ حراً طليقاً يرتاد منتديات المثقفين في لندن.
وقد حصل أيوبَّ بعد ذلك على الكثير من الهدايا من بينها ساعة قيمة أهدتها له ملكة إنجلترا، كما تعرّف على العديد من الأصدقاء الجدد، وبالإضافة إلى ذلك ساعد السير هانز سلون على ترجمة الوثائق والمستندات والكتب من اللغة العربية إلى للغة الانجليزية. وكان أيوبَّ في صحبة العديد من الأشخاص المرموقين بما في ذلك الأسرة المالكة والدوقات واللوردات. وفي شهر يوليو 1734م، عاد أيوبَّ إلى غامبيا ومن هناك عاد إلى مسقط رأسه حيث وجد أن والده قد توفي، وتزوجت احدى زوجات أيوبَّ رجلاً آخر اعتقاداً منها بأن أيوبَّ قد توفي. وقد وجد أيوبَّ بعد عودته لبلده أن الحرب قد دمرتها، ولكن نسبة لثرائه فقد استطاع استعادة مستوى معيشته الراقي السابق. وقد واجه أيوبَّ مشاكلاً بعد عودته لبلاده. ففي شهر يونيو العام 1736م قام الفرنسيون الذين كانوا قد استعمروا السنغال، باعتقاله نتيجة لشكّهم في أنه ربما يكون متعاوناً مع الإنجليز. ومكث أيوبَّ في المعتقل الفرنسي قرابة العام حتى استطاع رجال قبيلته اطلاق سراحه. وبعد ذلك أرسل خطابات إلى شركة رويال افريكان يطلب فيها السماح له بزيارة لندن، ولكن هذا الطلب لم يستجب له. وقد قام أيوبَّ بمحاولات لتحرير واطلاق سراح صديقه المترجم الذي اُختطف معه، وفي النهاية تكللت جهوده بالنجاح حيث استعاد المترجم لومين حريته وعاد إلى غامبيا في العام 1738م. وتوفي أيوبَّ العام 1773م عن عمر يناهز السبعين عاماً.


الخاتمة
اللآفت في قصة الأمير أيوبَّ هو أنه قدم إلى إنجلترا من غرب أفريقيا التي كانت قد تشبعت بالحضارة العربية الإسلامية على مدى قرون طويلة وقامت فيها إمبراطوريات وممالك متقدمة ثقافياً وفكرياً، وفي نفس الوقت كانت إنجلترا والدول الأوربية الأخرى قد خرجت من العصور المظلمة بما يزيد قليلاً على القرن وبدأت تتلمس أسباب الحضارة فاتجهت نحو الحضارة العربية الإسلامية وأخذت في ترجمة كتبها لتقتبس منها، ويتضح هذا من الكتب التي ساعد أيوبَّ السير هانز سلون على ترجمة العديد منها من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية والتي تعلمها وأتقنها في الوقت القصير الذي قضاه في رحلته بالسفينة من أمريكا إلى إنجلترا. وقد أشار مدير المعرض الوطني البريطاني للّوحات، المستر ساندي نيرن، لموضوع ترجمة أيوبَّ للوثائق والكتب في تعليقه على أهمية اللوحة قائلاً: "إنها لوحة تلقي ضوءاً جديدًا على التبادل الثقافي والفكري في النصف الأول من القرن الثامن عشر". فما قام به الأمير أيوبَّ يُعدّ تبادلاً ثقافياُ بين الإمبراطورية البريطانية التي لم تكن تغرب الشمس عنها ودولة السنغال التي فاقتها في الثقافة والفكر. والشيء الثاني المثير هو أن أيوبَّ لم يكن يقابل غير المثقفين وعلية القوم ومنهم ملك إنجلترا الذي لا يستطيع آنذاك مقابلته بسهولة شخص أجنبي حتى ولو كان وزيراً، وبالرغم من هذا قابله أيوبَّ الذي كان إلى وقت قريب من ذلك الوقت محسوباً على طبقة العبيد، فكيف به وهو بهذا الحال يلتقي ويجالس النبلاء والمثقفين وحتى ملك الإمبراطوية، لقد حدث هذا لأن الإنجليز شعروا بأن أيوبَّ شخص غير عادي جاء من بيئة أكثر تحضراً ثقافياً وفكرياً من إنجلترا. الخلاصة هي أنه بالرغم من أن غرب أفريقيا كان في ذلك الوقت يشهد ازدهاراً حضارياً وثقافياً وفكرياً استطاعت فيما بعد، أي القرن التاسع عشر، إنجلترا والدول الأوربية الأخرى أن تتفوق عليه وتستعمره ليس بشيء سوى بقوة النيران والأسلحة الحديثة الفتاكة.
الرجاء الاطلاع على المقال والصور في موقع مجلة سنار:
www.sinnar.net/agm                                                                                                                                                                                                                              

موقع الصور
باسم
Ayuba Suleiman Diallo
أو باسم
Job Ben Solomon
http://abolition.nypl.org/images/us_slave_trade/4/36

في ذكرى استشهاد الزعيم المناضل الشريف حسين الأمين جميل الحزب الاتحادي الديمقراطي/ الجبهة الثورية

$
0
0


amin.gamil3@gmail.com
بسم الله الرحمن الرحيم
"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا "صدق الله العظيم
"  الحمد لله الذي اختبر الرجال ، و امتحن النضال و طهر الصفوف ، و عزل الجبناء و المنافقين، ووصم و كوى جباههم حتي يراهم الناس اليوم و عندما يحشرون، و حتى لا ترتفع رؤوسهم أو تعلو وجوههم، و حتى يكال عليهم الرماد و يغطوا بالسواد فيصبحوا عبرة للتاريخ و للأجيال وللمبادئ، و حتى تنتهي إلى الأبد المتاجرة بالدين و بالوراثة العرقية للثورات ".  الشريف حسين الهندي
إلى أبي أب المناضلين الشرفاء ،
تعودت أن أكتب إليك مناجياً في هذا التاريخ من كل عام ، أحكي لك ما حدث و أشكو لك غبني و أبوح إليك بهمي ، و أجدد بمواساتك عزمي ، أحدثك عن مآسي وطننا  الذي هوى به الانقاذيون إلى قاع مظلم سحيق  و ملأوا سهوله ووديانه و جباله بجماجم و هياكل شعبه الاعزل المسالم ، و أشبعوه ظلماً و قهراً و استعباداً و فقراً و بؤساً و جوعاً و مرضاً و عطالة ، و روّجوا فيه للتجارة بالبشر و الاتجار بالمخدرات ، ثمّ التفنوا للسياسة الخارجية فادخلونا في أحلاف و معاهدات لا قبل لنا بتبعاتها و حولوا البحر الآحمر من بحر سلام آمن إلى بحر تتصارع عليه القوى الاقليمية و الدولية ، و فرّطوا في حدودنا الشمالية و الشرقية و الغربية ، و من المضحك المبكي أن القوات التشادية صارت تتوغل في أرضنا إلى ما بعد أم روابه ، بإذن أو بدونه ، و سيارات الأمم المتحدة في شوارعنا عددها يفوق عدد سيارات الأجرة ، و طائراتها بالعشرات في مطار الخرطوم، الذي يندر أن تجد على ممراته طائرة مدنية ، بعد أن أوقفت أغلب شركات الطيران رحلاتها الجوية إلى الخرطوم لشح و غلاء الوقود و لتدني سعر العملة . ثمّ أن رئيس نظام الانقاذ نفسه مطارد دوليا و مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية .
واقعنا مرير، إلاّ أن هدي كلماتك  ألهمنا القوة و الثبات ، و مشعل الحرية الذي حمله الشعب في سبتمبر أعاد لنا الأمل و الإبتسامة . دعني أحدثك عن سبتمبر ، أعتقد الانقاذيون أن الشعب السوداني قد استكان و خضع ، وماتت وطنيته و تلاشت نخوته و شجاعته ، و تناسوا أنه الشعب المعلم ، شعب البطولات و مفجر الثورات ففاجأهم وخرج  رجالاً و نساءاً ، أطفالاً و شباباً إلى الشوارع هاتفين بسقوط النظام ، مطالبين برحيله . بدأت المظاهرات في مدني ثمّ عمّت العاصمة و مدن السودان الأخرى . كانت مظاهرات صاخبة عارمه فوجل و رجف و انهار الانقاذيون وتسابقوا إلى المطار وإلى الطرق الخارجة من العاصمة ، أما الذين لم يجدوا سبيلاً للفرار فقد أمروا مليشياتهم بإطلاق الرصاص على المتظاهرين العزل فقتلوا المئات دون خشية من الله الذي حّرم قتل النفس إلا بالحق و دون مراعاة للقيم السودانية و الأعراف الدولية ، و جرحوا الآلاف وزجوا بالبقية في السجون .تمّ ذلك وسط تعتيم إعلامي كامل و صمت مطبق من المجتمع الدولي ، كاد يصل درجة التواطؤ. إن مظاهرات سبتمبر هي إظهار لغضب شعب صابر و شرارة الثورة القادمة بسندها المسلح من قوات الجبهة الثورية التي ستسدد الضربة القاضية  و تجهز على هذا النظام اليكتاتوري الدموي ،بإذن الله .
أبي أب المناضلين الشرفاء
في هذه الايام بالذات ما فتئت أستذكر درساً درستنا له، و أنا أذكر جميع دروسك ، و أردد سراً و جهراً مقولة قلتها خلاله ، و هي كبقية أقوالك ، و أقوالك حكم ،  صارت مبدأنا و دليلنا ، قلت و كررت القول "لا قداسة مع السياسة. نحن نحترم رجال الدين ما التزموا جانب الدين واعتصموا بدينهم و ربهم، لكننا لن نهادن الكهنوت السياسي و الرهبنة ."لذلك فنحن وقفنا و نقف بصلابة ضد توجهات السيد محمد عثمان ، الذي أراد تحويل أعضاء الحزب لحيران يلثمون يده و ينفّذون ما يريد دون نقاش، و نقف بالصلابة نفسها ضد كل من تسول له نفسه المتاجرة بالدين و الارتزاق باسم الوطنية . حدثتك في العام الماضي عن اشتراكه في الحكومة ، و أحدثك الآن عن سقوطه الأكبر، فقد قبل شاكراً حامداً ساجدأ وساماً أنعم عليه به رئيس نظام الانقاذ تكريماً لمواقفه ضد الوطنيين وضد إرادة المواطنيين.! و وصف حواريه قبوله للوسام بالحكمة و السياسة الرشيدة.
يا سادتي ، لو أن السقوط في أحضان نظام الانقاذ الديكتاتوري الدموي و المتاجرة بالمبادئ و الاشتراك في الحكومات الهزلية الفاسدة و تقبل الأوسمة من أياد جزأت وطننا و نهبت ثرواته و دمرت مرافقه التعليمية و الصحية و المعيشية و خدمته المدنية و تلطخت بدماء الشهداء من أبناء شعبنا البطل في كل اقليم من أقاليم وطننا ، لو أن هذا ضرب من ضروب الحكمة و السياسة الرشيدة كما تدّعون لما كان هناك فرق بين الوطنيين الأمناء الصادقين في ولائهم لوطنهم، الحادبين على مصالح شعبهم ، و بين العملاء المجرمين الخونة  الكاذبين الضالين الذين باعوا وطنهم وخدعوا شعبه و سرقوا قوته و اساءوا لقيمه و استهانوا بعقله و لاجتمع هؤلاء في طريق واحد يسمى الحكمة و السياسة الرشيدة .
 أبي ، أب المناضلين الشرفاء
تشابهت الأحداث و تطابقت المواقف مع أحداث الماضي ، و حقَّ قولك، الذي لا أجد مناصاً إلإّ ترديده "  الحمد لله الذي اختبر الرجال ،و امتحن النضال و طهر الصفوف ، و عزل الجبناء و المنافقين، ووصم و كوى جباههم حتي يراهم الناس اليوم و عندما يحشرون، و حتى لا ترتفع رؤوسهم أو تعلو وجوههم، و حتى يكال عليهم الرماد و يغطوا بالسواد فيصبحوا عبرة للتاريخ و للأجيال وللمبادئ، و حتى تنتهي إلى الأبد المتاجرة بالدين و بالوراثة العرقية للثورات ".
مولاي، إن مواقف السيد محمد عثمان السياسية غير مشرفة إطلاقاً ، وقد رفضتها مجموعة كبيرة من طائفته الوطنيين . هذا فقد اجتمع به ابنك المناضل التوم هجو ،نائب رئيس الجبهة الثورية ، و نقل إليه رسالة واضحة و طلب منه الوقوف إلى جانب الشعب . و خرج من الاجتماع متفائلاً و قال لي "قريبا ستسمع خبر سار" . كنت رافضاً فكرة الاجتماع لكني وافقت على مضض رغم تنبؤي بالنتيجة ، و بالفعل كرر السيد محمد عثمان ما فعله معك، عندما اجتمعت به في اليوم الثاني لانقلاب مايو و أنت غير عابئ بالنداءات ، تبثها اذاعة أمدرمان، مطالبة بالقبض عليك و لا بقرار مجلس الثورة الذي يأمرك بتسليم نفسك ، و طلبت منه عدم تأييد الانقلابيين ووافقك على ذلك، لكنه فاجأك قبل و صولك للجزيرة أبا باصدار بيان يؤيدهم فيه و نشر البيان في الصحف . هذا بالضبط ما فعله هذه المرة، فاجأ الجميع باتصاله بنائب رئيس الجمهورية المعيّن و هنأه على توليه منصبه، كما أمر ابنه ،مساعد رئيس الجمهورية ، بالرجوع إلى الخرطوم و الانزواء في مكتبه بالقصر الجمهوري، ثمّ كانت قاصمة الظهر قبوله تكريم المشير ، هل يا ترى سأل نفسه لماذا هذا التكريم ؟؟؟
 أبي أب المناضلين الشرفاء ، معذرة فقد أثقلت عليك و لكنك عودتني أن أحدثك بصراحة و كنت ، رحمك الله ، تسمع هرطقتي في شبابي بصبر ، تارة تبتسم و تشجعنني على الاستمرار في الحديث و تارة أخرى تصمت و تغرق في التفكير. أود الآن أن أحدثك حديتاً يعيد الابتسامة إلى وجهك ويفرح قلبك و يشرح صدرك، أتذكر قولك "إن وحدة حزبنا بكل فصائله و بكل أجياله ، هي ركيزة الركائز في المعارضة الشعبية ، فيجب أن نحافظ عليها و أن نجنبها المنازعات الهامشية و الحساسيات ، و أن نسمو بها فوق الصغائر ". هذا ما تمّ و لله الحمد، فقد تنادى الاتحاديون الوطنيون الاحرار، و عقدوا الاجتماعات و اللقاءات الطويلة المضنية و بذلوا من الجهد الكثير ، شعارهم مصلحة الوطن فوق مصلحة الجميع ، فذابت الفوارق و زالت الخلافات و تطهرت القلوب و تصافحت الايدي في ود و اخاء وحب و اندمجت مجموعاتهم في كيان سياسي واحد ، فأبهجوا بذلك جماهير حزبنا المناضلة الصامدة التى تؤمن بأنه إذا صلح حال حزبهم فقد صلح حال وطنهم .
أبي ، نحن أبناؤك و تلاميذك ، نعاهدك أن لا نحيد عن مبادئك أبداً ، و نعاهدك أن نسترد وطننا من الفئة الباغية الظالمة المجرمة ، شواطين الانس و عبدة المال ، بكل الوسائل لا نخشى في ذلك لومة لائم ، و أن نظل أبداً الحفظاء و السدنة و الحراس على مكتسبات شعبنا البطل . 
رحمك الله رحمة واسعة وتقبلك مع الشهداء و الصديقين والصالحين و الأبرار .


 

 


بشارات مولد الحبيب المصطفى (الحلقة 3/3) مصعب المشـرّف

$
0
0

:

الله أعلم حيث يجعل رسالته:
ومن طرائف ما يروى في البشارات بمولده صلى الله عليه وسلم أن أربعة نفر من قبيلة بني تميم خرجوا يوما في سفر . فلما شارفوا الشام نزلوا على غدير عليه شجيرات يستريحون ويتسامرون ، فسمع كلامهم راهب فجاء إليهم فقال:
-    إن هذه لغة ليست بلغة اهل هذه البلاد .
-    فقالوا له: نعم نحن قوم من مُضَر ،
-    فقال الراهب: من اي المضرين؟
-    قالوا: من خِنْدف .
-    قال: اما انه سيبعث وشيكا نبي خاتم النبيين ، فسارعوا إليه وخذوا بحظكم منه ترشدوا .
-    فقالوا له: ما أسمه؟
-     قال: إسمه محمد .
فرجع هؤلاء إلى ديارهم . فلما ولد لكل واحد منهم ولد سارع فاسماه محمداً طمعا في أن يكون هو النبي المبشر به.

بشارة الأوس بن حارثة بن عامر (جد الأوس)
كان الأوس والخزرج في الأصل شقيقان يمنيان ينتميان لقبيلة حِمْيَرْ . فكان للأوس ولد واحد إسمه مالك ، وكان للخزرج خمسة أولاد ذكور . فعلم الأوس من بعض الكهنة أنه سيكون من صلبه وصلب أخيه الخزرج قبيلة تحمل إسمه ؛ وأخرى تحمل إسم أخيه. يكتب لهما نصرة خاتم الانبياء وسيد المرسلين فتنالان بذلك شرف الدنيا والآخرة .
فقيل أنه لما حضرت الوفاة الأوس اجتمع حوله بعضهم ومن اهله . فقالوا له يلومونه :
-    إنه قد حضرك من أمر الله ماترى ، وكنا نأمرك بالزواج في شبابك فتابى ، وهذا أخوك الخزرج له خمس بنين ، وليس لك غير ولدك "مالك" .
فقال لهم الأوس :
-    لن يهلك هالك ترك مثل مالك ، إن الذي يخرج النار من الوثيمة (الحجارة) قادر أن يجعل لمالك نسلاً ورجالا بُسُلاً وكلٌ إلى الموت.
ثم أدنى ولده مالك إليه ، وظل ينصحه ويوصيه . وارتجل قصيدة من عدة أبيات جاء في ختامها قوله:
ألم يأت قومي أن لله دعوة    .....    فوّز بها اهل السعادة والبرّ
إذا بعث المبعوث من آل غالب ....    بمكة فيما بين مكة والحِجْرِ
هنالك فأبغوا نصره ببلادكم    .....    بني عامر إن السعادة في النصر
ثم أسلم الروح.
ومن المفارقات ان تعداد قبيلة الأوس من ظهر مالك كان في يثرب يوم ظهر الاسلام أكثر عددا من تعداد الخزرج .

قصة أم قتال بنت نوفل وقيل فاطمة الخثعمية:
ذكر إبن كثير في مؤلفه البداية والنهاية عن إبن إسحق قوله :
(أنه عندما أخذ عبد المطلب بن هاشم إبنه عبد الله لتزويجه ؛ مرّا على الكعبة المشرفة في طريقهما . فاستوقفت عبد الله إمرأة يقال لها أم قتال من بني اسد بن عبد العزى ... وهي شقيقة ورقة بن نوفل (المعروف). فنظرت في وجهه (وكان فيه نور مضيء). فسألته إلى أين يذهب ؟
-    فقال لها عبد الله: مع ابي
-    قالت: لك مثل الإبل التي نُحِرَتْ عنك وَقَعْ عَـلَيّ الآن (تقصد يضاجعها فوراً ).
-    فقال لها عبد الله : أنا مع أبي ولا أستطيع خلافه ولا فراقه.
ثم أسرع عبد الله يلحق بأبيه . فتوجه به حتى دخل على وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر (أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم) . وكان وهب حينذاك زعيم بني زهرة وسيدهم وقد تقدم به السن فخطب عبد المطلب السيدة أمنة بنت وهب لإبنه عبد الله ، ودخل بها عبد الله فحملت بسيد الخلق.
وبعد انقضاء ثلاثة ايام من إقامة عبد الله بن عبد المطلب مع عروسه خرج يريد تجارته وأعماله . فالتقى في طريقه مرة أخرى بأم قتال التي سبق وأن عرضت عليه مائة من الإبل إن هو ضاجعها ؛ فلم تهتم به فقال لها:
-    مالك لا تعرضين عليّ اليوم ما كنت عرضت بالأمس؟
فقالت له:
-    فارقك النور الذي كان معك بالأمس ؛ فليس لي بك حاجة .

ويقال بل كانت تسمع من اخيها ورقة بن نوفل ؛ أنه قد آن أوان مولد نبي آخر الزمان . فتوقعت ان يكون في صلب عبد الله بن المطلب لِمَا عُرفَ عنه (حين تكوّنت النُطْفَة)  من النور في جبهته ؛ وقيل وجهه بأكمله .
وكانت بعض نساء السادة زعماء العشائر ؛ وكذلك الوجهاء والأثرياء في قريش بمكة يتداولن في جلسات الفراغ والدعة الخاصة بينهن ظاهرة النور الذي يحمله عبد الله في وجهه وجاذبيته ، وكُنّ يعترضن طريقه كثيرا بهدف إغوائه إعجابا به . ولكن الله عز وجل عصمه منهن لأمر كان مفعولا ... ولا راد لأمره عز وعلا .
ومن ثم فكانت أم قتال بنت نوفل تطمع أن تكون هي أم سيد الخلق ... ومن جهلها وجاهليتها تظن ان الله عز وجل يمكن أن يجعله من لقاء حرام في رحم حرام  من مال حرام . فاعترضت طريق عبد الله بن عبد المطلب حين علمت بأنه ذاهب للزواج من آمنة بنت وهب ...
وهكذا جعله الله عز وجل في أشرف عنصر واطيب أصل ونسب وحسب . وحيث يقول عز وجل (الله أعلم حيث يجعل رسالته) 124 الأنعام . فكان بذلك خيار من خيار من خيار حتى ظهر آدم عليه السلام ورحم حواء رضي الله عنها.
وهناك رواية أخرى تذكر أن عبد الله بن عبد المطلب عندما أخذه أبيه لتزويجه بالسيدة آمنة بنت وهب رضي الله عنها ؛ اعترضت طريقة إمراة يهودية كاهنة إسمها فاطمة بنت مُـرْ الخثعمية ، فرات النور في وجهه فقالت له:
-    يا فتى ؛ هل لك أن تقع عليّ الآن واعطيك مائة من الإبل؟
-     فقال لها عبد الله:
أما الحرام فالممات دونه         والحِلُّ لا حِلّ فأستبينه
فكيف بالأمر الذي تبغينه        يحمي الكريم عرضه ودينه
ثم أنه بعد دخوله على السيدة آمنة بنت وهب خرج بعد ثلاث ليال. فروادته نفسه للكاهنة طمعا في الإبل فذهب إليها فقالت له:
-    ما صنعت بعدي في تلك الليلة ؟
فأخبرها بأمر زواجه.
-    فقالت له: والله ما أنا بصاحبة ريبة ، ولكني رايت في وجهك نوراً فاردت أن يكون فيّ . وأبى الله إلاّ أن يجعله حيث أراد . وأنشدت في ذلك شعرا مُطـوّل.

قـصة الكتابي اليمني:
ومن بين القصص الأخرى أن عبد المطلب بن هاشم خرج إلى اليمن ضمن قافلة رحلة الشتاء فنزل على حبر من اليهود ، قال عبد المطلب:
-    فقال لي رجل من اهل الكتاب : يا عبد المطلب أتأذن لي ان أنظر إلى بعضك؟
-    فقال عبد المطلب : نعم إذا لم يكن عورة.
-    قالك ففتح إحدى منخري فنظر فيه ، ثم نظر في الآخر فقال:
-    أشهد أن في إحدى يديك ملكا ، وفي الأخرى نُـبُـوّة ، وإنا نجد ذلك في بني زهرة فكيف ذلك؟
-    قال عبد المطلب : لا أدري.
-    قال الكتابي : هل لك من شاغة؟
-    فسأله عبد المطلب : وما الشاغة؟
-    قال : زوجة.
-    قال عبد المطلب: فأما اليوم فلا.
-    فقال الكتابي: فإذا رجعت فتزوج فيهم.
فلما رجع عبد المطلب إلى مكة تزوج هالة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فولدت له حمزة وصفية رضي الله عنهما . ثم زوج إبنه عبد الله بالسيدة آمنة بنت وهب (شقيقة زوجته هالة) . فولدت سيد الخلق صلى الله عليه وسلم....
ونلاحظ هنا أن حمزة وصفية (رضي الله عنهما) أبناء عبد المطلب يكونان من جهة عم وعمّة أشرف الخلق . ومن جهة أخرى أبناء خالته صلى الله عليه وسلم .. فكانا لذلك أكثر رحماً ومودة إليه لما يجمع بين أبناء الخالات عادة من صلات المودة الخالصة والعطف المطبوع.... والشواهد والمواقف والأحداث الدالة على ذلك كثيرة ومتناثرة في مفاصل وحنايا السيرة النبوية الشريفة. ولكن نضرب صفحاً عن الخوض فيها منعاً للإطالة ، وتحاشيا لمتلازمة الخروج عن النَـصْ.  

ليلة مولد سيد الخلق:
لما كانت الليلة التي ولد فيها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ارْتَجَفَ إِيوانُ الملك كِسْـرى (الإيوان قاعة ضخمة) . وسقطت منه أَربعة عشر شُرْفةً . وخَمِدَتْ نار فارِسَ المعبودة ولم تَخْمَدْ قبل ذلك مائة عام. وغاضت بُحَيْرَة ساوَةَ (جنوب العراق).
ومن شواهد تلك الليلة العظيمة ؛ أ، المُوبِذانُ (رئيس القضاة في فارس) ... رأىَ إِبلاً صِعاباً تقود خيلاً عِراباً قد قطعت نهر دِجْلَة وانتشرت في بلاد فارس (إيران حالياً) .
وكان الملك كسرى قد فزع لإهتزاز الإيوان وسقوط الشرفات الأربعة عشر . وداخلت نفسه الكثير من الحيرة والتشاؤم.
فلما أَصبح ظل مغموماً . وذهب إلى ديوان ملكه فجلس على عرشه وألبسوه التاج ؛ ثم أدخل عليه مَرازِبَـتِه (فرسانه) وأطلعهم على ما جرى . وطلب تفسيراً لذلك ...... وأثناء ذلك ورد عليه تقرير بخمود النيران في المعابد.
ثم دخل عليه المُوبِذانُ فحكى له أنه رأى في منامه إِبلاً صِعاباً تقود خيلاً عِراباً قد قطعت نهر دِجْلَة وانتشرت في بلاد فارس.
فقال له كسرى:
-    وأَيُّ شيء يكون هذا؟
قال الموبذان:
-    حادث من ناحية العرب.
فبعث كسرى إِلى النعمان بن المنذر: أَنِ ابْعَثْ إِليَّ برجل عالم ليخبرني عما أَسأَله ؛ فَأرسل إِليه بعبد المَسيح بن عمرو بن نُفَيلَة الغسَّانيّ، فأَخبره كسرى بما رأَى ؛ فقال له عبد المسيح :
-    علم هذا عند خالي الكاهن سَطِيح.
فقال كسرى:
-    أذهب إليه وسَلْه ؛ وأْتنِي بجوابه سريعاً.
سافر عبد المسيح حتى وصل إلى سَطِيح فوجده في الرمق الأخير على فراش الموت . فلما عرف سطيح بمقدم عبد المسيح ووقوفه إلى جانب فراشه رفع  رأسه ينظر ثم قال له :
"عبدُ المسيح، على جَمَل مُشيح، أِتى سَطيح، وقد أَوْفى على الضَّريح، بعثك مَلِكُ بني ساسان، لارتجاس الإِيوان، وخُمُود النيران، ورُؤيا المُوبِذان، رَأَى إِبلاً صِعاباً، تَقُود خَيْلاً عِراباً، قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها ، يا عَبْدَ المسيح إِذا كثرت التِّلاوَة، وظهرَ صاحب الهِرَاوَة، وفاض وادي السّمَاوَة ، وغاضَتْ بُحَيْرَة سَاوَة، وخمدت نار فارس ، فليست بابل (يقصد العراق) للفرس مقاماً ولا الشام لسطيح شاما ، يملك منهم مُلوكٌ ومَلِكات، على عددِ الشُّرُفاتِ ، وكل ما هو آتٍ آت " .
ثم فاضت روح سطيحح بعدها على الفور.... وقيل مات سطيح بالشام عن عمر ناهز 300 سنة. وربما يكون سطيح هذا إسم لكاهن آخر معاصر لتلك الحقبة ؛ غير الكاهن سطيح اليمني الذي وردت سيرته في الحلقة الأولى من سلسلة هذه المقالة.
أما عبد المسيح فركب راحلته وعاد من وقته إلى كسرى يَخبره بقول الكاهن سطيح.
فقال كسرى:
-    إلى أَن يملك مِنّـا أَربعة عشر ملكاً تكون أُمور .....
فملك منهم عشرة ملوك في أَربع سنين لا أكثر ، وملك الأربعة الباقون إِلى زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم بادت الأكاسرة عن بكرة أبيهم ؛ وأصبحوا في ذمة التاريخ.
وآخر ملوك الفرس الأكاسرة كان الملك يَزْدجُرْدْ بن شهريار بن أبرويز بن هُرْمُز بن أنُوشَرْوان ؛ بعد أن ظل ملك اسرته مدة 3164 سنة حين تاسس على يد خيومرت بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام.
ووادي السماوة الذي ورد ذكره في مقالة الكاهن سطيح يقع جنوب العراق . وهناك مدينة بهذا الإسم على ضفتي الفرات .. ومنهم من يقول أن وادي السماوة هو وادي الرافدين...
والهِراوةُ التي أشار إليها الكاهن سطيح هي  العَصا، وقيل: العصا الضَّخمةُ، والجمع هَرَاوَىَ. وتسمى الهراوة الضخمة في السودان "قـَرْجَة " . ويقصد الكاهن سطيح بقوله (صاحب الهراوة) رسولَ الله،صلى الله عليه وسلم، . هكذا أخبرت به الجان الكهنة قبل أن يولد عليه الصلاة والسلام . فكان بالفعل  يُمْسِك العصا بيده كثيراً ، وكان يُمْشى بالعَصا بين يديه وتُـغْـرَزُ له فيُصَلِّي إِليها،صلى الله عليه وسلم . ومن المرسلين أولي العزم الذين حملوا العصا في أيديهم كان موسى عليه السلام أيضاً ... وقد ورد ذكر عصا موسى في القرآن الكريم . وكذلك كانت منسأة سليمان عليه السلام (والمنسأة هي العصا) . وربما كان لاشتغال رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهنة الرعي في صباه ثم ميله للخلاء أثـره في دأبه على حملها.
وتعتبر العصا من مقتضيات الرجولة في الأرياف السودانية . ولها عدة مسميات بحسب النوع والإستعمال . والبعض يستعيض عنها بفرع صغير طري من فروع الأشجار يسمى "مُـطْـرَق ".
وللعصا والعكاز والقرجة والمُطرق والبصطونة وحتى الشِـعـبَة إستخدامات كثيرة ؛ يهش بها صاحبها على غنمه ، ويقود حماره ويتوكأُ عليها ..... وله فيها مآرب أخرى ليس أقلها إستكمال الوجاهة مع العِمة والسِديري والجلباب ، والدفاع عن النفس في مواجهة الغائر من الناس ، والزواحف خاصة الثعابين والأفاعي ، وكذلك الوحوش كالذئاب والمرافعين والكلاب المسعورة.
ويبقى بعد كل هذا التذكير بأن الإسلام منذ سطوع فجره قد حارب الكهانة بقوة . فجعلها والكفر صنوان داخل سلة واحدة .
والكهانة تختلف عن السحر إختلافاً جذرياً . فهي تختص بمحاولة إستقراء المستقبل أو دلالات  وملامح منه ....
وهي كما أسلفنا تتلقى بعض معلوماتها من الجان تارة ؛ وعلم مواقع النجوم  والأبراج وحركة الكواكب تارة أخرى ....
وقد راجت الكهانة كثيراً قبل الإسلام . فكانت علماً قائماً بذاته وبرع فيها كثيرون .. وكان الكاهن يلقى رعاية خاصة من الملوك والحكام ويتمتع بحمايتهم .
ولكن الكهانة بعد الإسلام لم تجد تشجيعاً وتمويلاً من الملوك والحكام . ونراها تنحصر الآن في علم النجوم والأبراج وحركة الكواكب وحدها وانقطعت صلتها بالحان على ما يبدو.

(النهاية)

الوساطة الأفريقية تلتقي رياك مشار في أحراش جونقلي بجنوب السودان

$
0
0

الوساطة الأفريقية تلتقي رياك مشار في أحراش جونقلي بجنوب السودان

 

رياك مشار
الخرطوم: أحمد يونس 
التقى وفد من وساطة الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا «إيقاد» نائب رئيس حكومة جنوب السودان السابق رياك مشار في مكان غير معلن تسيطر عليه القوات الموالية له، بجنوب السودان، لأول مرة منذ اندلاع القتال بين أنصاره والقوات الحكومية الموالية للرئيس سلفا كير ميارديت منتصف الشهر الماضي. وقبل لقائه مشار، وصل وفد الوساطة جوبا، واجتمع مع الرئيس سلفا كير ميارديت، ولم تتسرب معلومات حول ما دار في اللقاء، بينما أكدت المصادر أن جوبا سمحت للوفد بملاقاة مشار في أحراش جونقلي. وقال المتحدث باسم فريق أنصار رياك مشار التفاوضي، يوهانس موسس، عبر الهاتف لـ«الشرق الأوسط»، إن اللقاء جرى في مكان غير معلن، تسيطر عليه قواتهم، في ولاية جونقلي. وتمسك موسس بشرط إطلاق سراح المعتقلين قبل بدء التفاوض مع الموالين للرئيس سلفا كير ميارديت، بقوله: «إطلاق سراح المعتقلين ليس شرطنا، بل هو شرط وافقت عليه وساطة الـ(إيقاد) في الأجندة»، وأضاف: «اتفقنا في الأجندة التي أجازتها (إيقاد) على بدء التفاوض كل نقطتين على حدة، لكن الطرف الآخر تراجع عن اتفاقه مع (إيقاد)». وتوقع موسس أن يحاول وسطاء «إيقاد» إقناع نائب الرئيس السابق مشار بقبول بدء التفاوض، والتوقيع على جزء من الأجندة، متوقعا أن يكون وفد الوساطة قد عاد أدراجه في وقت متأخر من ليل أمس.

ميدانيا، قال موسس إن القوات الحكومية دخلت بانتيو دون قتال لأن قواتهم انسحبت من وسط المدينة إلى أطرافها وخارجها، وفي الأثناء دار قتال حول منطقة «ميوم»، استعانت فيه القوات الحكومية بقوات تابعة لحركة العدل والمساواة الدارفورية المتمردة ضد حكومة الخرطوم.

بيد أن حركة العدل والمساواة قطعت بعدم مشاركتها في الأحداث التي تدور في جنوب السودان، وأكدت أنها تقف من الطرفين المتنازعين على مسافة واحدة، وأبدت استعدادها للقيام بأي دور لرأب الصدع بين الطرفين، حال الطلب منها.

وقال المتحدث باسم الحركة، جبريل آدم بلال، لـ«الشرق الأوسط»: «الجنوبيون أشقاء وأصدقاء لحركة العدل والمساواة، ومن ثم تنأى الحركة بنفسها بعيدا عن الأزمة».

وأضاف: «الحركة غير موجودة في جنوب السودان، دعك عن المشاركة في أي معركة، نحن موجودون في مناطق تروجي، جاو، أنقولا، الدبكاية، في جنوب وغرب كردفان». وأوضح أن حركته خاضت يومي الجمعة والسبت معارك عنيفة في تلك المناطق مع الجيش السوداني، وهي تبعد مئات الأميال عن المناطق التي يدور فيها الصراع في جنوب السودان، ولا توجد إمكانية لمشاركة قوات من «العدل والمساواة» في تلك المنطقة.

وناشد بلال أطراف النزاع في جنوب السودان التي تطلق الاتهامات ضد حركته، تقصي الحقائق، حتى لا تتهمهم من غير دليل، مجددا تأكيد أن حركته لن تنحاز إلى أي طرف.

ميدانيا، جدد موسس في حديثه للصحيفة، تأكيد أن قواتهم تستهدف بشكل أساسي عاصمة جنوب السودان جوبا، وأن جزءا من قواتهم داخل مدينة جوبا في منطقة «خور ويليام»، بينما تتجه قوة أخرى من «منقلا» باتجاه المدينة.

وحمل موسس وسطاء الـ«إيقاد» مسؤولية تأخر بدء التفاوض بقوله: «وسطاء (إيقاد) فشلوا في إقناع الطرف الآخر بالإفراج عن المعتقلين، مما أدى إلى تعثر التفاوض حتى الآن».

وكان وسطاء «إيقاد» قد غادروا جوبا الأربعاء الماضي بعد أن التقوا الرئيس سلفا كير ميارديت أكثر من مرة، لكنهم لم يحصلوا منه على تعهد بإطلاق سراح المعتقلين، ثم عادوا إليها مجددا أمس السبت.

ويشترط مشار إطلاق سراح تسعة معتقلين من قادة «الحركة الشعبية»، بينهم الأمين العام للحركة باقان أموم، والوزيران السابقان دينق ألور وكوستا مانيبي، بينما دأب الرئيس سلفا كير على رفض هذا الشرط، وجزم بعدم إطلاق سراحهم قبل التحقيق معهم، واقترح إجراء التفاوض في جوبا، للسماح لهم بحضور المباحثات والعودة مجددا لمعتقلاتهم.

وفي دارفور، اتهمت حكومة جنوب دارفور حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، بالهجوم على معسكر نازحين في محلية «بليل» (شرق نيالا)، وقتل أربعة جنود يقومون بحراسة المعسكر وشخص آخر.

وهدد والي الولاية، آدم جار النبي، في تصريحات، بأن حكومته سترد بحسم على المتمردين، وباتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يثبت تعامله مع المتمردين، منتقدا ما سماه اعتداءات الحركات المسلحة ضد المدنيين في المعسكرات.

من جهتها، قالت حركة تحرير السودان مناوي في بيان، إنها نفذت عملية نوعية، قتلت خلالها من أطلقت عليه أحد قادة «ميليشيا الجنجويد» يدعى «أبو البشر»، في منطقة «خور أبشي» شرق نيالا، ولم يتسن الحصول على معلومات حول العملية من الطرف الآخر.

مجلس الأمن يدعو لإطلاق السجناء السياسيين بدولة جنوب السودان

$
0
0


دعا مجلس الأمن الدولي رئيس جنوب السودان سالفا كير ميارديت إلى الإفراج عن السجناء السياسيين لدعم الجهود الرامية لإنهاء الصراع الدائر في البلاد.  وطالب نائب رئيس جنوب السودان السابق   ريك ماشار الحكومة في جوبا بالإفراج الفوري عن 11 شخصا قبل الموافقة على اتفاق سلام مع الحكومة.  .وكان ناطق باسم جيش حكومة جنوب السودان قد اعلن أن القوات الحكومية تمكنت من استعادة السيطرة على مدينة بنتيو عاصمة ولاية الوحدة الغنية بالنفط، من أيدي المتمردين.

وفي وقت لاحق، اعترف ماشار بأن قواته فقدت سيطرتها على بنتيو، ولكنه تعهد بمواصلة القتال ضد القوات الحكومية. ونقلت وكالة فرانس برس عن ماشار قوله “لقد انسحبنا من بنتيو لتجنب القتال في شوارعها وحقنا لدماء المدنيين، ولكننا سنواصل القتال وسنستمر في المعركة.” وكان الجيش الحكومي قد طلب في وقت سابق من المدنيين مغادرة بنتيو، قائلا إنه على وشك استعادة المدينة.

كما أكدت الحكومة أنها بصدد اعادة نشر آلاف من الجنود لاستعادة مدينة بور آخر مدينة رئيسية تسيطر عليها قوات ماشار. ويقول هيرفي لادسوس، رئيس إدارة حفظ السلام في الأمم المتحدة، إن الصراع في جنوب السودان أدى إلى مقتل ما يصل إلى 1000 شخص منذ الخامس عشر من الشهر الماضي ولجأ آلاف من المدنيين إلى قاعدة للأمم المتحدة، في ضواحي بنتيو، قبيل وصول القوات الحكومية ،وأفادت تقارير بأن عدد اللاجئين بلغ نحو 80 ألف شخص منذ بدء الصراع ، وتعثرت المباحثات

في تقرير الهيئة إعتقال التجار القادمون من الجنوب ومصادرة ممتلكات أعضاء الحركة الشعبية شمال

$
0
0

في تقرير الهيئة

إعتقال التجار القادمون من الجنوب ومصادرة ممتلكات أعضاء الحركة الشعبية شمال

أصدرت الهيئة الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات تقريرها الخاص باوضاع الانتهاكات التي تطال حقوق الانسان بالبلاد وكشف التقرير عن شروع السلطات الامنية في حملة موسعة لمصادرة كافة ممتلكات وأموال ومنازل أعضاء الحركة الشعبية بمدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان بجانب اعتقال العشرات من التجار السودانيين القادمين من دولة جنوب السودان،وكشف تقرير الهيئة عن موجة نزوح واسعة لمواطنين من منطقتي العباسية تقلي ورشاد بولاية جنوب كردفان وسلط التقرير الاضواء الكاشفة عن نقص الغذاء والدواء بمعسكرات النازحين بدارفور وأكدت التقرير ارتفاع الاسعار بولاية الجزيرة وموجة الغلاء في السلع الاستهلاكية.ونبه تقرير الهيئة الي الانتهاكات التي تطال طلاب القطاع الغربي بمنطقة بابنوسة بالقطاع الغربي،واشار التقرير الي الاوضاع التي تعاني منها وكالات السفر بالبلاد بجانب الوقفة الاحتجاجية الي مزارعوا ولاية كسلا الذين يعانون من نقص الجازولين.

الاوضاع الصحية:

أكدت الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات خطورة الاوضاع الصحية للمصابين في انتفاضة سبتمبر الماضي الذين اطلقت عليهم السلطات الامنية الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع.وطالبت الجميع بالتحرك العاجل للمساهمة في علاج المصابين وقال رئيس الهيئة الدكتور فاروق محمد ابراهيم أن التصريحات التي اطلقها رئيس اللجنة السودانية للتضامن مع اسرالشهداء والجرحي والمعتقلين المهندس صديق يوسف مؤخرا يجب ان تلفت الانتباه الي خطورة  الاوضاع الصحية لجرحي المظاهرات البالغ عددهم اكثر من (200)مصاب إصاباتهم قاتلة.

إعتقال العائدين من الجنوب

أعلنت الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحقوق والحريات إعتقال العشرات من التجار السودانيين العائدين من جنوب السودان الذي يشهد قتال واسع  بين الرفاق في معبر جودة بجنوب ولاية النيل الأبيض وطالبت باطلق سراح التجار المعتقلين فورا وقال التجار المفرج عنهم بحسب تقارير اعلامية بأنهم هربوا من مناطق مختلفة بالجنوب حيث كانوا يعملون بالتجارة ،وأضافوا بأن جهاز الأمن والمخابرات أقدم على إعتقالهم أثناء عبورهم "جودة"في الجمعة الاولي من الشهر الحالي حيث نقلوا إلى مكاتب الجهاز بالوحدة الإدارية لجودة وتعرضوا هنالك لتحقيق قاس وصودرت وثائقهم الرسمية والرخص التجارية التي أصدرتها لهم سلطات دولة جنوب السودان، وقال المفرج عنهم بأن هنالك العشرات من التجار الآخرين لا يزالون معتقلين بجودة دون توجيه أي إتهام لهم.

مصادرة ممتلكات اعضاء الحركة الشعبية:

وفي مدينة كادقلي بولاية جنوب كردفان أكدت الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات تنفيذ حملة موسعة من قبل السلطات الامنية بالولاية صادرت من خلالها ممتلكات المواطنيين الذين ينتمون للحركة الشعبية شمال لصالح حكومة الولاية. وقال فاروق ان السلطات الامنية شنت حملة موسعة صادرت من خلالها العشرات من عربات الاتوس و الركشات، والامجاد لعدد من الاشخاص بتهم الانتماء للحركة الشعبية، فضلا عن اغلاق عدد من المحال التجارية بالسوق المؤجرة من قبل اشخاص ينتمون للحركة الشعبية، فضلا عن عمليات  حصر للمنازل بالمدينة لمعرفة ملاكها، تمهيدا لنزع كل منزل يملكه احد عناصر الحركة الشعبية،

10 الف نازح

ومن ولاية جنوب كردفان أكدت الانباء نزوح نحو(10) ألف شخص من منازلهم في منطقتي العباسية و رشاد، بعد إحتدام المعارك بين الجبهة الثورية و القوات الحكومية في منطقة الجبال الشرقية بجنوب كردفان. وقال تقرير للأمم المتحدة، إن ما يقدر ب(10) الف شخص فروا من منازلهم الإسبوع الماضي على الحدود بين شمال و جنوب كردفان، جراء استمرار المعارك بين الحركة الشعبية (شمال) و القوات الحكومية في منطقة رشاد و العباسية، و أضاف التقرير أن النازحين في حاجة عاجة إلى المساعدات الغذائية و المأوى و الصحة و المياه، وأكدت المنظمة الدولية وفقاً لمفوضية العون الإنساني الحكومية إن عدد النازحين مرشح للزيادة، مع استمرار المعارك في المنطقة.

محاكمة الاطفال:

وكانت هيئة محامي دارفور قد كشفت عن محاكمات جارية بمحاكم مختلفة بولاية الخرطوم لاكثر من (200) شخص بتهمة المشاركة في احتجاجات سبتمبر ، حيث أكد المحامي الصادق على حسن عن هيئة الدفاع عن المتهمين في احتجاجات سبتمبر تقديم اكثر من (80) طفلا للمحاكمة . وكشف ايضا ان من بين هؤلاء الاطفال المقدمين للمحاكمة (22) طفلا امام محكمة امدرمان وسط ، و(7)اطفال بمحكمة الكلاكلة ، و(13) طفلا بمحكمة دار السلام ، هذا الى جانب (4) اطفال اخرين بمحكمة الحلفاية ، وهم احمد المصطفى معتصم (16 ) سنة ، محمد سليمان محمد يحيي (16) سنة ، ميسرة قمر (16) سنة واحمد حسن على (17) سنة . وذكر ان هؤلاء الاطفال المحاكمون الآن امام محكمة الحلفاية تم القبض عليهم قبل احتجاجات سبتمبر ، وتم ضمهم للبلاغات . وكشف المحامي الصادق على حسن عن عزم هيئة الدفاع تقديم طلب تحقيق لوزير العدل والنائب العام في مواجهة وكلاء النيابات بولاية الخرطوم المختلفة لمخالفتهم عمدا قانون الطفل لسنة 2010 ، حيث ينص القانون على انه وفي حال مشاركة طفل مع بالغين تفصل محاكمتهم او يعين من يمثلوا ولايجوز احضار الطفل للمحكمة الجنائية . واكد ان الدفاع سيشير في طلبه لوزير العدل الى ان الاجراءات التي اتخذت في مواجهة الاطفال بواسطة النيابات المختلفة في العاصمة القومية ، تشير الى ان هذه النيابات تعاني من قصور في فهم القانون او ضعف في التأهيل المهني ، او انهم استخدموا القانون لاغراض سياسية.

 

الغاء قانون 2005

وفي ولاية الجزيرة تمسك تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل بمطلبه  الداعي لالغاء قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005  وشدد علي ضرورة تنفيذ تقرير لجنة تقويم واصلاح المشروع التي يترأسها دكتور تاج السر مصطفي وكشف المتورطين في تدمير ونهب اصول المشروع  ومحاكمتهم وقال الناطق الرسمي بأسم التحالف عبد السلام محمد صالح في حديثه مع الهيئة ان قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005 هو سبب كل المشاكل والبلاوي التي حدثت بالمشروع وأدت الي تدميره وتراجع إنتاجيته ونهب أصوله وممتلكاته مثل السكة حديد وقوز كبرو والمحالج والبورت وغيرها وتابع(هذا القانون لايصلح لادارة مشروع الجزيرة)وطالب صالح بالعودة الي قانون علاقات الانتاج لسنة 1984 وشدد الناطق الرسمي علي ضرورة تنفيذ تقريرلجنة دكتورتاج السرالتي شكلها النائب الاول السابق لرئيس الجمهورية الاستاذ علي عثمان محمد طه لتقويم واصلاح المشروع.وطالب بمحاكمة الضالعين في تدمير المشروع وفضحهم. من جهة ثانية أكدت تقارير اعلامية اتفاق الاجتماع الذي ضم الهيئة البرلمانية لنواب ولاية الجزيرة و ادارة المشروع برئاسة د. كرار عبادي  الاسبوع الماضي للابقاء علي قانون مشروع الجزيرة 2005. ووصف  الاجتماع القانون  الحالي بانه (يعبر عن مستقبل المشروع حال طبق بالصورة المشروعة) ودعا الاجتماع الي أجراء تعديلات فنية وقانونية علي القانون رافضا اي تدخلات سياسية في المشروع. وكان عبد الله بابكر رئيس الهيئة البرلمانية لنواب ولاية الجزيرة قد قال لصحيفة(الرأي العام) ان مشروع الجزيرة سيظل مشروعا قوميا، واضاف أنه يحتاج الي دعم الحكومة الاتحادية و القروض الخارجية حتي يتمكن من العبور، وذكر ان الاجتماع نظر في رؤية مجلس الادارة و الخطط التي وضعت للنهوض بالمشروع،

غش وخداع:

لكن مزارعون بمشروع الجزيرة والمناقل قد وصفوا تصريحات رئيس مجلس ادارة المشروع الجديد كرار عبادي بانها لا تمثل سوي غش وخداع ومناورة سياسية، وقالوا انهم في كل مرة يسمعون نفس هذه التصريحات، وانها في كل مرة تاتي بصورة تختلف عن الاخرى، ولكن يجمع بينها شئ واحد هو التسويف والمماطلة والسخاء في اطلاق الوعود من قبل الحكومة وعدم الالتزام بها، مؤكداً انهم اصبحوا لا يأبهون بمثل هذه التصريحات التي وصفها بانها تجافي الواقع، وقال:(سوف نحزم امرنا ونواجه الدمار الحاصل لان الجمرة بتحرق الواطيها)، مشيراً الي ان الحكومة لن تلغي قانون 2005م لسبب بسيط هو (انها حققت فيه ما تريد بالمشروع ونفذت خطط صندوق النقد والبنك الدوليين، وانها فتحت الباب واسعا امام كبار المزارعيين المرتبطين بها اقتصادياً واجتماعياً) و(ان الغاء القانون يتطلب اولا اعادة ما نهب وسرق من المشروع في بنيته التحتية وان الحكومة لا تريد فتح هذا الباب)

عطبرة زيادة المياه:

ونهاية الاسبوع الماضي رفضت قطاعات واسعة من مواطني مدينة عطبرة قرار حكومة الولاية الخاص بزيادة تعريفة المياه بالمدينة والتي فرضت على القطاعات السكنية بدرجاتها الثلاث، وأعلن تحالف العاملين بهيئة مياه الولاية رفضهم للقرار عبر ثلاثة بيانات جماهيرية تم توزيعها في المدينة، وكان المجلس التشريعي في الولاية قد نظر في قيمة الزيادة الجديدة على الدرجة السكنية الثالثة وقرر تعديلها من (30) جنيه إلى (20) جنيه بدلاً عن قيمتها السابقة التي كانت (13) جنيه. وارجأ المجلس النظر في الدرجة الأولى التي تقرر زيادة قيمة تعرفتها من (25) جنيه إلى (40) جنيه، والدرجة الثانية التي تقرر زيادتها من (20) جنيه إلى (35) جنيه

تفكيك مستشفى الخرطوم:

ويوم الخميس الماضي أنتهت مهلة الـ"72"ساعة التي أعلنتها الهيئة الفرعية لمستشفى الخرطوم التعليمي للمدير العام للمستشفى لإتخاذ قرار ضد إتجاه تفكيك وتجفيف المستشفى في وقت أعلن فيه إخصائيو المستشفى مساندتهم ومشاركتهم للهيئة الفرعية ضد تفكيك المستشفى، وكانت الهيئة قد رفعت مذكرة للمدير العام للمستشفى أوضحت فيها مسارات التفكيك التي تمت عشية عطلة عيد الإستقلال، وأكد متحدثون من الهيئة الفرعية بحسب تقارير اعلامية تفكيك قسم النساء والتوليد ونقل جهاز المنظارالرحمي بكامل ملحقاته بجانب أجهزة الموجات الصوتية بالعيادة المحوّلة، ونقل أخصائيي النساء والتوليد وتوزيعهم على مستشفيات البان جديد وبشائر وسعد أبو العلا وإبراهيم مالك، وأشاروا إلى إيقاف قسم جراحة المسالك البولية ونقل قسم غسيل الكلى للأطفال حيث تم تفكيك ماكينات الغسيل بحجة نقلها إلى مستشفى جعفر بن عوف وهو الأمر الذي لم يتم، وأوضحوا أن نصف العاملين في قسم العلاج الطبيعي تم نقلهم رغماً عن إرتباط القسم بعمل الأقسام الأخرى بالعظام وجراحة الأعصاب والباطنية،وكان البروفسير جعفر ابن عوف، رئيس مجلس إدارة مستشفى جعفر ابنعوف للأطفال، قد كشف في تصريحات صحفية، عن هدم عنابر الدم وسوء التغذية والأمراض المعدية وعدد من المكاتب الإدارية بالمستشفي ليتم "تحويلها لموقف سيارات"، فضلاً عن إزالة الأوكسجين المركزي والأسقف المستعارة التي صممت خصيصاً لتلائم الأطفال.وانتقد، مسلك إدارة المستشفى توقيف العناية الطبية بالعيادات المحولة بالسوق العربي، وافتقارها للمعامل، بجانب عدم وجود معظم الأطباء عند تحويلهم للمستشفى لتضاعف معاناة المرضى الصغار وذويهم.

غلاء الاسعار:

وفي ولاية الجزيرة إشتكي عدد من المواطنين من الغلاء الفاحش في اسعار السلع الاساسية للمواطن، كما اشتكوا من عدم توفر الكثير منها خاصة في المناطق التي لا تتصل بشبكة الطرق المسفلتة، وقال مواطنون بادارية المعيلق بمحافظة الكاملين واخرين بمنطقة ابوقوتة بمحلية الحصاحيصا، انهم يعانون من انعدام سلع اساسية مثل الخبز الذي ارتفعت اسعاره قبل ان ينعدم في المنطقة، زائداً غاز الطهي والذي وصل سعر الانبوب منه 80 جنيه في بعض القري بالمنطقة، فيما تشهد المنطقة ازمة حادة في وقود السيارات، الي ذلك اشتكي المواطنون مما اسموه بـ(الاهمال المتعمد) من قبل حكومة الولاية والحكومة الاتحادية ،متهمين اياهم بالتقاعس في توفير المياه الصالحة للشرب حيث يشرب المواطنون الان من مياه آسنة في (الترع والكنارات) وهي اوعية ناقلة للمياه التي تستخدم في ري الحواشات الزراعية بالمشروع، مؤكدين علي ان استخدام هذه المياه ادي لاصاباتهم بالعديد من الامراض مثل (البلهارسيا)، مشيرين الي ان المنطقة تعيش في ظلام دامس بسبب عدم توفر شبكة كهرباء بها، اضافة لغلاء سعر الجازولين وانعدامه وهو الذي يستخدم في تشغيل المولدات الكهربائية والتي توقفت بسبب ذلك

وقفة احتجاجية للمزارعين

وفي ولاية كسلا نظم المئات من منسوبي إتحاد الخضر والفاكهة بولاية كسلا الأربعاء الماضي وقفة إحتجاجية أمام محكمة كسلا الجزئية في ساحة وسط المدينة للتعبير عن تضامنهم مع إثنين من المزارعين منهم نائب امين خزينة الاتحاد ابراهيم الكلوم واخرين و تم فتح بلاغ في مواجهتهما بتهمة الإزعاج العام والتظاهر غير المشروع في أعقاب وقفه إحتجاجية نظمها بعض قيادات المزارعين أمام مكتب الوالي الثلاثاء الماضي مطالبين بتوفير حصتهم من الجازولين البالغة مائة برميل في اليوم واخلي سبيلهم بالضمان العادي وتبرع عدد من المحامين للدفاع عنهم وتم تاجيل المحكمة ليوم الاثنين الموافق الثالث عشر من الشهر الجاري.وأكد عدد من المزارعين ان كمية الوقود المتاحة اقل 20% من احتياجات المزارعين بجانب عدم استقرار صرف حصة الوقود للمزارعين في الفترة الاخيرة مما دفع اكثر من الف مزارع للتجمهر امام امانة حكومة كسلا بغرض توفير الجازلين نسبة للضرر الكبير الذي لحق بالمزارع مما عرض بعض المنتجات الزراعية للتلف ويقدر التلف باكثرمن مئات المليارات لعدد اكثر من 20 الف مزارع وحذروا من ان استمرار الوضع الراهن يؤدي للانهيار الاقتصادي.

وقفة احتجاجية لوكالات السفر:

وفي الخرطوم طالبت عدد من وكالات السفر والسياحة، رئاسة الجمهورية بالتدخل لإيقاف، الرسوم الادارية التي فرضتها الادارة العامة للحج والعمرة مؤخراً والبالغ 529,5 جنيه خارج أورنيك (15) واعلنت رفضها لدفع الرسوم التى ظلت تتصاعد سنويا بالرغم من مجانية التاشيرة الى المملكة العربية السعودية وأكدوا تنفيذ اعتصام امام ادارة الحج والعمره وتسليم مذكره لمديرها المطيع محمد احمد،وكشف مدير وكالة القضارف للسفر والسياحه شاذلى عبد الكريم في مؤتمر صحفي الاربعاء الماضي عن إجتماعهم مع ادارة الحج والعمره الا انها لم تتراجع عن الرسوم، وقال ان إدارة العمرة كشفت عن حصولها على استثناء من مجلس الوزراء فى مايخص الرسوم، وهدد بتصعيد قضيتهم والاعتصام مره اخرى أمام وزارة الاوقاف اليوم فى حال عدم الاستجابة لمطالبهم.واشار عبد الكريم للضرر الكبير الذى لحق بهم باعتبار ان معظم الوكالات لاتستطيع العمل بسبب خطابات الضمان، مشيرا الى انهم فوجئوا بعدم ادخال الجوازات للمعتمرين بسبب مطالبة الادارة بتسديد الرسوم السابقه، مؤكدا ان المتبقى لهذه التأشيرات 14 يوما فقط.

نقص الغذاء والدواء

 ومن دارفورأطلق نازحو معسكرات ولايات دارفور نداء واسع للمنظمات الانسانية ووكالات الاممم المتحدة  طالبوا من خلاله بتوفير ، الغذاء ، والمياه ، والماوى ، والدواء ، والتعليم والصحة والامن للنازحين . واكد النازحين ولايات دارفور معاناتهم الكبيرة خاصة بحلول فصل الشتاء ، حيث يواجهون نقصا فى الغذاء والغطاء والخيام والمشمعات والمفارش ، الى جانب قلة المياة الصالحة للشرب والامن . وطالب النازحين المنظمات الانسانية ووكالات الاممم المتحدة للالتفات الى مشاكلهم خصوصا فيما يتعلق بالامن والغذاء ، الماء ، والعلاج ، والعمل ، وايجاد الحلول اللازمه لها باسرع ما يمكن.

إصابة طلاب جامعة بابنوسة

وفي منطقة بابنوسة بالقطاع الغربي بولاية جنوب كردفان  ارتكبت المليشات التابعة للنظام جرائم كثيرة بجامعة بابنوسة حيث اعترضت المليشيات الطلاب واقتحمت الجامعة مستخدمة الأسلحة النارية والملتوف والسيخ والسواطير مما تسبب في إصابة العشرات من الطلاب، خمسة منهم باعيرة نارية إصاباتهم خطيرة، وأن الاعتداء استمر بمنع الطلاب من تسليم ترشيحاتهم لمجلس الاتحاد باستجلاب المليشيات وعدد من (الجنجويد) بأسلحة حربية في الحرم الجامعي.ورفضت الشرطة التدخل بحجة عدم استطاعتها إيقافهم، وأن الطلاب وعلى رأسهم أبناء دارفور وروابط جنوب كردفان والقطاع الغربي بالإضافة لرابطة النيلين والنهود تقدموا باستقالات جماعية.وكان مدير الجامعة قد طلب مهلة لتحقيق المطالب المتمثلة في الاستقرار الاكاديمي وتوفير الامن بالجامعة والسلامة داخل حرم الجامعة والسكن، إقالة عميد شئون الطلاب، إعادة انتخابات الاتحاد.وتشهد مدينة بابنوسة احتجاجات متقطعة منذ نهاية العام 2012 الذى نفذت خلاله اعتصام يعد الاضخم من نوعه ضد حكومة الانقاذ واستمر لعدة اسابيع قبل ان تتدخل الحكومة في اعلى مستوياتها باذلة تعهدات للمواطنين بتنفيذ مطالبهم.بينما شهدت بداية العام الماضي مظاهرات عنيفة لطلاب جامعة بابنوسة وانضم اليهم طلاب المدارس الثانوية والابتدائية واستمرت التظاهرات لثلاث ايام على التوالي واستخدمت السلطات الامنية مفرط  في اخماد تلك الاحتجاجات.

محاكمة المعلمين:

وفي الاسبوع الماضي شطبت محكمة الخرطوم شمال القضية المرفوعة من قبل النقابة العامة لعمال التعليم بالسودان والهيئة النقابية لعمال التعليم بولاية الخرطوم ضد المعلمين يس حسن عبد الكريم (رئيس لجنة المعلمين) وياسر علي محمد خير (الناطق الرسمي للجنة) في قضيتين تخصان الإستقطاع غير الشرعي من مرتبات المعلمين الذي درجت عليه النقابة بقيمة (5) جنيهات بحجة بأعتبارها إستقطاع لشركة شيكان للتأمين، في حين أن شركة شيكان تستقطع (3,5) جنيه فقط، وتتدعى النقابات بأن مبلغ الـ(1،5) جنيه "مجنَّب"لصالح المعاشيين في حين أن بند (صندوق دعم المعاشيين) له إستقطاع خاص به من مرتبات التعليم، بحسب إفادات لجنة المعلمين.

شهداء بورتسودان:

وفي ومدينة بورتسودان بولاية البحر الاحمر تستعد اسر ضحايا مجزرة بورتسودان للاحتفال بذكري شهداء مجزرة يناير 2005 وتستمر الاحتفالات لمدة ثلاث ايام ايام متتالية وسيكون يوم 26 يناير مخصصا لنادي البجا و27  بجامعة البحر الاحمر و29 بساحة الشهداء. ومن المنتظران يخاطب الاحتفال الي جانب اسر الشهداء مسرحي جيش البجا والمنظمات الطلابية ومنظمات المجتمع المدني ببورتسودان.

 

بورتسودان ومشكلة مياهها

$
0
0


بورتسودان
12.01.14
مراسل
كل صيف وولاية البحر الاحمر تعاني من شح المياه والسلطة لا تجد حلا في الافق ـ
ولكن لا توجد جهود عملية لازالتها. حضر عام 1989 خبراء المان لبحث امكانية مد بورتسودان بالمياه الجوفية من دولابياي. حضروا وعملوا تلفحهم رياح السموم الحارقة وتفطي رمال هبوب الهباباي اجسادهم.ـ
وبعد دراسات ميدانية مضنية وجدوا كميات مناسبة. واثناء ما هم منهمكون في العمل وقع الانقلاب في ذلك العام وطلبت السلطة منهم مغادرة الموقع وعلي جناح السرعة,  ففعلوا .ـ
اثر اتصلات تمت بينه وبين بعض المهتمين بالموضوع ابدي بالامس الخبير الدولي د. سلمان محمد سلمان استعداده لبحث امكانية مد بورتسودان بالمياه من ستيت بالتعاون مع بيوت الخبرة الدولية, ولكن لا احد يستجيب.ـ
المهندس د. هباني هو اول من وضع دراسة علمية لمد بورتسودان من ستيت بالمياه منذ عشرات السنين. لم يجد الاذن الصاغية.ـ  ربما يكون د.سلمان مستعدا الان للحضور والشروع في الدراسة متي ما طلب منه ذلك.ـ

الكلمة الافتتاحية لمؤتمر الاسلاميون والعلمانيون: نحو رؤية توافقية لاجتياز مرحلة الانتقال للديمقراطية: تقديم الإمام الصادق المهدي

$
0
0

بسم الله الرحمن الرحيم
مركز دراسات القدس
مؤتمر: (الإسلاميون والعلمانيون.. نحو رؤية توافقية لاجتياز مرحلة الانتقال للديمقراطية)
4- 5 يناير 2014 - فندق لاند مارك عمان
 
الكلمة الافتتاحية
تقديم: الإمام الصادق المهدي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الرئيس
عريب الرنتاوي
أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي
السلام عليكم ورحمة الله
أنا باسمكم دون تكليف بل من باب فرض الكفاية أشكر للمركز دعوتنا لهذا الموضوع المهم، كما أشكر أيضاً للمركز هذه الصيغة المختارة: المائدة المستديرة، أرجو أن تكون بمعنى مساواة الفرص لا بمعنى اللف والدوران. كذلك أرجو أن تكون المهمة التي نتطلع إليها هي مهمة التنوع الوئامي لا التزيد الصدامي، وهذا كله وارد مع تنوع الآراء. وأنا قادم من بلد (السودان) لعله الصورة الأقوى والأوضح لنتائج الإقصاء والانفراد، وكيف أن الإقصاء والانفراد وسيلة أولاً: لإخفاق الأيدولوجية المنشودة نفسها، وثانياً: لتدميرها. هذا مثل نقدمه ضمن تجارب أخرى في السودان هي أيضا مهمة لأن السودان يكاد يكون منذ استقلاله قد مر على أنماط  المعجم السياسي: ليبرالية، ودكتاتورية من مستوى الجنرال إلى مستوى الرائد، نظام شيوعي، ونظام اسلاموي.. نحن مجرحون بكل هذه التجارب ولكنها لم تكن تجارب فارغة، فكل تجربة تعلمنا وسيلة جديدة في تجنب الفشل، لذلك يمكن أن تكون تجربتنا كسودانيين تجربة الجرّاحين المجروحين، ونرجو أن تكون في هذه التجربة فائدة كبيرة ليتجنب الآخرون ما سقطنا فيه سقوطاً مريعاً.
وبالنسبة لهذه المناسبة أود فقط أن أشير لحضراتكم بأربعة نقاط أعتقد أنها مهمة:
الأولى: هذه المنطقة لها خصوصية، فهي مهد حضارات الإنسان، ومهد الأديان الابراهيمية، والمستودع الأكبر للطاقة، والموقع الذي يجعلها في مركز التواصل بالنسبة للعالم كله، وإسرائيل الجسم المغروس رغم أنف أهلها.. هذه المعاني تجعل لمنطقتنا خصوصية.
النقطة الثانية: تخلفت هذه المنطقة عن زحف حقوق الإنسان، سيما النظام الديمقراطي. العالم عمته موجات الأولى والثانية والثالثة والرابعة من الديمقراطية، ولكننا بقينا في المنطقة في ذيل العالم فيما يتعلق بالمشاركة، والمساءلة، والشفافية، وسيادة حكم القانون، مما أورث شعوبنا احتقاناً أساسياً. احتقان يتطلع بصورة لا خلاف حولها للكرامة، والحرية والعدالة والمعيشة. وهذا الذي كان مكبوتاً أدى إلى الانفجارات وثورات الربيع العربي التي مهما تعثرت فلا عودة للوراء، لأن الشعوب انعتقت، وهذا الانعتاق مهما واجه من مشاكل وخلافات يرجى أن يحقق تغييراً حقيقياً رغم كل العثرات.
النقطة الثالثة: هي أن الطغاة حبسوا الفكر والسياسة، وصنعوا استقراراً مرضياً، والآن بعد أن زالت هذه القبضة انطلقت فينا أفكارٌ كانت محبوسة وهي ليست أفكار مفتعلة ولا من جهات خارجية، أفكار لها جذورها الاجتماعية لدينا تاريخياً وواقعياً: خلافات إسلامي/ علماني، سني/ شعي، أخواني/ سلفي، سلفي/ نظري وحركي، إلى القاعدة، مخملي بما في ذلك من طبقة منعمة وطبقة واسعة جداً محرومة، مما يشكل خطراً كبيراً على الاستقرار الاجتماعي، وعلماني مطلق/ وعلماني مقيد، وقومي عربي/ وقوميات أخرى. هذه المسائل لا يمكن تجاوزها دون إعطائها الفرصة لدورها في صناعة الحياة والمصير.
ولأهمية المنطقة هنالك عوامل خارجية لن تتركنا ندخل في هذه الخلافات والصراعات بعيداً منها. نكسون في عام 1980م تحدث عن (نصر بلا حرب) حول الحرب العراقية/ الايرانية وكان رأيه: أفضل ما نتمنى هي هذه الحرب وأفضل وما نتمنى ألا تصل هذه الحرب لنتيجة، أن يستمروا يحتربون. الرئيس السابق في إسرائيل أمام البرلمان البولندي عام 1992م ومقولته: إنه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي الأصولية الإٍسلامية هي الخطر على العالم ليس على إسرائيل وحدها. وكلام آفي ديختر Avi Dichter وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي السابق بأن هذه المنطقة تقوم على دول مصطنعة لا تعكس التركيبة الحقيقية، ولذلك ينبغي أن تتمزق وتتفكك طائفياً وإثنياً ومذهبياً، واقترح أنواع وأشكال  من هذا التفكك. ثم التخوف من هذه المنطقة، التخوف الذي بدأه بيرنارد لويس بأن المسلمين يعتبرون أنهم لديهم وصاية على العالم ولا يمكن أن يتنازلوا من هذه، وما أدى إلى تخوفات من هذه المنطقة بات ييور وكتابها "يورابيا"أن المنطقة ستتغير إلى العالم العربي وأوروبا وتخلق وحدة جديدة اسمها يورابيا، وكتاب باتريك بوكانان  "موت الغرب"، وتوني بلانكي "فرص الغرب الأخيرة"و هذا كله بمعنى أن المنطقة خطر علينا مهما كانت ضعيفة الآن.
إذن هذا الخوف والرغبة في توظيف الخلافات يعني تنبيهاً لنا أن نتعامل مع هذه الخلافات بالصورة التي تمكننا من تجاوز الصدام والنزاع القائم حالياً والمستمر. الصراع القائم حالياً للأسف  حول هذه التقاطعات هو صراع حتى كسر العظم. وهذا صراع انتحاري نتيجته في النهاية للأسف إما احتلال داخلي يعود للوراء، أو احتلال خارجي، لأن المنطقة من أهميتها لا يمكن أن تترك هكذا دون هذه التدخلات، سواء كان هذا التدخل الاحتلال الداخلي أو الاحتلال الخارجي.
نقطتي  الأخيرة والرابعة: هي هذا اللقاء. أرجو أن نسأل أنفسنا كلنا هل هناك قيمة مضافة نستطيع أن نضيفها أم أننا نستمتع فقط بهذا الضيافة والكرم والمناخ العماني الجميل. أرجو أن نتمكن جميعاً من تشخيص صحيح. الأمة كلها تنتظر تشخيصاً صحيحاً موضوعياً. وأرجو أن  نوفق في هذا التشخيص. ثم الروشتة فبعد التشخيص كتابة الروشتة وماذا يمكن؟ وأرجو أن يكون كل منا قد أتى إلى هنا بتصور ماذا تكون هذه الروشتة؟ ثم آلية للتحرك، عسى نستطيع أن نساهم في وقف هذه التيارات الانتحارية التي تتجه نحو كسر العظام.
الحقيقة أن التاريخ كله يقوم على أساس التوفيق بين الأضداد على درجة أعلى من التوافق. هذه مسألة عادية وطبيعية وينبغي علينا في رأيي أن  نأخذها في الحسبان، وعلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ""يَرِثُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ،  يَنْفُونَ عَنْهُ تَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَحْرِيفَ الْغَالِينَ"[1] أو مقولة كارل مارس: "المعرفة تمكن أصحابها من تجنب حتميات التاريخ".
أرجو أن نتمكن من المساهمة في هذا التشخيص الموضوعي الذي لا يستطيع أحد أن ينكر حقائقه، والتصور للتوفيق على مستوى أعلى من التوفيق بين الأضداد، علماً بأنه كما قال شاعرنا في السودان:
إذَا التَفَّ حَوْلَ الحقِّ قَوْمٌ فَإنّهُ          يُصَرِّمُ أحْدَاثُ الزَّمانِ وَيُبْرِمُ
وشكراً أخي الرئيس.
 
ملحوظة: ألقيت الكلمة شفاهة، وقام المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي بتفريغها من تسجيل الكاسيت.
 

[1]  رواه البيهقي

أعظم يوم على هذه الامة/عمر الشريف

$
0
0

 عمر الشريف
 





فى يوم الاثنين الثانى عشر من شهر ربيع الاول من كل عام  تمر على المسلمين مناسبة كبيرة وعظيمة. يفتخر المسلمون بهذه المناسبة لانه ولد فيها نبيهم ورسولهم عليه أفضل الصلاة والسلام الذى بعث لهم ليخرجهم من الظلمات الى النور ومن الجهل الى العلم وأشرقت لهم الدنيا نورا وملأها ذكرا وشكرا وحمد لله سبحانه وتعالى بدعوته ورسالته الخالدة فى هذه الدنيا . هنيئا لنا نفتخر بمولده ونعمل برسالته ونتبع سنته . لقد تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها . نحى مناسبة  المولد النبوى الشريف بأتباع سنته والاكثار من الصلاة عليه ( صلى الله عليه وسلم ) وبالدعاء والعبادة لله خالصة . نبينا ورسولنا صلى الله عليه وسلم علمنا كيف نعبد الله وحده لا شريك له وعلمنا الاخلاق الكريمة والتعامل الحسن والعدل والتواضع والكرم والصبر وهو المعلم الذى لم يتعلم الكتابة والقراءة وهو الذى قال له الله سبحانه وتعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5).  وقال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107) لقد جاءنا رسولنا الكريم بالرحمة لنا وبشيرا ونذيرا وقائدا وحكما عدلا وهو الذى عرج من السماء الدنيا الى السماء العليا حتى وصل عند سدرة المنتهى ليعود لنا بخمس صلوات يعادل ثوابها خمسين صلاة فى اليوم .


المولد النبوى الشريف يجب أن نجعله ذكرا وشكرا  وعبادة  لله وصلاة على نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام  ونعلم أجيالنا حب الله ورسوله الكريم . لقد إصطفى الله نبينا ورسولنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب الهاشمى القرشى ليكون رسولا لهذه الامة ويوضح لها الدين والعبادة الخالصة لله وحده وهو الذى نشأه يتيم الاب ثم الام وقد خصه الله بمعجزات وكرامات كثيرة منها حين شق جبريل صدره وهو طفل وعند الغار عندما لاحقه الكفار والسحابة التى تظلله واشتكى له الجمل من صاحبه وانشقاق القمر ونزول المطر بدعائه والطعام القليل يشبع الكثير وحنين الجذع شوقا له وردة عين قتادة بعد تدليها ويصعب علينا حصرها فى هذا المقال عليه الصلاة والسلام  .


المولد النبوى ليس مديحا وضرب على الطار أو النوبة  وليس الذكر المنافى للشرع  ولا إختلاط بين الذكور والاناث ولا مهرجانات لبيع الحلويات والهدايا ولا إحتفال مثل الاحتفالات العادية . إنما هى مناسبة عظيمة وكبيرة يستشعرها المسلم فى هذا الدين وفى عظمة الاسلام وتعاليمه وفى أتباع أوامر الله وإجتناب نواهيه والعمل بسنة النبى عليه افضل الصلاة والسلام . يجب أن يكون قدوتنا نبينا الكريم فى الاخلاق والعدل والصبر والعبادة والصدق والتواضع والكرم والتعامل وأن نعلم اطفالنا وشبابنا تلك التعاليم الاسلامية  التى جاء بها نبينا الكريم لينشر دين الله فى الارض . فى هذه المناسبة يجب علينا أن نتحلل من حق الغير وأن نبعد عن الفساد والكذب والخيانة وأكل اموال الناس بالباطل والفواحش ما ظهر منها وما بطن وأن نسامح من أخطأ علينا ونتصافى بيننا وأن يكون القرآن الكريم خلقنا والعبادة هى حياتنا والتعامل الكريم هو صفتنا وحب الله تعالى وحب رسوله الكريم عليه افضل الصلاة  والتسليم فوق حب من يعز علينا فى الدنيا. اللهم صلى وسلم على افضل خقلك وعلى نبيك وعبدك سيدنا محمد بن عبدالله عليه افضل الصلاة والتسليم وهو الذى صلى عليه الله وملائكته .


 


 


ممالأة الفقراء بتمجيد الفقر !/ حيدر احمد خيرالله

$
0
0

سلام يا .. وطن

حيدر احمد خيرالله

(لوكان الفقر رجلاً لقتلته) عبارة سيدنا عمر الأشهر يمر بها بعض قادة الانقاذ على الوجه الذى يخدم لهم غريزة البقاء فى السلطة  ولتوحي بزهد ليس له مايطابقه على واقعهم ، فلو ان سيدنا عمر (رضي الله عنه) على صدقه وزهده يرسل تلك العبارة التى تجسد مدى مقته للفقر للحد الذى يستوجب القتل وهو يعلم انه حالة حياتية وليس رجلا ولكنه يقتله بمنهاج محدد لفتح ابواب الوفرة امام الامة ، اما اهل المشروع الحضاري فنراهم فى كل سانحة تسنح يستغلونها ليسوقون لنا فكرة تمجيد الفقر .. وماهى سوى محاولة للتزلف للفقراء دون ان يسألوا انفسهم من الذى جعلهم فقراء؟ ومالذى فعله حكامهم حتى يتم إغلاق كافة ابواب الفقر؟ فبالامس قرأنا ان النائب الاول السابق يسال عن بيت ليستأجره ممايوحي بأنه لايملك منزلاً !! وهو القاضي والمحامى ورائد مجلس الشعب والوزير والنائب الاول لرئيس الجمهورية ودخل فى مرحلة المعاش ولايملك منزلاً ؟ والخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز عندما سال عن الغارمين عاداليه موظفوه وهم يقولون له انهم لم يجدوا فى السجن غارماً وليس بغارم لانه يملك بيتاً فرفضوا اداء دينه . فقال لهم : ادوا عنه دينه فان البيت والدابة من لوازم الحياة..فان كان استئجار منزلا للنائب يتم الكشف عنه من باب انه فقير ولايملك بيتاً فهذه منقصة وليست محمدة وتشكل خصماً على الرجل لا إضافة..وتعمل على تمجيد الفقر لاقهره .. وتمثل دعوة  للخمول والهوان ..اما الدكتور غازي صلاح الدين عندما يقول : انه لايملك بيتاً فالرجل طبيب منذ اربعين عاما او زهائها ومغترب لسنوات ووزير وبرلمانى ومؤتمر وطنى .. فكل هذه الصفوية لايمكن ان تبني بيتاً حتى ( يهلكوننا ) بانهم فقراء.. لكي يتصور الفقراء كأن الفقر ميزة وليس مما يستحق القتل؟!اما رئيس البرلمان الاستاذ الفاتح عزالدين فقد بزَّ القدامى حين قال ( نحن  من البسطاء ولم نكن نشبع) تلك مرحلة كان لها مابعدها من اعمال اداها الرجل فى منظمة شباب الوطن وفى الوظائف العامة معتمدا وبرلمانيا ورئيسا للبرلمان وعدد من الزيجات وماخفي فماهى العبرة من تمجيد الفقر ومن تحت قبة البرلمان الذى يفترض فيه سن التشريعات التى تنهض بالفقراء من فقرهم ؟!هل نفهم ان هؤلاء القوم هم واسرهم عالة على دافع الضرائب السودانى؟! واذا كانوا فعلاً لايملكون فاين هى اراضي الخرطوم ؟ ومن ذا الذي ينى كل هذه الغابات الاسمنتية ؟ بل اين هى الميادين العامة التى تم التعدى والاعتداء عليها؟ وحتى الاراضي الزراعية لم تسلم من ان تتحول الى بنايات اسمنتية بعد دفع فرق التحسين, فمن هو الذى يملكها؟؟ قولا واحداً إن كان إدعاء الفقر يعتقدون انه  تميزاً سياسياً فماهو كذلك  بل انه يجسد الغباء السياسي ..فمن قال ان كل غني بالضرورة فاسد؟ حتى يتبرأ القوم من الغنى؟ الم يقل المولى منوراء سبع سماوات ( اما بنعمة ربك فحدث) فان لم تتحدث وتخشى ان تتحدث .. فلاداعي لتمجيد الفقر.. وسلام ياااااوطن ..

سلام يا

الطالب محمد هاشم محمد بكلية الاداب ـ جامعة الخرطوم ، رحل بشبابه الغض مخلفاً فراغا قلَّما يملؤه غيره فلقد ترك حسرة فى نفوس اهله واساتذته وزملائه  ونحن الذين عرفناه عابراً نفتقده افتقاد البدر فى حالكة الظلام .. احر لتعازي لاسرته ووطنه وبالاخص صديقنا الدكتور / عصمت محمد محمود .. ربي اجعله مع ومن المتقين.. وسلام يا..

الجريدة الاحد 12/1/2014

نقطة تلاقى المخططات/ فادى عيد كاتب و باحث سياسى بقضايا الشرق الاوسط

$
0
0



اذا اعتبرنا كلا من لارنكا و قبرص و اثينا و اسطنبول وبراغ و باريس و هامبورج و غيرها كنقاط لتلاقى عناصر و اجهزة الاستخبارات و مركز حركاتها كذلك عبرت جماعة الاخوان المسلمون عن نفسها خلال مدة حكمها لمصر فنجد جميع خطوط الطول و العرض لمشاريع الهيمنة و الفوضى ضد وطننا العربى ايا كان مصدرها تتلاقى جميعها عند جماعة الاخوان المسلمون فمن قالو انهم داعمين لحقوق الانسان و الديمقراطية و من اوهمونا سنين طويلة انهم اصدقاء للعرب و من هتفو للممانعة و المقاومة الان يجلسون على طاولة الود الاخوانية  لهدم مصر و اقتسام غنائم الخليج و اعادة ترسيم المنطقة من جديد .

فجماعة الاخوان مرتبطة استراتيجيا بالمشروع الصهيوامريكى و ايدولوجيا بالمشروع العثمانى و سياسيا بالمشروع الفارسى

فبداية بالمشروع الصهيوامريكى التى كانت اول نظراتة لجماعة الاخوان سنة 1968م عبر تصريح "موشى ديان "وزير الدفاع الإسرائيلي لجريدة  تشرين اللبنانية عندما قال "إذا استطعنا اسقاط عسكر جمال عبد الناصر فى بئر الخيانة وتصعيد الإخوان الى سدة الحكم فى مصر سنشتم رائحة الموت والدماء فى كل بقعه من أراضى مصر، فلتكن تلك هي غايتنا وحربنا بمساعدة أصدقائنا الأمريكان "و هو ما اكتمل عندما سلمت بريطانيا ملف جماعة الاخوان  للولايات المتحدة الامريكية لكى تديرة بعد الحرب العالمية الثانية الى ان رفعت امريكا يديها عن دول الخليج الان بعد تصدير الفوضى الخلاقة فى المنطقة .

مرورا بالمشروع الثانى العثمانى الذى اعاد احيائة حزب العدالة و التنمية التركى قبل ان ينقلب الى مماتة و الذى ضخ لة مليارات الدولارت و جند لة العديد من العملاء تحت مظلة التنظيم الدولى لجماعة الاخوان التى جمعت تحتها الحزب الحاكم فى كلا من مصر و تركيا و يجنى ثمارة من المر الان الخليفة العثمانى اردوغان الاول فى ميدان تقسيم .

 وصولا للمشروع الثالث الفارسى الذى اعاد احيائة الخومينى بعد الثورة الايرانية عام 1979م عندما قال بعد وصولة لطهران قادما من باريس "لقد حكم هذة المنطقة الاتراك لعدة قرون و الاكراد لعدة قرون و العرب لعدة قرون و آن للفرس أن يحكموها لقرون طويلة "
ثم لقائات افراد التنظيم الدولى بالخومينى فى باريس قبل الثورة الايرانية او فى طهران بعدها كانت محل جدل للكثيرين الى ان جاء يوم الجمعة 4 فبراير 2011م ليخطب لاول مرة "خامئنى "فى طهران باللغة العربية فى صلاة الجمعة و يوجة كل كلامة للثوار فى مصر و تونس و يصرح بعدها "يا احفاد حسن البنا تقدمو و استولو على السلطة "
و هو المشروع الذى قطع حبل افتتاحة رسميا "فتحى حماد "وزير داخلية حماس عندما صرح لجريدة الرأى الكويتية 31 مايو 2012م ان المصريون (هبلان) مش عارفين يديروا حالهم و بيشتغلوا بناء على رؤيتنا إحنا وراح نربطهم بإيران لأن اليوم زمنا إحنا وزمن الإخوان، ومن سيقف في طريقنا راح ندوسه بلا رجعة .
و الان تلفظ المتحدثة باسم الخارجية الايرانية "مرضية افخم "سمومها و تطالب الشعب المصرى و الحكومة الحالية بالتصالح مع الارهاب .

فاذا كان كل مشروع من هؤلاء يدعى عداءه للمشروع الاخر فهم يلتقون سويا عند نقطة الارتكاز المتمثلة فى جماعة الاخوان و لذلك كان تفويض ملايين المصريين يوم 26 يوليو للقوات المسلحة المصرية لم يكن  للقضاء على الارهاب الداخلى فقط بل على اى فوضى او مخطط يريد العبث بأمن وطننا العربى و قد قالها صريحة الفريق اول عبد الفتاح سعيد حسين خليل السيسى يوم الاحتفال بالذكرى الاربعون لنصر اكتوبر المجيد عندما قال هذا الجيش الذى يحمى مصر و الامة العربية فكما تصدت مصر للحملات الصليبية و انهت جيوش التتار كذلك احبطت مصر اكبر مؤامرة نفذت ضد الشرق  فمصر ادركت مصطلح ما سمى بالربيع العربى بعمق و نصبت المسرح لكل الطامعين فى الداخل او الخارج لكى تتساقط الاقنعة واحدة تلو الاخرى و يظهر للجميع حقيقة سايكس بيكو الثانية و ها هى الان تدق المسامير فى نعوش تلك الانظمة التى عبثت بأمننا و ستؤسس لقواعد سياسية و اقتصادية و عسكرية جديدة لتكتب للمنطقة معادلات جديدة و تعيد صياغة التاريخ بلغة الضاد مجددا .

فمنذ توقيع اتفاقية لندن فى عام 1840م و ادركت جميع مشاريع الهيمنة على الشرق الاوسط انها اذا أرادت تحقيق اهدافها يجب التخلص اولا من المؤسسة العسكرية المصرية صاحبة المشروع الوطنى و اليد الطويلة فى المنطقة .


فادى عيد
كاتب و باحث سياسى بقضايا الشرق الاوسط
fady.world86@gmail.com

فى وزارة الإعلام والتربيه والتعليم بولاية شمال كردفان ... مولانا هارون ( يستعدل ) وضع الصوره . الأبيض ... ياسرقطيه

$
0
0


بالإعلان عنه يوم أمس الأول وتسميته وزيراً يستحق هذا الرجل الأصيل أكثر من ذلك وقد ظل الأستاذ إسماعيل مكى إسماعيل مير عام وزارة التربيه والتعليم بولاية شمال كردفان قبل إلحاق الإعلام ودمجه معها ظل يقوم ولوحده بأعباء هذا المنصب منذ عشرات السنين ، ومنذ عشرات السنين أيضاً عكف هذا المربى الفاضل الجليل على القيام بدوره التنفيذى والخدمى بكل أمانه وإخلاص وتجرد ونكران وذات وكان كذلك وبالإضافه لتلك الأعباء التنفيذيه الضخمه الملقاة على كاهله المثقل بالواجبات ومتطلبات العمل التعليمى والتربوى الأكاديمى كان مكى يؤدى دور الرجل الدستورى والسيادى وهو دور الرجل الأول فى الوزاره ... وبهذا القرار القوى والحاسم لمولانا هارون .... ونحن ومولانا يا عمك معروفين للقاصى والدانى ومشهورين بأنو ( قطعنا ناشف ) .... لذلك صدر هذا القرار مرتجلاً وعلى الهواء مباشرةً ... ( أبوقطاطى لاحم سلكوا مع مولانا مقدماً بذلك ( سبت التلج ) لـ ( أحد الإنتخابات .... باقى سنه بس *) .... وكان الله أمد فى العمر لحدى السنه الجايه فوز مولانا بمنصب الوالى فى كلاكيت لثانى مره مضمون أكتر من نتائج إنتخابات الرئاسه فى عراق الشهيد الراحل صدام حسين ...  ففى أخر إنتخابات حره وديمقراطيه شهدتها العراق فى العام 2001م قبل الإحتلال الإمبريالى الغاشم أحرز البطل الشهيد والراحل المقيم صدام حسين المجيد التكريتى وحصد و( بحسب وكالة الأنباء العراقيه فى ذلك الوقت ) ما نسبته ( 110% !! ) من أصوات العراقيين ! متفوقاً بذلك على نفسه ومسجلاً فى موسوعة جينيس للأرقام القياسيه رقماً ليس من السهوله بمكان تجاوزه وقد كان فوزه المذهل ذاك حقاً ... ظاهره نادرة الحدوث فى الكره الأرضيه بأسرها وهى ظاهره لا مسبوقه ولا ملحوقه محطماً بها كذلك كل الأرقام القياسيه التى عادةً ما يحرزها الأماجد النشامى الساده الرؤساء العرب ! تلك الأرقام التى كانت لا تقل بأي حال من الأحوال وفى أسوأ نتائجها عن الفوز بنسبة ( 99 فاصل 9 من عشره % ) !! وأيدناك وبايعناك 100 الـ 100 أيدناك وهو لا حد شاف ولا حد درى ولا حد سمع إذ إن الأمر ومافيه تنوم وتصحى الصباح تلقى نفسك مارست حقك الديمقراطى فى الترشيح وصوتك مشى للرئيس ..... ومال حيمشى لمين يعنى ؟ لكيجاب يعنى ولا لزميل هوا .... ؟ ماهو عادةً ماينفرد إثنان فى السباق الموصل لكرسى الرئاسه المتسابق الأول هو الطالع فى الكفر ذاتو ...... والطرف التانى غالباً ما يكون المطربه العالميه ملكة ( الجنقله ) سميره مس كول ولا أيمن نور أو الحمار مين عكاشه ولا مقشاشه داك بتاع قناة الفراعين المهببه دى وفى حالة فشل الطباخين فى العثور على ضان حمرى أصلى أوخروف ضحيه يلجأ هؤلاء المكلفين بالعثور على فريسه تقدم قرباناً ليجهز عليها الفك المفترس على عتبة دير التصويت يلجأون فى الغالب الأعم لتجهيز ( زميل هوا ) كمنافس بديل ووحيد ليناطح عمك الطالع فى الكفر !! ... يحدث هذا السيناريو ومع ذلك فمولانا هارون فى ولاية شمال كردفان يعتبر حاله خاصه ، حالة خاصه جداً وظاهره كذلك مولانا هارون ظاهره كونيه بشريه جديره بالتوقف عندها ودراستها .... كارزيما هذا الوالى ونسيجه الولائى يختلف توتلى عن بقية حكام الولايات ، هذا الرجل قادر تماماً على صنع الفسيخ شربات ... لذلك فهو خيار ورهان شعب وجماهير ولاية شمال كردفان ، ليس للإنتخابات القادمه فحسب بل لكل المراحل المتبقيه من عمر هذه الدوله القائمه الأن بالإنقاذ وبدونها ... مولانا هارون تجاوز حالة التعليب والتعبئه الحزبيه الضيقه وحلق منذ أمد بعيد فى أفاق ورحاب السعه القوميه والوطنيه رئيس حزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى ولاية شمال كردفان أي نعم .... على العين والراس ولكنه كذلك مُولى على شؤون وأحوال رعيه خارج اسوار الوطنى ولايته تشمل وتغطى كل هذا الإرث السياسى التاريخى والحديث والشعبى والجماهيرى الموالى والمعارض الكبير الصغير هم أولاء على عهده وهو راعيهم وكلكم راعٍ وكلكم مسؤولُ عن رعيته ومولانا راعى وهو مسؤولٌ عن رعيته . والله لو عثرت بقره صفراء فاقع لونها يسر الناظرين فى فيافى جريجخ لسأل الله مولانا عن عثرتها تلك . وكما إلتفت حوله كل الجموع كان هو ومايزال قريباً منها للغايه . خولته جماهير شعب الولايه ليشكل حكومته التى يريد ، قالت الجماهير بذلك ونادت لثقتها المطلقه فى الرجل ومعرفتها الكامله بقدراته ومقدراته وحسن تدبيره للأمور وقد برهن مولانا وما يزال يثبت للشارع العام وجماهير شعب الولايه إنه ينطلق دائماً وأبداً من صفوف هذه القاعده الجماهيريه الهائله الملتفه من حوله وبقوة دفعهم ينطلق لإصابة أهدافهم ،  ينجز لهم ويحقق لهم طموحاتهم المشروعه وأحلامهم فى العيش بستر وكرامه كبشر وأدميين . وبهذا التخويل الموقع على بياض من شعب ولاية شمال كردفان لقائد جحافلها وبانى نهضتها الحديثه وهو الرجل المبدع المجدد فقد أذاع ذلك النبأ الجميل وسمى الأستاذ إسماعيل مكى إسماعيل وزيراً لوزارة الإعلام والتربيه والتعليم .... ومكى رجل ملء هدومه ، رجل دوله ورجل مجتمع ومربى أجيال وصانع أمجاد عريق لهذه الأمه العريقه ، الرجل ملْ المنصب أيضاً وزياده ، هذا أقل ما يُمنح لهذا الرجل ، منحناه وزيراً فهل يعادل هذا اللقب الذى تأبطه ومايزال نفرٌ من أراذل خلق الله إستغلوه مطيه للوصول لأهدافهم الذاتيه الرخيصه ووظفوه لمصالحهم الفرديه وإستغلوا وجاهة المنصب الذى منتحتهم له الحكومه فى قهر الشعب وإذلاله ونهب موارده والسطو على ممتلكاته وإنتهاك حقوقه وسلب أمواله هل يزن هذا اللقب البراق الذى دنسه البعض بالموبقات حتى بات جالباً للعنه بسبب أو بدونه وهل يسع للأعمال الجليله والضخمه وتلك الإنجازات الهائله التى قام بها الرجل ؟ لأكثر من عقدين من الزمان وهذا الرجل النبيل يمسح ويكتب على السبوره دافعاً بالألوف المألفه من الأجيال التى تتالت ومرت من بين يديه مكملةً صعودها لسلالم النجاح والحال هكذا والرجل تاريخ حى يمشى ويسعى بين الناس وكتاب إنجازاته وإنجازات وتفوق الألوف من أبناءه الذين تتلمذوا على يديه كتاب مفتوح على السجل الكونى العريض فمن يشرف الأخر ؟ إسماعيل مكى بكل هذا التاريخ الناصع البياض أم المنصب الوجاهى الأملس المتنوعم المدلل المتمايع والمراق شرفه منذ سنوات وسنوات ؟ من يعيد الإعتبار للأخر ؟ مكى أم لقب السيد الوزير ؟ ..... بهذه الخطوه التاريخيه دخلت ولاية شمال كردفان التاريخ فمولانا هارون قد تمكن من إقناع رجل كاد أن يكون رسولا ليشغل عنده أمانة التكليف فى منصب وزير !! مولانا هارون لم يُصعد الرجل ليكون وزيرا بل هبط به من مرتبة كاد أن يكون رسولا .... والرجل أختير ليعيد للمنصب الرسمى هيبته وألقه ومعناه الحقيقى ويجسده على الأرض لا فى الأعالى يرى الناس صغاراً ويرونه أصغر . مولانا لم يفعل شيئاً فريا فبوزير أو بدونه كانت ومازالت الأمور فى حقل التربيه والتعليم سالكه ومضبوطه كساعه سيكو فايف ... الساده الوزراء الأفاضل عادةً ما يكونون فى أبراجهم العاجيه العاليه تلك لا ينزلون منها أو يتنازلون عنها أبداً كانوا سٌكارى بالمنصب البراق وشئ من النرجسيه وحب العظمه كانوا وزراء و مكى كان يقوم بكل الأدوار .... طوال تلك السنين كانت الخيل تشقلب والشكر لحماد .... الأن جاء حماد بنفسه ليكون وزيرا .... وإسماعيل مكى مربى جليل منحناه ذره من وفاء وهانحن الأن نقف لنحييه .... وقم للمعلم وأوفه التبجيلا ..... فقد كاد المعلم أن يكون رسولا ! والله أكبر ولا نامت أعين المخذلين والجبناء .
ومويه طريق مستشفى ........... النهضه خيار الشعب .
yasserdayeen@yahoo.com
   

9/ التحول في المواقف /خالد الحاج عبدالمحمود

$
0
0

بسم الله الرحمن الرحيم
"وَلَا تَتَّخِذُوٓا۟ أَيْمَـٰنَكُمْ دَخَلًۢا بَيْنَكُمْ، فَتَزِلَّ قَدَمٌۢ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا۟ ٱلسُّوٓءَ، بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ، وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌۭ* وَلَا تَشْتَرُوا۟ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ثَمَنًۭا قَلِيلًا، إِنَّمَا عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْرٌۭ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ، وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوٓا۟ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ"صدق الله العظيم

        9/ التحول في المواقف
    د.النعيم، يفصل كل شئ.. فهو يدعو إلى إبعاد المرجعية الدينية، حتى في مجال الحلال والحرام.. واعتماد المنطق المدني، ويجعل الدين كله صناعة بشرية.. فكل شيء في دعوته يقوم على الفصل الأساسي: فصل الحياة عن الله.. وأصحاب البيان، طالما أنهم يؤيدونه، ويتبنونه، هم يقومون بنفس الفصل، عن علم، أو عن جهل.. هم يؤيدون العلمانية، وهي بطبيعتها لا تملك إمكانية الوصل التي نتحدث عنها.. بل هي تقوم على الفصل.. والبيان يتحدث بصورة محددة عن فصل الدين عن الدولة.. وهذا يعني أن لا يقوم العمل في إطار الدولة، في جميع مجالاته، على المرجعية الدينية ـ ألا يكون موصولاً بالله.. وإنما يقوم على العقل البشري المجرد.. الذين لا يعرفون الفكرة الجمهورية، ولا ينتسبون إليها معذورون، لأنهم لا يعرفون أبعاد هذه القضية.. ولكن أصحاب البيان هم ممن ينتسبون للفكرة الجمهورية، ويعرفونها على تفاوت بينهم.. ولذلك الأمر بالنسبة لهم يتم عن علم.. وهم يعلمون خطأ ما يتبنونه من دعوة علمانية، ومع ذلك يتبنونها!!
    جميع أفراد البيان الخمسة، ظلوا ينتمون للفكرة، وقتاً ليس بالقصير.. وبما أنهم يعرفون أساسيات الفكرة.. فكلهم تحوَّل من الموقف الذي كان عليه.. وهذا ما ذكروه، وقالوا عنه "مؤقت".. ومن المؤكد أن تحول د.النعيم بالذات لا يمكن أن يقال عنه مؤقت.. فهو قد أصبح يعتنق صورة من العلمانية الشاملة، حتى انه جعل الدين نفسه علمانياً ومن صنع البشر!! أما فيما يتعلق بفصل الدين عن الدولة، فموقفه مبدئي ونهائي، فهو أساساً يجزم بأنه لا توجد دولة دينية، لا في الماضي، ولا الحاضر، ولن تكون في المستقبل.. لذلك حديثه عن فصل الدين عن الدولة، مجرد تضليل، طالما أنه يرى عدم وجود دولة دينية.. وبقية أصحاب البيان، يؤيدونه، ويزعمون أن طرحه فهمٌ للفكرة، وليس خارجاً عنها!!
    وكنموذج لتغيير المواقف، نعرض هنا موقف د.القراي حسب بعض أقواله السابقة.. يقول د.القراي، في رد على د.ياسر الشريف ما نصه: "اما قول الأخ ياسر بان الواجب الان هو الحديث عن الدستور الحر وحقوق الانسان والدعوة الى دستور علماني، فهذا هو السير في التيه!! فالدعوة الى العلمانية لا تقبل بدعوى انها ستحقق الديمقراطية لان ابشع الدكتاتوريات كانت علمانية.. وان تزييف الديمقراطية تم بواسطة الفكر العلماني قبل الحكومات الاسلامية!! ثم ان الدعوة العلمانية في تربة دينية هي حرث في البحر.. كما انها لا تليق بفكرة انسانية كالفكرة الجمهورية (راجع الحديث عن العلماني والعالم في الديباجة)!!".. قول واضح، ومحدد.. ولكن نفس الموقف الذي كان يعارضه، ويصفه بأنه سير في التيه، وحرث في البحر، هو الذي يتبناه الآن!! ونفس الشخص الذي كان يرد عليه في قوله المذكور ـ د.ياسر الشريف ـ هو الذي يتحالف معه الآن!! أقوال القراي هذه كانت في الصالون (موقع للجمهوريين) بتاريخ 6 أكتوبر 2003.. فما الذي يجعل الإنسان، يعكس وضعه تماماً، ويتبنى ما كان يدينه بوضوح!؟
    ومن نفس الحديث، لدكتور القراي، جاء قوله: "ان الخصم العالمي الاول للفكرة الجمهورية هو المادية ويمثلها الفكر العلماني بشقيه الشيوعية والراسمالية، والخصم المحلي الاول هو الطائفية ويمثلها حزب الامة والصادق بصورة خاصة، اما الاخوان المسلمين فانما هم ظل للطائفية وتابع لها.. ولولا ان الاخ ياسر سيخبرنا بأن ما قاله الأستاذ في الماضي لا ينطبق الآن لحدثناه بنصوص مستفيضة في ذلك!! وانه لحق ان جميع التنظيمات لا علاقة لها بالديمقراطية ولكنها في بعدها تتفاوت ، وليس في السودان من هو ابعد من الصادق عن الديمقراطية".. ويقول: "وليس هناك عيب في الخلاف بين الجمهوريين ولكن العيب هو ان يترك الجمهوريون منبرهم الذي انشأ ليوحد بينهم فكرياً وشعورياً ، لينشروا خلافاتهم في منابر الآخرين.. وابعد من هذا عدم الشعور بالمشكلة والرضا عن واقع الحال لأن هذا يهزم الحركة نحو التغيير".
    هذا ما كان عام 2003م، فأنظر لقول القراي في عام 2008 في الرد على النعيم، الذي يتحالف معه الآن، وفي نفس الموضوع الذي كان يعارضه، وينقده وقتها.. أسمعه يقول: "اعتقد ان بروفيسور عبد الله النعيم اتخذ موقفه بناء على تقييمه لنموذجين: نموذج لدولة دينية قاهرة وظالمة ومصادرة لحقوق الناس باسم الدين، ونموذج دولة علمانية محايدة في موضوع الدين وتكفل الحريات على مستوى التطبيق، وهذان هما النموذجان الوحيدان على مستوى التطبيق ولكن على مستوى النظرية هناك نموذج ثالث لم يجد فرصته في التطبيق وهو نموذج الحكومة الإنسانية الذي أرجو أن يتوقف عنده البروف وهذه الحكومة قائمة على مستوى علمي تتلاقى فيه الاديان والافكار الانسانية على مستوى قممها واعتقد ان هذا المستوى هو ما طرحه الاستاذ محمود محمد طه ولذلك لا اعتقد اننا لكي نمنع الظلم والاعتداء على الحرية نحتاج لدولة علمانية.. خاصة وان الدولة العلمانية كما ذكر البروف عبد الله قد لا تكون محايدة اخلاقياً".
    فالقراي وقتها يرى: "لا اعتقد اننا لكي نمنع الظلم والاعتداء على الحرية نحتاج لدولة علمانية"!! أما في البيان فهو يرى: "وليس هنالك من سبيل يراعي ويحترم هذا التنوع، ويتجاوز هذين المأزقين، إلا إقامة نظام حكم ديمقراطي، يقوم، الآن، على أساس فصل الدين عن الدولة، واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بمرجعية إنسانية، تحكمها المواثيق الدولية"!! فبعد أن كان يرد على البروف، هو الآن يتبنى طرح البروف متناقضاً مع موقفه السابق!!
    يقول د.القراي في عام 2008: "فالدولة لا تقوم في فراغ بل لا بد لها من تصور للوجود وللكون والحياة.. والفكر العلماني في اعلى قممه قاصرعن هذا المستوى اذا ما قورن بالمستوى العلمي من الدين الذي يطرحه الاستاذ محمود محمد طه ليس من الدين الاسلامي بل من الدين كقيمة علمية وهذا المستوى لم يسبق ان طرح في تاريخ الدين فمسألة الدستور والسلطة والحقوق تحتاج لتصور معين الحكومات الغربية العلمانية فشلت في ان تقدم التصور الانساني الصحيح فالعالم الغربي ينفق على التسلح اضعاف ما ينفق على السلام فلماذا نسعى لتكرار العلمانية في بلادنا رغم ان نموذجها في الغرب فيه القتل والدمار بسبب الخوف من التجارب الدينية الفاشلة.. التصور الصحيح للكون والحياة والذي تقاصرت عنه النظم العلمانية ذكره الاستاذ محمود محمد طه"!!
    هذا قول مسدد، ويصلح تماماً كرد على النعيم، وعلى البيان.. ولكن صاحبه بكل أسف، أصبح حليفاً للنعيم، الذي كان ينقده نقداً واعياً، وأصبح بدل السؤال الاستنكاري "فلماذا نسعى لتكرار العلمانية في بلادنا ... إلخ"أصبح هو نفسه يسعى إلى تكرار العلمانية، متحالفاً في ذلك مع نفس الشخص الذي كان ينقده ـ النعيم!!
    أنظر إلى هذا النقد الجوهري العميق للعلمانية!! يقول د.القراي: "قصور الحكم والحكام ليس بسبب كونهم دكتاتوريين بل لأن تصورهم للحياة والوجود خاطئ فالفكر العلماني قام على المادية، فالحكومة التي تحقق للناس الحرية والسعادة الحقيقيتين لا بد ان تنطلق من فكرة او فلسفة لها مستوى علمي من معرفة الحياة والوجود على اساسه تقيم الدستور والعلم وتضع القوانين التي تسعد البشر فهل لدى الفكر العلماني هذه الفلسفة؟ اذا لم تكن له هذه الفلسفة فلن نطرحه بديلاً عن الحكومات الدينية المتخلفة ونطرح البديل الذي لديه حلا حقيقياً ونهاجم الحكومات الدينية المتخلفة التي لا تمثل الدين"!! والله أنه لأمر محزن أن يذهب صاحب هذا القول الواضح المسدد إلى نقيضه.. والله أن الأمر كله محير!! لماذا يتخلى صاحب الرؤية الواضحة للحق، عن رؤيته.. ثم يذهب إلى الباطل الواضح، والصارخ الوضوح!؟ يخلص القراي إلى قوله: "خلاصة حديثي اتفق مع د. عبد الله ان الدولة الدينية القائمة تهدر حقوق الناس ولكن يجب ان نركز جهدنا في اظهار الدولة العلمية بدلاً من اهدار كل الجهد في الدولة العلمانية"!! بالطبع د.النعيم يرى بصورة مبدئية قاطعة أنه لا توجد دولة دينية، فإذا تحدث عن دولة دينية فهذا لمجرد التمويه والخداع، عملاً بمبدئه في ازدواجية الخطاب، والإخفاء والإظهار.. نقول للقراي وصحبه: "يجب ان نركز جهدنا في إظهار الدولة العلمية بدلاً من إهدار كل الجهد في الدولة العلمانية"!! كما تفعلون الآن حسب بيانكم.
    هذا أمر يبعث على الحيرة الشديدة، ولا يصلح إلا أن يقال فيه: أقام العباد فيما أراد.
خالد الحاج عبدالمحمود
رفاعة     في12/1/2014م   

الجنينة تستغيث............الفساد الفساد الحلقة السادسة

$
0
0

الجنينة تستغيث............الفساد الفساد
لقد خلصت في الحلقة الفائتة الي ان كفاة حكومة ولاية غرب دارفور من حيث اشخاص الولاة والمعتمد ين تتردي يوما بعد اخر , وكانما انطبق القول الماثور كل عام ترزلون , ولكن هنا بالجنينة كل يوم ترز لون حتي وصل الامر الي درجة من الانحطاط  والتردي السحيق بتبوا المدعو , جعفر عبد الحكم  منصب الوالي والمدعو   محمد طلعت  محافطة الجنينة ثم وزارة المالية وعراب   الحزب  بالجنينة مخرنجي , وقد تناولت من قبل سيرة  وفساد الجرذ المذكور اولا اما الزبالة المذكور ثانيا , هو  ايضا فاقد تربوي حيث ان مسيرته التعليمية كالاتي "اخفق في النجاح في امتحان الشهادة الابتدائية , لكن انذلك كانت مدرسة الجنينة الصناعية  تستوعب الراسبين وبالتالي وجد فرصة في القبول  بالمدرسة المذكورة , لكن ظل الفشل  يلازمه الي ان تم فصله بسبب سوء السلوك ومخالفة اللوئح التربوية , لا ادري  كيف تم قبوله بجامعة النيلين ناضين ولكن كما يقولون كل شئ ممكن في عهد الانقاذ , ولكنه كالعادة  لم يتمكن من الاستمرار لانه ادمن الفشل في التحصيل العلمي منذ نعمومة اظافره , وفي احدي امتحانات الجامعة رسب في كل المواد يومها كان محافظ لمحافظة الجنينة , فوقف احد معارفه علي النتيجة المعلقة بالبورت  , فكتب امام اسمه ( محافظ محافظة الجنينة ) , هذا عن مسيرته  التعليمية اما من حيث الممارسة والخبرة والتجربة ,  لقد استهل حياته العملية كوزان بطاحونة لكنه ادرك مبكرا ان بامكانه الاستفادة من نسبه كابن لسلطان القمر لذا ترك الطاحونة و سار يهيم  المجالس عندما كانت تشرف علي  سكر التموين متسولا تصاديق السكر ليستفيد من فرق السعر في السوق الاسود  , يبقي اذن مؤهله الوحيد الذي حمله الي المحافظة ثم الوزارة كونه ابن سلطان القمر رغم ان السلطة المذكورة تعج بالمتعلمين والمثقفين , والادهي والامر من كل ذلك بدا يلعب دور خبيث ضد اهله وعشيرته و بني جلدته وليس ببعيد عن الاذهان قبضه لابن عمه / ابراهيم ابكر هاشم  و تقديمه كقربان عقب احداث امدرمان عام ٢٠٠٨ م  بزعم مشاركته مع حركة العدل والمساواة في الهجوم علي امدرمان, وقد حدثني احد معارفه عندما تعيين المذكور 

 لاول مرة محافظا للجنينة , اراد احد اقاربه  ان يزف البشري للسلطان المرحوم عثمان هاشم والد المذكور فاسرع اليه مهرولا ,  البشارة وليدك محمد طلعت بقي محافظ , فرد السلطان بحكمته المعهودة , الناس الكوسين كملو ولاشنو , ثم استطر قائلا ده ولدي انا عارفو راجل مراة ما ينفع , وقد كان , و وضح جليا انطباع السلطان الحكيم طيب الله ثراه , فور تولي ضيف الحلقة وزارة المالية بولاية غرب دارفور في الاتي "مشروع الطرق الداخلية لمدينة الجنينة لا احد غير المذكور وصنواه جعفر عبد الحكم لديه معلومات عن الشركات المنفذة للمشروع  حتي وزارة التخطيط العمراني  بصورة اثارت شكوك العاملين بوزارة  المالية في ان الشركات المذكورة لها علاقة بالمذكورين بالاخص عندما استلمت الشركات كل حقوقها  علي داير المليم قبل الانتهاء من المرحلة الاولي من التنفيذ , هذا ناهيك عن العيوت الكبيرة التي صاحبت التنفيذ من حيث عدم مطابقتها الطرق  للمواصفات الفنية , حيث ان  ابسط شئ لم يراعي فيها تصريف مياه الامطار الامر الذي يدل  بشكل قاطع لا علاقة لهذه الشركات بالهندسة ناهيك عن تنفيذ الطرق , الي الان يعاني المواطن من هذه الطرق ببعض احياء المدينة الشمالية وحتي سوق المدينة في الخريف يتحول بسبب هذا القصور الي برك من المياه الاسنة .......................ونواصل
عبد الحق محمد عبد الحق

Viewing all 1667 articles
Browse latest View live